انقسم الناشطون السياسيون في الجزائر بين مؤيد ومتحفظ على إعلان موافقته بخصوص ما سُميت «مبادرة الرئيس للمّ الشمل» التي لا يعرف مضمونها على الرغم من تداولها منذ 3 أسابيع، رغم أن الجيش رمى بثقله الرمزي لإنجاح المبادرة، داعياً الجزائريين لدعمها بذريعة أن الجزائر «تتعرض إلى مؤامرات أجنبية وبحاجة لرص الصفوف لصدها».
وقال حزب «طلائع الحريات» في بيان، إن «أي مسعى للم الشمل والحوار لا يمكن أن يتم من دون توفر إرادة سياسية صادقة، واحترام الإرادة الشعبية، وإرساء أجواء من الثقة بين مختلف الفاعلين، ورفع كل أشكال التردد والشك». ودعا الحزب الذي أسسه رئيس الوزراء ومرشح انتخابات الرئاسة السابق، علي بن فليس، إلى «اتخاذ إجراءات تهدئة لوضع حد لكل أشكال التضييق على الحريات وعلى الفعل السياسي، وعلى نشاطات الأحزاب السياسية وحرية الصحافة، وإطلاق سراح سجناء الرأي، والحد من التعسف في استعمال الحبس الاحتياطي».
من جهتها، دعت «حركة الإصلاح الوطني» الأحزاب الموالية للسلطة والمعارضة لها، والمجتمع المدني، إلى تأييد ما سمته «مشروعاً نبيلاً وخطوة سياسية مهمة»، وأثنت على «رغبة الرئيس في إطلاق مصالحة بين الجميع دون إقصاء أحد». ويقود هذا الحزب الإسلامي فيلالي غويني الذي كان من أهم مؤيدي الرئيس تبون في حملة الترشح لانتخابات الرئاسة التي جرت نهاية 2019، والذي يشغل حالياً منصب سفير الجزائر لدى سلطنة عمان.
وعرفت الفكرة تأييد الأحزاب المعروفة بولائها للسلطة، وخصوصاً «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، بينما لم تعلن أحزاب المعارضة الكبيرة موقفها منها، وفضلت أن يعلن الرئيس عن تفاصيلها قبل إبداء الرأي.
وذكر الناشط السياسي المعارض، عبد العزيز رحابي، لـ«تلفزيون النهار»، أن «استمرار سجن الأشخاص وإغلاق الفضاءات الإعلامية، والتضييق على الأحزاب، لا يشجع على الحوار». مبرزاً أن «سيادة الدولة تصبح منقوصة عندما تكون تابعة للخارج بشكل كامل في مجال استيراد الدواء والمنتجات الصناعية».
وأكد الوزير والسفير السابق «ضرورة إحداث توافق وطني حول السياسة الخارجية للبلاد، وإطلاق نقاش عام حول الملفات المتصلة بمعيشة المواطنين، كالتعليم والصحة والحريات الجماعية والفردية». وكان رحابي أحد الشخصيات وقادة الأحزاب الذين استقبلهم الرئيس في الأيام الأخيرة، وخاض معهم حول الأوضاع الداخلية و«علاقات الجزائر المتوترة» مع بعض البلدان، و«المخاطر الأجنبية المحدقة بالبلاد».
وبحسب من تحدث معهم، فإنه لم تتم الإشارة من طرفه إلى وجود مشروع لـ«المصالحة ولمّ الشمل».
والأسبوع الماضي، صرح تبون خلال زيارة رسمية إلى تركيا، بأن المقصود بـ«لمّ الشمل» هو أنه يعتزم عقد مؤتمر مع كل الأحزاب «قريباً»؛ لكن حديثه لم يُزِل الغموض عن المسعى.
ومن جانب هيئات الدولة، فقد لقيت «مبادرة الرئيس» دعماً كبيراً من غرفتي البرلمان «مجلس الأمة» و«المجلس الشعبي الوطني».
كما وضع الجيش بثقله في القضية معلناً انخراطه فيها؛ إذ قال رئيس أركان الجيش، الفريق سعيد شنقريحة، أول من أمس، أثناء وجوده بمنشأة عسكرية بوهران (غرب)، إن «المبادرة تنم بحق عن الإرادة السياسية الصادقة للسلطات العليا للبلاد، من أجل لم الشمل، واستجماع القوى الوطنية، لا سيما في هذه الظروف الدولية الراهنة»؛ مبرزاً أنه «يشد على أيدي كافة أبناء الوطن الأعزاء لتغليب المصلحة العليا للوطن، والانخراط بقوة في هذه المبادرة الصادقة، المستلهمة من قيم أمتنا العريقة ومبادئ ثورتنا الخالدة، والمتوافقة مع تطلعات شبابنا المشروعة إلى غد أفضل»، مضيفاً: «أعداؤنا يدركون أن سرّ قوتنا يكمن في وحدتنا، وبالتالي فهم يعملون ليل نهار، وبكل الطرق والوسائل المتاحة على ضرب هذه الوحدة، من خلال بث خطاب الفتنة والتفرقة والكراهية بين مكونات الشعب الواحد، وانتهاج أسلوب التضليل ونشر الأخبار الكاذبة والشائعات، من أجل خلق الفوضى وعدم الاستقرار ببلادنا».
«مسعى اليد الممدودة» يُقسّم الفاعلين السياسيين في الجزائر
«مسعى اليد الممدودة» يُقسّم الفاعلين السياسيين في الجزائر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة