القوات العراقية تبدأ الهجوم المضاد «خلال أيام» لتحرير الرمادي

شيخ عشيرة «البوفهد»: الحكومة رفضت منحنا السلاح وتركته لـ«داعش»

طفلة من أهالي الرمادي مع عائلتها النازحة تبكي خوفًا خلال عبورهم جسر بزيبز باتجاه بغداد (أ.ب)
طفلة من أهالي الرمادي مع عائلتها النازحة تبكي خوفًا خلال عبورهم جسر بزيبز باتجاه بغداد (أ.ب)
TT

القوات العراقية تبدأ الهجوم المضاد «خلال أيام» لتحرير الرمادي

طفلة من أهالي الرمادي مع عائلتها النازحة تبكي خوفًا خلال عبورهم جسر بزيبز باتجاه بغداد (أ.ب)
طفلة من أهالي الرمادي مع عائلتها النازحة تبكي خوفًا خلال عبورهم جسر بزيبز باتجاه بغداد (أ.ب)

يسعى مسلحو تنظيم داعش الذين هاجموا مناطق شرق الرمادي للوصول إلى قاعدة الحبانية (30 كلم شرق مدينة الرمادي) التي يحتشد فيها آلاف المقاتلين من قوات الحشد الشعبي، إضافة إلى قطعات عسكرية تابعة لقوات الجيش والشرطة ومتطوعي العشائر. وبعد سلسلة من الهجمات التي شنها مسلحو التنظيم، سقطت منطقة حصيبة الشرقية القريبة من مدينة الخالدية بيد التنظيم الإرهابي، مما يعني أن مسلحي تنظيم داعش أصبحوا على مشارف قاعدة الحبانية. وقال رافع الفهداوى شيخ عشائر البوفهد في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحي تنظيم داعش سيطروا على بلدة حصيبة الشرقية 15 كلم شرق مدينة الرمادي، والبلدة الصغيرة سقطت ليلاً بعد انسحاب قوات الشرطة المحلية ومقاتلي العشائر من المعركة بسبب نفاد الذخيرة بالكامل». وأضاف الفهداوي أن «ما يجري في محافظة الأنبار هو مؤامرة خطيرة الهدف منها إسقاط مناطقنا بيد تنظيم داعش، وكسر شوكة أهل الأنبار الذين تصدوا بكل شجاعة وقوة لكل من أراد أن يتعرض للأنبار سابقًا، فمنذ أكثر من عام ونحن نطالب بتسليح أبنائنا دون أن تلتفت الحكومة لتلك المطالب، بل لم تزودنا بالذخيرة من أجل التصدي لهجمات مسلحي تنظيم داعش، وقبل أسبوع، رأينا بأم أعيننا كيف انسحب الجيش من أمام مسلحي (داعش) تاركًا لهم آليات وعجلات وأسلحة فتاكة، ونحن نمني النفس بوصول ذخيرة لمقاتلينا من أجل التصدي لهجمات المسلحين، الحكومة تتحمل مسؤولية هذا الانهيار».
شهود عيان من سكان بلدة حصيبة الشرقية ذكروا لـ«الشرق الأوسط» أن «مسلحي تنظيم داعش قاموا بإعدام شباب من البلدة وقعوا في أيدي المسلحين، بينما قام مسلحو التنظيم بتفجير مضيف رافع عبد الكريم الفهداوي شيخ عشائر البوفهد، وتفجير منزل قائد شرطة الخالدية السابق العقيد الشهيد مجيد حميد الفهداوي، وأن حالة من الهلع أصابت سكان بلدة حصيبة الشرقية بعد سيطرة مسلحي تنظيم داعش عليها، بينما نزحت مئات العائلات من البلدة».
وقد تمكن مسلحو تنظيم داعش من اجتياح خطوط دفاعات الشرطة العراقية ومقاتلي عشائر البوفهد ليبسطوا سيطرتهم على بلدة حصيبة الشرقية (15 كلم شرق الرمادي) وليقتربوا من قاعدة الحبانية (30 كلم شرق مركز محافظة الأنبار).
وقالت مصادر أمنية وعشائرية في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحي تنظيم داعش اخترقوا الخط الدفاعي للقوات الحكومية، عند منطقة حصيبة، بعدما كثف مسلحو التنظيم قصفهم الصاروخي على مواقع قوات الشرطة ومقاتلي العشائر». وأضافت المصادر أن القوات الحكومية تراجعت إلى الجزء الشرقي من المنطقة، وتنتظر مزيدا من التعزيزات، والضربات الجوية، لوقف تقدم مسلحي التنظيم.
وأعلن متحدث رسمي باسم قوات الحشد الشعبي التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية أمس انطلاق عملية تحرير مدينة الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار، «خلال أيام». وقال أحمد الأسدي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «عملية تحرير الأنبار تتطلب تحضيرات لأنها ليست سهلة».
وتلعب قوات الحشد الشعبي التي تجمع متطوعين يؤلف أغلبهم فصائل شيعية دورا مهما عبر وقوفها إلى جانب القوات الأمنية لمساندتها في استعادة السيطرة على منطقة الرمادي التي أصبحت، منذ الأحد الماضي، تحت سيطرة «داعش». وأضاف الأسدي، وهو نائب عن حزب الدعوة، أن «(داعش) سيطر على الرمادي وتمكن من السيطرة على بعض الأسلحة والمعدات، ونحن الآن نركز على توفير أكبر قدر من الأسلحة الحديثة والمهمة واللازمة لعملية تحرير الأنبار».
وأكد أن «العملية لن تبدأ خلال الساعات المقبلة، ولكن خلال أيام». وقال: «ستكون عملية واسعة يشارك فيها عشرات آلاف المقاتلين من القوات الأمنية والحشد الشعبي». وأوضح أن «الاستعدادات جارية لتهيئة كل مقدمات الدخول في العملية، واندفعت أفواج من الحشد الشعبي إلى خط التماس المباشر مع العدو لتأمين خطوط صد لمنع (داعش) من التمدد لمناطق أخرى كمرحلة أولى». وتابع: «وتجري استعدادات لاقتحام وتحرير المناطق التي يسيطر عليها (داعش) بالتنسيق مع الجيش وطيران الجيش والشرطة الاتحادية وكل القوى المشاركة في العملية».
ويعد الهجوم المقابل الذي تستعد القوات العراقية لتنفيذه المفتاح الرئيسي لمنع المتطرفين من فرض سيطرتهم على المنطقة، من خلال زرع عبوات ناسفة ووضع مناطق محصنة لهم. وتطالب القوات العراقية بتجهيز قواتها بالمعدات لمعالجة العبوات الناسفة التي تعد الأسلوب الرئيسي للمتطرفين لمواجهة القوات العراقية. وقام تنظيم داعش بشن نحو 30 هجوما خلال الأيام الثلاثة الماضية، التي تشير إلى سيطرته على مركز محافظة الأنبار.
واستخدم في بعض الهجمات شاحنات ضخمة وجرافات مدرعة محملة بأطنان من المواد المتفجرة، التي عادة ما تؤدي إلى وقوع انفجارات هائلة تسبب انهيار مبان كبيرة.
من جهتها، أعلنت مصادر عسكرية عراقية أن عمليات بغداد سمحت بعبور نحو 1500 عائلة نازحة إلى العاصمة بغداد بشرط وجود كفيل.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».