قيادي تونسي من المعارضة: الجبهة الشعبية لا تدعو إلى الإطاحة بالحكومة

كانت عام 2013 وراء الإطاحة بحكم «الترويكا» بزعامة حركة النهضة

قيادي تونسي من المعارضة: الجبهة الشعبية لا تدعو إلى الإطاحة بالحكومة
TT

قيادي تونسي من المعارضة: الجبهة الشعبية لا تدعو إلى الإطاحة بالحكومة

قيادي تونسي من المعارضة: الجبهة الشعبية لا تدعو إلى الإطاحة بالحكومة

قال أحمد الصديق، القيادي في تحالف الجبهة الشعبية المعارضة، إن الجبهة (تحالف يساري) انخرطت في العملية الديمقراطية، وإنها لا تدعو إلى الإطاحة بالحكومة التي تقودها «حركة نداء تونس» بمشاركة ثلاثة أحزاب سياسية أخرى ممثلة في «حركة النهضة» وحزبي «الاتحاد الوطني الحر» و«آفاق تونس». وأشار خلال مؤتمر احتضنته مدينة نابل أمس (60 كلم شمال شرقي تونس العاصمة) إلى أن الجبهة لا تعمل خلال هذه الفترة على توخي حلول خارج اللعبة الديمقراطية المعتمدة على النظام البرلماني الذي يراقب سياسة الحكومة ويقيم أداءها. وعدّ الصديق أن دور الجبهة المعارضة هو التقييم والتنبيه والاضطلاع بدور معارض، وأنها اليوم تدعو الحكومة التي يقودها الحبيب الصيد إلى تحمل مسؤولياتها أمام ناخبيها في مرحلة أولى وأمام عموم التونسيين في مرحلة ثانية. وخلال تزعم حركة النهضة تحالف الترويكا الحاكم، قادت الجبهة الشعبية الاحتجاجات المطالبة بتخلي الحكومة عن السلطة لعدم تحقيقها نتائج إيجابية على المستوى الأمني والاقتصادي، وأسست لهذا الغرض جبهة الإنقاذ وضغطت من خلال «اعتصام الرحيل» الذي تواصل لمدة فاقت الشهرين، من أجل إزاحة ائتلاف الترويكا من الحكم، وهو ما نجحت في تحقيقه مع نهاية سنة 2013.
وفي تقييمه للوضع الاجتماعي الحالي في تونس الممهور بعدة إضرابات قطاعية واحتجاجات في عدة مدن تونسية، قال الصديق إن تونس مقبلة على «مرحلة صعبة قد تؤدي إلى هزات اجتماعية، بدأت بوادرها تظهر جلية خلال هذه الآونة»، وانتقد الأداء الحكومي الحالي، وقال إنه «مرتبك ومتردد ويتسم بانعدام النتائج الملموسة».
وفي حال تواصل تردد الحكومة، قال المصدر ذاته، إن الجبهة الشعبية تمثل المعارضة في البرلمان التونسي و«هي تنبه وتطرح البدائل، ولكنها ستتمسك بقواعد اللعبة الديمقراطية التي تعتمد على دور الأغلبية داخل البرلمان في الإطاحة بالحكومة، أو كذلك من خلال خيار النزول إلى الشارع، وهو خيار لا تتمناه الجبهة الشعبية»، على حد تعبيره.
وتواجه حكومة الصيد موجة متنوعة من الإضرابات والاحتجاجات خلال الأسبوع الحالي من بينها إقرار إضراب عن العمل لمعلمي التعليم الابتدائي لمدة ثلاثة أيام، ودخول نحو 50 ألف عون من أعوان الصحة العمومية في إضراب عن العمل لمدة خمسة أيام بعد إضراب بثلاثة أيام خلال الأسبوع الماضي، هذا بالإضافة إلى تواصل احتجاجات مدن الحوض المنجمي بولاية (محافظة) قفصة المطالبة بالتشغيل والتنمية.
يذكر أن الحبيب الصيد رئيس الحكومة قد أشار خلال ندوة عقدها يوم السبت الماضي مع المسؤولين في الجهات إلى أنه «لم يعد هناك مجال للإضرابات في ظل الوضع الراهن»، وعدّ أن «الإضرابات تمش خاطئ وعواقبه وخيمة». وفي حديثه عن الوضع الاجتماعي في تونس الذي مثل محورا رئيسيا في كلمته أمام الولاة، وصف الصيد تنامي الإضرابات العامة في هذه الفترة بـ«شبه الفوضى على المستوى الوطني»، وقال: «إنها لا تخدم مصلحة تونس». وتمسك بضرورة اقتطاع أيام الإضرابات من رواتب المضربين عن العمل.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.