مقترح أممي لفك حصار تعز وفتح جزئي للطرق ينتظر إجابة الحوثيين

مفاوضو الحكومة يطلبون ضغطاً دولياً لإقناع وفد الجماعة

TT

مقترح أممي لفك حصار تعز وفتح جزئي للطرق ينتظر إجابة الحوثيين

تمخضت المفاوضات بين ممثلي الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية في جولتها الثانية في العاصمة الأردنية عمان، عن مقترح أممي لفك الحصار عن تعز، وفتح جزئي للطرق بين مناطق التماس، في انتظار أن توافق الميليشيات على تنفيذه.
ومع استمرار الميليشيات في المراوغة ومحاولة التنصل من التزاماتها وتجزئة الحلول والقضايا المتعلقة بالهدنة الأممية، طالب الفريق الحكومي المفاوض (الثلاثاء) المجتمع الدولي وسفراء الاتحاد الأوروبي والمبعوث الأميركي، بممارسة مزيد من الضغوط تجاه الميليشيات الحوثية لفتح الطرق الرئيسية إلى مدينة تعز وبقية المحافظات، وتحويل مقترح المبعوث الأممي بشأن ذلك إلى واقع على الأرض.
وأثنى الفريق المفاوض على الجهود المكثفة التي بذلها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ وفريقه، والتي أسفرت عن تقديم مقترح بفتح 5 طرق في محافظة تعز وبعض المحافظات، من ضمنها طريق رئيسي، ووصف في بلاغ وزعه على وسائل الإعلام المقترح بأنه «يمثل الحد الأدنى من مطالب أبناء محافظة تعز»، مع ضرورة أن يتم بالتزامن فتح بقية الطرق خلال الأشهر القريبة المقبلة.
وقال الفريق الحكومي إنه «بعد أكثر من أسبوعين على انطلاق المفاوضات في العاصمة الأردنية عمّان، حول فتح طرق محافظة تعز، وفق نصوص الهدنة الأممية؛ ورغم أننا تقدمنا برؤيتنا بفتح طرق رئيسية ترفع معاناة الناس؛ وتخفف عنهم صعوبة الوصول وتقلل الكلفة الاقتصادية، أصر الحوثيون على طرح طرق فرعية ترابية لا تحقق هدف رفع الحصار وتخفيف المعاناة».
واتهم وفد الحكومة اليمنية وفد الميليشيات الحوثية، بأنه «يتصرف بشكل أحادي الجانب، بغرض أن يفرض أمراً واقعاً لطرق لم يتم التوافق عليها، وبعيدة عن المفاوضات، مما أدى إلى توقف المفاوضات عند هذا الحد».
وثمن الوفد الحكومي دور المبعوث الخاص للأمم المتحدة وفريقه، متمنياً «أن يقوم بممارسة الضغوط اللازمة، على جماعة الحوثي، لسرعة تنفيذ فتح الطرق الرئيسة، وعدم السماح للجماعة الانقلابية بالتلاعب واستهلاك وقت الهدنة بعد تمديدها، دون أن يتم فتح الطرق الرئيسية في تعز وبقية المحافظات، كما نص عليه الاتفاق الأممي، والذي يجب العمل به كحزمة واحدة، ودون انتقائية».
وأشاد الفريق المفاوض بما وصفه بـ«الصورة المتكاتفة والموحدة التي ظهر من خلالها اليمنيون، تجاه هذه القضية الإنسانية التي باتت عنواناً لكل من أراد الاطلاع على حجم الكارثة الإنسانية التي تسببت فيها الميليشيات خلال 8 سنوات من حربها المدمرة، والتي اتخذت من إغلاق الطرق في كثير من المحافظات وسيلة بشعة تضعها قانونياً في إطار ممارسة حرب الإبادة». بحسب ما جاء في البلاغ.
وكان مكتب المبعوث الأممي قد أصدر مساء الاثنين بياناً لإيضاح نتائج المفاوضات والنقاشات التي استؤنفت الأحد الماضي مع وفدي الحكومة والميليشيات الحوثية، بغية التوصل إلى اتفاق حول فتح طرق في تعز ومحافظات أخرى، وفق أحكام اتفاق الهدنة.
وذكر البيان أنه على ضوء النقاشات التي أجريت مع الطرفين، قدَّم المبعوث هانس غروندبرغ مقترحاً منقَّحاً لإعادة فتح الطرق تدريجياً، بما في ذلك آلية للتنفيذ وضمانات لسلامة المسافرين المدنيين.
وبحسب البيان، يدعو المقترح لإعادة فتح طرق -بما فيها خط رئيسي- مؤدية إلى تعز ومنها، إضافة إلى طرق في محافظات أخرى، بهدف رفع المعاناة عن المدنيين وتسهيل وصول السلع. ويأخذ المقترح بعين الاعتبار مقترحات ومشاغل عبّر عنها الطرفان، بالإضافة إلى ملاحظات قدمها المجتمع المدني اليمني.
ونقل البيان عن غروندبرغ قوله: «هذه هي الخطوة الأولى في جهودنا الجماعية لرفع القيود عن حرية حركة اليمنيين من نساء ورجال وأطفال داخل البلاد. وتقع على الطرفين المسؤولية الأخلاقية والسياسية للتعامل بشكل جاد وعاجل مع مقترح الأمم المتحدة، وإعطاء الأولوية لمصالح المدنيين، والتوصل إلى نتائج مباشرة وملموسة لسكان تعز والشعب اليمني كله».
وأضاف: «بينما أستمر في بذل جهودي وانخراطي مع الطرفين حول هذا الملف، آمل أن يحافظ المقترح هذا على الزخم المطلوب للمضي قدماً في النقاشات حول ترتيبات أكثر استدامة، ضمن عملية الأمم المتحدة متعددة المسارات».
وفي حين يترقب الشارع اليمني تنفيذ المقترح، كان مكتب غروندبرغ قد عقد الاجتماع الثاني للجنة التنسيق العسكري؛ حيث شارك فيه ممثلون عسكريون عن الحكومة اليمنية والحوثيين وقيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم للشرعية. وترأس الاجتماع المستشار العسكري للمبعوث الخاص، العميد أنتوني هايوورد.
وأوضح بيان رسمي أن المشاركين تفاعلوا بشكل بنّاء حول عدّة قضايا تقنية متعلقة بالتزام الأطراف بتنفيذ الهدنة، في حين اتفقت اللجنة «على إقامة غرفة للتنسيق المشترك لمعالجة أهم الأحداث المثيرة للقلق، والتطرّق إليها خلال فترة زمنية مناسبة، بما في ذلك ترشيح مسؤولي اتصال لغرفة التنسيق، خلال مدة أقصاها أسبوع، لضمان التواصل المنتظم». ونقل البيان عن العميد هايوورد قوله: «إنَّ التواصل وبناء الثقة أمران ضروريان لخفض تصعيد النزاع في اليمن» مع تأكيده أن الأطراف «أظهرت التزاماً بالحوار البَنَّاء، وبذل الجهود المتبادلة لخفض التصعيد رغم التحديات المستمرة، ما يؤكد رغبتها في التمسك بالهدنة، ورفع المعاناة عن المدنيين».
وأكد مكتب المبعوث الأممي أن لجنة التنسيق العسكرية اتفقت أيضاً على «عقد اجتماعات دورية شهرياً، لضمان استمرارية النقاشات على المستوى الاستراتيجي».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.