هل ستصمد «أوبك» لأكثر من 8 أشهر هذه المرة؟

تحاول المنظمة الحافظ على حصتها السوقية أمام العديد من المنتجين

هل ستصمد «أوبك» لأكثر من 8 أشهر هذه المرة؟
TT

هل ستصمد «أوبك» لأكثر من 8 أشهر هذه المرة؟

هل ستصمد «أوبك» لأكثر من 8 أشهر هذه المرة؟

مرت ستة أشهر حتى الآن منذ أن أعلنت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أنها ستدافع عن حصتها السوقية أمام الدول من خارجها. إلا أن المنظمة في آخر مرة حاولت فيها أن تحافظ على حصتها السوقية لم تستطع فعل ذلك لأكثر من 8 أشهر، فهل ستصمد أوبك لأكثر من 8 أشهر؟
كان ذلك في عام 1986، وتحديدًا بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب) في ذلك العام، عندما أطلقت السعودية حملتها للدفاع عن حصتها السوقية وتبعها في ذلك باقي دول أوبك بعد أن هبط الإنتاج السعودي وباقي إنتاج أوبك بصورة كبيرة في السنوات بين 1980 و1985.
ففي خلال تلك السنوات فقدت أوبك جزءا كبيرا من حصتها السوقية لصالح الدول من خارج أوبك، مثل المكسيك والنرويج وغيرهما، ومن مناطق مثل بحر الشمال؛ إذ تمكنت الدول خارج أوبك من رفع إنتاجها بنحو 6 ملايين برميل خلال الأعوام الخمسة الأولى من الثمانينات، والسبب في ذلك هو أن أوبك رفعت أسعار النفط بصورة كبيرة بلغت ثلاثة أضعاف إلى 34 دولارا لبرميل خام العربي الخفيف الذي تنتجه السعودية.
وساعدت هذه الأسعار كل المنتجين خارج أوبك أن يزيدوا إنتاجهم، وبينما كانت الأوبك منشغلة بالقتال حول الأسعار وحصص الإنتاج بينها، كانت الدول خارج أوبك مستفيدة من الوضع وانشغلت في زيادة إنتاجها. وأثرت هذه الأسعار العالية على الطلب على النفط من دول أوبك، وعلى النفط بصورة عامة خلال تلك السنوات، ولجأت بعض الدول إلى ترشيد استهلاكها.
ونتيجة لهذه الظروف، تدهور الإنتاج السعودي بصورة كبيرة من نحو 10 ملايين برميل يوميًا في عام 1980 إلى أقل من 3 ملايين برميل يوميًا في صيف عام 1985. وأمام هذه الظروف بدأت السعودية مع مطلع عام 1986 في تسعير نفطها على أساس جديد بنظام يعرف باسم النت باك (netback)، وهو نظام يسعر النفط على أساس قيمة المنتجات التي تنتجها المصافي التي تشتريه. وبفضل هذه المعادلة السعرية السحرية زاد الطلب على النفط السعودي من قبل شركات التكرير، وتمكنت المملكة من زيادة إنتاجها، وبالتالي حصتها، مما يزيد على مليوني برميل إلى 5 ملايين برميل يوميًا.
وبدأت دول أوبك في خوض ما عرف لاحقًا باسم «حرب الأسعار» وبدأ الجميع في بيع النفط بتخفيضات حتى يظل في منافسة مع السعودية ونتيجة لهذه الحرب التي دامت ثمانية أشهر تمكنت أوبك من استعادة حصتها، ولكن الثمن لهذه الحرب كان انخفاض أسعار النفط إلى ما بين 6 و9 دولارات للبرميل.
وكانت دول أوبك في عام 1986 اقتربت من الفوز في الصراع مع الدول خارج أوبك من أجل استعادة حصتها كما يقول أحد أقدم وأشهر الشخصيات في أوبك، العراقي فاضل جلبي، في أحد مؤلفاته عن تلك الفترة. ويقول جلبي إن إنتاج الولايات المتحدة نتيجة لتحطم أسعار النفط في ذلك العام انخفض من 9.1 مليون برميل يوميًا في يناير إلى 8.3 مليون برميل يوميًا في سبتمبر (أيلول).
ويضيف جلبي الذي شغل منصب أمين عام أوبك بالتكليف لبضع سنوات، أنه لو أن أوبك استمرت في استراتيجيتها بالدفاع عن حصتها السوقية لفترة أطول بلغت السنتين، لكان الإنتاج من الولايات المتحدة والنرويج انهار بصورة كبيرة، ولكنها تخلت عن هذه الاستراتيجية في خلال ثمانية أشهر وعادت لنظام الحصص في الأول من سبتمبر 1986.
وكان من السهل أن تفوز أوبك في تلك المواجهة؛ إذ إنها صاحبة التكلفة الأقل في الإنتاج، ولا تتجاوز تكلفة البرميل حينها أكثر من دولارين، فيما كانت تكلفة إنتاج النفط من بحر الشمال على سبيل المثال نحو 15 دولارًا للبرميل، كما يقول لـ«الشرق الأوسط» عبد الصمد العوضي الخبير النفطي والممثل السابق للكويت في منظمة أوبك لأكثر من 20 عامًا.
لكن ما الذي جعل أوبك تخسر تلك المواجهة مع خارج الأوبك؟ في البداية يقول العوضي بأن الأوبك تعرضت لضغط كبير من قبل المنتجين الكبار مثل الولايات المتحدة التي تضررت شركات النفط فيها كثيرًا من هبوط الأسعار، وهذه الدول كانت تحتاج لأسعار النفط عالية أكثر من حاجة أوبك لها. وحاول جورج بوش الأب خلال زيارته للمملكة في تلك الفترة عندما كان نائبا للرئيس، إقناع السعودية بالمساهمة في رفع الأسعار، بحسب ما أوضحه العوضي.
أما جلبي فهو، من جانبه، يرى أن أوبك لم تكن مستعدة بما يكفي للخوض في استراتيجية الدفاع عن حصتها السوقية، فلم يكن هناك حينها تصور واضح عن أهداف هذه الاستراتيجية ولا يوجد رقم واضح للحصة السوقية التي تريد الدول الدفاع عنها، وأكثر من هذا لم يكن هناك توافق بين كل دول أوبك حول هذه الاستراتيجية. وبسبب حال عدم الوضوح هذه خاضت دول أوبك منافسة ليس مع المنتجين خارجها وحسب، بل مع المنتجين داخل المنظمة.
** ما أشبه اليوم بالبارحة
وما أشبه اليوم بالبارحة. فها هي أوبك تخوض مواجهة أخرى مع الدول من خارجها التي تمكنت من زيادة إنتاجها بنحو 6 ملايين برميل يوميًا بين 2008 و2014 بفضل بقاء أسعار النفط عالية عند 100 دولار. وجاء أغلب هذه الزيادة من الولايات المتحدة وكندا؛ إذ أضافت الأولى قرابة 4 ملايين برميل بين 2011 و2014 بفضل ثورة النفط الصخري.
إلا أن الطلب لم يَنْهَر في السنوات الأخيرة كما حصل سابقًا، ولهذا لم ينهر إنتاج أوبك كما حصل في أوائل الثمانينات عندما بلغت الطاقة الإنتاجية الفائضة للمنظمة 21 مليون برميل يوميًا في عام 1981، كما يوضح العوضي، أحد الشخصيات في أوبك الذين عاصروا تلك الفترة.
وبفضل قرار أوبك في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بالإبقاء على إنتاجها عند مستوى 30 مليون برميل يوميًا والدفاع عنه، أصبح هناك فائض في السوق يتراوح بين مليون ومليوني برميل يوميًا مصدره الدول خارج أوبك التي لم تستطع تصريف إنتاجها، وبخاصة منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة.
ويبدو أن المملكة تعلمت درس الثمانينات، فها هو وزير البترول علي النعيمي يصرح في برلين في مارس (آذار) الماضي بأن المملكة لن تكرر الخطأ الذي وقعت فيه عندما ارتضت أن تلعب دور المنتج المرجح في تلك الحقبة، وقامت بخفض إنتاجها طواعية للدفاع عن الأسعار، وانتهى بها الأمر إلى خسارة الاثنين معًا، الأسعار والإنتاج.
ويبدو أن الحكومة السعودية عازمة على المضي قدمًا في الدفاع عن حصتها السوقية؛ إذ أعلن مجلس الوزراء السعودي في أبريل (نيسان) الماضي أن المملكة ما زالت ترحب بأي خطوة من أجل استقرار السوق البترولية شريطة أن يتم ذلك من خلال مشاركة الدول المنتجة الكبرى في العالم العبء. وبهذا الإعلان سيكون من الصعب أن تتحمل السعودية وأوبك بمفردهما أي تخفيض في الإنتاج من أجل دعم الأسعار أو إعادة التوازن للسوق، ولن يعود التوازن حتى تقوم الدول خارج أوبك بتخفيض إنتاجها أيضًا.
حتى الآن مرت 6 أشهر والمملكة ورفقاؤها في دول الخليج صامدون أمام كل الظروف في السوق؛ من هبوط للأسعار، إلى صراخ بعض دول أوبك مثل إيران وليبيا وفنزويلا والجزائر، ومطالبتها بالتوقف عن الدفاع عن الحصة السوقية. فهل ستتمكن السعودية ودول الخليج من كسر الرقم السابق عندما يجتمع وزراء المنظمة الأسبوع المقبل في فيينا؟



واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)
يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)
TT

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)
يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين، بهدف دعم الشركات الأميركية العاملة في قطاع الطاقة النظيفة.

