«ع طريق الجميزة» واحة من الموسيقى والفنون تطل بعد غياب

هدف المعرض إعادة الحياة إلى قلب بيروت

«ع طريق الجميزة» أول حدث ترفيهي يستضيفه هذا الشارع بعد غياب
«ع طريق الجميزة» أول حدث ترفيهي يستضيفه هذا الشارع بعد غياب
TT

«ع طريق الجميزة» واحة من الموسيقى والفنون تطل بعد غياب

«ع طريق الجميزة» أول حدث ترفيهي يستضيفه هذا الشارع بعد غياب
«ع طريق الجميزة» أول حدث ترفيهي يستضيفه هذا الشارع بعد غياب

بين شوارع المدينة يستقطب شارع الجميزة نسبة كبيرة من أهالي بيروت، يجدون فيه مساحة ترفيهية واسعة يكسرون معها روتين أيام يعيشونها برتابة. ففي هذا الشارع تحضر المطاعم والمقاهي والمعارض الفنية. كما يحلو للبعض التجول في أسواقها، لا سيما تلك التي تبيع الأنتيكا ولوحات الرسم وتصاميم الأزياء وغيرها. مؤخراً، خرج هذا الشارع من عتمة فرضه عليها انفجار مرفأ بيروت. طرقاته كما عماراته ومقاهيه طالها الانفجار بشكل مباشر، فتحول بين ليلة وضحاها إلى ساحة دمار مشلولة الحركة بعدما كان يشكل واحداً من شرايين بيروت النابضة بالحياة.
سينتيا وردة صاحبة مجموعة «إن أكشن إيفنتس»، التي تنظم مشاريع فنية وترفيهية، تتنقل بها، بين مدينة بيروت وجوارها وصولاً إلى مناطق الجبل، قررت أن تنفض الغبار عن هذا الشارع إلى غير رجعة. ومن خلال معرض أطلقت عليه اسم «ع طريق الجميزة»، ستبث الحياة من جديد في هذه المنطقة مخصصة 22 مايو (أيار) الحالي موعداً له.
وبذلك تستعيد بيروت إيقاع حياتها الطبيعي، انطلاقاً من هذا الشارع، فتفرشه منصات عرض، وواحات ترفيهية للأولاد، ومسارح غناء وعزف موسيقي. وسيتم إقفال هذا الشارع من أوله حتى نهايته، كي يتحول في هذا النهار، للمشاة، حيث يمنع خلاله مرور السيارات من التاسعة صباحاً لغاية العاشرة ليلاً.
وتقول سينتيا وردة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «هي واحة ترفيهية تنتصب في وسط بيروت كي يتفرع منها الأمل. جرعات من الترفيه والفرح تنثر على أهالي بيروت الذي عانوا الأمرين في السنتين الأخيرتين. وقد حددناه في هذا الوقت بالذات ضمن فصل الربيع في لبنان استباقاً لارتفاع الحرارة الشديدة في الصيف. إذ يتمكن الزوار من التجول والاستمتاع بالنشاطات، بفضل مروحة ثقافية فنية ترضي الجميع».
نحو 200 منصة عرض تحضر في معرض «ع طريق الجميزة» يعرض أصحابها منتجات من صناعة لبنان. «هي إرادتنا للبقاء والاستمرار التي دفعتنا لتنظيم هذا المعرض»، تقول وردة، وتتابع: «تمسكنا بأن تحمل جميع المنتجات الفنية والغذائية المعروضة دمغة وطنية تحت عنوان (صنع في لبنان). وبذلك نسلط الضوء على هذه الصناعات التي نحن اليوم بأمس الحاجة إلى تشجيعها وإبراز مقوماتها وتنوعها».
فنانون حرفيون ورسامون ونحاتون ومصممو أزياء وطباخون، إضافة إلى منصات خاصة بـ«أكل الشارع» من أطباق لبنانية وأجنبية معروفة يمكن تحضيرها وتناولها بسرعة. تعلق سينتيا وردة: «كل ما يخطر على بال اللبنانيين من أفكار ترفيهية ستحضر في هذا المعرض. ويستطيع زائره أن يمضي فيه ساعات طويلة مع أفراد عائلته متنقلاً بين منصة وأخرى، يستكشف خصوصية كل منها. وسيتوفر له القيام بهذا المشوار سيراً على الأقدام، وهو يستمع إلى موسيقى عربية وأجنبية تحييها مجموعة من الفرق الفنية اللبنانية».
بموازاة هذا المعرض، تفتح مطاعم ومقاهي الجميزة أبوابها طيلة هذا اليوم تستقبل زبائنها مع حسومات تجريها على خدماتها من تناول طعام ومشروبات غازية وغيرها. «إنها شريك أساسي معنا، وقد رغبنا في أن توجد في هذا اليوم الطويل كي تستعيد أنفاسها فتتحرك عجلة أعمالها، مما ينعكس إيجاباً بالطبع على العمال والموظفين».
وعن الصعوبات التي واجهتها خلال تنظيمها هذا المشروع، تشرح سينتيا وردة لـ«الشرق الأوسط»: «هناك اليوم حالة كبيرة من الحزن لدى أهالي الجميزة بعد كل ما قاسوه إثر انفجار بيروت. هناك بيوت تهدمت ومطاعم اختفت عن خريطتها وعمارات تكسرت أبوابها ونوافذها. هذا الحزن تفصل بينه وبين الحماس شعرة لأن اللبناني بطبيعته يحب الحياة ولا يستسلم. بداية واجهنا بعض التردد في المشاركة من قبل كثيرين، إذ كانوا خائفين من هذه الخطوة بعد فترة شلل طويلة عاشوها لسنتين. ولكن تجرأ عدد لا يستهان به من فنانين وتجار للانتساب إلى هذه الواحة الثقافية، كبرت الأعداد وتهافت كثيرون للمشاركة بحيث لم أعد أملك مساحة أستطيع تخصيصها لمعروضاتهم. هذا الحماس الذي لمسناه عن قرب أثلج قلوبنا وأعطانا الأمل في التفكير بمعارض مشابهة قد نقيمها في شوارع أخرى من بيروت كالحمراء والصيفي ومونو وغيرها».
زياد داغر أحد المشاركين في معرض «ع طريق الجميزة» من خلال نظارات شمسية يصنعها على طريقة إعادة تدوير مواد كاوتشوك وبلاستيك وغيرها، يخبرنا بحماس عن مشاركته، ويقول: «أنا أعيش على هذه الصناعات، وأعرضها عادة في أيام عطلة الأسبوع، ضمن مناطق بيروت وفي مبادرات فنية تجري في مختلف المناطق اللبنانية. ويأتي هذا المعرض اليوم ليزودنا بالأمل ولنعود معه إلى حياتنا الطبيعية».
أما ثريا وهي مصممة عباءات كلاسيكية وأخرى حديثة، تؤكد أن هذا المعرض هو دلالة على أننا شعبا لا يموت ولا يرضخ. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «من هذا المنطلق رغبت في المشاركة، كي نعزز تمسكنا ببلدنا ولنؤكد أننا باقون فيه حتى لو اضطررنا إلى لملمة جراحنا ومسح دموعنا كي ننتصب مرة أخرى».


مقالات ذات صلة

سليم الترك لـ «الشرق الأوسط» : هيفاء وهبي مُلهمتي الأولى

الوتر السادس تألقت هيفاء وهبي في مجموعة إطلالات مختلفة (حسابها على {إنستغرام})

سليم الترك لـ «الشرق الأوسط» : هيفاء وهبي مُلهمتي الأولى

عندما يتعلّق الأمر بعمل يجمع بين المخرج سليم الترك والفنانة هيفاء وهبي، يترقّب الجمهور النتيجة بحماسٍ لافتٍ. فمنذ أول فيديو كليب جمعهما في أغنية «أقول أهواك»

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق محمد بكري تلقى سابقاً جائزة في «مهرجان دبي السينمائي» 2017 (أ.ف.ب)

رحيل مؤسف لصوت فلسطين السينمائي محمد بكري

محمد بكري، ممثلاً ومخرجاً، أكد قضيته الفلسطينية في أفلام مثل «حيفا» و«جنين... جنين».

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))
سينما كريس همسوورث وهالي بَري في «جريمة 101» (أمازون - م ج م)

2026 آتٍ بكثير من الأفلام المقتبسة عن روايات أدبية

من حسن الحظ أن المخرج مروان حامد وكاتب السيناريو المفضّل لديه أحمد مراد لم يعتمدا على كتاب واحد يقتبسان منه سيرة الراحلة أم كلثوم في فيلم «الست»،

محمد رُضا (لندن)
سينما «أصدقائي غير المرغوب فيهم» (أرغوت فيلمز)

5 أفلام تسجيلية سياسية تتنافس لدخول الأوسكار

هذا الفيلم هو الجزء الأول من اثنين حققتهما الروسية لوكتڤ. الثاني من المنتظر له أن يعرض في مهرجان برلين المقبل الذي كان استقبل هذا الجزء في مطلع هذا العام

يوميات الشرق الممثل الجزائري علي ناموس (مهرجان البحر الأحمر)

علي ناموس لـ«الشرق الأوسط»: فقداني للذاكرة أفادني في «رقية»

يرى علي ناموس أن فيلم «رقية» يجمع بين الرعب والذاكرة، حيث يجسد شخصية «أحمد» المنقسمة بين ماضٍ مظلم وحاضر ملتبس، ويعكس تجربة شخصية وتاريخية عميقة للجزائر.

