إبراهيم العريس لـ«الشرق الأوسط»: السعوديون في مرحلة بناء تاريخ سينمائي

يرى أن الأجيال الجديدة من السعوديين أفلتوا من النمطية المعتادة للثقافة العربية

إبراهيم العريس (الشرق الأوسط)
إبراهيم العريس (الشرق الأوسط)
TT

إبراهيم العريس لـ«الشرق الأوسط»: السعوديون في مرحلة بناء تاريخ سينمائي

إبراهيم العريس (الشرق الأوسط)
إبراهيم العريس (الشرق الأوسط)

رغم حداثة حراك السينما السعودية، إلا أن المؤرخ والناقد السينمائي اللبناني إبراهيم العريس يرى في هذا الحراك الناشئ قيمة استثنائية، معتبراً أن التراث السينمائي كثيراً ما يكبل صناع الأفلام ويرهقهم، وذلك خلال حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» على هامش مهرجان أفلام السعودية، المقام حالياً شرق البلاد، والذي يحضره العريس للمرة الأولى، وعلى وجهه تلوح علامات الدهشة والإعجاب مما يراه من حالة سينمائية سعودية فريدة ومتوهجة.
إبراهيم العريس الذي لطالما رأس لجان التحكيم السينمائي ويعد وجهاً مألوفاً في المهرجانات السينمائية العربية والعالمية، يؤمن أن في هذه الحالة مساحة واسعة من الحرية الممنوحة للسينمائيين السعوديين، تمكنهم من تشكيل هويتهم السينمائية، قائلاً «كل تراث سينمائي هو مكبل، لأنه يرتبط بنمط معين من الإنتاج السينمائي، الذي من الصعب الخروج عنه بسهولة، واليوم نرى أن أصعب بلد عربي في إنتاج سينما جديدة هو مصر، نتيجة تراثها السينمائي العظيم الذي كبل المبدعين، ففي كل مرة يتم التذكير بصلاح أبو سيف أو يوسف شاهين وغيرهما، مما يضطرهم دائما لمتابعة الصورة الموجودة عن هذه السينما».
يختصر العريس ذلك بالقول «السعوديون في مرحلة بناء تاريخ سينمائي»، ويردف «أعتقد أن الفنون عليها أن تكون دائما في مرحلة بناء»، ولا تنشق عن هذه الرؤية السينما الأميركية أيضاً، مشيراً لثورة مخرجي موجة هوليوود التي ظهرت في السبعينيات، وجمعت سبيلبرغ وسكورسيزي وبالما ولوكاس وغيرهم، قائلاً «هم احترموا التراث، إلا أنهم وضعوه في المتحف».

السينما السعودية
يرى إبراهيم العريس أن السينمائيين السعوديين بدأوا يخترعون لغة سينمائية جديدة، ويعتقد بضرورة أن تنهل السينما السعودية من الأدب السعودي، وتورط معها الأدباء والفنانين والرسامين، حسب وصفه، بحيث يندمجوا في العمل على تفاصيل العمل السينمائي، بما يشمله من ديكور وموسيقى وغيره، متمنياً أن يشمل ذلك أيضاً المحللين النفسيين وكل من تربطه علاقة بالفنون، ويضيف «السينما بالنسبة لي ليست الفن السابع، بل هي كل الفنون».
ويتابع العريس حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلاً «أشاهد الأفلام السعودية هذه الأيام بعد أن كنت قد قرأت الكثير من الأدب السعودي في الماضي، وأنا أرى ضرورة إدخال الأدباء السعوديين في اللعبة السينمائية، وفي النهضة السعودية الجديدة التي أرجو أن تستمر، وأن يكون لها مستقبل كبير، وأن تصل إلى العالم».

الحضور العالمي
يؤكد العريس أن العالم كله يتشوق لمعرفة كيف تبدو السعودية، بعيداً عن النفط والاتهامات المغرضة والطابع الاستهلاكي، ويضيف «عندما نخبر العالم أن هناك أدب أو سينما في السعودية نرى علامات التعجب، لأن هذا كله كان غائبا... صحيح أن عبد الله المحيسن وهيفاء المنصور هما رائدان في السينما السعودية الحديثة، لكن قبلهما كانت هنالك الكثير من التجارب التي لا أحد يعرف شيئاً عنها، بخلاف ما هو يحصل في السنوات الخمس الأخيرة».
لكن كيف تصل السينما السعودية إلى وجدان الجمهور من مختلف دول العالم، سواء في الصين أو إيطاليا أو المكسيك؟ يجيب العريس «يحدث ذلك حين يكون السينمائي السعودي هو نفسه، بمعنى أنه يتأثر بتقنيات الغرب، وليس بمواضيع الغرب». ويضيف «إذا استمر حال السينما السعودية على ما نراه اليوم من تقدم ملحوظ، فإنه خلال 10 سنوات سيكون لدينا متن سينمائي سعودي يرتبط بذائقة المبدعين أجمع».

التحولات الاجتماعية
ويبدي العريس دهشته بارتفاع ذائقة الجمهور السعودي من قراء ومتابعي الأفلام، دون حصر ذلك على المثقفين منهم، قائلاً «في السعودية جمهور عريض يحب السينما، وأرى الكثير من الناس ممن يعرفوني من خلال لقاءاتي التلفزيونية ويحاوروني حول مقالات كتبتها، وللوهلة الأولى أعتقد أنهم نقاد أو صحافيين، ثم أجدهم أناسا عاديين!».
وعن زيارته لمركز إثراء الذي يعد من أبر المعالم السعودية، يقول «لأول مرة أحضر إلى إثراء، وفوجئت بجمال المبنى والزخم البشري الذي رأيته من الناس الشغوفين بالفن والقراءة». ويتابع «هذه الصورة نحن نعرفها، ولكن العالم لم يعرفها بعد عن السعودية، وهذه الصورة لا يمكن أن تصل إلا عبر السينما، لأنها صورة وكلام أيضاً، والسينما هي المكان المناسب لذلك، فالسينما اليوم عليها أن تقدم صورة حقيقية للسعودية الجديدة إلى العالم».
إبراهيم العريس الذي زار السعودية في فترات ماضية، يلمح تغيراً جذرياً في الجيل الجديد ويلمس انعكاس التحولات الاجتماعية على المجتمع، قائلاً «هناك أجيال من السعودية تقرأ وتتابع، وهم ممن أفلتوا من النمطية المعتادة للثقافة العربية، فهم يعرفون كل شيء، ولا يتعاملون مع المثقف العربي بحسب جنسيته، بل على أنه مبدع فحسب».

مهرجان أفلام السعودية
يكاد يكون إبراهيم العريس هو آخر المتبقين من جيل عريض من النقاد السينمائيين الذين توهجت أسماؤهم في العقود الماضية، حيث خدمت أعماله صناعة السينما العربية على مدار أكثر من 50 عاماً مضت، وهو أحد الأسماء البارزة التي يحفل بها مهرجان أفلام السعودية، الذي يأتي بتنظيم جمعية السينما بالشراكة مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وبدعم هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة.
ويمثل هذا المهرجان حالة سينمائية وثقافية قلما تتكرر، حيث تتواصل العروض والجلسات الحوارية لساعات طوال في مركز إثراء، في تجمع يجذب كافة المهتمين بصناعة الأفلام وهواة السينما، ممن قدموا من مختلف بلدان العالم للوقوف على هذه النهضة السينمائية السعودية المنتعشة والجديرة بالاهتمام.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

ماينتس يذيق البايرن خسارته الأولى في الدوري الألماني

ستيفان بيل لاعب ماينتس يرتقي من فوق جوريتسكا لاعب بايرن ميونيخ (رويترز)
ستيفان بيل لاعب ماينتس يرتقي من فوق جوريتسكا لاعب بايرن ميونيخ (رويترز)
TT

ماينتس يذيق البايرن خسارته الأولى في الدوري الألماني

ستيفان بيل لاعب ماينتس يرتقي من فوق جوريتسكا لاعب بايرن ميونيخ (رويترز)
ستيفان بيل لاعب ماينتس يرتقي من فوق جوريتسكا لاعب بايرن ميونيخ (رويترز)

مُني بايرن ميونيخ المتصدر بهزيمته الأولى في الدوري الألماني هذا الموسم بسقوطه أمام مضيفه ماينتس 1 - 2 السبت في المرحلة الرابعة عشرة من البطولة.

وسجَّل الكوري الجنوبي لي جاي - سونغ (41 و60) هدفي ماينتس، ولوروا سانيه (87) الهدف الوحيد لبايرن ميونيخ الذي تجمَّد رصيده عند 33 نقطة، بفارق 4 نقاط عن باير ليفركوزن حامل اللقب الذي ارتقى إلى المركز الثاني مؤقتاً، بفوزه على مضيفه أوغسبورغ 2 - 0. سجلهما الفرنسي مارتن تيرييه (14) وفلوريان فيرتس (40).

في ماينتس، تعرض بايرن بقيادة مدربه البلجيكي فنسان كومباني لخسارته الأولى هذا الموسم في «بوندسليغا»، بعد 10 انتصارات و3 تعادلات، والثانية في مبارياته الـ4 الأخيرة في مختلف المسابقات، بعدما كان خسر أمام باير ليفركوزن 0 - 1، في ثمن نهائي الكأس، والرابعة هذا الموسم عقب سقوطه أمام أستون فيلا الإنجليزي 0 - 1 وبرشلونة الإسباني 1 - 4 في مسابقة دوري أبطال أوروبا.

«لم نكن في أفضل حالاتنا». قال كومباني: «لعبنا ضد فريق يتمتع بكثير من الحيوية والروح، وكان مستعداً للقتال في كل لحظة. لم نكن في أفضل حالاتنا اليوم».

وأضاف: «سنستخدم الهزيمة اليوم لإيقاد النيران خلال مباراة الجمعة (أمام لايبزيغ)، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها تقديم إجابة».

وأجرى كومباني تغييرين مقارنة مع التشكيلة الفائزة على شاختار دانييتسك الأوكراني 5 - 1 الثلاثاء، فأبقى المدافع الفرنسي دايو أوباميكانو ولاعب الوسط ليون غوريتسكا على مقاعد البدلاء، ودفع بالثنائي ألكسندر بافلوفيتش والإنجليزي إريك داير بدلاً منهما.

وافتقد عملاق بافاريا لكوكبة من نجومه للإصابة، أبرزهم الإنجليزي هاري كاين متصدر ترتيب الهدافين والحارس مانويل نوير، والكندي ألفونسو ديفيس، والفرنسي كينغسلي كومان وسيرج غنابري، والبرتغالي جواو بالينيا.

وبكّر بايرن في تهديد مرمى مضيفه، لكن القائم تصدى لتسديدة الفرنسي ميكايل أوليسيه بعد تمريرة من القائد توماس مولر (6)، وعاد جناح الديوك إلى الواجهة برأسية مرت بمحاذاة المرمى (11).

وافتتح ماينتس التسجيل قبل نهاية الشوط الأول عبر لي بعد عرضية لم يتعامل معها مواطن الأخير كيم مين - جاي وأوليسيه بالشكل المناسب، فوصلت إلى أرميندو سييب المعار من بايرن بديل القائد جوناثان بوركارت الذي أُصيب وخرج بعد ربع الساعة الأول؛ فمررها داخل منطقة الجزاء، وتابعها الكوري الجنوبي بقدمه اليسرى في الشباك (41).

وضاعف لي النتيجة بسيناريو مشابه بعد تمريرة من سييب داخل المنطقة المحرمة، فروض الكرة واستدار وسدد فاصطدمت بداير، ودخلت المرمى (60)، في خامس أهدافه في الدوري هذا الموسم.

وقلَّص بايرن النتيجة متأخراً بتسديدة من سانيه من داخل المنطقة (87)، من دون أن يتمكن من إدراك التعادل.

وتقدم ماينتس الذي تفادى الهبوط إلى الدرجة الثانية بشقّ الأنفس، الموسم الماضي، للمركز السادس برصيد 22 نقطة.

وأكرم بوروسيا مونشنغلادباخ وفادة ضيفه هولشتاين كيل وفاز عليه 4 - 1.

وسجل أهداف الفريق الفائز قائده تيم كلايندينست (1) وروبن هاك (26) والفرنسي ألاسان بليا (43 و79)، وهدف الخاسر البوسني أرمين غيغوفيتش (30).

بوخوم من دون فوز - وتعادل أونيون برلين وضيفه بوخوم متذيل الترتيب 1 - 1.

وتوقفت المباراة، بعدما أُصيب حارس مرمى الفريق الزائر باتريك درويس بجسم تم إلقاؤه من الجماهير، فسقط على ركبتيه وتلقى العلاج، قبل أن يأمر الحكم اللاعبين بالدخول إلى غرف تبديل الملابس.

وعاد اللاعبون بعد نحو نصف ساعة إلى الملعب، لكنهم رفضوا إكمال اللقاء، واكتفوا بتبادل الكرة في اتفاق واضح بينهم على عدم الاستمرار.

واستنفد بوخوم الذي لعب بـ10 لاعبين بعد 13 دقيقة من صافرة البداية، عقب طرد لاعب الوسط الياباني كوجي ميوشي بالبطاقة الحمراء، كل تبديلاته ولم يتمكن من إشراك حارس مرمى جديد بدلاً من درويس.

ويحتل أونيون المركز الثاني عشر برصيد 17 نقطة، فيما يقبع بوخوم الذي ما زال يبحث عن فوزه الأول في الدوري هذا الموسم في المركز الأخير، مع 3 نقاط.

وحقق فيردر بريمن فوزه الثاني توالياً في الدوري والثالث في مختلف المسابقات بتغلبه على سانت باولي 2 - 0، سجلهما ديريك كون (24) ومارفين دوكش (54).

ورفع بريمن رصيده إلى 22 نقطة في المركز السابع مؤقتاً، فيما تجمد رصيد سانت باولي الذي مني بخسارته التاسعة هذا الموسم عند 11 في المركز الـ15.

وتختتم مباريات المرحلة، الأحد، بمباريات هايدنهايم مع شتوتغارت، وبوروسيا دورتموند مع هوفنهايم، ولايبزيغ مع أينتراخت فرانكفورت.