اقترح وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، هذا الأسبوع، أن تسمح أوكرانيا لروسيا بالاحتفاظ بشبه جزيرة القرم التي ضمتها في عام 2014؛ الأمر الذي أثار غضب كييف والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي رد متهماً السياسي المخضرم، بأنه كان ربما يتكلم عن حقبة سياسية مختلفة تعود إلى بدايات الحرب العالمية الثانية. وشبّه زيلينسكي في كلمة مصورة في وقت متأخر من ليل الأربعاء اقتراحات تتخلى بلاده عن أراض وتقدم تنازلات لروسيا لإنهاء الحرب بفكرة محاولات استرضاء هيتلر وألمانيا النازية في عام 1938، مضيفاً «يتكون لديكم انطباع بأن تقويم السيد كيسنجر لا يشير إلى عام 2022 وإنما إلى عام 1938، وأنه يعتقد أنه يخاطب جمهوراً ليس في دافوس وإنما في ميونيخ في ذلك الوقت». وأدلى زيلينسكي وأحد كبار مساعديه بتصريحات غاضبة عن الأمر في وقت تواجه فيه القوات الأوكرانية هجوماً جديداً في منطقتين شرقيتين سيطر الانفصاليون الناطقون بالروسية على جزء منهما في عام 2014.
وقال، مهما فعلت الدولة الروسية، ستجدون دوماً شخصاً يقول «دعونا نأخذ مصالحها في الاعتبار». وقالت هيئة تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» في 19 مايو (أيار)، إن التوصل إلى سلام عن طريق التفاوض قد يتطلب اتخاذ كييف بعض القرارات الصعبة؛ نظراً لأن تحقيق نصر عسكري حاسم ليس بالأمر الواقعي. وكانت قد وقّعت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا في عام 1938 اتفاقاً في ميونيخ منح الديكتاتور النازي أدولف هتلر أراضي فيما كانت آنذاك دولة تشيكوسلوفاكيا ضمن محاولة فاشلة لإقناعه بالتوقف عن مواصلة التوسع في ضم الأراضي. وقال زيلينسكي «ربما كتبت (نيويورك تايمز) أيضاً شيئاً مشابهاً في عام 1938، لكن اسمحوا لي بأن أذكّركم، إنه عام 2022 الآن». وأضاف، كما نقلت عنه «رويترز»، «هؤلاء الذين ينصحون أوكرانيا بمنح روسيا شيئاً، هذه (الشخصيات الجيوسياسية العظيمة)، لا يرون أبداً أشخاصاً عاديين، أوكرانيين عاديين، ملايين يعيشون على الأراضي التي يقترحون تقديمها في مقابل سلام وهمي». وحثت إيطاليا والمجر الاتحاد الأوروبي على الدعوة صراحة إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا وإجراء محادثات سلام مع روسيا؛ مما جعلهما على خلاف مع الدول الأخرى الأعضاء المصممة على اتخاذ موقف متشدد مع موسكو. وقال أوليكسي أريستوفيتش، مستشار زيلينسكي، في وقت سابق، إن من الواضح أن بعض الدول الأوروبية تريد أن تقدم أوكرانيا تنازلات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأضاف في تصريحات مصورة نُشرت على الإنترنت «لن يتاجر أحد بغرام واحد من سيادتنا أو ملّيمتر من أراضينا». وتابع «أطفالنا يموتون والقذائف تحوّل الجنود أشلاء، ويطلبون منا التضحية بالأرض... لن يحدث هذا أبداً». ووصفت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، في وقت سابق خطة سلام إيطالية لأوكرانيا بأنها «خيال». وقالت في إفادة أسبوعية، في إشارة إلى المبادرة الإيطالية «لا يمكنكم إمداد أوكرانيا بالسلاح بيد، ووضع خطط لحل سلمي باليد الأخرى». وكشف وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو عن الخطوط العريضة للخطة الأسبوع الماضي. وقالت زاخاروفا عن الاقتراح «إذا كانوا يأملون في أن تنتهز روسيا الاتحادية أي خطة غربية، فإن هناك الكثير مما لا يفهمونه».
وقال الكرملين، أمس (الخميس)، إن موسكو تتوقع من كييف تلبية مطالبها، مضيفاً، أن أوكرانيا يجب أن تكون على دراية بالوضع من أجل إجراء محادثات السلام. وكان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف يرد هو الآخر على تعليقات وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر. تطالب موسكو أوكرانيا بالاعتراف بشبه جزيرة القرم كأراضٍ روسية، والاعتراف بالمناطق الانفصالية التي تدعمها روسيا في شرق أوكرانيا كدول مستقلة من بين مطالب أخرى. وترفض أوكرانيا ذلك بشكل قاطع.
بدوره، قال المستشار الألماني أولاف شولتس، أمس، إن روسيا لن تربح حربها في أوكرانيا، وإنه لا يمكن أن يملي الرئيس فلاديمير بوتين شروط أي اتفاق للسلام. وتحاول القوات الروسية انتزاع السيطرة الكاملة على منطقة دونباس الشرقية، وتقدمت أيضاً في الجنوب على الرغم من المقاومة الأوكرانية الشديدة، وذلك بعد فشلها في الاستيلاء على العاصمة كييف أو مدينة خاركيف ثاني أكبر مدن البلاد في حربها المستمرة منذ ثلاثة أشهر في أوكرانيا. وهذا يفسر بالمقاومة «الهائلة» التي أبدتها القوات الأوكرانية وبردّ فعل الحلفاء الغربيين الذين فرضوا عقوبات غير مسبوقة على موسكو وساندوا كييف على ما أكد. وقال المستشار الألماني «لا نقوم بشيء يمكن أن يؤدي إلى دخول حلف شمال الأطلسي الحرب؛ لأن ذلك سيعني مواجهة مباشرة بين قوى نووية». إنما يقوم الأمر على «إيصال الرسالة لبوتين بأنه لن يتمكن من إملاء شروط السلام. أوكرانيا لن تقبل بذلك ولا نحن»، كما أضاف. وتابع «بالنسبة لي، من الواضح أن بوتين لن يتفاوض بجدية بشأن السلام إلا إذا أدرك أنه لا يمكنه كسر مقاومة أوكرانيا». تتركز المعارك حالياً في شرق البلاد، حيث يسعى الجيش الروسي بأي ثمن للسيطرة على مدينة سيفيرودونيتسك. وطالب الرئيس الأوكراني بمزيد من الأسلحة الثقيلة لمجاراة قوة النيران الروسية.
لم يتطرق شولتس مباشرة إلى الانتقادات للحكومة الألمانية التي اعتبرت بأنها كانت بطيئة جداً في إرسال أسلحة ثقيلة مثل دبابات قتالية، من قِبل كييف وبعض دول أوروبا الشرقية مثل بولندا أو دول البلطيق. وعبّر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا عن استيائه في جلسة أخرى في دافوس. وقال «نثمّن كل جهد بذلته الحكومة الألمانية لإيجاد أسلحة ثقيلة» تخول أوكرانيا الدفاع عن نفسها. لكنه أضاف «لا أفهم لماذا هذا الأمر معقد لهذه الدرجة؟».
زيلينسكي غاضباً من كيسنجر: لسنا في زمن هتلر
رفض مقترح وزير الخارجية الأميركي السابق بأن تتنازل أوكرانيا عن القرم لروسيا
زيلينسكي غاضباً من كيسنجر: لسنا في زمن هتلر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة