«الشيوعي» السوداني يتحالف مع حركتين مسلحتين

شن الحزب الشيوعي السوداني حملة عنيفة على حلفائه السابقين «الحرية والتغيير»، ووصف حكومة الفترة الانتقالية بأنها «تحالف العسكر وقوى الهبوط الناعم والبرجوازية الصغيرة المرتبطة بقوى إقليمية ودولية»، وحذر من محاولات ممثل الاتحاد الأفريقي في «الآلية الثلاثية» محمد الحسن ولد لبات للعودة إلى الشراكة مع الجهات العسكرية، وطالبه بالكف عن تلك المحاولات، ومعلناً عن تحالف جديد يقوده، يتكون من «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة «جيش تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد محمد نور، وقوى أخرى أطلق عليها «قوى الثورة الحية» دون أن يسميها.
وقال السكرتير السياسي للحزب، محمد مختار الخطيب، في مؤتمر صحافي عقده أمس، إن زيارة الوفد الذي ترأسه إلى جوبا وكاودا السودانية «حققت غاياتها بنسبة نجاح عالية»، عبر الحوارات التي أجراها مع كل من رئيس حركة «جيش تحرير السودان» عبد الواحد محمد نور في عاصمة جنوب السودان جوبا، والمحادثات التي أجراها مع رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» عبد العزيز الحلو، في منطقة كاودا، أو «المناطق المحررة» على حسب قوله.
ووصف الخطيب ما تم التوصل إليه في تلك المحادثات بأنه إعادة رسم لملامح ما أطلق عليه «السودان الجديد الذي يتوق له شعب السودان منذ الاستقلال»، وتحقيق أحلامه في العدالة والتنمية والوحدة، وأهمية «مغادرة المشهد الذي صنع وراكم الأزمة العامة، وأدى للقهر الإثني والثقافي».
وتمثلت ملامح التوافق بين الأطراف الثلاثة، بحسب سكرتير الحزب الشيوعي في: «رفض التبعية للخارج والخلاص منها تماماً، وإنهاء ثنائية المركز والهامش»، موجهاً نقداً عنيفاً لحكومة الفترة الانتقالية لثورة ديسمبر (كانون الأول)، ووصفها بأنها كانت امتداداً للقوى القديمة، وتحالف العسكر وقوى الهبوط الناعم وبعض البرجوازية الصغيرة المدجنة المرتبطة بقوى إقليمية ودولية ورجال أعمال سودانيين، وتابع: «كل همهم وراثة النشاط التجاري لحكومة (الإنقاذ)، بسند إقليمي ودولي».
واستطرد: «اتفقنا على تحالف قوى الثورة الحية وصاحبة المصلحة في التغيير الجذري الشامل، وتتكون من الشرائح والطبقات الاجتماعية المقهورة في المركز والهامش... على أن نواصل النضال المشترك والتنسيق لاسترداد الثورة، وإحداث التغيير الشامل... والحفاظ على الثورة متقدة».
وكشف الخطيب أنه تم الاتفاق بين الأطراف الثلاثة على تكوين قيادة سياسية موحدة، وتكوين مركز قيادي ثوري تنسيقي، يمتلك القرار في العاصمة والأقاليم ومعسكرات النزوح، لإسقاط من وصفهم بالانقلابيين، والتوافق على ميثاق مشترك مستمد من المواثيق القاعدية المطروحة في الساحة السياسية، وبرنامج للفترة الانتقالية لوضع خريطة طريق لتكوين الحكومة الانتقالية، موضحاً أن اتفاقاتهم رسمت ملامح «القيادة الموحدة للتغيير الجذري في السودان».
واستمراراً لنقده العنيف لحكومة الفترة الانتقالية، قال الخطيب إن حكومة الفترة الانتقالية اتبعت سياسات حكومة «الإنقاذ»، ما أدى إلى تواصل دورة الأزمة العامة التي بدأت تتراكم مجدداً، ما أدى لتردي الأوضاع في البلاد، واعتماد حكومات الفترة الانتقالية على الأجهزة الأمنية والقمع، مرجعاً اعتقاله إلى تفريط حكومات الفترة الانتقالية في حل جهاز الأمن الذي اعتقله ورفيقه صالح محمود.
من جهتها، شرحت عضو اللجنة المركزية في «الشيوعي»، آمال الزين، كواليس الرحلة التي قام بها الحزب إلى جنوب السودان ومنطقة كاودا، ونتج عنها احتجازهم في جنوب السودان، واعتقال السكرتير السياسي وعضو اللجنة المركزية في الخرطوم، ووصفتها بأنهم حصلوا على الأذونات اللازمة لدخول جنوب السودان، وهناك أجروا حوارات مع رئيس حركة «جيش تحرير السودان» عبد الواحد محمد النور، ومن ثم غادروا إلى منطقة كاودا عبر الطيران والبر، وعادوا بالمسار ذاته، وتم توقيفهم في مطار جوبا من قبل السلطات الأمنية، قبل أن يسمح لهم بالعودة للسودان.
ووصفت الزين «حصيلة الزيارة» بأنها كانت «كبيرة وعميقة يستحقها الشعب السوداني، لتقود الحراك السياسي إلى نهاياته، وتحقيق كامل أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وصولاً لحكومة مدنية ديمقراطية تفضي لانتخابات حرة نزيهة».
إلى ذلك، قال عضو اللجنة المركزية للحزب صالح محمود، إن حزبه حدد «القوى الحية التي تطالب بالتغيير الجذري»، واقترح هاتين الحركتين بجانب قوى أخرى لتكوين التحالف؛ لكنه قرر البدء في هاتين الحركتين، وقال: «لم نرَ في ذلك أي مشكلة، وهو أمر لا يقتضي أخذ الإذن من أحد»، واستطرد محتجاً على الاعتقال: «هذا من حقنا، فقد ذهبنا للقاء سودانيين أصحاب قضية وأساسيين في أي تغيير... ولم نذهب لأي أجنبي أو مشبوه».
وأوضح محمود أن التضامن الواسع المحلي والإقليمي والدولي الذي تضمن حتى المختلفين معهم في الرأي، لعب دوراً كبيراً في إطلاق سراحهم، بقوله: «التضامن الداخلي الواسع من القوى السياسية من منظمات المجتمع، من شخصيات وطنية ثقافية مختلفة، حتى مع من اختلفوا معنا، لعب دوراً كبيراً في أن تفكر ألف مرة في جدوى الاعتقالات».
ورحب محمود بتضامن المخالفين لحزبه في الرأي –قال إنهم ليسوا خصوماً سياسيين– وأضاف: «هذا عمل جيد يكشف أن هناك إمكانية في الحوار وطرح خط جديد للالتفاف حول قضية بناء بلدنا بشكل جديد: نفارق التبعية، تضامن من القوى المحبة للسلام، قوى دولية، أحزاب شيوعية عمالية».
وحذر المسؤول الحزبي البارز مما أطلق عليه محاولات قوى أجنبية وإقليمية تسعى للتصالح مع النظام، وتابع محدداً: «أقصد، وهذه رسالة للآلية الثلاثية المشتركة: ارفعوا يدكم من السودان؛ لأنه غير مستعد لأي وصاية من الخارج. نحن لا نعرفهم طالما هم يسيرون في اتجاه الرجوع للشراكة مع العسكر»، وقطع: «لا تسوية، ولن نعمل على أي تسوية بتصوراتهم هذه».
وخص محمود مبعوث الاتحاد الأفريقي، الموريتاني محمد الحسن ولد لبات، بالقول: «لا مكان له في السودان»، وتابع: «أحسن يعرف رأينا، أن يظل ضيفاً فمرحباً به، أما إذا أراد أن يشتغل سياسة فلا طريقة في هذه البلاد... ولن نسمح له بتكرار نفس الدور الذي لعبه في ديسمبر 2019».
ودعا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بيرتيس فولكر، ورئيس بعثة «يونتامس» لإجابة سؤال: «هل نحن بحاجة له في مسألة التحول الديمقراطي؟ وهل العودة للعلاقة مع العسكر تعد تحولاً ديمقراطياً؟»، وتابع: «عليه مراجعة مواقفه، وإلا عليه جمع حقائبه ويرحل».