وزير خارجية ليبيا: واشنطن تربط دعمنا في مكافحة الإرهاب بتشكيل حكومة وحدة وطنية

الدايري أكد لـ«الشرق الأوسط» أن السعودية تدعم استقرار بلاده وترقب لاجتماع القبائل

وزير خارجية ليبيا محمد الدايري
وزير خارجية ليبيا محمد الدايري
TT

وزير خارجية ليبيا: واشنطن تربط دعمنا في مكافحة الإرهاب بتشكيل حكومة وحدة وطنية

وزير خارجية ليبيا محمد الدايري
وزير خارجية ليبيا محمد الدايري

كشف لـ«الشرق الأوسط» محمد الهادي الدايري، وزير الخارجية الليبي، أن زيارته الأخيرة للسعودية ولقاءه بنظيره السعودي عادل بن أحمد الجبير، ناقشت القضية الليبية وسبل الخروج من الأزمة السياسية والأمنية الخارقة التي تعاني منها البلاد والتي تمخضت عنها مشكلات اقتصادية أضرت بالدخل القومي، مشيرا إلى أن حالة عدم الاستقرار والتناحر في غرب وجنوب ليبيا ألقت بظلالها الوخيمة على المواطن الليبي من حيث استمرار حمام الدم بين الأشقاء وهذا ينبغي أن يتوقف والخراب طال المساكن والظروف المعيشية العامة التي أصبح يعاني منها المواطنون في ليبيا.
وذكر الوزير الليبي أنه بحث مع نظيره وزير الخارجية السعودي المساعي الخليجية من أجل رأب الصدع بين أبناء الوطن الواحد في ليبيا معبرا عن ارتياحه لاستمرار دعم السعودية للشعب الليبي واستقراره الأمني والسياسي، لافتا إلى أن اللقاء الذي جرى في العاصمة القطرية الدوحة الشهر الماضي بين أطراف ليبية وبرعاية قطرية وإماراتية قد يعقبه اجتماعات أخرى لاحقة، مضيفا أن السعودية تراقب عن كثب تلك المساعي وتعمل على إنجاحها من باب دعمها للشعب الليبي ووقوفها معه في وجه محنته التي يعاني منها في الفترة الماضية.
وأبدى قلقه من تصاعد الإرهاب في بلاده وقال: «هو أمر يقلق الجيران والمجتمع الدولي بأسره»، مبينا أن هناك اتصالات جارية بين الأشقاء في الخليج والسعودية للتصدي للإرهاب وقال «هناك ترحيب من السعودية وترحيب منا نحن تجاه تلك المساعي التي تصب في إعادة اللحمة الوطنية في ليبيا».
وقال إن «عملية فجر ليبيا التي انطلقت قبل عام شكلت تحديا كبيرا للوحدة الوطنية في ليبيا وقبل ذلك كانت المرحلة الانتقالية صعبة بين 2012 و2014 وحفلت بكثير من التهديد لاستقرار الأوضاع، لكن ما يحدث منذ يوليو (تموز) 2014 الذي تزامن مع قيام تلك العملية هو تحد كبير وشرخ في النسيج السياسي والاجتماعي الليبي، وبعد تلك العملية تم إطلاق ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني وبالتالي أصبح هناك انقسام سياسي واضح».
وأعرب عن مراقبتهم باهتمام اجتماع القبائل الليبية الذي دعت إليه مصر ويأملون أن تكون هناك نتائج مثمرة لذلك اللقاء، مؤكدا أنه يكمل بعض اللقاءات الأخرى التي جرت تحت رعاية الأمم المتحدة، مضيفا أنه «ليس هناك شك من جانبهم بأن المكون القبلي مهم في المجتمع الليبي وكثيرا ما يعول على القبيلة سواء في غريان أو البيضاء أو مصراتة في حل المشكلات الاجتماعية والسياسية وقيادة البلد لبر الأمان»، مؤكدا أنها جزء أساسي في ليبيا ولعبت أدوارا تاريخية مهمة في تحرير البلاد من الاستعمار الإيطالي وأسهمت في البناء منذ الاستقلال في خمسينات القرن الماضي.
