أعلنت القوات الأوكرانية، أمس (الجمعة)، أنها تهاجم مواقع روسية في منطقة خيرسون جنوب البلاد، بينما تواصل «الصمود» في مدينة سيفيرودونيتسك الرئيسية شرق البلاد.
وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني عبر فيسبوك: «قصفت قواتنا الجوية مواقع روسية، وأماكن تتركز فيها المعدات والأفراد، ومستودعات بمحيط خمس بلدات في منطقة خيرسون»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. ويفيد الأوكرانيون منذ أيام بوقوع قتال في هذه المنطقة التي احتلتها القوات الروسية في شكل شبه كامل منذ الأيام الأولى للحرب الذي بدأ في 24 فبراير (شباط).
وتدعو السلطات المحلية التي نصبتها موسكو إلى ضم المنطقة. وأشار أحد المفاوضين الروس بشأن النزاع في أوكرانيا في الأول من يونيو (حزيران) إلى أنه سيتم قريباً تنظيم استفتاء في خيرسون، ويمكن أن يتم ذلك في يوليو (تموز). فيما تصف كييف المشروع بأنه «غير قانوني»، على غرار الاستفتاء الذي نظمته روسيا في شبه جزيرة القرم عام 2014 وأفضى إلى ضمها.
والمعلومات شحيحة حول ما يحدث في هذه المنطقة المرتبطة بشبه جزيرة القرم بمساحة أرضية. واتهمت كييف، الثلاثاء، الجيش الروسي بسجن نحو 600 شخص في خيرسون، معظمهم من الصحافيين والنشطاء المؤيدين لكييف، وتعريضهم «للتعذيب» خلال جولة صحافية نظمتها وزارة الدفاع الروسية في خيرسون نهاية مايو (أيار).
- معركة الدونباس
في حوض الدونباس، تستمر المعركة وتزداد شراسة في مدينة سيفيرودونيتسك الرئيسية، ومدينة ليسيتشانسك المتاخمة لها. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب مساء الخميس إن «سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك ومدناً أخرى في دونباس يعتبرها المحتلون الآن أهدافاً لهم ما زالت صامدة». لكن القتال مستمر في المدينة والقصف متواصل، حسب ما قال الجمعة حاكم المنطقة سيرغي غايداي، الذي أشار خصوصاً إلى أن «قصر الجليد» وهو أحد رموز المدينة، تعرض للدمار في حريق ناتج من قصف روسي.
وكان غايداي قد صرح قبل ثلاثة أيام بأن هدف روسيا هو السيطرة على المدينة بحلول 10 يونيو، لذلك أشاد عبر تطبيق تلغرام بأن مسعاها «لم يتحقق»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وسيفتح الاستيلاء على سيفيرودونيتسك الطريق أمام موسكو إلى مدينة كبرى أخرى في دونباس هي كراماتورسك، ما يعد خطوة مهمة للسيطرة على كل المنطقة الواقعة على حدود روسيا التي تخضع جزئياً لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا منذ 2014.
لكن المعركة المستمرة منذ أسابيع لها كلفة بشرية عالية، إذ قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف الخميس إن كييف تعرب عن أسفها لمصرع «ما يصل إلى مائة جندي»، وسقوط «500 جريح» كل يوم في القتال.
- تدفق بطيء للأسلحة
أكد غايداي الخميس أن أوكرانيا يمكن أن تستعيد سيفيرودونيتسك «في غضون يومين أو ثلاثة أيام» بمجرد حصولها على مدفعية غربية «بعيدة المدى». ويطالب الأوكرانيون الذين استنفدوا أسلحتهم الروسية والسوفياتية الصنع خلال 107 أيام من الحرب وفقاً لمصادر عسكرية أميركية، حلفاءهم الغربيين باستمرار مدهم بأسلحة جديدة أكثر قوة.
وأعلنت واشنطن ولندن تسليم أوكرانيا راجمات صواريخ، قسم منها من طراز «هيمارس» الذي يناهز مداه 80 كيلومتراً، لكن من غير الواضح متى سيتمكن الأوكرانيون من البدء باستخدامها. في حين يبدو أن الأسلحة الغربية تتدفق ببطء على أوكرانيا، ذلك أن الحلفاء يريدون التأكد من أن كييف قادرة على تسلمها بأمان والحد من مخاطر قصف مخزونات الذخيرة، وفق ما أوضحت مصادر عسكرية أميركية.
وقال مسؤول عسكري أميركي: «نحاول الحفاظ على تدفق مستمر».
وقال زيلينسكي إنه ناقش المساعدة العسكرية الفرنسية لأوكرانيا مع نظيره إيمانويل ماكرون خلال محادثة هاتفية الخميس. وأكدت باريس أن الرئيس الفرنسي الذي تترأس بلاده مجلس الاتحاد الأوروبي حتى 30 يونيو، سأل الرئيس الأوكراني خصوصاً «حول حاجاته» من المعدات العسكرية، بما في ذلك «الأسلحة الثقيلة». وناقش الرئيسان أيضاً ترشح كييف للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وتأمل أوكرانيا أن تمنحها الدول السبع والعشرون خلال قمتها في 23 و24 يونيو وضع المرشح الرسمي للعضوية، لينطلق مسار التفاوض الذي يمكن أن يستمر أعواماً.
- أزمة الغذاء
قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أمس، إن تراجع صادرات القمح والسلع الغذائية الأخرى من أوكرانيا وروسيا يدفع ما بين 11 مليوناً و19 مليون شخص لبراثن الجوع خلال العام المقبل. وتسبب الصراع في أوكرانيا في أزمة غذاء عالمية، مع ارتفاع أسعار الحبوب وزيوت الطهي والوقود والأسمدة. وتزود روسيا وأوكرانيا العالم بما يقرب من ثلث إمدادات القمح، في حين أن روسيا هي أيضاً مُصدر رئيسي للأسمدة وأوكرانيا مورّد أساسي للذرة وزيت دوار الشمس.
وقال بوبكر بن بلحسن، مدير إدارة الأسواق والتجارة في منظمة الأغذية والزراعة، إن الصراع «يمكن أن يترتب عليه سقوط ما بين 11 و19 مليوناً آخرين في (براثن) الجوع... وهو جوع مزمن على مدى 2022 و2023». وقال للصحافيين إن هذا التقدير الأولي وُضع استناداً إلى انخفاض صادرات السلع الغذائية من أوكرانيا وروسيا. وأضاف أن «البلدان الأكثر تضرراً هي منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا نظراً لاعتمادها الكبير على الواردات، خصوصاً القمح، من هذين البلدين، وكذلك الزيوت النباتية وزيت دوار الشمس». ومضى قائلاً إن بعض الدول في جنوب الصحراء الأفريقية وآسيا، مثل بنجلادش وإندونيسيا، «تأثرت بشدة».
وقالت الفاو أيضاً في تقرير، الخميس، إن زيادة تكلفة المستلزمات الزراعية مثل الأسمدة يمكن أن تثني المزارعين عن التوسع في الإنتاج وتفاقم الأمن الغذائي في البلدان الفقيرة التي تتحمل فواتير استيراد كبيرة.
أوكرانيا تقصف خيرسون... ومعركة سيفيرودونيتسك تحتدم
الفاو: الحرب تدفع ملايين في العالم لبراثن الجوع
أوكرانيا تقصف خيرسون... ومعركة سيفيرودونيتسك تحتدم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة