وفاة موظف سابق بسفارة واشنطن في صنعاء تخيف أهالي المخطوفين

الخارجية الأميركية أعلنت أنه لم يتواصل مع ذويه منذ 6 أشهر

صورة أرشيفية للسفارة الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للسفارة الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

وفاة موظف سابق بسفارة واشنطن في صنعاء تخيف أهالي المخطوفين

صورة أرشيفية للسفارة الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للسفارة الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)

تخشى مصادر حقوقية وعائلات موظفين ومتعاقدين مع السفارة الأميركية في صنعاء والأمم المتحدة من خطر الموت الذي يحدق بذويهم في المعتقلات الانقلابية، بعد هلع أعقب وفاة عبد الحميد العجمي وهو موظف سابق في السفارة الأميركية أعلنت واشنطن وفاته بسجن تابع للحوثيين.
سوء المعاملة أبرز الأسباب التي زرعت الهلع لدى عائلات المعتقلين الذين راحوا ضحية حملة واسعة قبل أشهر طالت العشرات من الموظفين السابقين لدى السفارة الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية والأمم المتحدة، إذ جرى اقتيادهم من مبنى السفارة أو من مقار أعمالهم أو من منازلهم، من دون أن يعرف ذووهم شيئا عن ظروف اعتقالهم.
وفي الوقت الذي تنتقد فيه عائلات المختطفين عدم الالتفات الإنساني إلى مأساة المعتقلين، فهي تتهم الأمم المتحدة والحكومة الأميركية بالتقصير في «الضغوط الحقيقية» على الميليشيات لإطلاق سراحهم.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس في تغريدة على «تويتر» «تشعر الولايات المتحدة بحزن عميق إزاء نبأ وفاة عبد الحميد العجمي، أحد موظفينا المتقاعدين من سفارة الولايات المتحدة إلى اليمن»، مشيرا إلى أنه «وافته المنية في معتقل الحوثي... ولم يكن على اتصال بأسرته خلال الأشهر الستة الأخيرة من حياته».
ومع تأكيد مصادر محلية نقلا عن أقارب العجمي أنه توفي بسبب الإهمال وسوء المعاملة وعدم حصوله على الأدوية الخاصة بمرض الكلى، قال برايس إن بلاده «لم تتوقف عن جهودها الدبلوماسية» لتأمين الإفراج عن موظفيها اليمنيين في صنعاء، مطالبا الحوثيين بالإفراج عنهم. وبحسب وكالة «خبر» اليمنية اختطفت الميليشيات الحوثية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 عبد الحميد العجمي وموظفين اثنين من طاقم السفارة الأميركية بصنعاء، وهما المستشار السياسي السابق في السفارة عبد القادر السقاف، وموظف المشتريات محمد شماخ، وقبلها بأسابيع اختطفت كلا من جميل إسماعيل موظف بالملحق التجاري الاقتصادي، وهشام الوزير وهو موظف في الوكالة الأميركية، وزميله شائف الهمداني، وبسام مردحي وهو موظف في قسم التحقيقات، وزميله في نفس القسم محمد خراشي.
كما أقدمت الميليشيات في الشهر نفسه - بحسب مصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط» على اقتحام منزل عبد المعين عزان وهو موظف سابق لدى السفارة الأميركية، ومتعاقد مع إحدى المنظمات الأممية، وقامت باعتقاله وإخفائه مع اثنين من أصدقائه كانوا في منزله لحظة الاقتحام.
وأقرت الأمم المتحدة سابقا بوجود اثنين على الأقل من الموظفين التابعين لوكالاتها في صنعاء رهن الاعتقال في السجون الحوثية منذ أكثر من ثمانية أشهر، إضافة إلى اعترافات أميركية سابقة باحتجاز الميليشيات للعشرات من موظفيها الأمنيين أو الإداريين في سفارتها بصنعاء.
ويؤكد أحد أقارب مختطف يعمل مع الأمم المتحدة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنهم طرقوا كل الأبواب من أجل الإفراج عنه خلال الأشهر الماضية، لكن النتيجة «بلا جدوى»، بعدما خطف قريبه من منزله رفقة اثنين من أصدقائه، ويقول «يبدو لا أحد يهتم بمعاناة هؤلاء المختطفين ولا بالمأساة التي تعيشها عائلاتهم في ظل المخاوف المتصاعدة بشأن حياتهم، إضافة إلى احتمالية تعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي».
جرت العادة أن يوجه الحوثيون تهما بالتجسس للعاملين في المنظمات الدولية والهيئات الأممية والموظفين في السفارات الأجنبية.
وخلال السنوات الماضية استخدمت الميليشيات المدعومة من إيران العديد منهم أوراق مساومة من أجل الحصول على مكاسب سياسية، قبل أن تطلق سراحهم، في حين ما زال العشرات منهم يلاقون مصيرا مجهولا.
ويتهم أقارب المعتقلين الهيئات الأممية بأنها لا تبذل الأسباب الكافية من أجل إطلاق سراح المختطفين، كما يتهمون الميليشيات الحوثية بأنها تسعى إلى إحلال منتمين إلى سلالة زعيمها في الوظائف الأممية بصنعاء ومناطق سيطرتها بالتوازي مع التضييق على كافة الموظفين الذين تشك بولائهم، وصولا إلى اعتقالهم أو إجبارهم على النزوح إلى مناطق آمنة.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.