تصاعد الاحتجاجات في السودان للمطالبة بالحكم المدني

تظاهر في الخرطوم أمس آلاف المواطنين احتجاجاً على أحداث العنف التي شهدتها مدينة أم درمان الأحد الماضي، والتي أدت إلى مقتل متظاهر بالرصاص الحي وإصابة العشرات، وللمطالبة بمحاسبة المتورطين في مقتل المتظاهرين السلميين في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.وكانت «لجان مقاومة أم درمان» قد أعلنت عن مظاهرة مليونية بشارع الشهيد عبد العظيم، تحت شعار «أم درمان لن تنكسر»، وللتأكيد على صمود المدينة، واستمرارها في الحراك الجماهيري الداعي للحكم المدني. واستخدمت قوات الأمن والشرطة الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق الجموع الحاشدة، التي فرضت سيطرتها على شارع الأربعين، وأقامت المتاريس بالحجارة لحماية الموكب ومنع تقدم قوات الأمن.
كما أعلنت «لجان المقاومة بولاية الخرطوم» عن «تنظيمات شعبية في المدن والأحياء» لتصعيد حدة الاحتجاجات عبر المواكب السلمية والمتاريس، تنديداً باستخدام الأجهزة الأمنية العنف المفرط في مواجهة المتظاهرين السلميين.
من جهتها، سيرت «لجان مقاومة بحري» موكباً كبيراً انطلق من منطقة «المؤسسة» عبر جسر «شمبات»، قاطعاً عشرات الكيلومترات إلى «شارع الشهيد عبد العظيم» للمشاركة في الميلونية، وذلك للتعبير عن تضامنهم ضد أحداث العنف التي واجهها المتظاهرون في أم درمان.
وردد المحتجون شعارات: «الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب... والعسكر للثكنات». كما رفعت هتافات بعودة مسار الانتقال الديمقراطي عبر حكومة يقودها المدنيون. أما في شرق الخرطوم فقد تجمع الآلاف في موكب حاشد انطلق من الأحياء إلى شارع المشتل.
واتهمت «لجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية)» أجهزة الأمن السودانية باستخدام القوة المميتة ضد المواكب السلمية، بما ذلك استخدام «الخراطيش» التي سقط بها قتيل واحد وأصابت العشرات، بالإضافة إلى عرقلتها وصول المصابين إلى المستشفيات لتلقى الإسعافات، الأمر الذي عرض بعضهم للخطر.
ورصدت اللجنة في تقريرها عن أحداث أم درمان الأحد الماضي إصابة نحو77 شخصاً؛ بينها 3 بالرصاص الحي، و53 بطلق ناري متناثر من سلاح «الخرطوش»، وإصابات عديدة بعبوات الغاز المسيل للدموع وأجسام صلبة.
في سياق ذلك، حذرت «الآلية الثلاثية» للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة «إيقاد»، التي ترعى محادثات لحل الأزمة السياسية في البلاد، من استخدام قوات الأمن السودانية القوة المفرطة ضد الاحتجاجات السلمية، وطالبت بإجراء تحقيقات موثوقة في أحداث العنف.
وناشدت «الآلية» في بيان أول من أمس السلطات العسكرية الوقف الفوري للعنف، وإجراء تحقيقات موثوقة في جميع حوادث التعنيف، كما طالبت بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين؛ بمن فيهم أعضاء وقادة لجان المقاومة، ووقف جميع الاعتقالات، ورفع حالة الطوارئ. ودعت في بيان إلى تهيئة الظروف بسرعة لإنجاح العملية السياسية. كما أكدت «الآلية»، بوصفها راعية وميسرة للمحادثات بين الأطراف السودانية، استعدادها لدعم الجهود السودانية الرامية للتوصل إلى حل سياسي في أقرب وقت ممكن، بشكل يؤدي إلى العودة للنظام الدستوري والانتقال الديمقراطي.
وسقط أكثر من 96 قتيلاً، وأصيب المئات، في الاحتجاجات التي تنتظم البلاد منذ أكثر من 6 أشهر بسبب استيلاء الجيش على السلطة في البلاد.
يأتي ذلك في حين ترفض لجان المقاومة؛ التي تقود الحراك في الشارع، أي تفاوض أو شراكة أو شرعية مع العسكريين، وتطالبهم بالعودة إلى الثكنات وتسليم السلطة للمدنيين.