وزيرة الخارجية الفرنسية في كييف لإصلاح العلاقات بين البلدين

كاترين كولونا: مساعداتنا الإنسانية والعسكرية وصلت إلى ملياري يورو

وزيرة الخارجية الفرنسية مع نظيرها الأوكراني في مؤتمر صحافي بكييف أمس (إ.ب.أ)
وزيرة الخارجية الفرنسية مع نظيرها الأوكراني في مؤتمر صحافي بكييف أمس (إ.ب.أ)
TT

وزيرة الخارجية الفرنسية في كييف لإصلاح العلاقات بين البلدين

وزيرة الخارجية الفرنسية مع نظيرها الأوكراني في مؤتمر صحافي بكييف أمس (إ.ب.أ)
وزيرة الخارجية الفرنسية مع نظيرها الأوكراني في مؤتمر صحافي بكييف أمس (إ.ب.أ)

ليس سراً أن العلاقات الفرنسية ــ الأوكرانية متوترة بعض الشيء وأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليس مغتبطاً بآخر اقتراح قدمه نظيره إيمانويل ماكرون لإطلاق ما سماه الأخير «المجموعة السياسية الأوروبية» في خطابه أمام البرلمان الأوروبي يوم 9 مايو (أيار). وأكثر من مرة، أبدت كييف رغبتها بزيارة يقوم بها ماكرون لإظهار تضامنه مع أوكرانيا على غرار ما قام به العديد من القادة الأوروبيين أو الأمين العام للأمم المتحدة، إلا أن قصر الإليزيه رد على ذلك بتأكيد أن ماكرون مستعد للقيام بخطوة كهذه إذا كانت مفيدة». كذلك يتعين التذكير بأن ماكرون رفض السير وراء الرئيس الأميركي جو بايدن حين وصف ما قامت أو تقوم به القوات الروسية في أوكرانيا بأنه «إبادة جماعية» منبهاً إلى أن إطلاق هذا التوصيف مرتبط بتوافر مجموعة من العناصر «القانونية» غير الواضحة في الحالة الأوكرانية. ثم إن ماكرون، في كلمته أمام البرلمان الأوروبي ولاحقاً في المؤتمر الصحافي الذي تلاه في ستراسبورغ، نبه على أنه لا يتعين «إذلال» روسيا أو الرئيس بوتين فيما المصادر الفرنسية الرئاسية شددت أكثر من مرة على أنه يعود للأوكرانيين ولهم وحدهم تقرير ما يريدونه وتعيين أهداف الحرب وشروط التفاوض ما فهم على أنه انتقاد ضمني للمزايدات الأميركية التي تريد من الحرب في أوكرانيا، بحسب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن «إضعاف روسيا حتى لا تكون قادرة على معاودة القيام بما فعلته مع أوكرانيا»... وأخيراً، لم يقم أي وزير فرنسي من الصف الأول بزيارة كييف منذ انطلاق الحملة العسكرية الروسية في 24 فبراير (شباط) الماضي. وبعكس العديد من نظرائه الأوروبيين، امتنع وزير الخارجية السابق جان إيف لو دريان عن الذهاب إلى العاصمة الأوكرانية.
بيد أن ما لم يفعله لو دريان قامت به كاترين كولونا، الوزيرة الجديدة التي وصلت صباح الأمس إلى كييف بالقطار من مطار بولندي قريب من الحدود المشتركية مع أوكرانيا في بادرة يراد منها إعادة الدفء إلى علاقات البلدين. وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية، فإن الهدف «التعبير عن تضامن فرنسا مع الشعب الأوكراني وعزمها على تعزيز دعمها لأوكرانيا في مواجهة الاعتداء الروسي» وذلك في مختلف المجالات الإنسانية والمالية والعسكرية. وعملياً، سلمت كولونا الطرف الأوكراني معدات للدفاع المدني وسيارات إطفاء وسيارات إسعاف فيما قدمت فرنسا منظومات مدفعية متقدمة من طراز «سيزار» التي وصلت سابق إلى كييف في إطار مساهمتها في الجهد العسكري الأوروبي لدعم القوات المسلحة الأوكرانية. ولدى زيارتها لضاحية «بوتشا» القريبة من كييف، قالت كولونا إن بلادها «تقف إلى جانب الأوكرانيين وستبذل مع أصدقائها وشركائها قصارى جهدها لإعادة السلام».
شكل لقاء كولونا نظيرها الأوكراني ديميترو كوليبا والرئيس زيلينسكي المحطتين الرئيسيتين لزيارتها الأولى من نوعها. وبعد لقائها الأول، وفي المؤتمر الصحافي المشترك مع كوليبا، عمدت الوزيرة الفرنسية إلى الدفاع عن سياسة بلادها بشكل عام وعن استمرار الرئيس ماكرون في التواصل مع نظيره الروسي الأمر الذي يلقى انتقاداً من كييف ولكن أيضاً من العديد من العواصم الأوروبية مثل وارسو وعواصم بلدان البلطيق التي تريد كلها زيادة عزلة بوتين وفرض أقسى العقوبات الاقتصادية والمالية عليه. ووفق كولونا، فإن اتصالات ماكرون مع بوتين «كانت دوماً مباشرة وصريحة». وأكثر من مرة، أشار قصر الإليزيه إلى أنها تمت بطلب من زيلينسكي. كذلك، شرحت كولونا معنى المقترح الفرنسي حول إنشاء «المجموعة السياسية الأوروبية» مشيرة إلى أن باريس «تحبذ تقارب أوكرانيا (من الاتحاد الأوروبي) وتدعو إلى تسريع ذلك لأنه طلب مشروع» وإطلاق عمليات التعاون والتضامن بين الطرفين. وحتى تاريخه، لا يبدو أن كييف مقتنعة بالمقترح الفرنسي الذي لقي دعم ألمانيا. وترى باريس وبرلين أن انضمام أوكرانيا «سيستغرق سنوات أو حتى عقوداً».
وفي المجال العسكري، أكدت كولونا أن المساعدة التي تقدمها باريس «متواصلة وسوف تتعزز» مشيرة إلى أن ماكرون أبلغ ذلك لزيلينسكي. ويعود آخر اتصال بين المسؤولين إلى 17 مايو، بيد أن كولونا أعادت تأكيد أن بلادها مثل حلفائها «ليست في حالة حرب مع روسيا لكن التزامنا بتوفير المعدات الدفاعية راسخ» مضيفة أن الهدف الموعود يقوم على تعظيم كلفة استمرار الاعتداء الروسي. وكشفت كولونا عن أن شحنات أسلحة إضافية «ستصل إلى أوكرانيا في الأسابيع القادمة» بحيث إن قيمة ما وفرته فرنسا من مساعدات عسكرية وإنسانية يصل إلى ملياري يورو. وتراهن كييف على الأسلحة الغربية لقلب مسار الحرب الروسية. ورد كوليبا على كلام كولونا منوهاً بفاعلية منظومة المدفعية الفرنسية، إلا أنه أردف أنها ليست السلاح الوحيد الذي يصل من فرنسا.
وتزامنت زيارة كولونا إلى كييف مع إعلان مقتل فريديريك لوكليرك - إيمهوف الصحافي الفرنسي في قناة BFMTV في شرق أوكرانيا أثناء تغطيته لعملية إجلاء أوكرانية قرب سيفيرودونيتسك. وقالت كولونا في بيان إن مقتله «صادم للغاية» مطالبة بـ«تحقيق شفاف في أسرع وقت لإلقاء الضوء على ملابسات هذه المأساة».


مقالات ذات صلة

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

أوروبا رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز) play-circle 00:36

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 13 شخصاً اليوم (الأربعاء) في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس فولوديمير زيلينسكي (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وزيلينسكي يبحثان جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية- رويترز)

ترمب عن الـ«ناتو»: يدفعون أقل مما ينبغي لكي تحميهم الولايات المتحدة

حضّ ترمب أعضاء حلف «الناتو» على زيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5 % من إجمالي ناتجهم المحلي، مقابل «حماية الولايات المتحدة».

«الشرق الأوسط» (مارالاغو (الولايات المتحدة))
أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.