طاجيكستان: مقتل «زعيم جماعة إرهابية» شرق البلاد

دبابات طاجيكية خلال تدريبات عسكرية مشتركة بين روسيا وأوزبكستان وطاجيكستان في ساحة تدريب حرب ميدون الواقعة بالقرب من الحدود الأفغانية  أغسطس 2021 "رويترز "
دبابات طاجيكية خلال تدريبات عسكرية مشتركة بين روسيا وأوزبكستان وطاجيكستان في ساحة تدريب حرب ميدون الواقعة بالقرب من الحدود الأفغانية أغسطس 2021 "رويترز "
TT

طاجيكستان: مقتل «زعيم جماعة إرهابية» شرق البلاد

دبابات طاجيكية خلال تدريبات عسكرية مشتركة بين روسيا وأوزبكستان وطاجيكستان في ساحة تدريب حرب ميدون الواقعة بالقرب من الحدود الأفغانية  أغسطس 2021 "رويترز "
دبابات طاجيكية خلال تدريبات عسكرية مشتركة بين روسيا وأوزبكستان وطاجيكستان في ساحة تدريب حرب ميدون الواقعة بالقرب من الحدود الأفغانية أغسطس 2021 "رويترز "

أفادت شرطة طاجيكستان أول من أمس، بأن قيادياً مناوئاً للحكومة لقي حتفه في شرق هذه الجمهورية السوفياتية السابقة، وذلك عقب احتجاجات تسببت في اشتباكات دامية بين القوات الحكومية والسكان المحليين في المنطقة الحدودية مع أفغانستان والصين.
وقالت وزارة الداخلية الطاجيكية في بيان نشرته وكالة «خوفار» الرسمية، إن مامادبوكيروف الذي وصفته بأنه «زعيم جماعة إرهابية» قُتل «نتيجة اشتباكات داخلية لجماعات إجرامية» في منطقة غورنو باداخشان التي تتمتع بالحكم الذاتي.
وكان مامادبوكيروف هدفاً رئيسياً للحكومة في «عملية مكافحة الإرهاب» رداً على احتجاجات شملت مطالب بتنحي حاكم المنطقة.
وفي حين اعتبرت السلطات أن الصراعات بين العصابات الإجرامية تقف وراء مقتل مامادبوكيروف، إلا أنه من المرجح أن يشكك بهذا الإعلان سكان المنطقة التي سعت الحكومة منذ فترة طويلة لإخضاعها.
وكانت منطقة غورنو باداخشان التي تتمتع بحكم ذاتي وتعرف بالاسم المختصر «غباو» الذي يعود للحقبة السوفياتية، نقطة توتر دائمة منذ انتهاء الحرب الأهلية التي استمرت خمس سنوات في التسعينات. وشارك مامادبوكيروف وغيره من القادة المؤثرين في المنطقة في قتال القوات الحكومية خلال تلك الحرب، لكن تم دمجهم لاحقاً في مؤسسات الدولة كجزء من اتفاق السلام الذي ساعدت روسيا في التوصل إليه. وعمل مامادبوكيروف في قوة حرس الحدود بعد الحرب، وفق تقارير إعلامية، لكنه لم يشغل منصباً حكومياً في السنوات الأخيرة. وأضافت وزارة الداخلية أن الاشتباكات التي وقعت هذا الأسبوع، أودت بحياة ثمانية رجال وصفتهم الحكومة بأنهم «متشددون» وضابط أمن، رغم أن الروايات غير الرسمية تشير إلى حصيلة قتلى أعلى.
وتعد جولة العنف هذه أخطر تصعيد في منطقة غورنو باداخشان منذ عام 2012 عندما قتل العشرات خلال عملية للجيش. وقالت الشرطة الخميس، إن 114 «من أعضاء جماعة إرهابية» اعتقلوا في مداهمات تبعت الاشتباكات، فيما لا يزال ثمانية آخرون من المجموعة طلقاء.
وأعلنت شرطة طاجيكستان الخميس، اعتقال أكثر من 100 شخص الأربعاء، في عملية «مكافحة إرهاب» بشرق الدولة الواقعة في آسيا الوسطى التي تشهد اشتباكات مسلحة باستمرار.
وقُتل تسعة أشخاص بينهم عسكري وثمانية أعضاء في «جماعة مسلحة غير شرعية» الأربعاء، في العملية التي شُنّت في منطقة غورنو باداخشان المتمتعة بالحكم الذاتي والواقعة قرب الحدود مع أفغانستان. وبحسب بيان أصدرته وزارة الداخلية الطاجيكية، تم اعتقال 114 شخصاً من «أعضاء جماعة إرهابية» لم تذكر اسمها. وكانت حصيلة أولية أصدرتها الوزارة أفادت باعتقال أكثر من 70 شخصاً. وغورنو باداخشان المتمتعة بالحكم الذاتي منطقة جبلية شاسعة في جبال بامير وتمثل نحو نصف مساحة طاجيكستان، ولكن لا يسكنها سوى 200 ألف شخص من سكان البلاد البالغ عددهم تسعة ملايين. وتقع المنطقة على الحدود مع أفغانستان والصين وقرغيزستان. وكانت السلطات الطاجيكية قد قطعت الإنترنت في أنحاء المنطقة منذ أشهر.
وطاجيكستان الواقعة في آسيا الوسطى هي أفقر جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، وتعيش إلى حد كبير بفضل تحويلات عمالها المهاجرين في روسيا. وشهد البلد في التسعينات حرباً أهلية دامية مع إسلاميين ومعارضين للنظام الحاكم. ويقود البلاد منذ عام 1992، إمام علي رحمن الذي تشجب كثير من المنظمات غير الحكومية والعواصم الغربية نزوعه الاستبدادي. وكانت الاشتباكات بين القوات الطاجيكية وجماعات مسلحة، ومع إسلاميين وتجار مخدرات من أفغانستان، شائعة جداً في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ثم تراجعت في العقد التالي. ومع ذلك، تشهد البلاد أعمال عنف باستمرار.


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 6.8 درجة يضرب شرق طاجيكستان

العالم منطقة غورنو باداخشانالتي ضربها الزلزال تعرضت لانهيار جليدي الأسبوع الماضي (رويترز)

زلزال بقوة 6.8 درجة يضرب شرق طاجيكستان

ضرب زلزال بقوة 6.8 درجات شرق طاجيكستان، صباح اليوم (الخميس)، بحسب ما أعلنت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، مشيرة إلى أنّ مركزه يقع على عمق 20.5 كيلومتراً. وأضافت الهيئة الأميركية أنّ تقديراتها تشير إلى أنّ "عدداً ضئيلاً إلى معدوم من السكّان" معرّضون لانهيارات أرضية من جرّاء هذا الزلزال. وحدّدت الهيئة مركز الزلزال في غورنو-باداخشان وهي منطقة تتمتّع بحكم شبه ذاتي وتقع في شرق طاجيكستان على الحدود مع كلّ من أفغانستان والصين. وبعد نحو 20 دقيقة على الزلزال، وقعت هزّة ارتدادية بلغت قوّتها 5.0 درجات، بحسب المصدر نفسه. ومنطقة غورنو-باداخشان يقطنها عدد قليل من السكان وتحيط بها جبال بامير الشاهقة.

«الشرق الأوسط» (دوشانبي)
العالم جنود في قرغيزستان يحملون نعش أحد قتلاهم أمس (أ.ب)

اتهامات متبادلة بين قرغيزستان وطاجيكستان بخرق الهدنة

تبادلت قرغيزستان وطاجيكستان التهم السبت، بانتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في الليلة الماضية، عقب مواجهات مسلحة دامية في نقاط عديدة على الحدود بين البلدين الواقعين في آسيا الوسطى. وأكد حرس الحدود القرغيزيون في بيان، أن جيش طاجيكستان فتح النار 4 مرات صباحاً، لا سيما بقذائف الهاون على مواقع عسكرية حدودية في قرغيزستان. وحصلت المواجهات في منطقتي أوش وباتكين بجنوب قرغيزستان. من جهته، أكد حرس الحدود الطاجيكي عبر وكالة الأنباء الوطنية «خوفار»، أن الوضع على الحدود «مستقر نسبياً».

«الشرق الأوسط» (بشكيك)
العالم جنود من قيرغيزستان عند قرية كوك تاش القريبة من حدود قرغيزستان وطاجيكستان (أرشيفية- أ.ب)

بعد تصعيد حدودي أوقع عشرات الجرحى... هدنة بين قرغيزستان وطاجيكستان

أعلنت قرغيزستان اليوم (الجمعة)، وقف إطلاق النار مع طاجيكستان، على أثر تصعيد في المواجهات الحدودية بين البلدين الواقعين في آسيا الوسطى أوقع أكثر من 30 جريحاً. وأعلن جهاز حرس الحدود في قرغيزستان، في بيان، أن «رئيسي لجنتي الأمن القومي في قرغيزستان وطاجيكستان كامتشي بيك تاشييف وسايمومين ياتيموف توصلا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار» اعتباراً من الساعة 16:00 بالتوقيت المحلي (10:00 ت غ). وكانت قرغيزستان قد اتّهمت اليوم (الجمعة)، طاجيكستان بقصف مدينة حدودية بالأسلحة الثقيلة، في تصعيد أوقع أكثر من 30 جريحاً، في حين دعت روسيا إلى «تدابير عاجلة» لوضع حد للتأزم. وعادةً ما تشهد الحدود بين طاجيكستان وقرغيزستان

«الشرق الأوسط» (بشكيك)
العالم طاجيكستان تعتمد {القوة} للسيطرة على شرقها {المتمرد}

طاجيكستان تعتمد {القوة} للسيطرة على شرقها {المتمرد}

تعد مقاطعة غورنو باداخشان الجبلية في طاجيكستان التي تعرف بالمناظر الطبيعية الخلابة و«طريق بامير السريع» الشهير، جنة للسياح المغامرين، لكن المنطقة تملك جانباً مظلماً... ففي الأسابيع الأخيرة، أطلقت الحكومة حملة صارمة على هذه المنطقة المتاخمة للصين وأفغانستان، التي حاولت الانفصال عن دوشانبي عام 1992. في هذه الحملة التي تسميها السلطات «عملية لمكافحة الإرهاب»، قتل 17 شخصاً على الأقل وأوقف أكثر من مائتين، فيما يحد قطع الاتصالات من المعلومات الواردة من المنطقة.لكن بالنسبة إلى البعض، الهدف الحقيقي من تلك الحملة هو التخلص من القادة المحليين الذين قاوموا سلطة الرئيس إمام علي رحمن.

«الشرق الأوسط» (ألماتي)
العالم لافتات ضخمة تعلن عن بطاقة الدفع الوطنية خلف النصب التذكاري للمدافعين البطوليين للينينغراد في ساحة النصر في سانت بطرسبرغ ( ا ب ا )

طاجيكستان تعلن مقتل قياديَين في «جماعة إجرامية»

أعلنت الأجهزة الأمنية في طاجيكستان الأحد مقتل قياديَين في "جماعة إجرامية" شرق الدولة الواقعة في آسيا الوسطى". وقالت وكالة أنباء خوفار الرسمية إن خورساند مزوروف وزهير رجبوف "أظهرا مقاومة مسلحة" باستخدام قنابل يدوية وبنادق لكن تمت "تصفيتهما". وتشهد منطقة غورنو باداخشان المتمتعة بالحكم الذاتي اشتباكات دورية منذ نهاية الحرب الأهلية في طاجيكستان في التسعينيات". وتنفذ السلطات عملية "لمكافحة الإرهاب" منذ منتصف مايو أيار في هذه المنطقة الشاسعة في سلسلة جبال بامير المتاخمة للصين وأفغانستان والتي تمثل نحو نصف مساحة طاجيكستان ولكنها موطن لنحو 200 ألف فقط من بين تسعة ملايين ساكن".


جوليان أسانج ينال حريته... كيف بدأت قصة مؤسس «ويكيليكس» وكيف انتهت؟

جوليان أسانج يظهر وهو يضع جهازاً على كاحله في المنزل الذي طُلب منه الإقامة فيه بالقرب من بونغاي بإنجلترا عام 2011 (أ.ب)
جوليان أسانج يظهر وهو يضع جهازاً على كاحله في المنزل الذي طُلب منه الإقامة فيه بالقرب من بونغاي بإنجلترا عام 2011 (أ.ب)
TT

جوليان أسانج ينال حريته... كيف بدأت قصة مؤسس «ويكيليكس» وكيف انتهت؟

جوليان أسانج يظهر وهو يضع جهازاً على كاحله في المنزل الذي طُلب منه الإقامة فيه بالقرب من بونغاي بإنجلترا عام 2011 (أ.ب)
جوليان أسانج يظهر وهو يضع جهازاً على كاحله في المنزل الذي طُلب منه الإقامة فيه بالقرب من بونغاي بإنجلترا عام 2011 (أ.ب)

بعد نزاع طويل استمر 14 عاماً مع القضاء الأميركي، مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج حر!

وغادر جوليان أسانج عصر أمس (الاثنين) بريطانيا؛ حيث كان مسجوناً منذ 5 سنوات في سجن مشدد الحراسة، فيما يعد نهاية مفاجئة لملحمة قانونية، أثارت قضايا تتعلق بالأمن القومي وحريات الصحافة والسياسة والدبلوماسية.

وانتشر الخبر بُعيد إعلان القضاء الأميركي أنه أبرم اتفاقاً مع الأسترالي المثير للجدل، جوليان أسانج، للاعتراف بذنبه مقابل إخلاء سبيله.

وفي التفاصيل، توصل جوليان أسانج إلى اتفاق مع القضاء الأميركي، يعترف بموجبه بذنبه في التهم المتعلقة بفضح أسرار عسكرية، مقابل إطلاق سراحه، منهياً بذلك سنوات من النزاع القانوني، وفقاً لوثائق قضائية نُشرت مساء الاثنين.

أين أسانج الآن وماذا سيحصل؟

وفور نشر الوثائق القضائية، قال «ويكيليكس» إن أسانج (52 عاماً) غادر صباح الاثنين سجن بلمارش، وإن القضاء البريطاني أخلى سبيله من السجن عصراً بكفالة.

استقل أسانج رحلة من مطار ستانستيد في لندن يوم الاثنين، وغادر على متنها المملكة المتحدة.

وبموجب هذا الاتفاق، سيتقدم أسانج بالاعتراف بتهمة «التآمر للحصول على معلومات سرية تتعلق بالدفاع الوطني، والكشف عنها»، عند مثوله أمام محكمة فيدرالية في جزر ماريانا الأميركية، الواقعة في المحيط الهادئ، غداً (الأربعاء).

مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج يصعد على متن طائرة مغادراً لندن (رويترز)

وأمضي جوليان أسانج 1901 يوم في سجن بلمارش شديد الحراسة، وفق ««ويكيليكس».

وبموجب شروط الاتفاقية، سيسعى ممثلو الادعاء في وزارة العدل الأميركية إلى الحكم عليه بالسجن لمدة 62 شهراً، وهو ما يعادل مقدار الوقت الذي قضاه أسانج في المملكة المتحدة، خلال نضاله ضد تسليمه، حسب شبكة «سي إن إن».

وتنص صفقة الإقرار بالذنب على احتساب الوقت الذي قضاه أسانج، مما يسمح له بالعودة على الفور إلى أستراليا. ولا يزال يتعين الموافقة على الصفقة من قبل قاضٍ اتحادي، وفق الشبكة.

ونظراً لأن أسانج كان مقاوماً لدخول القارة الأميركية للإقرار بذنبه، فإن القاضي سيعقد جلسة الاستماع والحكم معاً يوم الأربعاء في سايبان، في جزر ماريانا الشمالية، وفقاً لرسالة قدمها المدعون.

يشار إلى أن سلسلة جزر المحيط الهادئ هي منطقة أميركية تقع على بعد نحو 6 آلاف كيلومتر (3700 ميل) غرب هاواي، وتوجد محكمة محلية اتحادية أميركية في العاصمة سايبان.

وقال ممثلو الادعاء إن الجزر أيضاً أقرب إلى أستراليا؛ حيث موطن أسانج، ومن المتوقع أن يعود إليها بعد جلسة المحكمة.

جوليان أسانج يلوح بيده من نافذة سيارة خلال إخراجه من محكمة في لندن (أ.ف.ب)

عودة الى البدايات... كيف ذاع اسم جوليان أسانج؟

ولد جوليان أسانج في عام 1971 في تاونسفيل بولاية كوينزلاند، شمالي أستراليا، وعاش طفولته في ترحال مع والديه اللذين كانا يديران مسرحاً جوالاً، حسب شبكة «بي بي سي». ورُزق بطفل وهو في سن الـ18، وسرعان ما خاض معارك قضائية بشأن حق حضانة الطفل.

ووفَّر تطور الإنترنت لأسانج فرصة لاستخدام تفوقه في مجال الرياضيات؛ لكنه سبب له مصاعب؛ إذ واجه مع صديق له في عام 1995 اتهامات بارتكاب عشرات من أعمال القرصنة الإلكترونية. وألقي القبض عليه وأقر بذنبه.

ودفع أسانج كفالة بعدة آلاف من الدولارات الأسترالية كي يظل خارج السجن، بشرط ألا يكرر فعلته.

وأمضى بعد ذلك 3 أعوام يعمل مع الباحثة الأكاديمية سويليت دريفوس؛ حيث كانت تجري أبحاثاً تتعلق بالجانب التخريبي الناشئ من الإنترنت، وأعد معها كتاب «العالم السفلي» الذي بات من أكثر المؤلفات المتعلقة بالكومبيوتر مبيعاً.

جوليان أسانج متوجهاً نحو الطائرة لمغادرة بريطانيا بعد الإفراج عنه (أ.ف.ب)

موقع «ويكيليكس»

دشن جوليان أسانج موقع «ويكيليكس» في عام 2006، مع مجموعة من أصحاب الأفكار المماثلة لأفكاره، مبتكراً ما يُطلق عليه «علبة رسائل ميتة» على الإنترنت، لمن يريد نشر أي تسريبات.

وقال أسانج لـ«بي بي سي» في عام 2011: «كان علينا أن نوزع الأصول، ونشفر كل شيء، وننقل الاتصالات السلكية واللاسلكية وكذلك الأفراد حول العالم، لإبقاء مصادرنا في أمان. ولتفادي قوانين الحماية في دول تشريعاتها القضائية مختلفة».

وتبنى أسانج نمط حياة أشبه بالبدو الرحالة، ليدير «ويكيليكس» من مواقع مؤقتة ومتغيرة.

ولدى أسانج القدرة على أن يمضي أياماً عدة بلا طعام، منكبّاً على العمل، ومن دون نوم لساعات كافية، حسب مجلة «نيويوركر».

انطلق موقع «ويكيليكس» عام 2006 (متداولة)

وفي عام 2010، لفت موقع «ويكيليكس» الاهتمام العالمي، عندما نشر مقطع فيديو زعم أنه يظهر هجوماً مميتاً بطائرة هليكوبتر أميركية في العراق عام 2007.

وبعد فترة وجيزة، نشرت «ويكيليكس» آلاف الوثائق العسكرية الأميركية السرية المتعلقة بالحروب في العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى مجموعة من البرقيات الدبلوماسية.

ووصف أسانج الوثائق سابقاً لشبكة «سي إن إن» بأنها «أدلة دامغة على جرائم حرب» ارتكبتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة والقوات الحكومية العراقية.

تهم أسانج

وكان أسانج مطلوباً من قبل السلطات الأميركية بتهم التجسس المرتبطة بنشر «ويكيليكس» مئات الآلاف من الوثائق العسكرية والحكومية الحساسة التي قدمتها محللة الاستخبارات العسكرية السابقة تشيلسي مانينغ، في عامي 2010 و2011.

تشيلسي مانينغ كانت تعمل محللة للجيش الأميركي في العراق (رويترز)

واتهمت الولايات المتحدة أسانج بتعريض حياة مصادر سرية للخطر، من خلال نشر البرقيات غير المفلترة، وكانت تسعى منذ سنوات لتسليمه.

واجه 18 تهمة لدوره المزعوم في الانتهاك، وواجه عقوبة تصل إلى 175 عاماً في السجن حداً أقصى. وطلبت السلطات البريطانية تطمينات من الولايات المتحدة بأنه لن يُحكَم عليه بالإعدام.

كيف بدأت القضية... وانتهت؟

عام 2009، قامت محللة استخبارات الجيش الأميركي، المعروفة الآن باسم تشيلسي مانينغ، بتنزيل مجموعات كبيرة من المستندات من شبكة كومبيوتر سرية، وتحميلها على «ويكيليكس»، وفق تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» سلسل أحداث القضية.

وتتضمن هذه الوثائق شريط فيديو لضربة شنتها طائرة هليكوبتر أميركية في بغداد، قُتل فيها مصور «رويترز»، وسجلات حوادث من حربَي أفغانستان والعراق، وأكثر من 250 ألف برقية دبلوماسية من السفارات الأميركية في جميع أنحاء العالم، ومئات الملفات التي تجمع مزاعم استخباراتية ضد معتقلي غوانتانامو.

في عام 2010، بدأ «ويكيليكس» نشر المادة، وبدا حينها أن «ويكيليكس» قد يكون لديه مصادر عدَّة داخل الحكومة الأميركية، مما أدى إلى اكتساب أسانج شهرة عالمية. وفي نهاية المطاف، تم القبض على مانينغ، وتم التعرف عليها على أنها مصدر تسريب الوثائق الأميركية السرية.

فتحت وزارة العدل تحقيقاً في «ويكيليكس»، وناقشت إدارة أوباما (الرئيس الأميركي آنذاك) داخلياً، ما إذا كان يمكنها اتهام أسانج بارتكاب جريمة من دون خلق سابقة من شأنها الإضرار بحرية الصحافة.

أصدرت السويد مذكرة اعتقال بحق أسانج فيما يتعلق بالتحقيق في اعتداء جنسي. وبدأت بطاقات الائتمان والبنوك في رفض معالجة التبرعات لموقع «ويكيليكس».

في عام 2012، طلب جوليان أسانج اللجوء من الإكوادور، بعد أن خسر استئنافه لمذكرة الاعتقال السويدية في بريطانيا. منحته الإكوادور اللجوء بناءً على ادعائه الاضطهاد السياسي، والخوف من إمكانية إرساله إلى الولايات المتحدة. وقضى السنوات السبع متحصناً في السفارة.

في عام 2016، نشر «ويكيليكس» رسائل بريد إلكتروني مخترقة من الديمقراطيين، وذلك في ذروة الحملة الرئاسية بين هيلاري كلينتون ودونالد ترمب.

في 2019، تم القبض على أسانج. المدعون السويديون أوقفوا تحقيقهم مع أسانج. الإكوادور ألغت لجوءه، ودعت الشرطة البريطانية لدخول السفارة واعتقاله لانتهاكه الكفالة. وحُكم عليه في نهاية المطاف بالسجن لمدة 50 أسبوعاً لهذه الجريمة.

كشفت الولايات المتحدة عن لائحة الاتهام الأولية، وأضافت إليها فيما بعد اتهامات أخرى. وواجه أسانج في النهاية مجموعتين من الاتهامات: إحداهما مؤامرة متعلقة بالقرصنة، بزعم محاولته مساعدة مانينغ وتشجيع المتسللين على سرقة أسرار أميركية، وإرسالها إلى «ويكيليكس». أما المسألة الأخرى -والتي تحمل آثاراً كبيرة على حريات الصحافة- فهي تتعلق بما إذا كان قد انتهك قانون التجسس من خلال التماس ونشر أسرار الأمن القومي الأميركي.

ناشطون يحملون لافتات خارج محكمة وستمنستر في لندن عام 2022 تطالب بالإفراج عن مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج (أ.ف.ب)

في عام 2021، منع قاضٍ بريطاني تسليم أسانج إلى الولايات المتحدة، على أساس أنه قد يكون معرضاً لخطر الانتحار إذا كان محتجزاً في سجن أميركي.

لكن الولايات المتحدة أكدت لبريطانيا أنها لن تحتجزه في ظل أكثر الظروف تقشفاً المخصصة للسجناء شديدي الحراسة، وأنه إذا تمت إدانته، فيمكنه قضاء عقوبته في موطنه أستراليا. وبناءً على تلك التأكيدات، قضت محكمة بريطانية لاحقاً بإمكانية تسليمه، ولكن تبع ذلك سنوات من الاستئنافات الإضافية.

في عام 2022، مجموعة من المؤسسات الإخبارية التي عملت مع «ويكيليكس» في نشر تسريبات مانينغ، طلبت من إدارة بايدن إسقاط التهم الموجهة إلى أسانج.

وقالت رسالتهم إن اتهام مثل هذه الأنشطة ذات الطابع الصحافي بأنها جريمة «يشكل سابقة خطيرة» تهدد بتقويض التعديل الأول للدستور وحرية الصحافة.

بين عامي 2022 و2024، استأنف أسانج قرار تسليمه، وشق طريقه عبر المحاكم البريطانية.

وكان من المقرر عقد الجلسة التالية في يوليو (تموز) المقبل، عندما أعلنت وثائق المحكمة أنه أبرم صفقة إقرار بالذنب مع الولايات المتحدة.