رغم التطور التي تشهده جميع نواحي الحياة في السعودية فإن الحرفيين السعوديين من جميع مناطق المملكة لا يزالون متمسكين بالحرف والصناعات اليدوية التي ظلت شاهداً على أسلوب حياة كان رائجاً في شبه الجزيرة العربية قديماً، وبرغم اندثار بعض هذه الحرف التقليدية فإن ارتباطها العريق بتاريخ وأصالة هذه المناطق مكنها من الصمود رغم مرور عشرات الأعوام، فاعتزاز الحرفيين بهذه الحرف ساهم بشكل كبير في وجودها حتى وقتنا الحالي.
وتعرف الحرف التقليدية على أنها مهارات فنية يدوية تشكل مهنة ومصدر رزق أساسياً لأشخاص عرفوا بها، ويمتازون بمهارة عالية وأسلوب تقليدي في صنعها، مستعينين بمواد مصنوعة محلياً أو بعض ما يحل عنها لإنتاج مصنوعات لم يتغير وصفها الأساسي أو وظيفتها منذ القدم.
وتتركز أبرز الحرف التقليدية في السعودية في المصنوعات الخزفية، والمنتجات الخشبية والنجارة، والحدادة، والسمكرة، والحياكة، والنسيج، وصناعة الأدوات المنزلية من مشتقات المواد الزراعية، إضافة إلى الدباغة والخرازة والمصنوعات الجلدية، وصناعة القوارب ومستلزمات صيد الأسماك، وحرفة البناء وصياغة الذهب، وصناعة العطور.
وتحرص السعودية على المحافظة على هذا الإرث عبر الاهتمام بالحرفيين والمساهمة في تطويرهم وتحقيق متطلباتهم، لذلك نظمت هيئة التراث أمس (الأحد)، لقاءً افتراضياً مفتوحاً يجمع الرئيس التنفيذي للهيئة الدكتور جاسر الحربش بالجمعيات والمهتمين بالحرف اليدوية؛ للحديث عن استراتيجية وتوجه قطاع الحرف والصناعات اليدوية في الهيئة، وتطوير العاملين فيه.
وقال الدكتور الحربش أن عمل الهيئة مبني من المجتمع ولا بد من إشراك المجتمع بها، كما أن قطاع الحرف يحظى بدعم كبير من الدولة عبر الكثير من المبادرات والخدمات التي تساعد الحرفيين في مهنهم، كما تركز الهيئة على ربط المنتجات بالسوق ومساعدة الحرفيين على تنظيم أعمالهم وتسويق منتجاتهم.
وشدد الحربش على أهمية استغلال الفرص الكبيرة التي تقدم لهم، بالإضافة إلى المساهمة في دعم مشاركة الحرفيين والحرفيات في المشاريع الكبرى من خلال شركة الحرف السعودية، مؤكداً أن أبواب الهيئة مفتوحة للجميع للمساعدة في المجالات كافة.
وتناولُ اللقاءُ عدة محاور من بينها التعريف بقطاع الحرف اليدوية في هيئة التراث ومهامه وجهوده وأنشطته وعرض المشاريع والفرص التي يُنفِّذُها القطاعُ الحرفي والصناعات اليدوية في الهيئة في مختلف مناطق المملكة، والخدمات التي تقدمها للحرفيين من إسهامات ومبادرات لبيوت الحرفيين.
بالإضافة إلى ما تقدمه من دورات وبرامج تدريبية للحرفيين والحرفيات، واستعراض المعايير الفنية المعتمدة للمنتجات الحرفية التراثية اليدوية والمصنعة، بالإضافة إلى مشاركة عدد من خبراء ومتخصصي قطاع الحرف والصناعات اليدوية بهيئة التراث.
وقدمت الدكتورة داليا اليحيى المديرة العامة لقطاع الحرف في الهيئة، عرضاً لأهم المبادرات التي يقدمها القطاع للحرفيين والمشاريع ومن أهم الفرص المقدمة، «بيوت الحرفيين»، والتي تهدف إلى تأسيس مفهوم مبتكر للحفاظ على الحرف اليدوية والاهتمام بها، وتطويرها كمصدر دخل وعنصر جذب للعاملين بها من خلال ورش العمل، وإيجاد المنافذ التسويقية، مما سيُسهم في بث الحيوية في مجال الحرف ورفع مستوى جاذبيتها للمجتمع. كما استعرضت أهداف قطاع الحرف والصناعات اليدوية بالإضافة إلى نطاق عمل القطاع.
كما تحدثت داليا اليحيى عن مشروع موسوعة الحرف للتوثيق الحرفي والعلامات التجارية للحرف اليدوية وهي «صناعة سعودية» «و بيوت الحرفيين»، بالإضافة إلى المشاريع والفرص المقدمة للحرفيين منها زيادة عدد المنافذ التسويقية والترويج لأعمال الحرفيين وزيادة العمل على الهدايا وتعزيز المشاركات المحلية والدولية، وشددت على أهمية الالتزام بالمعايير التي وضعتها الهيئة ومن بينها أصالة الحرف، وربطها بالهوية التراثية، إضافة للحرص على جودة التصميم والتركيز على التغليف الجيد.
من جانبها، تناولت الخبيرة في الحرف الدكتورة دليل القحطاني التوثيق ودوره في المحافظة على الحرف، ومؤكدة أن المقصود به هو التوثيق العلمي والتركيز على الدراسات والأبحاث التي تهدف إلى جمع المعلومات الدقيقة حول الحرف، حيث انعكست أهمية التوثيق عندما تم توثيق السدو وتقديمة لليونيسكو لتسجيله في قائمة التراث العالمي، كما يهدف التوثيق إلى المحافظة على الحرف عبر الاستمرارية وتوثيق الأدوات والطرق المستخدمة بها، ورصد شمولية المجتمعات، حيث إن الحرف في السعودية كثيرة ومتنوعة، فلا بد من توثيقها وحفظها من الضياع.
أما الحرفية فاطمة حسنين فتحدثت عن قصة نجاحها في حرفة الفخار، مشيرة إلى أن بداياتها كانت متواضعة ولكنها استطاعت لاحقاً في تقديم الدورات التدريبية بهدف نقل خبرتها إلى غيرها ليستمر وجود الحرفة وعدم اندثارها، كما تهدف في أعمالها إلى إبراز الهوية السعودية على القطع الخزفية، نظراً للتنوع الثقافي المبهر في التراث السعودي، وختمت بأن القطع الفنية التي تعمل عليها هي بمثابه أبنائها، نظراً لأهميتها بالنسبة لها.
من الجدير بالذكر أن هذا اللقاء يأتي في إطار اللقاءات المفتوحة التي تنظمها الهيئة بشكلٍ دوري مع المهتمين بالتراث بمختلف مجالاته وأشكاله، وذلك ضمن جهودها في تنويع قنوات الاتصال معهم، والإصغاء إلى أفكارهم ومقترحاتهم التطويرية؛ للمحافظة على التراث الوطني وتنميته بكل قوالبه المادية وغير المادية.
ربط «الحرف» السعودية بالسوق يمنع اندثارها
لقاء يجمع مسؤولي «هيئة التراث» بالحرفيين اليدويين
ربط «الحرف» السعودية بالسوق يمنع اندثارها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة