غموض في ليبيا عقب تصريحات وزير الدفاع عن محاولة «انقلاب عسكري»

البرلمان يهدد باعتقال ضباط.. وثوار طرابلس نفوا تورطهم في الاعتداء على قناة تلفزيونية

غموض في ليبيا عقب تصريحات  وزير الدفاع عن محاولة «انقلاب عسكري»
TT

غموض في ليبيا عقب تصريحات وزير الدفاع عن محاولة «انقلاب عسكري»

غموض في ليبيا عقب تصريحات  وزير الدفاع عن محاولة «انقلاب عسكري»

قلل علي زيدان، رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا، من أهمية التصريحات المفاجئة التي أطلقها وزير الدفاع الليبي عبد الله الثني بشأن كشف محاولة لمجموعة من ضباط الجيش للقيام بانقلاب عسكري جديد، فيما أعلن نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) القائد الأعلى للجيش الليبي، عن تكليف إدارة الاستخبارات العسكرية وإدارة الشرطة العسكرية بالقبض على العسكريين المخالفين لقرار منعهم من عقد اجتماعات خاصة أو الظهور في وسائل الإعلام المختلفة.
وقالت مصادر أمنية في العاصمة الليبية طرابلس لـ«الشرق الأوسط»، إنه «جرى رفع حالة التأهب في صفوف القوات العسكرية والأمنية التي تتولى حماية وتأمين مقر المؤتمر الوطني والحكومة الانتقالية ومختلف الوزارات والمصالح الحيوية»، مشيرة إلى أن الحراسة المشددة جرى تعزيزها منذ نحو أسبوعين، وخاصة حول مقر المؤتمر الذي يعد أعلى سلطة دستورية وسياسية في البلاد.
وزعم أعضاء في المؤتمر أن جهاز المخابرات الليبية رصد في تقرير له عقد عسكريين لاجتماعات سرية بهدف الانقضاض على المؤسسة العسكرية والقيام بانقلاب عسكري، لكن مسؤولين في المؤتمر وجهاز المخابرات الليبية قالوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا علم لديهم بفحوى هذا التقرير».
وأثار وزير الدفاع الليبي عاصفة من الانتقادات بعدما أعلن في تصريحات لقناة تلفزيونية محلية مساء أول من أمس، أنه جرى إحباط محاولة للقيام بانقلاب عسكري، مضيفا أن «أجهزة الاستخبارات رصدت اجتماعا مشبوها لمجموعة من العسكريين، لكنهم هربوا من النوافذ كالفئران قبل اعتقالهم».
وأعلن الثني أنه سيجري استدعاء من شاركوا في الاجتماع للتحقيق، أو جلبهم بواسطة الأجهزة المختصة، لكن تصريحاته حملت الكثير من التناقض، حيث نفى اعتقال أي من الضباط الذين شاركوا في هذه المحاولة المزعومة قبل أن يعود ليؤكد أنه جرى اعتقال مجموعة منهم تخضع حاليا للتحقيقات. وكان مقررا أن يوجه وزير الدفاع بيانا إلى الشعب والجيش لكنه ألغاه من دون أي تفسير رسمي، فيما هدد ضباط شاركوا في الاجتماع الذي تحدث عنه بمقاضاته قانونيا. واضطر رئيس الحكومة زيدان إلى الاعتذار عن وصف وزير الدفاع للضباط المذكورين بـ«الفئران»، وقال في مؤتمر صحافي أمس بمشاركة بعض وزراء حكومته: «إذا كان وزير الدفاع صرح هذا التصريح، فهو هفوة. وأعتقد أن وزير الدفاع أعقل من هذا التصريح، وإذا كان فعلا قاله فأنا أسحبه. ونحن لا نسمي أحدا فئرانا. وإنسانية الإنسان باقية واحترام كرامة الإنسان تحت أي ظرف - حتى وهو مجرم - مسألة لا ينبغي التفريط فيها».
من جهته، عد رئيس المؤتمر في بيان رسمي أنه من مقتضيات الواجب وشرف الجندية أن يقوم الجيش بالمهام المنوطة به، والنأي عن أي صراعات سياسية أو عقائدية أو حزبية، لأنه جيش الوطن وليس لفئة أو حزب أو طائفة أو جماعة، مشددا على أن هذه ثوابت يجب التمسك بها والدفاع عنها. وأضاف: «لما كان قانون العقوبات العسكري، وقانون الخدمة بالجيش الليبي، يجرمان العمل السري والملتقيات ذات الطابع السياسي والظهور أمام الإعلام المرئي والمسموع، إلا بإذن وتصريح كتابي من الجهات ذات الاختصاص، وإعمالا لأحكام قرار المؤتمر الوطني بشأن حالة النفير والتعبئة العامة وحفاظا على سلامة الدولة وأمنها وسلمها الاجتماعي، عليه تكون اجتماعات العسكريين أو ظهورهم في وسائل الإعلام أو إدلاؤهم بالتصريحات ذات الطابع السياسي من دون تصريح من القيادة العسكرية، كلها أمورا تمس بالسيادة الوطنية وتعد انحرافا بدور المؤسسة العسكرية وخروجا على مبادئ الديمقراطية المنشودة». وطلب أبو سهمين من رئيس الأركان العامة للجيش الليبي تقديم تقرير مفصل حول عملية الاعتداء على مقر رئاسة الأركان العامة الخميس الماضي، موضحا أن هذا يمثل اعتداء صريحا على هيبة الدولة وسيادتها، التي تمثلها رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي. كما طلب أبو سهمين تقديم تقرير عن الخطوات التي اتخذت للتحقيق فيها، متضمنة إفادة آمر «الكتيبة 155 مشاة» وأفرادها المكلفين بحراسة المقر، وكذلك الشهود من عناصر الرئاسة. وأعلن المؤتمر الوطني عزمه عقد جلسة اليوم (الخميس)، داعيا أعضاءه عبر موقعه الإلكتروني الرسمي إلى التزام بالحضور. ووجهت رئاسة المؤتمر إخطارات إلى أعضائه الذين أعلنت أسماؤهم في بعض وسائل الإعلام على أنهم استقالوا من عضوية المؤتمر، حيث طلبت منهم تحديد مدى مصداقية الاستقالات، التي من المقرر مناقشتها اليوم.
في غضون ذلك، قال صحافيون بقناة العاصمة التلفزيونية الليبية في طرابلس، إن مسلحين أطلقوا قذائف صاروخية على القناة أمس، بعد أن اقتحموا المبنى وأجبروا العاملين على الخروج منه، وألحقوا أضرارا بالمعدات. ووقع الهجوم على القناة المقربة من محمود جبريل، رئيس الوزراء السابق، الذي شكل فيما بعد تحالف القوى الوطنية لمعارضة حزب إسلامي في المؤتمر الوطني العام. ونفت كتيبة «ثوار طرابلس» أي علاقة لها بالاعتداء على قناة العاصمة، وقالت في بيان مقتضب بثته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «نقول للجميع إن كتيبة ثوار طرابلس إن أرادت عمل شيء فسيكون في وضح النهار، ومن دون أقنعة تخفي الوجوه.. فنحن لا نخشى في الحق لومه لائم».
وقال صحافي في القناة، طالبا التحفظ على نشر اسمه: «أرغموا العاملين في الدوام الليلي على المغادرة وأشعلوا النار في المكان، ثم أطلقوا قذائف (آر بي جيه) على المبنى ولاذوا بالفرار». وكانت قناة العاصمة تبث في برامجها انتقادات لتمديد تفويض المؤتمر الوطني، الذي انتهى تفويضه المبدئي يوم الجمعة الماضي.

ليبي يتفقد الدمار الذي لحق بمقر قناة تلفزيونية في طرابلس أمس (أ.ف.ب)



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.