بطبقة من الغرافين... آفاق جديدة لبطاريات الكبريت المستقبلية

باحثو «كاوست» يدرسون سبل تطويرها

الباحثة إيمان الحجي
الباحثة إيمان الحجي
TT

بطبقة من الغرافين... آفاق جديدة لبطاريات الكبريت المستقبلية

الباحثة إيمان الحجي
الباحثة إيمان الحجي

في ستينات القرن الماضي، اقترح العلماء استخدام عنصر الكبريت في البطاريات كقطب كهربي لأول مرة؛ لكونه زهيد الكلفة، وذا وفرة عالية في الطبيعة وغير ضار بالبيئة.
النظام المقصود هو بطارية الليثيوم - كبريت (Li - S)، التي عادت إلى دائرة الاهتمام مجدداً في الآونة الأخيرة بسبب سعي العلماء في شتى بقاع الأرض لتطوير أنظمة تخزين تتميز بالكفاءة والسعة العالية، كاستجابة طبيعية للاعتماد المتزايد على الكهرباء في أنظمة النقل، واستخدامات المجتمعات البشرية كافة، إضافة إلى أن تقنية بطاريات «ليثيوم - أيون» المستخدمة حالياً في معظم الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية، قد وصلت إلى سعتها القصوى تقريباً.
في هذا الإطار، قدم باحثو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)؛ إسهاماً مهماً، يتمثل في تعديل بطاريات الليثيوم - كبريت (Li - S) للقضاء على معضلة لطالما وقفت حائط سد يمنع تطور البطاريات تتمثل في تنقل مواد تستطيع نقل الكهرباء بسبب احتوائها على أيونات تتنقل بين طرفي البطارية. تُعرف هذه المشكلة باسم «التنقل المستمر لبولي السلفيد» Polysulfide Shuttling أو «التنقل المستمر لمتعددات الكبريتيد»، وذلك عن طريق تطوير طبقة من الغرافين تُوضَع بين القطب الموجب (الأنود) والقطب السالب (الكاثود)؛ مما يعمل على إخماد التنقل المستمر، وبالتالي تقديم بطاريات عالية الكفاءة.
تقول إيمان الحجي، طالبة في مرحلة الدكتوراه في «كاوست»، والمؤلفة الأولى لورقة البحث «إن العائق أمام استخدام الطاقة المتجددة، خاصة في النقل، يتمثل في الحاجة إلى بطاريات عالية الكثافة».
وتتمتع بطاريات «الليثيوم - كبريت» بالعديد من المزايا المحتملة مقارنة بأنواع البطاريات التي يكثر استخدامها في الوقت الراهن، فتتميز بامتلاكها سعة أعلى في تخزين الطاقة. والكبريت عنصر غير سام، ويتميز بسهولة الحصول عليه في الطبيعة. وجدير بالذكر، أن الكبريت هو إحدى نفايات صناعة البتروكيماويات؛ لذلك يمكن الحصول عليه بتكلفة زهيدة نسبياً، كما أنه يعزز من استدامة صناعات أخرى.
تكمن مشكلة «التنقل المستمر لبولي السلفيد» في حركة الكبريت التي تحتوي على مواد وسيطة بين الكاثود والأنود أثناء العمليات الكيميائية للبطارية. هذه العملية تقلل من سعة الشحن للبطارية، وبالتالي مقدار الطاقة التي يمكن أن توفرها؛ مما يؤدي في النهاية إلى تدهور أداء البطارية.
لكن الطريق لم تكن موصدة بالكامل أمام باحثي «كاوست» ؛ فقد تمكنوا من حل هذه المعضلة من خلال طبقة من الغرافين.أمَّا عن الكيفية، فتتمثل في التالي: قام الفريق بتعريض بوليمر المتعدد الأميد (مصطلح يطلق على أي مبلمر ترتبط فيها الوحدات المكررة في السلسلة الجزيئية مع بعضها بعضاً بمجموعات أميد)، لطاقة الليزر؛ مما أدى إلى خلق مادة مسامية منظمة بشكل مناسب. وتكمن الميزة الرئيسية لهذه العملية في تكون مادة مسامية هرمية ثلاثية الأبعاد؛ مما يعني احتواءها على مصفوفة من المسام بأحجام مختلفة. ومن ثَمّ تضاف جزيئات الكربون التي في حجم النانو لتلتقطها المسام وتبدأ في تشكيل المنتج النهائي.
وقد وجدت الحجي وزملاؤها، أن وضع طبقة رقيقة من الغرافين بين الكاثود والأنود لبطارية «الليثيوم - كبريت» يخمد «التنقل المستمر لبولي السلفيد» بشكل ملحوظ.
وبشيء من التوضيح، تقول الحجي «كان التحدي الرئيسي يتمثل في صنع هذه الطبقة البينية المنفردة بطريقة معينة بحيث لا يتعدى سمكها بضعة ميكرونات». وتضيف «لقد كان من الممتع دحرجتها وكأنها عجينة صلصال، ولكن بعد ذلك كان عليّ التعامل معها بلطف شديد، خاصة في مرحلة تجميع البطارية».
وحتى وقتنا الحالي، عانت معظم الخيارات المقترحة لحل هذه المشكلة من قيود تجعل منها بطاريات لا تصلح للتطبيق التجاري على نطاق واسع. ولكن في المقابل، يتم إنتاج الغرافين المكشوط بالليزر بطريقة تستقر في أذهان الباحثين على أنها «دقيقة وقابلة للتطوير».
هذه الفكرة الفريدة لحل مشكلة «التنقل المستمر لبولي السلفيد» أهّلت إيمان الحجي للفوز بحصد جائزة من جمعية أبحاث المواد في عام 2021.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً