ترمب يختبر قوته استعداداً لانتخابات الرئاسة عام 2024

يسعى لإطاحة ليز تشيني في وايومنغ ثأراً لهزائمه

ترمب يتحدث في كاسبر بولاية وايومنغ لدعم مرشحته التي تنافس النائبة الجمهورية ليز تشيني الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
ترمب يتحدث في كاسبر بولاية وايومنغ لدعم مرشحته التي تنافس النائبة الجمهورية ليز تشيني الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
TT

ترمب يختبر قوته استعداداً لانتخابات الرئاسة عام 2024

ترمب يتحدث في كاسبر بولاية وايومنغ لدعم مرشحته التي تنافس النائبة الجمهورية ليز تشيني الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
ترمب يتحدث في كاسبر بولاية وايومنغ لدعم مرشحته التي تنافس النائبة الجمهورية ليز تشيني الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

بعد الانتكاسات التي تعرض لها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، في إثبات سيطرته على الحزب الجمهوري، وخصوصاً فشله في إيصال مرشحيه في الانتخابات التمهيدية للحزب مقابل معارضيه الذين يحتلون مناصب قيادية في بعض الولايات، سعى ترمب إلى تغيير بعض تكتيكاته، على الرغم من إصراره على رفع الشعارات نفسها التي يدعي فيها سرقة الانتخابات منه. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من مؤيدي ترمب، ومعظمهم من الذين يشغلون مناصبهم، فازوا في انتخاباتهم التمهيدية حتى الآن، فقد خسر العديد من مرشحيه من غير أصحاب المناصب، وخصوصاً في جورجيا.
فقد تعرضت جهوده لضربة قوية الأسبوع الماضي في جورجيا، حيث أعاد الناخبون الجمهوريون في الانتخابات التمهيدية بأغلبية ساحقة، ترشيح الحاكم بريان كيمب ووزير شؤون الدولة براد رافنسبرغر، على المرشحين الذين دعمهم ترمب بقوة. كما خسر مرشحوه أيضاً في ولايات أيداهو ونبراسكا ونورث كارولينا، في حين يجري إعادة فرز الأصوات في ولاية بنسلفانيا، بين المرشح الذي دعمه ترمب ومنافسه الجمهوري، في إشارة إلى الصعوبات التي يواجهها.
- «ملك الدعم» في الحزب الجمهوري
ويحتاج الجمهوريون إلى قلب مقعد واحد فقط في مجلس الشيوخ المنقسم بالتساوي مع الديمقراطيين، للحصول على الأغلبية فيه. وألقى ترمب بدعمه لأكثر من عشرة مرشحين لمجلس الشيوخ حتى الآن، قائلاً إنه «ملك الدعم» في الحزب الجمهوري. وفي حين يستعرض نفوذه السياسي في الانتخابات التمهيدية، لدعم مرشحيه المفضلين في السباقات المتنازع عليها على مستوى الولاية والكونغرس، أشار إلى أنه يعتقد أن مفتاح ترشحه المحتمل لانتخابات الرئاسة عام 2024، هو إظهار أنه لا يزال بإمكانه السيطرة على الحزب الجمهوري وإعادة تشكيله. لكن استراتيجيته تبدو عشوائية في أحيان كثيرة، وقد تكون محفوفة بالأخطار، بسبب الانقسامات «غير الضرورية» التي يسببها، بحسب استراتيجيين جمهوريين.
وبسبب الانتكاسات التي واجهها، كان ترمب قلقاً بشكل خاص بشأن من يمكن أن يتحداه في الترشح عن الحزب الجمهوري عام 2024. ونُقل عن بعض مستشاريه وزواره، في منتجع مار إيه لاغو في جنوب فلوريدا، تساؤله عن منافسيه، بما في ذلك نائبه السابق مايك بنس وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس. ومن بين أسئلته، بحسب العديد من المستشارين، الذين تحدثوا إلى وسائل إعلام أميركية، شرط عدم الكشف عن هوياتهم، من الذي سيترشح بالفعل ضده؟ ما هي استطلاعات الرأي؟ مع من يلتقي خصومه المحتملون؟
كما أنه أعاد إحياء المحادثات حول الإعلان عن لجنة استكشافية رئاسية لمحاولة إثناء المنافسين المحتملين له في الحزب، على الرغم من النصائح التي يقدمها كبار مسؤولي الحزب ومستشاريه، لحضه على الانتظار انتهاء الانتخابات النصفية، للإعلان عن خوضه الانتخابات.
- الثأر في وايومنغ من جورجيا
من جهة أخرى، أحيا ترمب مهرجاناً انتخابياً كبيراً في ولاية وايومنغ، لدعم مرشحته التي تنافس النائبة الجمهورية ليز تشيني، ابنة نائب الرئيس السبق ديك تشيني، التي لم تتراجع عن نقدها ومعارضتها له. وفي حين تشير استطلاعات الرأي إلى أن حظوظ تشيني للاحتفاظ بمقعدها النيابي، صعبة، كان لافتاً الشعارات والهتافات وحتى الصور التي رفعها مؤيدو ترمب في المهرجان، الذي حشد عدداً يعد تاريخياً في المهرجانات الانتخابية في ولاية صغيرة كوايومنغ. وهتف الآلاف من مناصريه حين انتقد تشيني ومن أسماهم «الفاشلين في السياسة الخارجية، كلينتون وبوش وأوباما وبايدن». كما علت ضحكات الجمهور حين عرض صورة مركّبة لتشيني برأس جورج دبليو بوش. وتشكل الانتخابات التمهيدية في 16 أغسطس (آب) المقبل في وايومنغ، اختباراً كبيراً لجهود ترمب لإزاحة المسؤولين الجمهوريين الذين انتقدوه، وحاربوا محاولاته لإلغاء نتائج انتخابات 2020. وشكّل التجمع الانتخابي في وايومنغ مناسبة مهمة لترمب لإزالة أثر الهزيمة التي مُني بها الثلاثاء الماضي، في ظل المواقف المناهضة لتشيني من ناخبي الحزب الجمهوري، الذين عبّروا مسبقاً عن اعتراضهم عليها، بعدما صوتوا في وقت سابق على إزاحتها من مناصبها القيادية، سواء على صعيد الولاية أو على المستوى الفيدرالي.
ويعتقد على نطاق واسع أن ترمب يدير حملة مختلفة في وايومنغ عن جورجيا، في ظل الصعوبات التي تواجهها تشيني، مقابل هارييت هاغمان، المرشحة التي يدعمها ترمب اليوم، مع أنها عارضت ترشحه عام 2016 ووصفته بأنه «يكره الأجانب» وغير لائق لقيادة الحزب. ولم تتمكن تشيني من إدارة حملة موفقة في كيفية مخاطبة ترمب، على الرغم من جمعها أكثر من 10 ملايين دولار لحملتها. وفي حين يرى البعض أن تشيني قد تحظى بأصوات ناخبين ديمقراطيين عبر تغيير تسجيلهم لمساعدتها في الفوز، على الأقل في الانتخابات التمهيدية، أعربت حملة هاغمان عن ثقتها في أن تلك «الأصوات المتقاطعة» لن تكون كافية لإنقاذ تشيني. وعملت حملة تشيني على تقسيم الناخبين المؤيدين لترمب بين العديد من المنافسين الذين تواجههم، حيث استأجرت لوحة إعلانية بالقرب من مكان المهرجان الذي أقامه ترمب، حمل اقتباسات من هاغمان حين هاجمته عام 2016. وفي حين قال المتحدث باسم هاغمان، إن ذلك كان «مسرحية إعلامية» لن تمنحها الفوز بالأصوات، رفض منافسون آخرون الانسحاب من السباق في تحد لجهود ترمب. وبحسب استطلاع للرأي نشرته حملة هاغمان، يوم الجمعة، فإنها تتقدم على تشيني، التي يدعمها فقط ربع الناخبين الجمهوريين. وهو موقف أقوى من المرشحين الذين دعمهم ترمب في جورجيا وبعض الولايات الأخرى التي خسرها.


مقالات ذات صلة

ترمب يرشح الرئيس التنفيذي لـ«ليبرتي إنرجي» كريس رايت لمنصب وزير الطاقة

الولايات المتحدة​ كريس رايت الرئيس التنفيذي لشركة «ليبرتي إنرجي» (وسائل إعلام أميركية)

ترمب يرشح الرئيس التنفيذي لـ«ليبرتي إنرجي» كريس رايت لمنصب وزير الطاقة

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، يوم السبت، ترشيح كريس رايت، قطب التكسير الهيدروليكي والرئيس التنفيذي لشركة «ليبرتي إنرجي»، وزيراً للطاقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا جلسة للبرلمان الأوروبي في بروكسل (أ.ب)

تقرير: منظمة تطالب بالتحقيق في تكاليف حضور سياسيين أوروبيين عشاء ترأسه ترمب

قالت صحيفة «غارديان» البريطانية إن منظمة الشفافية الدولية غير حكومية دعت إلى إجراء تحقيق مع خمسة أعضاء في البرلمان الأوروبي ينتمون إلى اليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري الرئيس جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)

تحليل إخباري تداعيات استراتيجية لعودة ترمب «اللامتوقّع»

مع الفترة الثانية للحكم ستكون يد ترمب طليقة خصوصاً وقد سيطر حزبه الجمهوري على الكونغرس كله.

المحلل العسكري
الولايات المتحدة​ بيت هيغسيث خلال مقابلة سابقة مع ترمب في 2017 (رويترز)

فريق ترمب يراجع ترشيح بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع

استُبعد هيغسيث من حفل تنصيب بايدن في عام 2021، بسبب وشم لشعار يرفعه متطرفون بيض.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يصل إلى حفل «أميركا أولاً» في مارالاغو في 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

اختيارات ترمب السريعة لأعضاء حكومته تفاجئ مستشاريه

بشجاعة وثقة بغرائزه وازدراء كبير لخبرة واشنطن، يعيّن ترمب الموظفين في أهم الأدوار في حكومته بسرعة خاطفة.

جوناثان سوان (واشنطن) ماغي هابرمان (واشنطن)

إلى أين ستقود سياسة ترمب «أميركا أولاً»؟

مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
TT

إلى أين ستقود سياسة ترمب «أميركا أولاً»؟

مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)

رغم أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لا يخفي اعتزامه تبني نهج متشدد مع الصين بدءاً من التلويح بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60 في المائة على المنتجات الصينية، وحتى اختيار شخصيات مناوئة للصين في حكومته؛ يمكن أن تمثل إدارة ترمب فرصة كبيرة أمام الصين لتعزيز نفوذها دولياً والاقتراب من قيادة العالم.

الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ خلال لقائهما بكاليفورنيا في نوفمبر 2023 (رويترز)

فاستراتيجية «أميركا أولاً» التي يتبناها ترمب في السياسة الخارجية يمكن أن تؤدي إلى انسحاب الولايات المتحدة كلياً أو جزئياً من العديد من المنظمات الدولية والمبادرات العالمية التي شكلت أحجار زاوية في هيمنتها العالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. هذا الانسحاب سيولّد فراغاً لن تتردد الصين في السعي لملئه. وستسعى بكين وراء الحصول على مساحة حركة أوسع لضمان دور قيادي في العالم وصياغة نظام دولي متعدد الأطراف يخدم مصالحها.

فريق صيني للاستعراضات الجوية يحلّق في السماء ضمن معرض الصين الدولي الـ15 للطيران والفضاء (أ.ب)

وفي تحليل نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية «تشاتام هاوس» البريطاني، قال ويليام ماتيوس الباحث الزميل البارز في برنامج آسيا والمحيط الهادئ في المعهد، إن رؤية الرئيس الصيني شي جينبينغ هي ضرورة وجود نظام دولي وليس فوضى. لكن هذا النظام لا يلتزم بالمعايير وأنظمة التحالف القائمة على القيم العالمية لصالح شراكات غير ملزمة تقوم على المصالح المشتركة، وهو ما يعني من الناحية العملية حصول الصين على نفوذ كبير في العالم بفضل حجم اقتصادها الكبير، وريادتها التكنولوجية، وقوتها العسكرية المتنامية.

وتسعى الصين لتحقيق هذه الرؤية من خلال إعادة تشكيل الأمم المتحدة وإطلاق مبادراتها الدولية، وتحديد الشروط والأحكام المنظمة للتكنولوجيات الجديدة وسلاسل الإمداد. وفي هذا السياق، أطلقت الصين منذ 2021 ثلاث مبادرات عالمية مرتبطة بنفوذها في الأمم المتحدة، وهي مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية.

وتشير الصين إلى ميثاق الأمم المتحدة باعتباره «جوهر» النظام الدولي في ورقتها الخاصة بمبادرة الأمن العالمي، وربطت مبادرة الحضارة العالمية بتشجيع الحوار بين الحضارات الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) التي قرر الرئيس ترمب في ولايته الأولى انسحاب بلاده منها.

طائرة مقاتلة صينية من طراز «J-15» تظهر في معرض الصين الدولي الـ15 للطيران والفضاء (أ.ب)

كما أصبحت الأمم المتحدة أداة أساسية تحاول من خلالها الصين بناء دورها كوسيط عالمي، بما في ذلك الترويج لخطة سلام في أوكرانيا بالتعاون مع البرازيل.

ويرى ويليام ماتيوس خبير العلاقات الخارجية الصينية والمتخصص في دراسة الآثار الجيوسياسية للصين كقوة صاعدة، كما جاء في تحقيق الوكالة الألمانية، أن مبادرة التنمية العالمية تمثل تطويراً لنهج التنمية الدولية الذي تتبناه الصين من خلال مبادرة الحزام والطريق، والتي أكدت دور الصين كشريك تنموي أساسي بالنسبة للعديد من الدول في عالم الجنوب، مضيفاً أن المبادرتين الأخريين للأمن العالمي والحضارة العالمية تستحقان المتابعة.

وتمثل مبادرة الأمن العالمي إطار عمل للتعاون الأمني الدولي في مواجهة التحالفات العسكرية الأميركية. وفي حين ما زالت الصين متأخرة للغاية عن الولايات المتحدة من حيث القوة العسكرية، فإن مبادرة الأمن العالمي مصممة لكي تناسب نقاط قوة الصين مع التركيز على التعاون في مجالات تشمل الأمن الداخلي وأمن البيانات.

سيارات صينية مُعدة للتصدير في ميناء يانتاي شرق البلاد (أ.ف.ب)

ومن شأن خفض الالتزامات الأميركية أن يساعد بكين في استخدام مبادرة الأمن العالمي لنشر معايير الأمن الصينية مع حماية مصالحها الاقتصادية أيضاً.

وبالفعل أثبتت الصين أنها شريك أمني جذاب بالنسبة لشركاء عسكريين للولايات المتحدة. فباكستان المصنفة حليفاً رئيسياً من خارج «الناتو» للولايات المتحدة، تكثف تعاونها الأمني مع الصين لحماية المواطنين الصينيين الذين يعملون في مشروعات مبادرة الحزام والطريق. كما أن هناك تقارير عن اعتزام مصر المصنفة أيضاً حليفاً رئيسياً من خارج «الناتو» للولايات المتحدة، الاستعانة بالمقاتلات الصينية من طراز «جيه-20» بدلاً من المقاتلات الأميركية من طراز «إف-16». في الوقت نفسه، تستهدف مبادرة الحضارة العالمية تقديم بديل لمنظومة قيم حقوق الإنسان المستندة إلى القيم الغربية. وتشجع المبادرة الصينية إقامة نظام يستند إلى تعدد الحضارات، وأن لكل منها قيمها وأنظمتها السياسية الخاصة التي يجب احترام سيادتها وسلطتها.

طائرة «سوخوي سو-57» روسية تهبط خلال معرض الصين الجوي (إ.ب.أ)

لذلك، فإن وجود إدارة أميركية تميل إلى الانفصال عن قضايا العالم قد تسمح بسهولة لخطاب القيم «الحضارية» الذي تتبناه بكين بأن يصبح الإطار المفضل للدبلوماسية الدولية، خاصة مع تزايد النفوذ الصيني في الأمم المتحدة.

ورغم أهمية هذه المبادرات، سيظل المصدر الأقوى للنفوذ الصيني هو التجارة والتكنولوجيا، خاصة في المجالات التي أصبح لها فيها دور رئيسي. فالمنهج المنتظم للصين في تطوير التكنولوجيا الخضراء بدءاً من إنتاج الطاقة إلى السيارات الكهربائية، منحها السيطرة على سلاسل إمداد هذا القطاع في العالم.

مشاة على شاطئ ميناء «فيكتوريا هاربور» في هونغ كونغ في حين تنذر السحب بهبوب عاصفة (د.ب.أ)

ومع قدراتها التقنية المتقدمة، ومكانتها كشريك تنموي وتكنولوجي أساسي بالنسبة لعالم الجنوب، سوف تصبح باقي دول العالم معتمدة بصورة متزايدة على الصين في سلاسل إمداد التكنولوجيا الخضراء. ونتيجة لانتشار التكنولوجيا الصينية في العالم، من المحتمل أن تصبح المعايير الصينية الحاكمة لاستخدام هذه التكنولوجيا هي المعايير السائدة.

في المقابل، فإن عدم رغبة إدارة ترمب في الانخراط في التعاون الدولي في مجال المناخ سيجعل الصين أكبر لاعب فيه بما لديها من تكنولوجيات ومنتجات يحتاجها باقي العالم للتحول الأخضر.

ولا يجب التقليل من أهمية النفوذ الدولي الذي ستحققه الصين من خلال هذا الملف. فقد شهد منتدى التعاون الصيني - الأفريقي الأخير مجموعة من التعهدات بزيادة التعاون في مجال التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة. كما شهد المنتدى تعهدات بتعميق التعاون في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

وفي غياب الولايات المتحدة يمكن أن تحدد الصين المعايير الدولية لاستخدام الذكاء الاصطناعي. لذلك، فحرص الصين على أن تصبح لاعباً رائداً في حوكمة الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم يمثل تحدياً خطيراً للولايات المتحدة التي ربما ترغب إدارتها الجديدة في الانكفاء على الداخل تحت شعار: «أميركا أولاً».

أخيراً، فإن توازن النفوذ الدولي للولايات المتحدة والصين لا يعتمد على العلاقات الثنائية بينهما، وإنما على علاقات كل منهما مع باقي دول العالم.

وتزايد نفوذ الصين داخل الأمم المتحدة مع مبادراتها الدولية وريادتها التكنولوجية، سيجعلها في موقف جيد للاستفادة من الغياب الأميركي المحتمل عن المسرح العالمي تحت حكم ترمب، ويجعلها أكثر قدرة على صياغة القواعد العالمية الجديدة، من اللجوء لأي سبيل أخرى.

خط إنتاج للسيارات الكهربائية في مصنع شركة «ليب موتور» بمدينة جينهوا الصينية (أ.ف.ب)

في المقابل، لن يكون أمام حلفاء الولايات المتحدة خيارات كثيرة لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد، ما دام البيت الأبيض لا يهتم كثيراً بالقضايا الدولية ولا بقيادة أميركا للنظام العالمي. وإذا كانت أي حرب تجارية بين بكين وواشنطن يمكن أن تدمر أجندة ترمب الداخلية، فإن استراتيجية «أميركا أولاً» هي أفضل خدمة للصين الساعية إلى إيجاد نظام عالمي متعدد الأقطاب ولا يستند إلى القواعد التي أرستها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بعد الحرب العالمية الثانية. لذلك، فإن أفضل استراتيجية لحلفاء الولايات المتحدة هي التكيّف مع حقائق عالم يتزايد فيه النفوذ الصيني على المدى الطويل.