ووفقاً للإشعار الصادر عن مكتب الممثل التجاري الأميركي، ستزيد الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية والبولي سيليكون المصنوعة في الصين إلى 50 في المائة من 25 في المائة، كما ستُفرض رسوم بنسبة 25 في المائة على بعض منتجات التنغستن، بدءاً من 1 يناير (كانون الثاني)، بعد مراجعة الممارسات التجارية الصينية بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وجاء القرار بعد فترة تعليق طويلة، حيث أشار الممثل التجاري الأميركي، في سبتمبر (أيلول)، إلى احتمال اتخاذ مثل هذه الإجراءات. وقالت كاثرين تاي، الممثلة التجارية للولايات المتحدة، في بيان: «زيادة التعريفات الجمركية هذه تهدف إلى مكافحة السياسات والممارسات الضارة التي تنتهجها جمهورية الصين الشعبية. وستكمل هذه الإجراءات الاستثمارات المحلية التي أطلقتها إدارة بايدن-هاريس لتعزيز اقتصاد الطاقة النظيفة وزيادة مرونة سلاسل التوريد الحيوية».

وفي تقرير يوم الخميس، تم ذكر أن المسؤولين الأميركيين والصينيين سيعقدون اجتماعات تجارية هذا الأسبوع، والأسبوع المقبل، قبل نهاية العام. وفي الأسبوع الماضي، شددت واشنطن القيود المفروضة على وصول الصين إلى تكنولوجيا أشباه الموصلات المتقدمة، بينما ردت بكين بحظر صادرات المعادن الحيوية إلى الولايات المتحدة، مثل الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون، إضافة إلى تشديد ضوابط صادرات الغرافيت.

وتهيمن الصين على سوق هذه المواد، وتعمل الولايات المتحدة على تأمين مصادر بديلة في أفريقيا وأماكن أخرى. ويعد التنغستن معدناً استراتيجياً حيوياً آخر تهيمن الصين على إنتاجه، وليست الولايات المتحدة، مما يجعل كوريا الجنوبية مورداً محتملاً. ويستخدم التنغستن في صناعات متنوعة مثل الأسلحة، وأنابيب الأشعة السينية، وخيوط المصابيح الكهربائية.

وانخفضت واردات الولايات المتحدة من المعدن من الصين إلى 10.9 مليون دولار في عام 2023 من 19.5 مليون دولار في العام السابق.

وبعد حظر بكين تصدير الغاليوم والمعادن الأخرى إلى الولايات المتحدة، يرى المحللون أن التنغستن قد يكون أحد المجالات التي قد ترد فيها الصين. وقبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب، تصاعدت التوترات التجارية، حيث كان قد تعهد بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على السلع الصينية. بينما عدَّ الرئيس جو بايدن هذا النهج خاطئاً، وأبقى على التعريفات التي فرضها ترمب خلال ولايته الأولى مع تبني استراتيجية أكثر استهدافاً.

وقد شهدت الصين زيادة كبيرة في إنتاج المركبات الكهربائية الرخيصة والألواح الشمسية والبطاريات، في وقت تسعى فيه إدارة بايدن لدعم هذه الصناعات في الولايات المتحدة. وتتهم أميركا الصين بدعم صادراتها بشكل غير لائق، ما يمنح مصنعي الألواح الشمسية وغيرها ميزة غير عادلة في الأسواق الخارجية، حيث تبيع هذه المنتجات بأسعار منخفضة بفضل الدعم الحكومي. كما تفرض الصين ضغوطاً على الشركات الأجنبية لتسليم التكنولوجيا.

وتشكل الصين أكثر من 80 في المائة من سوق الألواح الشمسية في جميع مراحل الإنتاج، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، مما يجعلها تهيمن على هذا القطاع بشكل واضح. وقد جعلت اقتصاديات الحجم الضخم في صناعة الطاقة الشمسية المنتجات الصينية أقل تكلفة، بينما قامت بتوجيه سلاسل التوريد إلى داخل الصين. وقد دعت وكالة الطاقة الدولية الدول الأخرى إلى تقييم سلاسل توريد الألواح الشمسية الخاصة بها ووضع استراتيجيات للتعامل مع أي مخاطر.

وفي بداية عام 2018، فرضت إدارة ترمب تعريفات بنسبة 30 في المائة على واردات الألواح الشمسية الصينية، وقد تقدمت بكين بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد الولايات المتحدة متهمة إياها بدعم مشتريات المركبات الكهربائية بشكل غير عادل.

واختتمت التحقيقات التي دفعت الممثل التجاري الأميركي إلى اتخاذ قرار بزيادة الرسوم الجمركية على الألواح الشمسية بتقرير صادر في مايو (أيار)، مما أسفر عن رفع الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من المنتجات، بما في ذلك المركبات الكهربائية، الحقن، الإبر، القفازات الطبية، أقنعة الوجه، أشباه الموصلات، ومنتجات الصلب والألمنيوم، وغيرها. كما تم رفع الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين إلى 100 في المائة بدلاً من 25 في المائة، في حين ارتفعت الرسوم الجمركية على بطاريات الليثيوم الصينية إلى 25 في المائة بعدما كانت 7.5 في المائة.