«تيك توك» يتطلع لجني الأرباح والبقاء في الصدارة بخدماته الجديدة

«تيك توك» يتطلع لجني الأرباح والبقاء في الصدارة بخدماته الجديدة
TT

«تيك توك» يتطلع لجني الأرباح والبقاء في الصدارة بخدماته الجديدة

«تيك توك» يتطلع لجني الأرباح والبقاء في الصدارة بخدماته الجديدة

أثار إعلان تطبيق الفيديوهات القصيرة «تيك توك» عن إطلاقه خدمة جديدة تتيح لبعض صناع المحتوى المميز تحصيل اشتراكات من المستخدمين الراغبين في مزيد من التفاعل معهم - مثل استخدام رموز تعبيرية مخصصة ومرتبطة بعالمهم، بجانب إتاحة الدردشة الخاصة أثناء البث التدفقي – عدة تساؤلات. وبين هذه التساؤلات ما يتصل بمدى إمكانية نجاح التطبيق في تعزيز التفاعل والمنافسة من جهة، وتحقيقه مكاسب مالية كبيرة من وراء ذلك. وهذا في حين يرى الخبراء أن البقاء في صدارة مواقع التواصل موهون بتقديم الجديد والمبتكر بشكل مستمر.
وفقاً لتقرير نشرته وكالة «رويترز» في الأسبوع الثالث من مايو (أيار) الماضي، فإن «التطبيق الصيني العملاق يجري اختبارات في فيتنام بحيث يتمكن المستخدمون من ممارسة الألعاب على التطبيق ومشاركة الفيديو مع مستخدمين آخرين، وهو جزء من مخطط لتزويد التطبيق بخدمات الألعاب المباشرة عبر بث تدفقي». ويشير خبراء إلى أن تحديثات «تيك توك» تعكس استراتيجيته للنصف الثاني من العام الجاري. ويبدو أن سوق الفضاء الإلكتروني بصدد مزيد من الاتجاه نحو كسب وتعزيز المكاسب المادية، ما يثير تساؤلات حول شكل المنافسة على استقطاب المستخدمين».
رامي الطراونة، رئيس وحدة المنصات الرقمية في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية، قال لـ«الشرق الأوسط» معلقاً بأن «تيك توك يهدف بشكل رئيس إلى تعزيز قاعدة المستخدمين والأرباح على حد سواء باختبار وتبني نماذج مختلفة من أدوات صناعة المحتوى وأنماط التفاعل»، وقال عن تبني التطبيق لخدمة الألعاب المباشرة «يسعى تيك توك إلى ضمان بقاء المستخدمين أطول فترة ممكنة داخل بيئة التطبيق، وهو ما يعني ضمناً زيادة المساحة التي يمكن للشركة من خلالها عرض الإعلانات عليهم».
للعلم، يعد قطاع الألعاب الرقمية أرضية خصبة جدا لصناعة المحتوى، إذ يتضح ذلك من خلال تأثير صناع المحتوى المتخصصين في مجال الألعاب المباشرة عبر البث التدفقي، على مختلف منصات التواصل الشهيرة. ويرى الطراونة أن «الشركة المالكة لـتيك توك، تقوم بقراءة وتحليل سلوك المستخدمين لمنصتها والمنصات المنافسة، وتعي تماما أن دخول هذا السوق الواعد يمثل فرصة لضمان مستخدمي التطبيق، وجذب شريحة كبيرة من المهتمين من خارج منصتها في مجال الألعاب». ويضيف «هذا يأتي خصوصاً مع تنامي شعبية الألعاب الصغيرة ذات الطابع البسيط، والتي لا تتطلب مهارات خاصةً أو معدات كبيرة، ويمكن تضمينها لبيئة التطبيق بشكل سلس دون تعقيدات ومن بينها الألعاب المطورة بتقنيات مثل الـHTML5، ولعبة الأفعى snake بأشكالها ولعبة Brick Breakers اللتان يجتذب لاعبيها ملايين المتابعين عبر فيسبوك ويوتيوب تويتش، وتتوافقان بطبيعة عرضهما مع نمط استهلاك المحتوى الذي تروج له تيك توك».
تجدر الإشارة إلى أن لـ«تيك توك» و«بايت دانس» تجربة سابقة عبر النسخة الصينية من التطبيق التي تحمل اسم «Douyin». وأتاحت هذه النسخة ممارسة الألعاب عبرها منذ عام 2019، إلا أن الشركة لم تكشف بعد عن نتائج تلك التجربة ولا طبيعة العوائد المادية منها. لكن الطراونة يقول بأنه يمكن استنتاج نتائج تلك التجارب من خلال التقارير الأخيرة التي توضح عزم الشركة الصينية على اقتحام عالم الألعاب.
وعن دوافع «تيك توك» ومحفزاتها لهذه الخطوة، يقول الطراونة «يلجأ صناع محتوى الألعاب لتطبيقات طرف ثالث لنشر محتوى الألعاب الخاص بهم بشكل مباشر وتفاعلي على تيك توك نفسها... ولذلك، فالأولى أن تتيح لهم المنصة هذه الميزة بشكل أصيل دون الحاجة لأدوات خارجية».
والواقع أن «تيك توك» لم يكتف بتزويد خدمة الألعاب، فيما هو يتجه نحو تحصيل اشتراكات مدفوعة من شأنها زيادة دخول صناع المحتوى المميز، ما يحد من اعتمادهم على الإعلانات. وهنا يقول خالد أبو إبراهيم، الخبير التقني بالمملكة العربية السعودية، أن هذا اتجاه «جاء مجاراةً لتوجه عام اعتمده أكثر من تطبيق». وتابع أبو إبراهيم خلال لقاء مع لـ«الشرق الأوسط» شارحاً «رأسمال أي تطبيق هو المحتوى، وهو مرتكز التطبيق الصيني الذي ساهم في وصوله إلى مليار مستخدم... تيك توك جعل 55 في المائة من مستخدميه صناع محتوى، وبذلك تفوق على جميع تطبيقات الترفيه والتواصل الأخرى. لذلك قرر الاستثمار في رأسماله، وهي خطوة في محلها ووقتها المناسب، وكأنه يقول حان وقت جني الثمار، لا سيما أن مستقبل تطبيقات التواصل ليس مستقراً كما نتصور». واستطرد من ثم «... مثلاً، تطبيق التغريدات تويتر تعرض لهزة بعد صدور كلوب هاوس، بيد أنه سرعان ما تدارك الأمر وأطلق خدمة سبيس ليعود إلى بعض الاستقرار... ولذلك نقول بأن المنافسة في الفضاء الإلكتروني لها أنياب، والخطوات الاستباقية وإضافة الخدمات ضرورة لضمان بقاء المستخدمين واستقطاب المزيد».
من ناحية أخرى، يثير الاتجاه نحو الربحية تساؤلات عن هوية التطبيق وإمكانية انصراف المستخدمين لتطبيقات منافسة. وبهذا الشأن يعلق الخبير السعودي أبو إبراهيم، «ولكن هناك ضوابط لتحصيل ربح من المحتوى المدفوع... إذ ليس كل محتوى مميز يمكن أن يقنع المستخدم بدفع أموال. وأنا أتصور تلك المقاطع التي تقدم خدمة حقيقية مثل تعلم اللغة الإنجليزية أو اكتساب مهارات أو الحصول على خدمات مميزة، هي التي يمكن أن تكون في المستقبل مدفوعة». ويردف «أتصور أن خطوة الاشتراكات لن تتغلغل، بل ستظل محدودة للغاية، وذلك لأن تيك توك منذ ظهوره يرتكز على سهولة مشاركة المقاطع المصورة، أي مستخدم بإمكانه التحميل والمشاركة، مقابل ثبات شعار التطبيق، وهو ما يلعب دوراً في التأثير على في عقل المستخدمين. إنها سياسة ذكية ومثمرة، ولهذا السبب لا أتصور أن تيك توك يخطط لزيادة حصة الخدمات المدفوعة. وأيضاً، الخدمات المدفوعة ستكون مقابل خدمات يمكن أن نقول عنها تستهدف الرفاهية مثل حجب الإعلانات، أو التحكم في مدة الفيديو».
عودة إلى رامي الطراونة، الذي يعلق على تقرير صدر العام الماضي حول تصدر «تيك توك» قائمة التطبيقات الأكثر استخداما، بالقول «النسق التصاعدي اللافت لاستحواذ تيك توك على المستخدمين الجدد، يعكس قراءة الشركة الدقيق لسوق صناعة المحتوى ومتغيراته، والإمساك بزمام المنافسة في هذا السوق يعني تشبثها بأي فرصة لتعزيز ذلك النسق الصاروخي المتصاعد منذ 2020». ويشير إلى أن «المنصة بدأت بالسوق الآسيوي (جنوب شرقي آسيا تحديداً) - وهو سوق سريع التبني والتوظيف لأي فكرة جديدة من أفكار التواصل الاجتماعي وتقنياته، وعناصر ومقومات النجاح فيه أكثر وضوحاً من الكثير من البقع الجغرافية الأخرى حول العالم... ثم إن تيك توك تدرك أن الصدارة التي اعتلتها ليست مساحة راحة في عالم التواصل الاجتماعي والمحتوى الرقمي، وبالتالي، فإن البقاء على تلك القمة يتطلب تجدداً دائماً ومرونة كبيرة، ونستذكر هنا قصة شروق وغروب منصة كيك keek».


مقالات ذات صلة

«يهدد الأمن القومي»... تحرك برلماني مصري لحجب الـ«تيك توك»

شمال افريقيا شعار تطبيق «تيك توك» (د.ب.أ)

«يهدد الأمن القومي»... تحرك برلماني مصري لحجب الـ«تيك توك»

بداعي «تهديده للأمن القومي» ومخالفة «الأعراف والتقاليد» المصرية، قدم عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، عصام دياب، «طلب إحاطة»، لحجب استخدام تطبيق «تيك توك».

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق الأمير ويليام خلال تسجيل أول فيديو عبر منصة «تيك توك» (اندبندنت)

حاور طالبة تأخرت عن محاضرتها... الأمير ويليام يقتحم عالم «تيك توك» (فيديو)

ظهر الأمير ويليام لأول مرة على تطبيق «تيك توك» خلال زيارة إلى مركز حرم مدينة بلفاست.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا احتجاجات صحفيين وسط العاصمة للمطالية بعدم التضييق على رجال الإعلام (إ.ب.أ)

سجن مؤثرين في تونس يفجر جدلاً حول استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي

اشتعل جدل حاد في الأوساط الحقوقية والسياسية في تونس حول محتوى منصة «تيك توك»، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، وتسبب في انقسام الآراء بشكل واضح.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم الانشغال الزائد بالتكنولوجيا يُبعد الأطفال عن بناء صداقات حقيقية (جامعة كوينزلاند) play-circle 00:32

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ تحظر «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» المنشورات التي تسعى إلى ترهيب الناخبين (رويترز)

كيف تعمل «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» على إدارة التهديدات الانتخابية؟

أكثر شبكات التواصل الاجتماعي نفوذاً -بما في ذلك «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس»- لديها سياسات وخطط جاهزة لإدارة التهديدات الانتخابية والمعلومات المضللة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟
TT

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

تزامناً مع انتشار الصراعات والأزمات والأحداث السياسية، تزايدت الشكاوى من حذف منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي بحجة «تعارضها مع أو انتهاكها لمعايير النشر على تلك المنصات»، الأمر الذي جدّد الجدل حيال مدى تأثر المواقع الإخبارية بقيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي، وكيف يتفادى الناشرون الخوارزميات لعدم حذف تقاريرهم عن النزاعات والحروب.

وحقاً، طوال السنة تصاعدت شكاوى ناشرين وصُناع محتوى من القيود المفروضة على نشر المحتوى السياسي، لا سيما في فترات الأحداث الكبرى خلال «حرب غزة»، من بينها أخيراً قتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار، ولقد شكا صحافيون ومنصات إخبارية من «حذف» منشوراتهم و«تقييد» صفحاتهم بسبب نشرهم محتوى عن مقتل السنوار. خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أكدوا أن منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك التابعة لشركة «ميتا»، زادت من قيودها على نشر المحتوى السياسي، واقترحوا وسائل عدة للالتفاف حول تلك القيود: أبرزها الالتزام بالمعايير المهنية، وبناء استراتيجيات جديدة للترويج للمحتوى لا تعتمد بشكل كلي على وسائل التواصل الاجتماعي.

الدكتورة مي عبد الغني، أستاذة الإعلام في جامعة بنغازي والباحثة في الإعلام الرقمي، أرجعت استمرار منصات التواصل الاجتماعي في حذف بعض المنشورات والحسابات إلى «تعارض تلك المنشورات مع المصالح السياسية للشركات المالكة للمنصات». وأردفت أن «تحكم المنصات في المحتوى المنشور يزداد في أوقات الحروب والأزمات وفترات التوتر العالمي، على غرار الحرب الدائرة منذ أكثر من سنة في غزة».

وأوضحت مي عبد الغني أنه «على مدار العام الماضي تعرض المحتوى العربي لأشكال عدة من التقييد ومنع وصول المحتوى وإيقاف البث المباشر، وحذف وحظر المنشورات وحتى إيقاف الحسابات... من الطبيعي أن ينعكس ذلك على حسابات المواقع الإخبارية العربية، لكونها معنية بنقل ما يحدث في المنطقة من زاوية قد تتعارض مع مصالح وتوجهات الجهات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي».

لمواجهة هذه القيود اقترحت الباحثة والأكاديمية «استخدام أساليب عدة من بينها تقطيع الكلمات، أو استخدام أحرف لاتينية في الكتابة أو صور، مع محاولة اختيار الألفاظ بشكل دقيق للتحايل على خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي».

في المقابل، يرى الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، خالد البرماوي، أن «كُل طُرق التحايل لتفادي قيود منصات التواصل على نشر المحتوى، ليست إلا حلولاً مؤقتة... وهذه الطرق عادةً ما تُكتَشف بعد فترة، ما يجعلها عديمة الفاعلية في منع الحذف».

وأضاف البرماوي: «على المواقع الإخبارية أن تبني استراتيجيتها الترويجية بعيداً عن منصات التواصل الاجتماعي بحيث تكون لها وسائلها الخاصة للترويج، مهما تطلب ذلك من وقت ومجهود». ولذا اقترح أن «تلجأ المواقع الإخبارية إلى تنويع حساباتها على المنصات، بعمل حسابات مختلفة للأخبار والمنوعات والرياضة، إضافة إلى ممارسة الضغط على وسائل التواصل الاجتماعي لتقليل القيود المفروضة على نشر المحتوى الإخباري».

ويوضح محمد فتحي، الصحافي المتخصّص في الإعلام الرقمي، أنه منذ بدء «حرب غزة» أدخلت منصات التواصل الاجتماعي سياسات وقيوداً تؤثر على ظهور المحتوى المتعلق بالحرب، وهو ما «عرّض تلك المنصات لانتقادات عدة واتهامات بالتضليل».

وأكد فتحي أنه «إذا أراد الناشر الاستفادة من المنصات، فيجب عليه مراعاة معاييرها وسياستها... بينما على ناشري المحتوى الموازنة بين المنصات المختلفة، فلكل منصة سياسة خاصة بها، وما يصلح للنشر على (يوتيوب) قد لا يناسب (فيسبوك)». واختتم بالتشديد على «ضرورة مراعاة المعايير المهنية وتدقيق المعلومات عند النشر كوسيلة لتفادي الحذف... فالالتزام بالمهنية غالباً ما يكون الحل الأمثل لمواجهة أي قيود».