واشنطن وبروكسل تتهمان الكرملين بتحويل الغذاء «صاروخاً خفياً»

المندوب الروسي يخرج من قاعة مجلس الأمن احتجاجاً على تصريحات رئيس المجلس الأوروبي

المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا انسحب من جلسة مجلس الأمن إثر اتهام رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشال لموسكو باستخدام الإمدادات الغذائية كـ«صاروخ خفي» ضد الدول النامية (إ.ب.أ)
المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا انسحب من جلسة مجلس الأمن إثر اتهام رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشال لموسكو باستخدام الإمدادات الغذائية كـ«صاروخ خفي» ضد الدول النامية (إ.ب.أ)
TT

واشنطن وبروكسل تتهمان الكرملين بتحويل الغذاء «صاروخاً خفياً»

المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا انسحب من جلسة مجلس الأمن إثر اتهام رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشال لموسكو باستخدام الإمدادات الغذائية كـ«صاروخ خفي» ضد الدول النامية (إ.ب.أ)
المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا انسحب من جلسة مجلس الأمن إثر اتهام رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشال لموسكو باستخدام الإمدادات الغذائية كـ«صاروخ خفي» ضد الدول النامية (إ.ب.أ)

مع تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، التقارير عن أن روسيا تسرق الحبوب من أوكرانيا لبيعها ولـ«ابتزاز» دول العالم، اتهم رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشال، موسكو، باستخدام الإمدادات الغذائية «صاروخاً خفياً» ضد الدول النامية، والتسبب بأزمة غذاء عالمية وشيكة، ما أثار غضب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، ودفعه للانسحاب من جلسة مجلس الأمن. وكان بلينكن يتحدث في مؤتمر بوزارة الخارجية، مساء الاثنين، حول قضايا الأمن الغذائي الناشئة عن غزو أوكرانيا، فقال إن «هناك تقارير موثوقة» عن أن «روسيا تسرق صادرات الحبوب الأوكرانية لبيعها من أجل أرباحها الخاصة»، في الوقت الذي «تخزن فيه روسيا صادراتها الغذائية أيضاً»، موضحاً أسباب الارتفاع الحاد في الأسعار العالمية للقمح والحبوب الأخرى، والنقص الذي يلوح في الأفق. وأكد أن لهذه الحرب «تأثيراً مدمراً على الأمن الغذائي العالمي، لأن أوكرانيا هي إحدى سلال غذاء العالم». كانت كييف اتهمت موسكو بشحن الحبوب الأوكرانية إلى دول منها تركيا وسوريا. ونشرت صحيفة «النيويورك تايمز» أن عدداً من سفن الشحن غادرت الموانئ التي تسيطر عليها روسيا محملة بما سماه المسؤولون الأميركيون «حبوباً أوكرانية مسروقة»، مؤكدة أن واشنطن نبهت 14 دولة، معظمها في أفريقيا، بخصوص الشحنات، لأن العديد منها يعتمد على واردات الحبوب ويواجه بالفعل قيوداً شديدة في الإمدادات.
وكشف بلينكن أن البحرية الروسية منعت ناقلات الحبوب من مغادرة ميناء أوديسا الأوكراني على البحر الأسود، في محاولة لـ«ابتزاز» العالم، بهدف دعم الحرب التي يشنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً إنه «في الوقت الحالي، يمنع الحصار البحري الروسي في البحر الأسود شحن المحاصيل الأوكرانية إلى وجهاتها العادية». وأضاف: «يوجد في مكان ما حوالي 20 مليون طن من القمح محاصرة في صوامع بالقرب من أوديسا، وفي السفن المليئة بالحبوب العالقة في ميناء أوديسا بسبب هذا الحصار الروسي». ورأى أن هذه استراتيجية متعمدة من الرئيس بوتين لإجبار بقية العالم على «الاستسلام له»، وإلغاء العقوبات المفروضة على روسيا. وقال: «بعبارة أخرى، ببساطة، إنه