ثاني عاصفة ترابية خلال أسبوع تجتاح السعودية والكويت والعراق

كتل كثيفة من الغبار تغطي سماء السعودية (تصوير: بشير صالح)
كتل كثيفة من الغبار تغطي سماء السعودية (تصوير: بشير صالح)
TT

ثاني عاصفة ترابية خلال أسبوع تجتاح السعودية والكويت والعراق

كتل كثيفة من الغبار تغطي سماء السعودية (تصوير: بشير صالح)
كتل كثيفة من الغبار تغطي سماء السعودية (تصوير: بشير صالح)

غطت كتل كثيفة من الغبار سماء السعودية والكويت، بسبب عاصفة ترابية كبيرة، تسببت في توقف مؤقت لحركة الملاحة الجوية في مطار الكويت الدولي، ظهر أمس الاثنين، فيما حذرت الجهات المعنية بالمملكة من أخذ الحيطة والحذر، مما تسببه هذه الموجة من انعدام في الرؤية، وتأثير على أصحاب الأمراض التنفسية المزمنة.
واجتاحت موجة الغبار الكثيف مدناً ومناطق شمال وشرق السعودية، أمس، وهي الثانية خلال أسبوع واحد. وقد حذرت هيئة الأرصاد وحماية البيئة السعودية، من استمرار تأثير الرياح النشطة المثيرة للأتربة والغبار.
وقال حسين القحطاني المتحدث الرسمي لهيئة الأرصاد، إن أجواء فصل الربيع التي ما زلنا نعيشها، عادة ما تكون الرياح النشطة السمة السائدة لها في معظم سماء المملكة، وتشهد أحياناً عواصف ترابية كتلك التي اجتاحت مناطق البلاد أمس، وهي الثالثة خلال شهر مايو (أيار) فقط.
وأشار القحطاني في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أن العواصف الترابية التي تجتاح المملكة، يكون معظمها نتيجة تأثيرات خارجية، تضرب الدول المجاورة شمال المملكة، ومن ثَم تنتقل إليها، وتتراوح سرعة رياحها من 40 إلى 60 كيلو في الساعة، وينعكس معظم التأثير على شمال وشرق ووسط المملكة، بالإضافة إلى المناطق الجنوبية الداخلية مثل نجران.

عاصفة ترابية تضرب العاصمة الكويتية وتحجب الرؤية وتعطل رحلات الطيران (كونا)  -  الجهات الرسمية الكويتية تحذر من الآثار الصحية للعاصفة الترابية (إ.ب.أ)

وعن أهمية الاستجابة العاجلة لتلافي أي آثار صحية على الأفراد، أو الطلاب أثناء اليوم الدراسي، قال القحطاني، إن المركز الوطني للأرصاد يعمل في إطار آلية واضحة، ومن ذلك نظام الإنذار المبكر الذي يعمل على مدار الساعة، وآليات دقيقة في متابعة الظواهر الجوية المحتملة، لتزويد الأفراد والجهات المستفيدة، ومساعدتها في وضع الخطط المناسبة للتعامل مع الحالة، ومجرد ما تتلقى المعلومات تبدأ باتخاذ الإجراءات، ومنها ما تقدمه وزارة الصحة من التوعية بالآثار العامة للحالات الجوية، والدفاع المدني والتوجيهات التي يصدرها بهذا الخصوص.
وفي وقت مبكر من صباح أمس، رصد المركز الوطني للأرصاد تكوّن عاصفة رملية نتيجة رياح شديدة في الساعة شمال المملكة، ونبه إلى أن تأثير تلك التقلبات الجوية سيمتد إلى المناطق الشرقية والوسطى للمملكة، ومن ذلك مدينة الرياض. بالإضافة إلى امتداد تأثير حالة الطقس على طول القطاع الغربي للمملكة، وتأثر مناطق تبوك‬ ومكة المكرمة‬ والمدينة المنورة‬، بالأتربة المثارة وارتفاع الأمواج، ودعا المركز الوطني إلى متابعة معلومات الطقس من المصادر الرسمية، والالتزام بتعليمات الجهات المعنية للتعامل مع الحالة الجوية.
وتداول ناشطون على موقع «تويتر» مقاطع فيديو تظهر غمامة كثيفة من التراب تغطي سماء مدن سعودية، بينها حفر الباطن، ورفحاء، وعرعر، مما أدى لانعدام الرؤية الأفقية.
وتكومت طبقات من الرمل على أسطح البنايات والسيارات في المناطق المتأثرة بالحالة الجوية، كما وجدت الأتربة المثارة طريقها إلى داخل المنازل، ونبه الدفاع المدني السعودي إلى ضرورة البقاء في المنزل، خصوصاً للمصابين بأمراض تنفسية، وعدم الخروج إلا عند الضرورة، وذلك لضمان سلامتهم من تأثير هبوب الرياح والعواصف الرملية.

طفل عراقي وسط غبار العاصفة الترابية (أ.ف.ب)

وتعرف منطقة الشرق الأوسط هبوب العواصف الترابية بشكل متكرر، غير أن وتيرتها تصاعدت خلال السنوات الأخيرة، ويعزوها الخبراء إلى تفاقم مشكلة الجفاف ونقص التشجير وزيارة مساحات التصحر، وتشهد العراق زيارات مكثفة لظاهرة العواصف الترابية خلال الأسابيع القليلة الماضية، تتسبب في شلل عام لمدنها الرئيسية وتعطل الفضاءات العامة وحركة الملاحة الجوية، ويمتد تأثيرها بتفاوت في الدرجة إلى المناطق والدول المجاورة لها، منها سوريا والكويت والسعودية.
وملأ الغبار أمس أيضاً، سماء العاصمة العراقية بغداد، ومناطق أخرى في البلاد وصولاً إلى أربيل، ما تسبب بأكثر من ألف حالة اختناق، ودفع السلطات إلى تعطيل الدوام الرسمي في الإدارات وتعليق الحركة الجوية مؤقتاً.
العاصفة الترابية الجديدة التي ضربت العراق، ليل الأحد، وبدأت تخف وتيرتها وتتراجع في الظهيرة، جددت المخاوف بين المواطنين من التحذيرات التي صدرت في وقت سابق بتوقع المزيد من هذه الظاهرة المناخية، وذلك مع تصاعد مشاعر الخوف والقلق أيضاً تجاهها.
وكانت تقارير أممية سابقة تحدثت عن إمكانية أن يتعرض العراق إلى نحو 300 عاصفة ترابية في العام الواحد، مع استمرار حالة الجفاف وعدم اتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهتها.
وطبقاً لبعض التقارير البيئية، فإن نحو 92 في المائة من الأراضي العراقية معرضة للجفاف والتصحر في السنوات المقبلة وتفقد البلاد كل عام نحو 100 ألف دونم زراعي سنوياً بسبب الجفاف.
وقال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن «التوقعات تشير إلى احتمالية حدوث موجات نزوح بسبب الجفاف والعواصف الترابية، وخصوصاً من المناطق الجنوبية، وهذا تحذير يحتم على الحكومة العراقية اتخاذ السبل الكفيلة للحفاظ على حياة المدنيين ومنع النزوح المتوقع».

الغبار يغطي سماء السعودية (تصوير: بشير صالح)

مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

اشتباكات سورية جديدة تُهدّد خرائط النفوذ القديمة

سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات سورية جديدة تُهدّد خرائط النفوذ القديمة

سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)

غيّرت التحركات العسكرية حول حلب لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات خرائط السيطرة ومناطق النفوذ في شمال غربي سوريا، وحرّكت حدود التماس بين جهات سورية محلية متصارعة، وقوات إقليمية ودولية منتشرة في تلك البقعة الجغرافية.

وتشي سخونة العمليات العسكرية بأن الهجوم قد يتمدد إلى كامل الشمال السوري، وينذر بإشعال جبهة شمال شرقي البلاد الخاضعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

وكانت روسيا وتركيا، اتفقتا في مارس (آذار) 2020 على تفاهمات تكرّس خفض التصعيد ووقف إطلاق النار شمال غربي سوريا، بعد سنوات من دعم موسكو للقوات الحكومية السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد، ومساندة أنقرة لفصائل مسلحة معارضة.

دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب 29 نوفمبر (أ.ب)

الخبير العسكري والمحلّل السياسي عبد الناصر العايد قال لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة حلب وحدودها الإدارية خارج دائرة الهجوم، حتى الآن، سيما مركز المدينة نظراً لتشابك وتعقد الحسابات الدولية وخضوعها لتفاهمات روسية - تركية أعقبت الاتفاقية الموقّعة عام 2020.

وتوقع العايد أن يصبح «التركيز بالدرجة الأولى على إخراج الميليشيات الإيرانية من المنطقة، وأن تستمر المعارك بشكل أعنف في قادم الأيام لتشتعل مناطق جغرافية تمتد بين ريف إدلب الشرقي والجنوبي، إلى جانب ريف حلب الغربي والشمالي».

حسابات إقليمية

وتخضع مدينة إدلب ومحيطها ومناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة لـ«هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة معارضة أقل نفوذاً، ويسري منذ 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته روسيا الداعمة لدمشق؛ وتركيا التي تدعم الفصائل المسلحة المعارضة بعد هجوم واسع شنّته القوات النظامية بدعم روسي واستعادت آنذاك مناطق شاسعة من قبضة تلك الفصائل.

ويرجع الخبير العسكري عبد الناصر العايد، وهو ضابط سوري سابق منشق يقيم في فرنسا، تقدم الفصائل المسلحة ووصولهم نحو مدخل حلب الغربي، إلى: «شدة الهجوم وزخم التحشيد الذي أُعد له منذ أشهر»، مشيراً إلى أن «المعارك ستتركز في تخوم حلب الغربية والجنوبية، ومناطق شرق إدلب وصولاً إلى معرة النعمان».

وباتت الطريق الدولية السريعة (إم 5) التي تربط مدينتي حلب شمالاً بالعاصمة دمشق خارجة عن الخدمة؛ معيدة للأذهان مشهد توقفها كلياً لسنوات بعد اندلاع الحرب السورية لتجدد العمليات العسكرية خلال الأيام الماضية على طرفي الطريق.

وما يزيد من ضبابية معارك الشمال السوري غياب الدعم الروسي للقوات النظامية وإحجامها عن الهجمات الجوية، كسابق تدخلاتها لصالح الحكومة السورية، ويعزو العايد موقف موسكو إلى عدم رغبتها في دعم الميليشيات الإيرانية المقاتلة هناك، ليقول: «لأن حلب بالكامل خرجت عن السيطرة الروسية ولم يبقَ لها أي تأثير فعلي، علماً أن الروس شاركوا بقوة برياً وجوياً لاستعادة شطر حلب الشرقية من قبضة الفصائل المعارضة منتصف 2016»، ويعتقد أن «عدم مشاركة روسيا، حتى الآن، بمعركة حلب مردّه: (بمثابة عقوبة مضاعفة للميليشيات الإيرانية، ويبدو هنالك أبعاد متعلقة بملفات استراتيجية خارج سوريا)»، على حد تعبير المحلل العسكري العايد.

تبادل لإطلاق النار في محيط حلب بين الجيش السوري وفصائل المعارضة المسلحة (أ.ف.ب)

مقايضة تركية - روسية

وبحسب مقاطع فيديو وصور نشرها نشطاء محليون على منصات التواصل الاجتماعي، وصلت الهجمات لمدخل مدينة حلب الغربي بالقرب من حي الحمدانية العريق، كما أصبحوا على بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء وهما بلدتان شيعيتان تتمتع جماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران بحضور عسكري وأمني قوي هناك، إلى جانب قربهما من بلدة تل رفعت الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة أميركياً؛ ما ينذر بتوسع وتمدّد المعارك القتالية نحو كامل الريف الشمالي لمحافظة حلب ثاني أكبر المدن السورية.

بدوره؛ يرى براء صبري، وهو باحث مساهم في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن قوات «قسد»، شريكة واشنطن في حربها ضد التنظيمات الإرهابية، تخشى من حصول تركيا على مقايضة عسكرية من روسيا على الأرض «تشمل بلدة تل رفعت مقابل الضغط على (هيئة تحرير الشام) وفصائل (رد العدوان) للتوقف وضبط إيقاع الهجوم».

وتابع صبري حديثه قائلاً: «على الرغم من أن الهجوم السريع على قوات دمشق (القوات الحكومية) والخسائر الكبيرة هناك توحي بتسجيل نصر لصالح المعارضة و(هيئة تحرير الشام)، لكن من غير المتوقع تغطية مدينة حلب ولن يُسمح بسقوطها، لا من قِبل الروس أولاً، ولا من قِبل الإيرانيين و(حزب الله) المنهكين في صراعهما مع إسرائيل ثانياً».

وتشير المعطيات الميدانية لمعركة حلب إلى أن الحدود التي ستشعلها المرحلة المقبلة لن تكون كما سابق عهدها، بعد اتفاق سوتشي 2020، بين الرئيس التركي إردوغان والروسي بوتين، ومنذ 4 سنوات لم تتغير حدود السيطرة بين الجهات السورية المتحاربة والجهات الدولية الفاعلة، بما فيها فصائل المعارضة في شمال سوريا التي تدعمها تركيا، وقوات «قسد» التي يقودها الأكراد في الشمال الشرقي من البلاد.

مسلحون يستولون يوم 29 نوفمبر على دبابة للجيش السوري بالقرب من الطريق الدولية M5 (أ.ف.ب)

الإيرانيون لا يملكون الكثير

وعن الموقف الإيراني ودور جماعة «حزب الله» اللبنانية في حين وصلت العمليات العسكرية إلى بلدتي النبل والزهراء، أوضح صبري أن الإيرانيين: «لا يملكون الكثير ليقوموا به للدفاع عن المنطقة لأن الطيران الإسرائيلي يترصدهم، لكن المتوقع أن يتحول (حزب الله) مجموعة مستميتة عندما يصل الخطر إلى نبل والزهراء وهما معقل الشيعة السوريين هناك».

وحذَّر هذا الباحث من انزلاق المعركة إلى طابع مذهبي، منوهاً بأن الهدنة في لبنان التي دخلت حيز التنفيذ: «ستمكن (حزب الله) من لملمة صفوفه والتحرك أكثر بدعم إيراني، وسيحول الحزب ما يسميه انتصاراً في لبنان إلى حافز لإظهار وجوده من جديد في سوريا».

وقد تكون الهجمات العسكرية لـ«تحرير الشام» محاولةً لإعادة تموضع جغرافي في مساحة واسعة في أرياف حلب وحماة وإدلب غربي سوريا، غير أن الباحث براء صبري شدد بأن الروس ستكون لهم الكلمة الفصل، وقال: «بالنسبة للروس سقوط حلب بمثابة النكبة لانتصاراتهم المدوية التي حققوها خلال الأسبوعين الماضيين في خط الدونباس بأوكرانيا، وداخل روسيا نفسها في منطقة كورسك».

وذكر صبري في ختام حديثه بأن حلب أكبر من قدرات المعارضة المسلحة و«هيئة تحرير الشام»، «وأكبر من استطاعة تركيا نفسها، وإذا أخذنا بأن الهجوم خرج عن تخطيطها أو سُمح له بالمرور دون اعتراض؛ فسيقابله تشدد تركي إذا تسبب بسقوط حلب التي ستُغضّب الروس كثيراً».