مسؤولون أميركيون: الحرص على أرواح المدنيين يقيد الحملة الجوية ضد «داعش»

ربع الطلعات القتالية فقط ينتهي بضرب مواقع التنظيم المتطرف

مسؤولون أميركيون: الحرص على أرواح المدنيين يقيد الحملة الجوية ضد «داعش»
TT

مسؤولون أميركيون: الحرص على أرواح المدنيين يقيد الحملة الجوية ضد «داعش»

مسؤولون أميركيون: الحرص على أرواح المدنيين يقيد الحملة الجوية ضد «داعش»

تمكن محللو الاستخبارات الأميركية من تحديد سبعة مبان في وسط مدينة الرقة السورية تعتبر المقر الرئيس لتنظيم داعش هناك. غير أن تلك المباني السبعة نجت من كل غارات طيران التحالف الدولي خلال الشهور العشرة الماضية.
وخلال الأسبوع الماضي جالت قوافل سيارات مقاتلي «داعش» المدججين بالسلاح والمنتصرين شوارع الرمادي غربي العراق عقب استيلائهم عليها ولم تمسهم مقاتلات التحالف بسوء.
ورغم المقاتلات الحربية الأميركية وتلك العائدة للدول الحليفة مجهزة بأدق ترسانة من القنابل الموجهة التي عرفها العالم حتى الآن، فإن المسؤولين الأميركيين يقولون إنهم لا يستهدفون الأهداف المهمة - والواضحة - لتنظيم داعش، خشية أن تتسبب تلك الهجمات - بطريق الخطأ - في مقتل المدنيين. إذ إن مقتل الأبرياء قد يتحول على أيدي المتطرفين إلى مادة غنية للدعاية القوية ويؤدي إلى تحييد دعم رجال العشائر السنية المحلية، الذين يعد دعمهم حاسما في طرد المتطرفين، إلى جانب إغضاب الدول العربية التي تشكل جزءا مهما من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
لكن الكثير من القادة العراقيين وبعض الضباط الأميركيين كذلك يدفعون بأن ممارسة ذلك النوع من الحذر يضر بالجهد العام لقوات التحالف في تدمير تنظيم داعش، كما أنه يعبر عن القيود المفروضة على القوة الجوية الأميركية من قبل إدارة الرئيس أوباما.
ويقول الرائد محمد الدليمي وهو ضابط عراقي في محافظة الأنبار التي تضم الرمادي: «إن التحالف الدولي لا يقدم الدعم الكافي والضربات الجوية الأميركية في الأنبار لم تساعد قواتنا الأمنية على المقاومة ومواجهة هجمات (داعش). لقد فقدنا مساحات شاسعة من الأراضي في الأنبار بسبب عدم كفاية الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة».
ومن الواضح أن تنظيم داعش يتقدم، مستفيدًا من القيود المفروضة على الأسلوب الذي تنفذ به قوات التحالف حملتها الجوية ويتحصن داخل المناطق المكتظة بالسكان.
كما أن مهمة واحدة فقط من كل أربع مهام جوية لمهاجمة المتطرفين هي التي تلقي بقنابلها وتعود. وترجع المهام الجوية الثلاثة الأخرى إلى قواعدها بعد فشلها في العثور على الأهداف التي طاروا في الأساس لقصفها، وذلك وفقا لقواعد الاشتباك الصارمة والمصممة لتجنب إصابات المدنيين جراء القصف.
ويقول قائد مقاتلة هجومية أميركية من طراز (إيه 10) في رسالة وصلت بالبريد الإلكتروني مؤخرا: «لم نقم بأية طلعات جوية ضد أولئك القوم. لم نستهدف مراكز قوتهم في الرقة. إن كل الطرق ما بين سوريا والعراق في حالة جيدة وتتحرك الشاحنات فيها بمنتهى الحرية». ويتابع فيقول، مشيرًا إلى إحدى الطائرات دون طيار، ومتحدثًا بشرط إخفاء هويته تجنبًا للعقاب من رؤسائه: «في كثير من الحالات، ما لم يتابع أحد الضباط الكبار صورة الفيديو الواردة من الطائرة دون طيار عبر رابط بالأقمار الصناعية، فلا أحصل على تصريح بالاشتباك قط. وليس من المعتاد لدينا الانتظار ساعات طويلة حيال أحد الأهداف المحتملة حتى يأتي أحدهم ليتخذ قراره بالاشتباك مع الهدف من عدمه».
لكن الحملة الجوية تمكنت من تحقيق نجاحات كثيرة من خلال تنفيذ 4200 غارة جوية ألقت فيها نحو 14 ألف قنبلة واستخدمت غير ذلك من الأسلحة. كما تمكنت الحملة الجوية من قتل 12.500 عنصر من المتطرفين وساعدت القوات العراقية في استعادة نحو 25 في المائة من مساحة الأراضي التي احتلها «داعش» في العراق. كما ساعدت تلك النجاحات في عرقلة تقدم مقاتلي تنظيم داعش في كثير من المناطق عن طريق إجبارهم على التفرق وإخفاء أنفسهم.
غير أن المسؤولين الأميركيين يقرون بأن تنظيم داعش ظل متمتعا بالمرونة والقدرة على التكيف. حيث يختلط المقاتلون وسط المدنيين بوتيرة أكثر من ذي قبل. كما يعمد قادة التنظيم المتطرف دائما على تغيير أساليب الاتصالات لتجنب الاكتشاف. واستغل المسلحون العواصف الرملية في هجومهم مؤخرا على مدينة الرمادي.
ويشكل غياب المراقبين الجويين أحد أوجه التعقيد الخاصة بالمعارك في المناطق الحضرية مثل الرمادي، حيث يصعب على الدوام تمييز مقاتلي تنظيم داعش من قبل الطيارين الحربيين. وتنظر الإدارة الأميركية في تدريب الكوادر من القوات العراقية على مهام تحديد أهداف الضربات الجوية على الأرض لصالح طائرات قوات التحالف.
تقول آشلي لومير، الناطقة الرسمية باسم وزارة الدفاع الكندية إن القوات الخاصة الكندية التي تقدم المشورة العسكرية للقوات العراقية تعمل على تحديد الأهداف على أساس «حالة بحالة»، وأضافت: «تعد تلك المهمة من قبيل القدرات العسكرية الفائقة التي لا تمتلكها قوات الأمن الداخلي العراقية حاليا».
ولا يزال مسؤولو الإدارة الأميركية يصرون على أن هدفهم الأول هو الحيلولة دون وقوع ضحايا بين المدنيين.
لكن فيديريكو بوريللو، المدير التنفيذي لمركز المدنيين في الصراع، وهو من الجماعات المدنية الناشطة، يقول: «وضعت الولايات المتحدة وبكل تأكيد سياسات وإجراءات صارمة للتقليل من الأضرار اللاحقة بالمدنيين، لكن من غير وجود للقوات القتالية على الأرض يكون من العسير للغاية تقييم مدى نجاح تلك السياسات في تحقيق مأربها».
كما فرضت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة مجموعة من الشروط الأخرى قيد الاستخدام خلال الغارات الجوية. فخلال العملية التي جرت بين شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) لتحرير مدينة تكريت، أحجمت الولايات المتحدة في بادئ الأمر عن المشاركة بعمليات القصف نظرا لانخراط الميليشيات المدعومة من إيران في القتال والذين لم يكونوا خاضعين لسيطرة القوات الحكومية العراقية. وفور فشل تلك الميليشيات في استعادة المدينة، عمدوا إلى التراجع والانسحاب، ثم بدأت الولايات المتحدة في تنفيذ مهام القصف الجوي قبل تقدم القوات الحكومية العراقية والميليشيات مجددا نحو المدينة.
غير أن الكثير من العراقيين الذين شاركوا في هذه العملية قالوا إن القوات الأميركية رفضت ضرب الأهداف الأرضية التي قدموها إليهم. وقال أحد قادة الجيش العراقي في محافظة صلاح الدين إنه تقدم بقائمة طويلة من الأهداف الأرضية المحتملة، ومن بينها مخازن للأسلحة، ومراكز للتدريب، ومنازل لقادة محليين من تنظيم داعش. وأضاف الضابط، غير المصرح له بالحديث العلني وتحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «لم يستهدفوا إلا 5 في المائة من تلك القائمة. كما طالبنا قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الهجوم على قوافل (داعش) أثناء تحركها من مكان إلى آخر، لكنها إما تجاهلت تلك المطالب أو تعاملت معها بعد فوات الأوان».
*خدمة «نيويورك تايمز»



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.