تركيا تتمسك بـ«المنطقة الآمنة» شمال سوريا

ترفض التطبيع مع الأسد... و«حزب الله» يتمدد في السويداء

عمال في حقل يحضّرون الفريكة المصنوعة من محصول القمح في بلدة بنش بريف محافظة إدلب شمال غربي سوريا يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
عمال في حقل يحضّرون الفريكة المصنوعة من محصول القمح في بلدة بنش بريف محافظة إدلب شمال غربي سوريا يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

تركيا تتمسك بـ«المنطقة الآمنة» شمال سوريا

عمال في حقل يحضّرون الفريكة المصنوعة من محصول القمح في بلدة بنش بريف محافظة إدلب شمال غربي سوريا يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
عمال في حقل يحضّرون الفريكة المصنوعة من محصول القمح في بلدة بنش بريف محافظة إدلب شمال غربي سوريا يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

في ظل معلومات عن «تسارع وتيرة» المحادثات بين أنقرة وحكومة الرئيس السوري بشار الأسد، أكدت الحكومة التركية أن التطبيع مع النظام في دمشق «غير مطروح» على أجندتها، مجددة تمسكها بإقامة «منطقة آمنة» على حدودها مع سوريا.
وقال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، نعمان كورتولموش، إن التطبيع مع نظام الرئيس بشار الأسد «أمر صعب للغاية»، و«غير وارد» ضمن مخططات الحكومة التركية. وأضاف في مقابلة تلفزيونية أمس (الاثنين) أن هدف حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان في الوقت الحالي هو إنشاء منطقة آمنة على طول الحدود الشمالية لسوريا، من أجل تطبيق خطة العودة الطوعية لمليون لاجئ سوري من المقيمين في تركيا.
وفي وقت لاحق أمس، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا ستبدأ عمليات عسكرية جديدة على طول حدودها الجنوبية لإقامة مناطق آمنة بعمق 30 كيلومتراً.
على صعيد آخر، تحدثت معلومات عن سعي «حزب الله» اللبناني إلى التمدد في محافظة السويداء جنوب سوريا من خلال جماعات أمنية محلية. وقال ريان معروف، مدير تحرير شبكة «السويداء 24» الإعلامية المحلية، لـ«الشرق الأوسط»، إن أعضاء مجموعة تابعة لميليشيا «حزب الله» تضم لبنانيين من منطقة بعلبك (شرق لبنان) استقروا في الفترة الماضية عند مجموعات محلية مسلحة تحمل بطاقات أمنية سورية في محافظة السويداء.
...المزيد



بين تناول الطعام من المراحيض والتعذيب الجسدي... معتقل سابق في صيدنايا يوثّق الفظائع

أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)
أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)
TT

بين تناول الطعام من المراحيض والتعذيب الجسدي... معتقل سابق في صيدنايا يوثّق الفظائع

أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)
أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)

أمضى رياض أفلار عشرين عاماً بالسجون السورية، عشرة منها في سجن صيدنايا سيئ السمعة الذي شهد بعض أكثر الانتهاكات وحشية خلال عهد بشار الأسد. وكل تلك السنوات وراء القضبان تركت لديه هاجساً واحداً: توثيق الفظائع التي ارتكبت في الموقع.

قال أفلار، وهو مواطن تركي: «أنا متأكد من أننا سنرى بشار الأسد يحاكم ذات يوم»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

في عام 2017 بعد أشهر قليلة من إطلاق سراحه، شارك أفلار في تأسيس رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا التي تدافع عن معتقلين تجرأوا على تحدي حكم الأسد.

وقال في مقر المنظمة في غازي عنتاب في جنوب شرقي تركيا: «لا نريد الانتقام، نريد العدالة».

هناك، يقوم أفلار وناجون آخرون من صيدنايا بجمع الوثائق والشهادات المرتبطة بالفظائع التي ارتكبت في هذا السجن الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه «مسلخ بشري».

وعقب سقوط الأسد بعد سيطرة الفصائل المعارضة السورية على العاصمة الأحد، أُطلق سراح آلاف الأشخاص من السجن الواقع في ريف دمشق، وبعضهم محتجز منذ الثمانينات.

امرأة تسير وسط الأغراض المتناثرة داخل سجن صيدنايا (رويترز)

وانتشرت صور المعتقلين السابقين وهم يسيرون أحراراً، لكنهم منهكون وهزيلون، وبعضهم يحتاج إلى المساعدة حتى للوقوف، في كل أنحاء العالم في رمز لسقوط الأسد.

وقال أفلار الذي سجن في عام 1996 أثناء دراسته في دمشق بسبب رسالة أرسلها إلى أقاربه بشأن انتهاكات ترتكبها الحكومة في السجون السورية: «فرحت جداً عندما رأيتهم (أحراراً) لكن صور الجدران والزنزانات أعادتني فوراً إلى هناك». وأضاف: «ما زلت مصدوماً».

«قتل عدد كبير من الأشخاص»

حتى اليوم، يستيقظ أفلار أحياناً في الليل مرتعداً، معتقداً بأنه ما زال خلف القضبان، إذ احتجز في إحدى المرات داخل زنزانة في ظلام دامس لمدة شهرين.

وأوضح الناشط الذي يحمل ندبة ناجمة عن التعذيب الذي تعرض له قبل 25 عاماً: «رأيت أشخاصاً يموتون أمام عينَي، كثيراً ما كان ذلك بسبب الجوع».

وروى أن الحراس كانوا في كثير من الأحيان يلقون وجبات طعام في المرحاض أمام السجناء الذين يتضورون جوعاً، مضيفاً: «كان السجناء يأكلونها من أجل البقاء على قيد الحياة».

وكان جزء من تعافيه من خلال المسرح، وتعلم العزف على آلة الساز، وهو عود طويل العنق يحظى بشعبية كبيرة في تركيا، لكن أيضاً من خلال عمله في المنظمة التي تمكّن من خلالها من مساعدة عدد لا يحصى من العائلات في الحصول على دليل على أن أقاربهم المحتجزين داخل صيدنايا ما زالوا على قيد الحياة.

وقال أفلار إن ذلك كان بفضل موظفين مطّلعين في السجن مرروا سراً وثائق داخلية للمنظمة، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

«لا سجناء جدداً»

واليوم، فرغ سجن صيدنايا الذي سارع إليه مئات السوريين هذا الأسبوع على أمل في العثور على أحبائهم، من المعتقلين.

وقالت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، إن الفصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» أطلقوا سراح أكثر من أربعة آلاف سجين.

وتقدر المجموعة أن أكثر من 30 ألف شخص إما أعدموا وإما ماتوا نتيجة التعذيب، أو المجاعة، أو نقص الرعاية الطبية بين عامَي 2011 و2018.

ومع وجود هذا العدد الكبير من الجثث، اضطرت السلطات لاستخدام «غرف ملح» كأنها مشارح مؤقتة لتعويض النقص في الأماكن المبرّدة.

وأمام هذه الفظائع، لا يفكّر أفلار في العودة إلى هناك، لكنه يقر بأنه «كان يحلم دائماً بأن يصبح سجن صيدنايا يوماً ما مكاناً لتخليد الذكرى».

وأضاف: «أنا سعيد جداً، لأنه لم يتبق فيه سجين واحد. آمل ألا يدخله سجناء جدد مطلقاً».