بالتوازي مع إعلان روسيا وتركيا استعدادهما لضمان نقل إمدادات الغذاء من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، برز سجال بين موسكو وكييف حول حجم الإمدادات المحتملة وآليات التعامل مع الضمانات المقترحة. وتجاهلت موسكو أمس اتهامات أوكرانية جديدة بـ«سرقة» القمح في المناطق التي سيطر عليها الجيش الروسي. لكنها في المقابل قلّلت من أهمية حجم احتياطات أوكرانيا من الحبوب، ورأى الكرملين أن «الأزمة المثارة حول إمدادات الغذاء مصطنعة».
واتهم نائب رئيس اتحاد المنتجين الزراعيين الأوكرانيين، دنيس مارتشوك، الروس بالاستيلاء على نحو 600 ألف طن من الحبوب من «مناطق أوكرانية محتلة»، وقال إن موسكو قامت بتصدير بعض هذه الكميات. وأضاف مارتشوك للتلفزيون الأوكراني أن بلاده ستطالب بتعويض من روسيا على سرقة الحبوب، وعلى تدمير ممتلكات المزارعين. ووفقاً له: «حتى اليوم، سُلب نحو 600 ألف طن من الشركات الزراعية ونُقلت لمنطقة شبه جزيرة القرم المحتلة مؤقتاً، ومن هناك يتم نقلها لموانئ؛ خصوصاً ميناء سيفاستوبول، ومنه تتحرك سفن إلى الشرق الأوسط». وأشار إلى أن «نحو 100 ألف طن من الحبوب شُحنت بالفعل إلى سوريا»، وفقاً لأدلة «سجّلتها الولايات المتحدة».
وكانت موسكو رفضت اتهامات غربية بالاستيلاء على مخزون الحبوب الأوكراني. ومع تجاهل الكرملين الاتهامات الجديدة، دعا الناطق باسمه دميتري بيسكوف إلى «عدم المبالغة في أهمية احتياطيات الحبوب الأوكرانية من جهة تأثيرها على الأسواق الدولية». ولفت بيسكوف إلى أن الوضع في أوكرانيا «لم يتسبب في أزمة غذاء في العالم، فهناك أقل بكثير من الحبوب في البلاد مما يقولون في كييف».
وزاد: «أولاً، على حد علمنا، هذه الحبوب أقلّ بكثير مما يقول الأوكرانيون أنفسهم. ثانياً، ربما من غير الضروري المبالغة في أهمية احتياطيات الحبوب هذه من جهة التأثير على أسواق الحبوب الدولية. هي نسبة صغيرة جداً، بحيث لا يكون لها تأثير كبير على تطور أزمة الغذاء التي بدأت بالفعل على المستوى العالمي».
وشدّد بيسكوف على أن «الأزمة الأوكرانية لم تكن هي التي تسببت أو حفزت أزمة الغذاء في العالم». وخلص إلى أن «هذا الأمر سبقته سلسلة بكاملها من الأحداث والأعمال الخاطئة للحكومات في جميع أنحاء العالم».
في الأثناء، برزت أولى ردود الفعل في أوكرانيا على اتفاق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي زار أنقرة أمس، مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، على قيام البلدين بضمان ممرات آمنة لنقل إمدادات الحبوب من الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود. وأعلنت كييف ترحيبها بالمفاوضات المتعلقة بتصدير الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر الأسود، لكنّها شددت على أن «أي قرار بشأن هذه المسألة ينبغي أن يترافق مع تزويد أوكرانيا بأسلحة لحماية أوديسا». وقال وزير خارجية أوكرانيا، دميتري كوليبا، في مؤتمر صحافي، إن «كييف مستعدة للمساهمة في مفاوضات لحلّ أزمة الغذاء وفكّ الحصار عن الموانئ الأوكرانية، في المقام الأول من خلال الأمم المتحدة»، مؤكداً أن «جميع المسارات والجهود الأخرى نرحب بها، ولكن بشرط واحد، يجب أن يأخذ القرار النهائي في الاعتبار مصالح أمن أوكرانيا بنسبة 100 في المائة».
ووفقاً له، فإن ضمان أمن أوكرانيا بهذه النسبة يعني توفير «كمية كافية من الأسلحة القادرة على حماية أوديسا، وهذا الجزء من ساحل البحر الأسود»، فضلاً عن إنشاء «مهمة للقيام بدوريات لحماية ممر توريد الحبوب من قبل سفن الدول التي يمكن أن تثق بها أوكرانيا». وأضاف: «في هذا الصدد، يمكننا، على وجه الخصوص، أن نثق في القوات البحرية التركية».
على الصعيد الميداني، تواصلت أمس المواجهات الضارية على طول خطوط التماس في لوغانسك ودونيتسك، ووقعت أعنف المواجهات على محور سيفيرودونيتسك، التي شهدت إطلاق ما وصف بـ«هجوم شامل» من جانب القوات الانفصالية والجيش الروسي قبل يومين. وبدا أن سيناريو «آزوفستال»، المجمع الصناعي في ماريوبول الذي تحصن فيه أوكرانيون، واستعصى على القوات الروسية لمدة أكثر من شهر، رغم تطويقه بشكل كامل، يتكرر حالياً في المدينة الاستراتيجية سيفيرودونيتسك، وهي آخر معقل للمقاومة الأوكرانية في منطقة لوغانسك. وكان مئات الجنود الأوكرانيين تحصنوا داخل مصنع في هذه المدينة. وأعلنت، أمس، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن «القوميين الأوكرانيين يخططون لتفخيخ حاويات فيها مواد كيميائية سامة في المصنع».
وزادت: «يتم إعداد استفزاز جديد للقوميين الأوكرانيين، وعلى وجه الخصوص تفخيخ حاويات فيها مواد كيميائية سامة في مصنع أزوت، بمدينة سيفيرودونيتسك، في جمهورية لوغانسك الشعبية، واحتجاز أكثر من 1000 شخص من عمال المصنع والسكان المحليين في مبانيه تحت الأرض». وأضافت: «وفقاً لخطة كييف، فإن تفجير الحاويات التي تحتوي على أكثر من 100 طن من الملح الصخري وحمض النيتريك سيؤدي إلى عرقلة حركة القوات المسلحة الروسية وقوات جمهوريتي دونباس إلى الأمام. كما يخططون لاتهام روسيا في الكارثة المصحوبة بخسائر بشرية، كما هو الحال دائماً».
واتّهمت «نظام كييف» بـ«فبركة المسرحيات على حساب أرواح المدنيين». وزادت: «رأينا ما فعلوه في مدينة بوتشا، ورأينا ما فعلوه في كراماتورسك. ونحن ننتظر بيانات محددة، تقريراً من الغرب، الذي انغمس بشكل مباشر وغير مباشر في كل هذا، وأصبح شريكاً في جرائم نظام كييف في بوتشا وكراماتورسك».
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن القوات الأوكرانية في دونباس «تكبدت خسائر ملموسة في الأفراد والأسلحة والعتاد العسكري». وقال الناطق العسكري، إيغور كوناشينكوف، في إيجاز صحافي يومي، إنه «خلال 3 أيام من معارك تحرير مدينة سفيتوغورسك في جمهورية دونيتسك الشعبية وحدها، بلغت خسائر القوات الأوكرانية أكثر من 300 عنصر للفصائل القومية، و6 دبابات، و15 عربة قتالية مدرعة من مختلف الأنواع، و36 قطعة من المدفعية الميدانية ومدافع الهاون، و4 راجمات صواريخ غراد، وأكثر من 20 مركبة».
وفي حصيلة الساعات الـ24 الماضية، قال كوناشينكوف إن «صواريخ روسية أطلقت من الجو أصابت مصنعاً للمدرعات في مقاطعة خاركوف، جرت فيه أعمال إصلاح وترميم الدبابات والعربات المدرعة الأخرى للقوات الأوكرانية». وتابع أن الصواريخ استهدفت أيضاً موقعين للقيادة، و13 منطقة تجمع للقوات والمعدات العسكرية، وبطارية من راجمات صواريخ «أواغان» ومستودعاً للوقود في خاركوف، كما تم تدمير 4 مستودعات للأسلحة والذخيرة في خاركوف، ودونيتسك ولوغانسك.
ووفقاً له، فقد ضرب الطيران الروسي خلال اليوم الماضي 63 منطقة تجمع للقوات والمعدات، ما أدى إلى القضاء على أكثر من 160 عنصراً من الفصائل القومية، وتدمير قيادة للواء الميكانيكي 14 للقوات الأوكرانية، و8 دبابات، وراجمتي صواريخ من طراز «غراد»، وبطارية مدفعية، ومحطة للحرب الإلكترونية، و13 مركبة مختلفة الأغراض. كما أسقطت الدفاعات الجوية الروسية طائرتين أوكرانيتين ومروحية في نيكولايف، فضلاً عن تدمير 11 طائرة بدون طيار في دونيتسك وخاركوف، كما تم اعتراض 3 صواريخ أوكرانية هاجمت خيرسون.
الكرملين يقلّل من أهمية صادرات الحبوب من أوكرانيا... وكييف تطالب بـ«حماية أوديسا»
موسكو تواجه سيناريو «آزوفستال» في سيفيرودونيتسك وتتحدث عن خسائر فادحة لـ«العدو»
الكرملين يقلّل من أهمية صادرات الحبوب من أوكرانيا... وكييف تطالب بـ«حماية أوديسا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة