خبير بالأمم المتحدة يدعو الخرطوم إلى رفع الحصانات للحد من النزاعات المستمرة

دبلوماسي غربي: بعض المتطرفين يصورون الاتحاد الأوروبي معاديًا للسودان

خبير بالأمم المتحدة يدعو الخرطوم إلى رفع الحصانات للحد من النزاعات المستمرة
TT

خبير بالأمم المتحدة يدعو الخرطوم إلى رفع الحصانات للحد من النزاعات المستمرة

خبير بالأمم المتحدة يدعو الخرطوم إلى رفع الحصانات للحد من النزاعات المستمرة

حذر دبلوماسي غربي رفيع من التطرف في المنطقة، ومن اعتبار السودان حصينًا ضده، واتهم متطرفون (لم يسمهم) بالعمل على تصوير الاتحاد الأوروبي كأنه معاد للسودان، وبالعمل على رفض قبول الدعوة لحوار سوداني أوروبي صريح ومفتوح حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي غضون ذلك، دعا أرستيد نونونسي، خبير الأمم المتحدة المستقل المعني بوضع حقوق الإنسان في السودان، لإنهاء حالات الإفلات من العقاب، ورفع الحصانات عن منتهكي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بهدف وضع حد للنزاعات المستمرة في البلاد.
وقال توماس يوليشيني سفير الاتحاد الأوروبي في الخرطوم، عقب لقائه مساعد الرئيس السوداني إبراهيم غندور، أمس، إنهما ناقشا الجهود المبذولة لاستئناف الحوار السوداني الشامل، والأوضاع في جنوب السودان والتطرف المتصاعد في منطقة القرن الأفريقي.
وأضاف يوليشيني في حديث للصحافيين، أمس، أن «المتطرفين يحاولون تصوير الاتحاد الأوروبي بأنه معاد للسودان، ويرفضون قبول الحوار السوداني الأوروبي الصريح والمفتوح حول القضايا ذات الاهتمام المشترك».
بيد أن الدبلوماسي البارز اعتبر المجموعة التي وصفها بـ«المتطرفة» بأنها «قلة ولكن صوتها صاخب»، وحذر في ذات الوقت من استشراء التطرف في المنطقة، بقوله: «السودان ليس محصنا منه»، موضحا أن لقاءه بالمسؤول السوداني بحث قلق الاتحاد الأوروبي من تصاعد التطرف في المنطقة.
وجدد السفير موقف الاتحاد الأوروبي القاضي بضرورة الحوار الوطني الشامل لحل مشكلات السودان بين الحكومة والمعارضة، وأضاف موضحا أنه يتوجب على «الحكومة والمعارضة أن يضعا السودان وشعبه في المقام الأول». وقال إن المزيد من تأخير عملية الحوار الوطني يزيد من تعقيد الوضع السوداني، ويهدد مصداقية الدعوة للحوار، وإن الاتحاد الأوروبي مهتم بسلامة السودان وحدوده، ويرفض تغيير النظام بالعنف.
من جهة أخرى، دعا نونونسي أطراف النزاع السوداني إلى إنهاء حالة الإفلات من العقاب ورفع الحصانات عن منتهكي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بهدف الخروج من النزاعات المستمرة في البلاد، وحث الأطراف لوضع ما سماه «مصالح الشعب السوداني» كأولولية، والعودة إلى طاولات التفاوض لحل الخلافات العالقة وتحقيق السلام والاستقرار الإقليمي.
وقال نونونسي في نهاية زيارته الأولى للبلاد منذ تعيينه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن إنشاء آليات حماية حقوق الإنسان «يستوجب بناء القدرات وتقديم العون الفني، وأشير هنا إلى أن السلطة الإقليمية لدارفور والمحاكم الخاصة بجرائم دارفور تحتاج إلى تعزيز قدراتها، وقد لاحظنا بدء العمل، خصوصا بشأن العدالة الانتقالية، مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة و(يوناميد)، وسوف يتواصل هذا العمل».
وأوضح نونونسي أن المدعي العام الخاص بمحاكم دارفور اتفق معه على التزام جاد لإنهاء ما سماه حالات «الإفلات من العقاب بخصوص الجرائم التي ارتكبت في الإقليم»، وقال بهذا الخصوص: «لقد وعدته بأن أعود لزيارته مرة أخرى لمزيد من النقاش، وتقديم النصح حول أوجه العمل المهم الذي تقوم به المحاكم الخاصة لجرائم دارفور».
وكشف المسؤول الأممي عن تلقيه عددا من التقارير المتعلقة بفرض قيود على الحقوق والحريات السياسية، والحق في التعبير والتجمّع والتنظيم، لا سيما في الفترة التي سبقت الانتخابات التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي، مبديًا عزمه على مناقشتها مع الحكومة السودانية. كما أوضح أنه طلب من حكومة السودان احترام حقوق الإنسان والحريات السياسية، وفقًا لنصوص دستور البلاد، لكونه تلقى تقارير عن الاعتقال المطول للأشخاص دون السماح لهم بالتمثيل القضائي أو مقابلة أسرهم، ودعاها لإطلاق سراح كل المعتقلين دون شروط، أو توجيه تهم لهم ومحاكمتهم وفقًا للقانون.
وأبدى نونونسي قلقه على الحريات الصحافية، ومما سماه استخدام قانون الأمن الوطني في التضييق على الصحافة «إغلاق دور الصّحف، اعتقال الصحافيين، مصادرة الصحف»، وأوضح أنه التقى في الخرطوم وولايات شمال وجنوب دارفور المسؤولون الحكوميين المعنيين كافة، ومنظمات الأمم المتحدة المعنية، والمجتمع المدني والنازحين، وحصل على تأكيدات، وإبداء لحسن النية من الإدارات الحكومية المختصة بالتعاون مع الآلية التي يمثّلها، مؤكدا أن زيارته الأولى للسودان تستهدف تحديد حاجات السودان بشأن المساعدة الفنية وبناء القدرات بما يمكّنه من الإيفاء بالتزاماته الخاصة بحقوق الإنسان، وفقًا لمهمته.
ودعا المسؤول الأممي الحكومة السودانية والشركاء الدوليين لتوفير المبالغ التي وصفها بـ«الطائلة» التي يحتاجها العمل في مجال «المساعدات الفنية ومبادرات بناء القدرات».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.