العمليات المشتركة تستعيد مصفى بيجي وتحرر مئات الجنود داخله

الجيش الأميركي اعتبرها خطوة مهمة لتحرير الموصل

العمليات المشتركة تستعيد مصفى بيجي وتحرر مئات الجنود داخله
TT

العمليات المشتركة تستعيد مصفى بيجي وتحرر مئات الجنود داخله

العمليات المشتركة تستعيد مصفى بيجي وتحرر مئات الجنود داخله

أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية عن دخول القوات الأمنية مصفى بيجي، بعد تكبيد تنظيم داعش، الذي تمكن من احتلال أكثر من 80 في المائة من مساحة المصفى، خسائر كبيرة. وقال المتحدث باسم العمليات المشتركة العميد سعد معن في بيان له، مساء أول من أمس، إن «القوات الأمنية دخلت مصفى بيجي شمال قضاء بيجي (200 كلم شمال بغداد)، بعد تحرير كامل الطريق باتجاه المصفى وتكبيد العدو خسائر كبيرة في الأعداد والمعدات».
من جهته، أكد جهاز مكافحة الإرهاب تحرير المنطقة الغربية للقضاء وقطع طرق إمداد التنظيم باتجاه المصفى. ويأتي هذا التطور بعد أن بدأت تحرز القوات الأمنية وقطعات الحشد الشعبي تقدما كبيرا خلال الأيام القليلة الماضية، من خلال مشاركة طيران الجيش العراقي بعدة ضربات جوية في بيجي أسهمت في التمهيد للقوات الأمنية بالتقدم باتجاه المصفى.
وقال القيادي في «عصائب أهل الحق» أحمد الكناني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الحشد الشعبي التي شاركت في معارك بيجي منذ البداية تمكنت من كسر الحصار الذي كان مفروضا على المصفى، وهو ما أعاق عملية تقدم القوات إلى داخله».
وأضاف أن «العصائب وقيادة عمليات صلاح الدين قاموا بتنفيذ عملية نوعية لفك الحصار عن مصفى بيجي، وهو ما سهّل كثيرا عملية التقدم التي كانت بمثابة قصم ظهر الدواعش». وأشار إلى أن «هذه العملية أسفرت عن تحرير 300 جندي كانوا محاصرين فيه».
في السياق نفسه، أكد رعد الجبوري أحد قيادات الحشد الشعبي من أبناء محافظة صلاح الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «معارك (بيجي) هذه المرة اختلفت عن المعارك السابقة، سواء من حيث الأسلحة التي استخدمت أو من حيث طبيعة الأهداف والخطط العسكرية التي تم اتباعها، والتي فاجأت مقاتلي (داعش) تماما، وبالتالي فإن ما يحصل الآن حيث تم تحرير معظم مساحة المصفى هو عملية اكتساح من قبلنا لتنظيم داعش، الذي بذل على مدى الشهور الماضية جهودا مضنية من أجل السيطرة على المصفى»، مشيرا إلى أنه «في مراحل معينة، تمكن بالفعل من إحكام السيطرة على مناطق واسعة من المصفى، بالإضافة إلى وجود قوات داخله حاول كثيرًا محاصرتها، لكنها تمكنت من الصمود، وبعد اتباع خطة لتحرير المناطق المحيطة بالمصفى من الجهة الثانية من نهر دجلة، حيث وجد تنظيم داعش نفسه غير قادر ليس على التقدم، وإنما على مواجهة القوات التي بدأت تسيطر على المنطقة تماما». وقال الجيش الأميركي أمس إن القوات العراقية التي تقاتل تنظيم داعش تمكنت من تطهير طريق بري مؤدٍّ إلى مصفى بيجي، أكبر مصفاة نفط في العراق. وجاء في بيان للجيش الأميركي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية أن «قوات الأمن العراقية والشرطة الفيدرالية تدعمها قوات التحالف نجحت في تطهير طريق بري والسيطرة عليه». وأضاف أنه «تجري حاليا عمليات تعزيز وإعادة إمداد قوات الأمن العراقية في محيط المصفى».
وتعد السيطرة على منطقة بيجي خطوة مهمة لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل التي تعتبر معقلا لتنظيم داعش.
وحاصر تنظيم داعش المصفاة الكبيرة التي كانت تنتج 300 ألف برميل من النفط المكرر يوميا، بما يلبي نصف احتياجات البلاد من منتجات النفط لمدة أشهر، بعد هجوم التنظيم الكاسح وسيطرته على مناطق شاسعة من العراق، في يونيو (حزيران) 2014. وتم اختراق الحصار العام الماضي، إلا أن تنظيم داعش هاجم المصفاة مجددا في أبريل (نيسان)، وتمكن بعض مقاتليه من التمركز داخل مجمع المصفاة.
وصرح الجنرال ثوماس ويدلي رئيس هيئة أركان قوة المهمات المشتركة في الجيش الأميركي «خلال الساعات الـ72 الماضية، حققت قوات الأمن العراقية تقدما ثابتا وملموسا» في استعادة السيطرة على مناطق مؤدية إلى المصفاة. وأضاف أن القوات العراقية واجهت مقاومة كبيرة من مسلحي «داعش» الذي استخدم العبوات الناسفة والعربات المفخخة، إضافة إلى الأسلحة الثقيلة والهجمات الصاروخية.
وكان مجلس صلاح الدين أكد وصول تعزيزات من الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية إلى المحافظة (170 كلم شمال العاصمة بغداد)، مبينًا أن القوات الأمنية بسطت نفوذها على المناطق الجنوبية من قضاء بيجي، وتواصل التقدم لتطويق المصفاة وطرد (داعش). فيما لا يزال قضاء بيجي، شمال تكريت، يشهد معارك كر وفر بين القوات الأمنية وعناصر تنظيم داعش الذي يسيطر على غالبية مناطق القضاء.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم