الحياة تعود إلى شنغهاي بعد إغلاق صارم استمر شهرين

ازدحام في حديقة على ضفاف النهر بعد رفع تدابير الإغلاق بسبب «كورونا» بينما تبحر سفينة حاويات في شنغهاي أمس (رويترز)
ازدحام في حديقة على ضفاف النهر بعد رفع تدابير الإغلاق بسبب «كورونا» بينما تبحر سفينة حاويات في شنغهاي أمس (رويترز)
TT

الحياة تعود إلى شنغهاي بعد إغلاق صارم استمر شهرين

ازدحام في حديقة على ضفاف النهر بعد رفع تدابير الإغلاق بسبب «كورونا» بينما تبحر سفينة حاويات في شنغهاي أمس (رويترز)
ازدحام في حديقة على ضفاف النهر بعد رفع تدابير الإغلاق بسبب «كورونا» بينما تبحر سفينة حاويات في شنغهاي أمس (رويترز)

عادت مظاهر الحياة إلى مدينة شنغهاي الصينية، أمس، بعد عزلة مريرة دامت شهرين في ظل إجراءات إغلاق صارمة بسبب «كوفيد - 19»؛ إذ عاد سكان المدينة لقيادة السيارات مجدداً أو التكدس في القطارات والحافلات من أجل العودة إلى العمل ويحدوهم أمل في ألا يمروا بتجربة مماثلة مرة أخرى.
فقد عانى سكان أكبر مدينة في الصين، البالغ عددهم 25 مليوناً، شهرين من الإحباط والضغط النفسي والخسارة الاقتصادية، إذ عارضت بلادهم الإجماع العالمي بخصوص عدم إمكانية هزيمة «كوفيد» بشكل حاسم، وفرضت سياسة صارمة للقضاء على الجائحة.
وأثار أسلوب تعامل مدينة شنغهاي مع الإغلاق احتجاجات نادرة، حيث كان الناس يقرعون أحياناً الأواني خارج نوافذهم للتعبير عن استيائهم. كانت تلك مشاهد محرجة للحزب الشيوعي الحاكم في عام حساس؛ إذ من المتوقع أن يضمن الرئيس شي جينبينغ فترة ولاية ثالثة غير مسبوقة.
ونشرت حكومة شنغهاي ما سمته خطاب «شكر» للسكان، وكان أفراد الطاقم الطبي والشرطة والجيش والصحافيون وكوادر «القواعد الشعبية» من بين العديد ممن حصلوا على تنويه خاص لمساهماتهم. وجاء في الخطاب «في ظل القيادة القوية للجنة المركزية للحزب الشيوعي وفي قلبها الرفيق شي جينبينغ، وبعد أكثر من شهرين من القتال المستمر، حققت المعركة الشاقة للدفاع عن شنغهاي إنجازاً كبيراً».
وأفادت «رويترز» نقلاً عن البيان الحكومي، بأن «هذه لحظة انتظرها الجميع... نود أن نشكر جميع مواطني شنغهاي على وجه الخصوص على دعمهم وتفانيهم».
وتحدى عداؤون ومتزلجون ومحبون للمشي مع الكلاب حرارة الطقس المشبعة برطوبة فعجت بهم المتنزهات المطلة على النهر. وأخذ أصحاب المتاجر ينظفون نوافذها. وسار الموظفون لمكاتبهم، لكن ليس بالأعداد التي كانت قبل تفشي المرض؛ إذ فرضت عديد من الشركات عودة متقطعة إلى العمل.
ولم تعد الحياة إلى ما كانت عليه قبل «كوفيد» بشكل طبيعي. فلا يزال تناول الطعام داخل المطاعم محظوراً، ويمكن للمحال أن تعمل بسعة 75 في المائة فقط، وسيتم إعادة فتح الصالات الرياضية لاحقاً. كما أن هناك طوابير طويلة في أماكن الفحص؛ إذ يحتاج السكان إلى نتائج سلبية حديثة لفحوصهم من أجل استخدام وسائل النقل العام ودخول المباني المختلفة، واصطف كثيرون في مراكز التطعيم.
ومن يرَ الناس يلمس مدى قلقهم من احتمال عودة «كوفيد» ومعه القيود الصارمة على الحياة الاجتماعية. ويرتدي رجال الشرطة والموظفون في المكاتب العامة بدلات واقية كاملة. كما يضع العديد من الركاب قفازات ودروعاً واقية للوجه. ويضع الجميع الكمامات.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، رد بعض المستخدمين على الخطاب باحتفالات النصر، بينما طالب البعض الآخر برسالة اعتذار بدلاً من ذلك. وعلق أحد المستخدمين متسائلاً «ألا يجب أن يحاسب أولئك الذين يملكون نفوذاً كبيراً ويمكن أن يلحقوا الأذى بالآخرين بشكل تعسفي؟». وقال الطالب الجامعي هانج ميتشين «أشعر أنني استعدت حريتي».
لدى الشركات أيضاً مواقف متضاربة بخصوص توقعاتها بعد الإغلاق الذي أضر بقطاعي التصنيع والتصدير في شنغهاي، وعطل سلاسل التوريد في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفي أماكن أخرى، وأدى إلى تباطؤ التجارة الدولية.
فقد انكمش نشاط المصانع في الصين بشكل أقل حدة في مايو (أيار) مع استئناف بعض الإنتاج، لكنه لا يزال ثاني أكبر انخفاض شهري منذ فبراير (شباط) 2020، في المراحل الأولى من جائحة «كوفيد».
ويتوقع كثير من المحللين أن ينكمش الاقتصاد الصيني في الربع الثاني، وأن يكون الانتعاش عملية طاحنة تعتمد بشكل كبير على تطورات «كوفيد»؛ إذ من غير المرجح أن يستعيد المستهلكون والشركات الثقة على الفور. لكن زيادة الاستهلاك كانت ملحوظة على بعض المنتجات.
فقد أقبل السكان على المتاجر التي أُعيد فتحها لشراء فاكهة وخضراوات طازجة وغير ذلك من المنتجات التي كانوا يتوقون لها أثناء الإغلاق عندما لم يتمكنوا دائماً من طلب كل ما يريدونه، معتمدين بشكل كبير على الطلبات الجماعية للإمدادات الأساسية مع الجيران.
وقالت امرأة تُدعى وانغ وهي تدفع دراجة محملة بمواد البقالة «اشتريت بعض حبوب الصويا، ولم يكن من الممكن شراؤها من خلال عمليات الشراء الجماعية وبعض البروكلي وبعض الروبيان».
وأخرج أكبر مرفق للحجر الصحي في شنغهاي، وهو قسم يضم 50 ألف سرير في المركز الوطني للمعارض والمؤتمرات، أول من أمس، آخر حالتين من حالات الإصابة بفيروس «كوفيد» من بين 174308 حالات تم إيواؤها هناك. وأعلن المرفق أنه مغلق. لكن محنة الإغلاق في شنغهاي أضحت رمزاً لما يقول منتقدوه إنه عدم استدامة التزام الصين بسياسة صارمة لعدم تفشي فيروس كورونا.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».