مشرفون حوثيون رهن الاعتقال... والسبب «تقصيرهم» في حشد الأطفال

طفل يمني يحمل سلاحاً خلال تجمع في صنعاء (غيتي)
طفل يمني يحمل سلاحاً خلال تجمع في صنعاء (غيتي)
TT

مشرفون حوثيون رهن الاعتقال... والسبب «تقصيرهم» في حشد الأطفال

طفل يمني يحمل سلاحاً خلال تجمع في صنعاء (غيتي)
طفل يمني يحمل سلاحاً خلال تجمع في صنعاء (غيتي)

اعتقلت الميليشيات الحوثية في محافظة ذمار اليمنية (100 كلم جنوب صنعاء) العشرات من مشرفيها ومسؤولي الأحياء الموالين لها في عدة مناطق وأحياء واقعة بنطاق مركز المحافظة وأودعتهم سجونها، بعد أن اتهمتهم بالتقصير في حشد الأطفال إلى معسكرات التجنيد والتعبئة الصيفية.
وأفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن عمليات الاعتقال الحوثية جاءت على خلفية فشل أتباعها في تحشيد 50 ألف من طلبة المدارس في المدينة إلى معسكرات صيفية سبق أن دشنتها الجماعة بهدف غسل أدمغة المراهقين وإجبارهم على الالتحاق للقتال في جبهاتها.
وكانت الجماعة الانقلابية قد ألزمت قبل أسابيع قرابة 78 من مسؤولي الأحياء بمدينة ذمار (مركز المحافظة) بضرورة الجهوزية العالية والاستعداد للبدء بعملية تحشيد واستقطاب طلاب المدارس إلى تلك المراكز. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن القيادي الحوثي المدعو محمد البخيتي المنتحل لصفة محافظ ذمار كان قد استدعى بأحد اللقاءات مسؤولي الأحياء وهددهم بالإقالة من أعمالهم أو الاعتقال والسجن حال عدم استقطابهم طلاب المدارس إلى المخيمات.
وكانت الميليشيات في ذمار قد أطلقت في الثامن من مايو (أيار) المنصرم حملة تجنيد واسعة تحت مسمى «المخيمات الصيفية» وحولت أكثر من 600 مدرسة حكومة وأهلية إلى معسكرات توقعت الجماعة حينها أن تستقطب إليها نحو 50 ألف طفل وشاب من طلبة المدارس.
وقال مسؤول حي بالمدينة، طلب حجب معلوماته، إن الميليشيات أوكلت فور تدشينها المخيمات إلى 2500 شخص من معمميها وأتباعها المؤدلجين مهام تلقين الطلبة المتوقع تحشيدهم إليها الأفكار «الخمينية» عبر مناهج تحوي دروساً طائفية تحرض على العنف والقتل والكراهية وتغرس مفاهيم الولاء والطاعة لسلالة زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي.
وأوضح المسؤول المحلي أن مشرفي الجماعة كثفوا على مدى الأيام القليلة الماضية من نزولهم الميداني لأحياء مدينة ذمار لغرض تحشيد الطلاب، وكان آخرها النزول قبل أيام إلى حارات الجامع الكبير، والجيلاني، والرحمة، والحسين بن علي، والمصلابة، والميثاق، والوادي، والجامعة، والجرد، ودريب، وصيح، والتعاون، والربيدي، والسكنية السفلى والعليا، وأبو بكر الصديق، وقهار، وغيرها.
وأكد المسؤول الذي ضاق ذرعاً بتعسف وبطش الميليشيات أن البعض من أحياء وحارات مدينة ذمار سجلت مؤخراً وقوع حوادث اختطاف لشبان وأطفال يعتقد وقوف موالين للجماعة خلفها.
ومنذ إطلاق الانقلابيين لموسمهم الجديد من عمليات التجنيد للأطفال على مستوى مدينة ذمار وبقية مديرياتها وقراها ضمن ما تسميه «المعسكرات الصيفية»، كشف ناشطون حقوقيون بذمار عن اختفاء عدد من طلبة المدارس بصورة مفاجئة من شوارع وحارات المدينة ولا تعرف أسرهم أي تفاصيل عنهم.
وربط الناشطون بين حادثة الاختفاء تلك للأطفال والشبان في بعض أحياء المدينة وبين ما سبقها من تدشين حوثي لحملة تجنيد جديدة تحت مزاعم «المدارس الصيفية».
وسبق أن أقدم مشرفون حوثيون مطلع العام قبل الماضي على اختطاف ما يزيد على 35 طفلاً تراوحت أعمارهم بين العاشرة والخامسة عشرة من شوارع وأحياء المدينة.
ووفقاً لبعض الناشطين، فقد وجهت عديد من الأسر بمدينة ذمار اتهاماتها المباشرة للجماعة ومشرفيها وعقال الحارات الموالين لها بوقوفهم وراء اختطاف أبنائهم.
ويأتي تكثيف قادة الميليشيات جهودهم لاستدراج عشرات آلاف الأطفال إلى المئات من المعسكرات المقامة في المساجد والمدارس وغيرها من الأماكن الأخرى المخصصة للتعبئة الفكرية وغسل الأدمغة، في ظل ما تواجهه الجماعة بالوقت الحالي من رفض متسع لحملات تجنيد المقاتلين إلى صفوفها بعموم مديريات ومناطق محافظة ذمار.
واتهمت تقارير ومصادر محلية في أوقات سابقة الجماعة الحوثية باعتقال عشرات الأشخاص من مختلف الأعمار في أحياء متفرقة من المدينة وفق تهم ملفقة منها «التخابر مع الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها»، بينما الضحايا كانوا يعملون مع الجماعة في حشد المقاتلين وامتنعوا وقتها عن الحشد والتجنيد بعد أن واجهوا تهديدات من قبل أسر وذوي مجندين قتلوا وفقد بعضهم في جبهات الميليشيات».
وكانت مصادر مطلعة قد تحدثت مطلع العام الجاري، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن مقابر الميليشيات في المحافظة باتت تضيق بأعداد قتلى الجماعة الذين جندتهم من المحافظة نفسها، في حين لا تزال الميليشيات تشن حملات للبحث عن مجندين جدد للزج بهم إلى جبهات القتال.
وبحسب ما أفاد به مسؤول محلي موالٍ للحكومة الشرعية في ذمار حينها، فإن الميليشيات خسرت أكثر من 6 آلاف من عناصرها المنتمين إلى المحافظة التي تعد واحدة من أكثر المحافظات التي تراهن عليها الجماعة لرفد جبهاتها بالمقاتلين.
وقال نائب مدير مكتب الثقافة في ذمار، علي أبو هويدة، إن ما يزيد على 6 آلاف عنصر من المجندين بصفوف الانقلابيين من ذمار قتلوا في معارك مع قوات الجيش اليمني خلال 2021.
وذكر هويدة، عبر سلسلة تغريدات سابقة له على حسابه بموقع «تويتر» أنه تم تسجيل اختفاء 25 طفلاً في مدينة ذمار خلال العام نفسه، إلى جانب 20 مدنياً كانوا قد قتلوا بنيران مسلحي الجماعة بالمحافظة نفسها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».