الحوثيون يؤجرون أرصفة شوارع صنعاء لجني مزيد من الأموال

بعد استيلائهم على مساحات شاسعة من الأراضي العامة والخاصة

جانب من المواقع التي باتت تؤجرها الجماعة وسط صنعاء (الشرق الأوسط)
جانب من المواقع التي باتت تؤجرها الجماعة وسط صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

الحوثيون يؤجرون أرصفة شوارع صنعاء لجني مزيد من الأموال

جانب من المواقع التي باتت تؤجرها الجماعة وسط صنعاء (الشرق الأوسط)
جانب من المواقع التي باتت تؤجرها الجماعة وسط صنعاء (الشرق الأوسط)

ابتدعت الميليشيات الحوثية وسيلة جديدة لجني الأموال في العاصمة اليمنية صنعاء التي تخضع لسيطرتها، من خلال تقسيم أرصفة الشوارع إلى مربعات وتوزيعها بين مشرفيها لتأجيرها للباعة، فيما تواصل مجموعة أخرى من الميليشيات مهمة الاستيلاء على المساحات البيضاء في مداخل الأحياء وبين المباني بشرق العاصمة.
وذكر سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنهم فوجئوا منذ يومين بانتشار عناصر من مكاتب الأشغال في مديريات العاصمة بالشوارع التجارية والبدء في تقسيم الأرصفة إلى مربعات وتحديد هذه المربعات بواسطة ألوان مميزة وتأجيرها للباعة أو أصحاب المحلات التجارية مقابل 50 ألف ريال يمني شهرياً (نحو 90 دولاراً).
وبحسب السكان، وزعت الميليشيات الشوارع بين مشرفيها عبر ما يعرف بنظام المقاولة، حيث يتم منح شارع تجاري لاثنين من المشرفين مقابل أن يدفعوا في الشهر الواحد بحدود 500 ألف ريال (نحو 900 دولار)، بينما يقومان بتأجير تلك الأرصفة بمبالغ تتجاوز الملايين الخمسة، وهو أمر حول الأرصفة من أماكن لعبور المشاة إلى مواقع لعرض البضائع أو للباعة المتجولين.
ويقول فايز وهو أحد سكان صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: «فوجئنا بقيام عناصر مكتب الإسكان بتقسيم أرصفة شارع هايل التجاري، إلى مربعات ولم يتركوا متراً واحداً للدخول إلى المحلات التجارية بهدف إرغام أصحاب المحلات على استئجار الأرصفة لضمان عدم وجود الباعة من أصحاب البسطات في تلك الأماكن».
ويضيف: «أمام كل محل وضع عناصر الجماعة خطوطاً بالألوان وتؤجر هذه المربعات بمبلغ خمسين ألف ريال شهرياً، ولم يتركوا بين كل كشك وآخر سوى متر واحد فقط، وقاموا بتأجير الباقي، وهذا يعني حصول المشرفين على دخل شهري بملايين الريالات».
هذه الخطوة الجديدة لجمع الأموال أتت بعد أن استكمل قادة الميليشيات السيطرة على ممتلكات الدولة وتأجير آلياتها ومعداتها وبيع أراضيها بما فيها أراضي المعسكرات ومخططات المدن السكنية لمنتسبي الجيش والأمن، حيث وزعت المدينة إلى مناطق نفوذ بين القيادات المتصارعة على الأموال، وصولاً إلى استيلاء هيئة الأوقاف التي يرأسها القيادي عبد المجيد الحوثي على متنفسات ومواقف السيارات وموقع لحديقة في مدينة بنك الإنشاء والتعمير التي بنيت وملكت لسكانها قبل ما يزيد على 40 عاماً وقيامه بسجن السكان المعترضين على ذلك، حيث يسعى لتسوير هذه المساحات ومن ثم تأجيرها.
ووفق ما ذكره حسان، وهو أحد سكان المدينة، فإن عبد المجيد الحوثي أجبر مالكي الشقق في هذه المدينة على دفع إيجار شهري، بحجة أنها بنيت على أرضية تعود ملكيتها للأوقاف، كما امتدت هذه الإجراءات إلى مبانٍ يسكنها أصحابها منذ عشرات السنين، حيث ادعى الحوثي مستعيناً بسلطته أنها أملاك للأوقاف وفرض مبالغ طائلة إيجارات على الأراضي، وطالب أيضاً بدفع تلك المبالغ بأثر رجعي.
وأظهر القيادي عبد المجيد الحوثي، بحسب مصادر مطلعة، منذ استحداث الهيئة التي يرأسها نهماً كبيراً للأموال، والاستيلاء على الأراضي ورفع إيجارات الأوقاف بنسبة تجاوزت 200 في المائة، ينافسه في ذلك رئيس ما تسمى هيئة الزكاة، التي تجمع مليارات الريالات وتقوم بتوزيعها على قادة الجبهات، تاركة الملايين من السكان يبحثون عما يبقيهم على قيد الحياة، بعد أن تسببت الحرب التي أشعلتها الميليشيات في جعل 23.4 مليون شخص بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية خلال العام الحالي.
كما تسبب الانقلاب على الشرعية في نزوح أكثر من 4.3 مليون شخص من منازلهم، وفي انهيار اقتصادي، كما تحطم النظام الصحي بأكمله تقريباً، مع بقاء نصف المرافق الصحية فقط تعمل.
إلى ذلك، كشف تحليل جديد للأمن الغذائي في التصنيف الدولي عن تدهور مستويات الأمن الغذائي في جميع أنحاء اليمن، حيث دفعت الأزمة الاقتصادية وانخفاض قيمة العملة، أسعار المواد الغذائية، إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2015.
ومن المرجح - بحسب التحليل - أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى صدمات استيراد كبيرة، ما سيؤدي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية، وسيقدر عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة غذائية خلال هذا العام بـ19 مليون شخص. ومن المتوقع أن يعاني ما يقدر بنحو 1.3 مليون امرأة حامل ومرضع من سوء التغذية الحاد في وقت ما خلال هذه السنة. وهم يخاطرون بولادة الأطفال حديثي الولادة الذين يعانون من تقزم حاد في النمو، وإرضاع الأطفال المصابين بسوء التغذية، نتيجة لازدياد انعدام الأمن الغذائي.
وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن نقص التمويل منذ بداية هذا العام أجبره على تقليص تدخلات الصحة الإنجابية والحماية المنقذة للحياة في جميع أنحاء البلاد، ما عرض حياة الآلاف من النساء والفتيات لخطر شديد.
وعلى سبيل المثال، في الربع الأول من العام، فقدت نحو 40 ألف امرأة إمكانية الوصول إلى خدمات الحماية، لأنه في سبيل الاستمرار في الوصول إلى النساء والفتيات الأكثر ضعفاً، يحتاج الصندوق إلى 100 مليون دولار أميركي، في حين أنه لم يتلقَّ سوى 13 في المائة من المبلغ المطلوب.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.