إثيوبيا تعلن موعد الملء الثالث لـ«السد» وتُلمح لتأثر مصر والسودان

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT

إثيوبيا تعلن موعد الملء الثالث لـ«السد» وتُلمح لتأثر مصر والسودان

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

أعلنت إثيوبيا موعد الملء الثالث لـ«سد النهضة»، ملمحة إلى «تأثر مصر والسودان بملء السد»، وسط تمسك القاهرة بـ«ضرورة التوصل لاتفاق مُلزم، وعدم الإضرار بمصالحها المائية»، ودعوة الخرطوم لتسوية «شاملة» للأزمة.
وبين مصر وإثيوبيا نزاع مائي منذ أكثر من 10 سنوات حول «سد النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن يقلص حصتها من المياه، علماً بأن مصر تعتمد في أكثر من 90 في المائة على حصتها من مياه النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، ولذلك تتحسب القاهرة من النقص المحتمل لهذه الحصة مع اقتراب إثيوبيا من تشغيل السد، وتطالب بضرورة إبرام «اتفاق يحدد آلية تشغيل وملء السد»، بالتوافق بين إثيوبيا ودول مصب النهر (مصر والسودان).
وقبل أيام، جدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، مطلب بلاده، بضرورة «إبرام اتفاق قانوني مُلزم، وفق قواعد القانون الدولي، يحفظ الأمن المائي لمصر والسودان». وقال شكري في ختام الدورة التاسعة للجنة المشتركة للتعاون بين مصر وجنوب أفريقيا، الأربعاء الماضي، إن مصر «تؤكد دائماً اهتمامها واستعدادها لتحقيق اتفاق قانوني مُلزم، وفق قواعد القانون الدولي من خلال المفاوضات والحل السلمي، الذي يحقق مصالح كافة الأطراف بشكل متوازٍ».
ووفق مدير سد النهضة الإثيوبي، كيفلي هورو، فإن «الملء الثالث سيكون في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) المقبلين»، مرجحاً «احتمال تأثر مصر والسودان بعمليات ملء السد». واستعبد هورو في تصريحات لقناة «العربية»، مساء أول من أمس، «إيقاف عملية الملء الثالث»، معتبراً أنها «عملية تلقائية»، وأن أي حديث عن مخاطر السد واحتمال انهياره «غير صحيح». كما ذكر هورو حسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية، أن «إثيوبيا تبادلت المعلومات حول السد مع مصر والسودان»، مشيراً إلى أن «تصريحات مصر والسودان بشأن خطورة وتأثيرات السد لا تعني إثيوبيا».
وأدانت وزارة الخارجية السودانية، أمس، التصريحات «غير المسؤولة» لمدير سد النهضة في إثيوبيا، التي تجاهل فيها موقف السودان الثابت من عملية ملء وتشغيل السد، إلا بعد التوصل إلى «اتفاق قانوني منصف وملزم يحقق مصالح شعوب الدول الثلاثة».
ووصف خبير الموارد المائية المصري، عباس شراقي، حديث مدير سد النهضة بشأن التخزين الثالث، بأنه «غير مسؤول، وتشوبه عدم الخبرة الفنية أو السياسية»، مضيفاً أن «التخزين سوف يتم عن طريق حجز مياه الأمطار الأولى خلال شهر يوليو (تموز)، التي تقدر بحوالي 7 مليارات م3 عند السد، الذي لا يستطيع تمرير أكثر من 1.5 مليار م3 شهرياً عبر فتحة التصريف التي تعمل حالياً، وقد تزداد إلى 3 مليارات م3 في حالة فتح البوابة الثانية»، لافتاً في تصريحات عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، إلى أن تشغيل التوربين «غير مؤثر في الوقت الحالي، وبالتالي فالتخزين يكون في يوليو، وقد يمتد إلى الأسبوع الأول من أغسطس، ولن يكون بأي حال من الأحوال من مياه سبتمبر، وفي جميع الحالات فإن أي كمية مياه يتم تخزينها هي من الإيراد السنوي لمصر».
وبخصوص تصريح هورو بأن بلاده لا تهتم بمخاوف مصر والسودان من خطورة وتأثيرات السد، أفاد شراقي بأنه «كان الأولى أن يقول إننا قمنا بالدراسات الهندسية المطلوبة، وعلى استعداد لاستئناف المفاوضات، وعرضها على مصر والسودان، لتبديد المخاوف».
من جهتها، أكدت «الخارجية السودانية» في بيان، أمس، «ضرورة الالتزام بالمواثيق والعهود، وعملية التفاوض الجارية، التي تحفظ حق الأطراف الثلاثة بغية الوصول لتسوية شاملة لأزمة السد، تحقق المصالح المشتركة حتى لا تتحول نعمة السد إلى نقمة»، مجددة التأكيد على حق إثيوبيا في التنمية «لكن دون إحداث أضرار ذات شأن بالسودان». ومعلنة «رفضها التصريحات التي أدلى بها مدير سد النهضة لأنها تضر الأجواء الإيجابية، التي سادت خلال الأشهر القليلة الماضية». كما طالبت المسؤولين الإثيوبيين بـ«الكف عن مثل هذه التصريحات غير المنضبطة، والالتزام بمبادئ الدبلوماسية عبر الحوار، والتفاوض كخيار لحل الخلاف بين الدول الثلاث».
وجرت آخر جلسة لمفاوضات السد في أبريل (نيسان) 2021 برعاية الاتحاد الأفريقي، أعلنت عقبها مصر والسودان وإثيوبيا الفشل في إحداث اختراق؛ ما دعا مصر والسودان للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي. وأصدر مجلس الأمن «قراراً رئاسياً» منتصف سبتمبر الماضي، يشجع الدول الثلاث على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي، للوصول إلى «اتفاق ملزم» خلال فترة زمنية معقولة.


مقالات ذات صلة

كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

العالم العربي كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

جددت الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، المخاوف من دخول السودان في موجة جديدة من الاضطرابات، يمكن أن تؤثر على ملف «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لبحيرة السد، الذي يثير خلافات بشأنه مع دولتي المصب (السودان ومصر). وأكد مراقبون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن للاضطرابات الأخيرة في السودان «تأثيراً مباشراً» على أكثر من ملف إقليمي، من بينها أزمة «سد النهضة»، لافتين إلى أن «الارتباك السياسي» سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر أن يبدأ صيف هذا العام، الأمر الذي «يلقي بمزيد من الأعباء على الجانب المصري، وتحركاته الدولية والأممية في الملف». و

العالم العربي كيف يؤثر النزاع في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

كيف يؤثر النزاع في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

جددت الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، المخاوف من دخول السودان في موجة جديدة من الاضطرابات، يمكن أن تؤثر على ملف «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لبحيرة السد، الذي يثير خلافات بشأنه مع دولتي المصب (السودان ومصر). وأكد مراقبون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن للاضطرابات الأخيرة في السودان «تأثيراً مباشراً» على أكثر من ملف إقليمي، من بينها أزمة «سد النهضة»، لافتين إلى أن «الارتباك السياسي» سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر أن يبدأ صيف هذا العام، الأمر الذي «يلقي بمزيد من الأعباء على الجانب المصري، وتحركاته الدولية والأممية في الملف». و

العالم العربي «سد النهضة»: «الملء الرابع» يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

«سد النهضة»: «الملء الرابع» يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

مع اقتراب عملية الملء الرابع لخزان «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، تأججت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا، وسط تصعيد متوقع خلال الفترة القادمة في ظل جمود المفاوضات. وفيما اتهمت إثيوبيا مصر بـ«تسييس القضية»، رافضة الحصول على «إذن مسبق» من أجل الشروع في عملية الملء، قالت الخارجية المصرية إن إثيوبيا «تتنصل من المسؤولية القانونية». وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتمل 90 في المائة من عمليات البناء.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم العربي «سد النهضة»: الملء الرابع يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

«سد النهضة»: الملء الرابع يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

مع اقتراب عملية الملء الرابع لخزان «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، تأججت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا، وسط تصعيد متوقع في ظل جمود المفاوضات. وفيما اتهمت إثيوبيا مصر بـ«تسييس القضية»، رافضة الحصول على «إذن مسبق» من أجل الشروع في عملية الملء، قالت الخارجية المصرية إن إثيوبيا «تتنصل من المسؤولية القانونية». وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتمل 90 في المائة من عمليات البناء.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم العربي «معركة علمية» بين القاهرة وأديس أبابا لحسم النزاع المائي

«معركة علمية» بين القاهرة وأديس أبابا لحسم النزاع المائي

تسعى إثيوبيا إلى «انتفاضة بحثية علمية» تخدم موقفها في نزاعها المائي مع مصر، التي نجحت في فرض حضور دولي مبني على «نشر معلومات مغايرة للحقيقة»، بحسب وزير المياه والطاقة الإثيوبي هبتامو إيتافا. وتتنازع إثيوبيا مع كل من مصر والسودان، بسبب «سد النهضة»، الذي تبنيه على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير توترات مع دولتي المصب. وتقول القاهرة إن السد، الذي يقام منذ 2011، وقارب على الانتهاء بنحو 90 في المائة، يهدد «حقوقها» في مياه النهر الدولي، مطالبةً بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم ينظم قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة».

محمد عبده حسنين (القاهرة)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).