ابتزاز». ولم تكن الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تلوم روسيا على تأجيج أزمة الغذاء العالمية. فخلال اجتماع لمجلس الأمن مساء الاثنين، اتهم رئيس المجلس الأوروبي، القوات الروسية، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فضلاً عن المساهمة في أزمة الغذاء العالمية. وأكد تشارلز ميشال، أنه رأى ملايين الأطنان من الحبوب والقمح عالقة في حاويات وسفن في ميناء أوديسا الأوكراني قبل بضعة أسابيع، مشدداً على أن ذلك كان «بسبب السفن الحربية الروسية في البحر الأسود» وهجمات موسكو على البنية التحتية للنقل ومنشآت تخزين الحبوب ودباباتها وقنابلها ومناجمها التي تمنع أوكرانيا من الزراعة والحصاد. وأضاف: «يؤدي هذا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ودفع الناس إلى الفقر، وزعزعة استقرار مناطق بأكملها». ورأى أن «روسيا وحدها هي المسؤولة عن أزمة الغذاء التي تلوح في الأفق. روسيا وحدها».
كما اتهم ميشال، القوات الروسية، بسرقة الحبوب من المناطق التي احتلتها «مع إلقاء اللوم على الآخرين»، واصفاً ذلك بأنه «جبن» و«دعاية، خالصة وبسيطة». وخاطب المندوب الروسي في مجلس الأمن، قائلاً: «السيد سفير الاتحاد الروسي، لنكن صادقين، يستخدم الكرملين الإمدادات الغذائية كصاروخ خفي ضد الدول النامية»، مضيفاً أن «روسيا هي المسؤولة وحدها عن أزمة الغذاء هذه». وسارع نيبينزيا إلى «دحض بشكل قاطع» ما قال إنها «ادعاءات» ميشال، واصفاً الاتهامات لبلاده بأنها «كذبة» قبل أن يغادر قاعة مجلس الأمن. وبعد مغادرة المبعوث الروسي القاعة، قال المسؤول الأوروبي الرفيع: «يمكنك مغادرة القاعة، ربما يكون من الأسهل عدم الاستماع إلى الحقيقة». وفي بيان عقب هذه الواقعة، قال نيبينزيا، إنه «لا يستطيع البقاء» بسبب «الأكاذيب التي أتى تشارلز ميشال إلى هنا لنشرها».
وكذلك غرد نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي، عبر قناة «تلغرام» الروسية، أن تعليقات ميشال كانت «فظة للغاية»، لدرجة أن المندوب الروسي غادر قاعة مجلس الأمن. وكان يفترض أن يركز اجتماع مجلس الأمن على العنف الجنسي أثناء الحرب في أوكرانيا، لكن الغزو الروسي وعواقبه، خصوصاً على نقص الغذاء العالمي وارتفاع الأسعار، أثيرت أيضاً. وقدم ميشيل دعماً قوياً لجهود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، للحصول على اتفاقية شاملة تسمح بتصدير الحبوب من أوكرانيا وتضمن وصول المواد الغذائية والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية من دون قيود. وكان غوتيريش حذر الشهر الماضي من أن مستويات الجوع العالمية «وصلت إلى مستوى مرتفع جديد»، حيث تضاعف عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد في غضون عامين فقط من 135 مليوناً قبل جائحة «كوفيد - 19» إلى 276 مليوناً الآن، موضحاً أن أكثر من 500 ألف شخص يعيشون في ظروف مجاعة - بزيادة أكثر من 500 في المائة منذ عام 2016.
وقال المندوب الأوكراني لدى الأمم المتحدة سيرغي كيسليتسيا، لمجلس الأمن، إن بلاده لا تزال ملتزمة بإيجاد حلول لمنع أزمة الغذاء العالمية ومستعدة لتهيئة «الظروف الضرورية» لاستئناف الصادرات من ميناء أوديسا الجنوبي الرئيسي. وقال: «السؤال هو كيف نتأكد من أن روسيا لا تسيء استخدام طريق التجارة لمهاجمة المدينة نفسها؟». واعتبر أن السؤال أصبح أكثر أهمية منذ أن ضربت أربعة صواريخ روسية مصنعاً في العاصمة كييف، الأحد الماضي، حيث يجري إصلاح سيارات الشحن التي تحمل الحبوب إلى الموانئ الأوكرانية.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».