القوات النظامية مدعومة بحزب الله تهاجم يبرود آخر معاقل المعارضة في القلمون

المرصد السوري: أعلى معدلات القتل سُجلت خلال محادثات جنيف

سوريون بعد قصف بالبراميل المتفجرة على حي الحيدرية في حلب أمس (رويترز)
سوريون بعد قصف بالبراميل المتفجرة على حي الحيدرية في حلب أمس (رويترز)
TT

القوات النظامية مدعومة بحزب الله تهاجم يبرود آخر معاقل المعارضة في القلمون

سوريون بعد قصف بالبراميل المتفجرة على حي الحيدرية في حلب أمس (رويترز)
سوريون بعد قصف بالبراميل المتفجرة على حي الحيدرية في حلب أمس (رويترز)

رجح ناشطون سوريون، أمس، أن تكون قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أطلقت معركة السيطرة على يبرود، كبرى مدن القلمون، بريف دمشق الشمالي، بعدما سيطرت على بلدة جراجير المحاذية للحدود اللبنانية الشرقية، في حين كثفت قصفها على منطقة مزارع ريما التي تبعد كيلومترين عن يبرود، ونفذت 15 غارة جوية استهدفت حي القاعة وسط المدينة. وتزامن ذلك مع إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن أعداد القتلى الذين يسقطون في سوريا «بلغت أعلى معدل منذ بدء الصراع في عام 2011»، بينما تجري الحكومة السورية والمعارضة محادثات للسلام في جنيف. وقال المرصد، إن 4959 شخصا على الأقل قتلوا في الفترة ما بين 22 يناير (كانون الثاني) عندما عقدت أولى جلسات محادثات جنيف 2 و11 فبراير (شباط) الحالي. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد، إن عدد من يقتلون يوميا في سوريا في هذه الفترة بلغ نحو 236 شخصا. ويقدر المرصد، بحسب وكالة «رويترز»، أن ثلث من قتلوا في هذه الفترة مدنيون بينهم 515 طفلا وامرأة قتلوا في غارات جوية وقصف بالمدفعية.
في هذا الوقت، أفاد المرصد السوري بأن الغارات الجوية على يبرود، ترافقت مع تجدد القصف من القوات النظامية على المدينة، واشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلين معارضين من جهة أخرى، في منطقة ريما قرب يبرود. وتأتي هذه المعركة بموازاة توقيف الجيش اللبناني متهمين بنقل السيارات المفخخة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، الذي يقول إنها تفخخ في يبرود السورية، وتمر عبر بلدة عرسال الحدودية إلى عمق الأراضي اللبنانية. ويعد الهجوم أحدث خطوة في حملة النظام السوري وحزب الله لتأمين المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا. ووصفت قناة «الميادين» التلفزيونية الهجمات بأنها «بداية هجوم أكبر».
وقال القائد الميداني في يبرود أبو النور اليبرودي لـ«الشرق الأوسط»، إن قصف القوات النظامية «تركز على حي القاعة الواقع وسط يبرود، وقصف حي الصالحية بغارة جوية»، مشيرا إلى أن القوات النظامية «حاصرت المدينة بإقفال نقوط العبور إليها، وتحديدا عند مدخلها الجنوبي، بينما دفعت القوات النظامية بحشودها من المحور الشمالي، من ناحية النبك، حيث تمكن المقاتلون المعارضون من تدمير ثلاث دبابات، لافتا إلى أن الحشود الأخرى «تقدمت من محور سحل ومعمل الكيمياء، وشرعت بالقصف التمهيدي لاقتحام المدينة».
وأوضح أبو النور، أن دبابات حديثة من طراز «ط 72» و«ط 82»، وهي قاذفة مدفعية حديثة، «تصدرت الحشود العسكرية»، نافيا في الوقت نفسه سيطرة القوات النظامية على مزارع ريما «التي تشهد قصفا عنيفا». وإذ أكد أن قوات المعارضة «على جهوزية لصد الحشود العسكرية إلى يبرود»، رفض الكشف عن الخطط، قائلا إنها «سرية وأنجزت بالتواصل مع الكتائب المقاتلة». وأكد مصدر أمني سوري لوكالة الصحافة الفرنسية، أن العمليات العسكرية في يبرود تدخل في إطار «العمل الروتيني الذي يستهدف العصابات الإرهابية المسلحة». ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر عسكري، أن وحدات من الجيش «أحكمت سيطرتها الكاملة على بلدة الجراجير والمزارع المحيطة بها المتاخمة لبلدة عرسال اللبنانية بعد القضاء على آخر تجمعات الإرهابيين فيها». وتعد يبرود آخر مدينة كبرى يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في منطقة القلمون الجبلية. وتقع على الطريق الاستراتيجي الذي يصل دمشق بمدينة حمص في وسط البلاد. وكانت القوات النظامية سيطرت في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين، على بلدات قارة والنبك ودير عطية وغيرها من البلدات الصغيرة في القلمون وطردت مقاتلي المعارضة منها. وشككت المعارضة السورية بتقدم القوات النظامية باتجاه يبرود، كما اتهمت النظام بأنه يريد تسجيل انتصارا إعلاميا على المعارضة بالقول إنه سيطر على الجراجير. وفي حين تقول مصادر معارضة، إن جراجير «لا يوجد فيها أي انتشار للجيش الحر»، قال عضو مجلس قيادة الثورة بريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه البلدة الحدودية مع لبنان «كان النظام قادرا على السيطرة عليها بأي لحظة، لكنه أرجأ ذلك إلى الآن لرفع معنويات جيشه». ونفى الداراني أن تكون السيطرة على جراجير «ستقطع خطوط التواصل مع عرسال اللبنانية»، مشيرا إلى أن خط التواصل الأساس «يمتد من يبرود إلى فليطا والمشيرفة، ومنها إلى الأراضي اللبنانية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.