تنبؤات علمية لتحديد موقع انفجار الشهب في الغلاف الجوي للأرض

تصورات حديثة لرصد مواقع سقوط النيازك

تنبؤات علمية لتحديد موقع انفجار الشهب في الغلاف الجوي للأرض
TT

تنبؤات علمية لتحديد موقع انفجار الشهب في الغلاف الجوي للأرض

تنبؤات علمية لتحديد موقع انفجار الشهب في الغلاف الجوي للأرض

تخترق كرات ضخمة من النيران الغلاف الجوي للأرض كل يوم، لكن تحديد أي منها سيهبط على الأرض ظل يمثل تحديًا للعلماء، وقد برز الآن نموذج يستطيع توقع الارتفاع الذي تنفجر عنده الصخور القادمة من الفضاء، ومعرفة ما إذا كان على سكان الأرض توخي الحذر من الشظايا. في العادة وعندما لا تتمكن الصخور من الوصول إلى كوكب الأرض، فإن طبقات الجو تحولها إلى كرات من لهب. ويحدث هذا في أغلب الحالات على ارتفاع لا يجعلها تمثل خطرا، حيث تكون قد احترقت تماما قبل وصولها إلى سطح الأرض.

* قذائف فضائية
* ويقول مانويل مورينو إيبانيز، من جامعة برشلونة المستقلة في إسبانيا: «يمثل غلافنا الجوي درعا فاعلا يصد تلك القذائف، التي لولاه لأصبحت خطيرة». مع ذلك قد تحدث الأجسام، التي تحلق على ارتفاع منخفض، بعض الأضرار سواء وصلت إلى سطح الأرض أم لم تصل. وعلى سبيل المثال، منذ عامين انفجر شهاب على بعد 29 كلم من منطقة تشيليابنسك في روسيا، وفاق الضوء المنبعث منه أشعة الشمس قوة، وكان مقدار الطاقة المنبعثة منه يفوق مقدار الطاقة المنبعثة من 20 قنبلة نووية. وتسببت صخور أكبر انفجرت على ارتفاع أقل في محو معالم الحياة على نطاق واسع.
ويبحث العلماء عن طريقة لمعرفة ما الذي يحدث للصخور بمختلف أشكالها، وأحجامها، وحركتها، وهي تقترب منا. واكتشف مورينو وزملاؤه كيفية حساب الارتفاع الذي تنفجر عنده الصخور بدقة باستخدام معيارين: الأول هو مقدار الديناميكية الهوائية بها، والثاني هو كيفية ارتفاع درجة حرارتها بفعل الجو. وبعد معرفة تلك الأرقام السحرية باستخدام مسارات الصخور، قاموا بتغيير معادلة موجودة بحيث تعبر عن الواقع بشكل أفضل، وتمكّنهم من حساب عمق اختراق الصخور المرجح لغلافنا الجوي. واختبر الفريق النموذج على كرات لهب سابقة مساراتها وارتفاعاتها معروفة ومسجلة في مشروع «ميتيورايت أوبزيرفيشين آند ريكافري» الخاص برصد الشهب والنيازك استمر منذ عام 1971 حتى 1985 باستخدام 60 كاميرا لتصوير السماء في كندا. وأتت الطريقة ثمارها، ونقلت ما التقطته الكاميرات.
بعد ذلك يعتزم الفريق إجراء المزيد من الاختبارات على النموذج من خلال تطبيق الأرقام على شهاب «تشيليابنسك» وغيره من الشهب. ويأملون أن يتمكنوا في النهاية من حساب الارتفاعات المتوقعة لكرات اللهب في المستقبل، وأماكن سقوط أي من شظاياها.

* توقعات سقوط النيازك
* مع ذلك للأسف، لن تنجح هذه الطريقة في التعامل مع تلك الشهب التي قتلت الديناصورات، حيث تساعد ضخامة تلك الصخور في الحفاظ على كتلتها عند التعرض إلى حرارة مرتفعة. مع ذلك يمكن أن تخبرنا الصخور الأصغر حجما، التي تصل إلى الأرض، مثل النيازك، الكثير عن الصخور الأكبر حجما. ويفيد النموذج في رصد تلك الصخور، حيث يمكنه توقع طاقة تلك الشظايا عند ارتطامها بالأرض في حال حدوث ذلك، ومكان سقوطها. ونقلت مجلة «نيوساينتست» عن مايكل هانكي من جمعية الشهب الأميركية أن «إنقاذ الشهب من انفجارات كرات اللهب يمنحنا فرصة لمعرفة المزيد من المعلومات حول المجموعة الشمسية، والأهم من ذلك المواد التي تتكون منها تلك الأجسام الموجودة في الفضاء، والتي قد تمثل تهديدًا للأرض. كل نيزك يسقط على الأرض هو قطعة من السماء».
ورغم حدوث تلك الانفجارات بشكل متكرر، على الكاميرات تصوير الجزء الصحيح من السماء في الوقت المناسب من أجل رصدها. ولدى وكالة «ناسا»، ووكالات أبحاث الفضاء الأخرى، عدد من التلسكوبات الأرضية والفضائية التي تصور السماوات بحثا عن صخور خطيرة. وتريد مؤسسة «بي 612» الخاصة إطلاق تلكسوب فضائي يسمى «سينتينيل» من أجل القيام بهذه المهمة.
مع ذلك، قد يكون هناك المزيد من الأنباء غير السارة في انتظارنا. على سبيل المثال، لقد هاجمنا «تشيليابنسك» بغتة، وحتى هذه اللحظة لم يتم تتبع سوى بضعة نيازك في طريقها من الفضاء إلى الأرض. ويقدم النموذج بعض الأمل في أن تسفر الأبحاث في المستقبل عن المزيد من النتائج، لكنه يسلط الضوء، في الوقت ذاته، على الحاجة إلى تلسكوبات يقظة. في النهاية، نحن لا نستطيع توقع سقوط صخور ضخمة من الفضاء إلا عندما نراها تتجه نحونا.



«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية
TT

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

​يبدو أن مركب «البنزول» المسمَّى أيضاً «البنزول الحلقي» ظهر في كل مكان خلال السنوات الأخيرة.

معقِّمات بمواد مسرطنة

أولاً، كانت معقمات اليدين التي تحتوي على «مستويات غير مقبولة» من هذه المادة المسرطنة. ثم كانت هناك عمليات سحب من السوق لرذاذات القدم المضادة للفطريات، إضافة إلى ظهور تقارير مثيرة للقلق عن وجوده في مزيلات العرق والشامبو الجاف وكريمات الوقاية من الشمس الملوثة، كما كتب كنفول شيخ، وجانا مانديل*.

وأدت بعض هذه النتائج إلى ظهور عناوين الأخبار المذعورة، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ حذَّر المؤثرون في مجال العافية - على «تيك توك» - الناس من التوقف عن ارتداء واقيات الشمس. وذهب أحد الأطباء على المنصة إلى مقارنة استخدام الشامبو الجاف المنتج بمادة البنزول بعملية التدخين. كما تم رفع كثير من الدعاوى القضائية الجماعية بشأن تأثيراته.

رُصد البنزول في واقيات الشمس

«تسلل» البنزول الطبيعي

يوجد «البنزول» (Benzene)، بشكل طبيعي في النفط الخام. ولا يضاف عمداً إلى هذه المنتجات؛ بل إنه يُستخدم لتصنيع المواد الكيميائية، مثل الأصباغ والمنظفات والدهانات والبلاستيك. وقد ينتهي به الأمر إلى التسلل إلى منتجات العناية الشخصية، عندما لا تتم تنقية المواد الكيميائية التي يوجد البنزول فيها بشكل كافٍ، أو عندما تتفاعل بعض المكونات النشطة في المنتجات بعضها مع بعض أو تتحلل.

لا توجد بيانات حتى الآن تشير إلى أن المستويات المنخفضة من التعرض للبنزول من منتجات العناية الشخصية تحمل مخاطر صحية كبيرة. وحذَّر بعض الخبراء من أن كثيراً من النتائج الأكثر إثارة للقلق حول البنزول، جاءت من مختبر واحد تعرّض لانتقادات؛ لانحرافه عن طرق الاختبار القياسية.

ومع ذلك؛ ونظراً لارتباط مستويات عالية من التعرض للبنزول بالسرطان، يقول الخبراء إنه من الجدير إلقاء نظرة فاحصة على الشامبو الجاف وواقي الشمس، وغيرهما.

ويشعر الباحثون بالقلق من أن المكونات التي تساعد المستحضرات الواقية من الشمس على الذوبان في الجلد، قد تسرّع من امتصاص الجسم له.

تنشُّق البنزول

نظراً لأن البنزول يمكن أن يتبخر بسهولة؛ فقد يستنشق الأشخاص أيضاً بعض المواد الكيميائية أثناء وضع المنتج موضعياً، ما يعني أنهم قد يتعرّضون له من خلال الطريقتين كلتيهما، كما قال لوبينغ تشانغ، عالم السموم في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. لكن حقيقة تبخره بسرعة تشير إلى أن التعرُّض الجلدي ليس مصدر قلق كبيراً مثل تعرض العمال للبنزول بانتظام في الهواء.

أبحاث محدودة

ولا تشير الأبحاث المحدودة حول هذا الأمر حتى الآن إلى أي خطر كبير. في إحدى الدراسات، فحصت مجموعة من الباحثين الأكاديميين بيانات من أكثر من 27 ألف شخص استخدموا كريمات طبية تحتوي على «بيروكسيد البنزويل» (benzoyl peroxide) الذي يعمل مطهِّراً. وعندما قارنوها ببيانات من مرضى لم يتعرضوا لبيروكسيد البنزويل، لم يجد الباحثون أي خطر متزايد للإصابة بالسرطان المرتبط بالبنزول بين أولئك الذين يستخدمون الكريمات.

ومع ذلك، قال بعض الخبراء إنهم قلقون بشأن هذه التعرضات المحتملة؛ نظراً لأن هذه المنتجات يتم استخدامها مباشرة على الجسم – يومياً عادةً - وفي أماكن صغيرة سيئة التهوية، مثل الحمامات.

ارتفاع مستويات البنزول في الجسم

وفي حين تظهر الدراسات الاستقصائية الأميركية أن مستويات البنزول في الهواء قد انخفضت - بفضل القيود الأكثر صرامة على البنزول - فقد زادت مستويات البنزول في عيّنات البول من الأميركيين في العقود الأخيرة. في الوقت نفسه، وجد العلماء أن مزيداً من المنتجات قد تحتوي على البنزول، بما في ذلك الحفاضات والمناديل التي تستخدم لمرة واحدة، والسدادات القطنية، والفوط الصحية.

وقالت إمي زوتا، الأستاذة المساعدة في علوم الصحة البيئية في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، إن اكتشاف البنزول في هذه المنتجات يسلّط الضوء على الفجوات في الرقابة التنظيمية على سلامة منتجات العناية الشخصية. وأضافت أن كثيراً من اختبارات سلامة المنتجات طوعية: «لذا؛ فإن الصناعة تضع معاييرها الخاصة».

تلوث منتجات العناية بالبنزول

كان كثير من الاهتمام حول التلوث بالبنزول في منتجات العناية الشخصية مدفوعاً بشركة اختبار مخدرات صغيرة، مقرّها في نيوهافن بولاية كونيتيكت. فقد أفادت شركة «فاليشور» (Valisure)، بالعثور على تلوث بالبنزول في معقمات اليدين، وبخاخات الجسم، وكريمات الوقاية من الشمس، والشامبو الجاف، وأدوية حب الشباب التي تحتوي على بيروكسيد البنزويل. وانتشرت بعض هذه النتائج على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، مثل «تيك توك» و«تروث سوشيال».

لكن بعض العلماء شكّكوا في منهجية شركة «فاليشور»، زاعمين أن بروتوكول الاختبار الخاص بها ينطوي في كثير من الأحيان على تسخين المنتجات إلى درجات حرارة تتجاوز درجات الحرارة التي قد تصل إليها في الحياة العادية؛ وهو ما قد يؤدي إلى تسريع تحلل المكونات، ويشير إلى خطر أعلى للتعرّض للبنزين مما قد يواجهه المستهلكون بالفعل.

أدلة تاريخية حول «سرطان البنزول»

ينظر كثير من الأبحاث حول البنزول بشكل خاص - حتى الآن - إلى التعرّض المنتظم لمستويات عالية من المادة الكيميائية في البيئات المهنية.

تأتي الأدلة على أن البنزول قد يسبب السرطان لدى البشر، من ملاحظات العمال في الصناعات الدوائية والبترولية التي تعود إلى عشرينات القرن العشرين. في عام 1987، قالت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، إن هناك «أدلة كافية» على أن البنزول مسبب للسرطان لدى البشر والحيوانات. واليوم، تتفق منظمة الصحة العالمية، ووكالة حماية البيئة الأميركية، وبرنامج علم السموم الوطني الأميركي، على أن البنزول يمكن أن يسبب السرطان، وخصوصاً سرطان الدم.

هناك أيضاً أدلة على أن استنشاق مستويات عالية من البنزول لفترات طويلة من الزمن يرتبط بسرطانات الدم الأخرى، وسرطان الرئة، فضلاً عن فقر الدم، وانخفاض القدرة على محاربة العدوى، وعدم انتظام الدورة الشهرية.

توصيات دولية

يوصي مسؤولو السلامة المهنية في جميع أنحاء العالم عموماً، بأن يقتصر التعرض في مكان العمل على جزء واحد من البنزول لكل مليون جزء من الهواء، أو جزء واحد في المليون على مدار يوم عمل مدته 8 ساعات.

ويتعرض كثير منا للبنزول أيضاً - من خلال انبعاثات المركبات ودخان السجائر ومواقد الغاز - ولكن بمستويات أقل بكثير.

وقد قدَّرت إحدى الدراسات أن التعرض البيئي للشخص العادي ينبغي أن يكون أقل من 0.015 جزء في المليون في اليوم، أو أقل بنحو مائة مرة من الحد المهني المذكور أعلاه.

خطوات لتقليل التعرض للبنزول

أظهرت حفنة من الدراسات المختبرية أن كمية معينة من البنزول على الأقل يمكن أن تخترق حاجز الجلد.

أكد الخبراء أنه لا داعي للذعر بشأن البنزول في منتجات العناية الشخصية؛ لكن اقترح كثير منهم التأكد من تخزين هذه العناصر بشكل صحيح لتجنب تحللها.

وفيما يلي بعض الخطوات البسيطة لتقليل تعرضك:

- واقي الشمس: لم يقترح أي من الخبراء الذين تمت مقابلتهم التخلص من واقي الشمس خوفاً من البنزول. حتى في الاختبارات التي أجرتها شركة «فاليشور»، لم يكن لدى غالبية واقيات الشمس مستويات يمكن اكتشافها. وقال تشانغ: «فوائد واقيات الشمس معروفة جيداً». ولكن إذا كنت تريد أن تكون حذراً، فيجب عليك تجنب تخزين واقي الشمس في سيارتك، والابتعاد عن الهباء الجوي. فكثير من المنتجات التي وُجد أنها تحتوي على البنزول هي عبارة عن رشاشات للرذاذ.

- الشامبو الجاف: إذا كنت قلقاً بشأن التعرض المحتمل للبنزين، فحاول التبديل إلى الشامبو الجاف الذي يأتي في تركيبات مسحوقة بدلاً من منتجات مرشاشات الرذاذ.

- كريمات حب الشباب: إذا كنت ترغب في الاستمرار في استخدام منتجات بيروكسيد البنزويل، فخزِّنها في مكان بارد ومظلم، مثل خِزانة أو ثلاجة، فسيساعد ذلك في بقاء مكوناتها مستقرة لفترة أطول. يمكنك أيضاً التحدث مع طبيب حول بدائل بيروكسيد البنزويل التي قد تناسبك. ويجب عليك دائماً التحقق من منتجاتك من خلال قائمة إدارة الغذاء والدواء القابلة للبحث للمنتجات التي تم سحبها من الأسواق، وتنبيهات السلامة.

* خدمة «نيويورك تايمز»