وأبدى تفهمه لشكاوى تونس من الهجمات الإرهابية التي تطالها من بعض الجماعات المتطرفة الموجودة على الأراضي الليبية، مبينا أن التنسيق الأمني ليس موجودا حاليا بالقدر الكافي وينتظرون بسط نفوذ الدولة على كل الأراضي الليبية، مضيفا أن «الحكومة الليبية المؤقتة موجودة في بعض الأطراف في البلاد وليس بمقدورها السيطرة الكاملة على أرض ليبيا وبالتالي هناك جماعات متطرفة مثل (داعش) خارج سيطرة الدولة لا تهدد ليبيا فحسب وإنما هددت مصر وتونس».
ولفت إلى أن الجماعات المتطرفة مثل جماعة أنصار الشريعة و«داعش» استقرت بعد العام 2011 في المناطق الليبية نظرا لغياب المؤسسات الأمنية الصارمة وتواطؤ بعض الجهات التي كانت مشاركة في الحكم، كاشفا أنهم يحاولون الآن السطو على البنوك لأن تمويلهم ليس بالقدر الذي كان معتادا في السابق.
وأفصح بأن الولايات المتحدة لا تتعاون مع الحكومة الليبية لأنها تربط دعم ليبيا في مكافحة الإرهاب بتشكيل حكومة وحدة وطنية شأنها شأن المجتمع الدولي في هذا الإطار، واستعرض جهودهم لجلب الدعم من خلال طرح مشروع قرار عربي في مجلس الأمن الدولي فبراير (شباط) الماضي عبر المقترح الذي طرحته الأردن بصفتها عضوا في مجلس الأمن الدولي لكن المشروع لقي الرفض لأن المجتمع الدولي فرض مفهومه بأن أي مساعدة للجيش الليبي في محاربة الإرهاب يجب أن ترتبط قبل كل شيء بتشكيل الحكومة.
وشدد على أهمية الوحدة الوطنية بين مكونات المجتمع الليبي ورحب بالبيانات التي صدرت أخيرا عن التشكيلات المسلحة في مصراتة ودعوتها للتهدئة والوفاق وإحلال السلم ووقف حمام الدم، معتبرا أنها تصب في مسار المصالح الوطنية، ونكبر في أشقائنا في مصراتة هذا الموقف ورفعهم لراية الوطن فوق أي اعتبار، ودعا طرابلس للانضمام لتلك المواقف وأن ترجح المكونات فيها رأي العقل والحكمة، مؤكدا أنهم لا يسعون لإقصاء أي طرف ولا يتمنون بقاء حالة الهدم التشتت والدمار.
وأبدى تفاؤله من مسار الحوار بين الفرقاء الليبيين الذي تقوده الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات المغربية، وجهود الحوار في الداخل بين المجالس البلدية ومجالس الحكم المحلي الذي يحظى بإشراف أممي، آملا أن تفضي تلك الجهود مع مساعي الدول العربية إلى دعم مسيرة الاستقرار وإرساء الأمن في ليبيا وتشكيل حكومة الوفاق الوطني.
ومن جانب آخر كشف الوزير الليبي أنهم لا يدركون هوية الجهات التي تقف وراء تسريب تسجيلات واتصالات الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي مع بعض الزعماء العرب والأجانب إبان فترة حكمه، مبينا أنهم لم يلمسوا أي امتعاض من الدول التي تعلقت بها تلك التسريبات، وأضاف «ولكن ربما في المستقبل نسمع عن ذلك، الأكيد أن الالتزامات التي أبدتها بعض الدول مع القذافي قد تزعجها الآن»، في ظل ما خرج من تسجيلات وكتب تروي تلك الحقبة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.