أحمد عدلي (القاهرة )

دونيس: «الهلال» كان الطرف الأفضل حتى الدقيقة 65

اليوناني جورجيوس دونيس مدرب فريق الخليج  (الدوري السعودي للمحترفين)
اليوناني جورجيوس دونيس مدرب فريق الخليج (الدوري السعودي للمحترفين)
TT

دونيس: «الهلال» كان الطرف الأفضل حتى الدقيقة 65

اليوناني جورجيوس دونيس مدرب فريق الخليج  (الدوري السعودي للمحترفين)
اليوناني جورجيوس دونيس مدرب فريق الخليج (الدوري السعودي للمحترفين)

أرجع اليوناني جورجيوس دونيس، مدرب «الخليج»، خسارة فريقه أمام «الهلال» للغيابات الكثيرة بصفوف فريقه، موضحاً أنه يعمل على استعادة اللاعبين الغائبين لأسباب مختلفة.

وتلقّى «الخليج» خسارة جديدة في «الدوري السعودي للمحترفين»، وكانت هذه المرة أمام «الهلال» بنتيجة 3-2 في الجولة الحادية عشرة، ليتجمد رصيد الفريق عند 14 نقطة.

وقال دونيس، في المؤتمر الصحافي الذي أعقب المباراة: «أفكر حالياً في استعادة الغائبين»، مضيفاً: «لدينا 4 لاعبين أساسيين غائبين، وهذا يُعد صعباً على فريق مثل الخليج».

وأكّد دونيس عدم مقارنة دكة البدلاء في فريق الخليج باللاعبين الأساسيين، «وعند اكتمال صفوف فريقنا فإننا نكون منافسين دوماً للفرق الأخرى».

وأشار المدرب اليوناني، في حديثه، إلى أن «الهلال» حتى الدقيقة 65 من مُجريات المباراة كان هو الطرف الأفضل، «لكن في آخِر دقائق المباراة سجلنا هدفين، وحاولنا أن نعود للمباراة، وقاتلنا حتى النهاية».

وأضاف دونيس: «من الطبيعي حين يتقدم الفريق بفارق ثلاثة أهداف يكون أكثر راحة، ودائماً كرة القدم معروفة بغرابتها، وهذا الأمر حدث لنا في مباراة الاتحاد، فقد كنا متقدمين بفارق كبير، لكن عندما يسترخي الفريق ستختلف الأمور بلا شك».

وشدّد دونيس على أهمية مراد هوساوي، وأشاد بأدائه المميز وقال: «هو لاعب مهم في فريق الخليج، وأنا سعيد لأنه منضم لصفوف المنتخب السعودي، وأقدم له الدعم والتحفيز الدائم».

وعن كسر مصيدة التسلل التي يكررها مهاجمو الفريق، أوضح دونيس أنه يعتمد الجوانب التكتيكية لاختراق المصيدة، «ونمتلك لاعبين للقيام بهذا الأمر أمام كل الفرق وليس فريق الهلال فقط».

وقال دونيس عن عدم مشاركة اللاعب جوشوا كينغ منذ بداية اللقاء: «للتو عاد من الإصابة». وقال الجهاز الطبي إنه لن يستطيع أن يلعب أكثر من 25 دقيقة، وسيشارك بشكل أكبر بشكل تدريجي في المباريات المقبلة.


«كأس أفريقيا»: التعادل يحسم مواجهة زامبيا وجزر القمر

من المواجهة التي جمعت زامبيا وجزر القمر (إ.ب.أ)
من المواجهة التي جمعت زامبيا وجزر القمر (إ.ب.أ)
TT

«كأس أفريقيا»: التعادل يحسم مواجهة زامبيا وجزر القمر

من المواجهة التي جمعت زامبيا وجزر القمر (إ.ب.أ)
من المواجهة التي جمعت زامبيا وجزر القمر (إ.ب.أ)

حسم التعادل السلبي نتيجة مباراة زامبيا ضد جزر القمر، ضِمن منافسات الجولة الثانية من بطولة كأس الأمم الأفريقية.

تأتي المواجهة لحساب المجموعة الأولى، ليكون الثاني للمنتخب الزامبي، الذي رفع رصيده لنقطتين، بينما حصد منتخب جزر القمر أول نقطة بعدما كان قد خسر الجولة الماضية ضد المغرب.

وتنتظر زامبيا مهمة صعبة ضد صاحب الأرض والجمهور المنتخب المغربي في الجولة الثالثة والأخيرة، الاثنين، في حين يلعب منتخب جزر القمر أمام مالي، ولكل منهما فرصة في التأهل وفقاً للنتائج الأخرى.

ويعد هذا التعادل هو الأول بلا أهداف منذ انطلاق النسخة الحالية من البطولة.


العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

توالت التطورات الميدانية والسياسية في المحافظات الشرقية من اليمن، على وقع التصعيد العسكري الذي ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، ما دفع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى طلب تحالف دعم الشرعية في اليمن للتدخل عسكرياً لحماية حضرموت.

وتقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الانتقالي الداعي للانفصال عن شمال اليمن يستغل الظروف الناجمة عن وساطة التهدئة السعودية - الإماراتية للتوسع عسكرياً، على الرغم من أن الوساطة مستمرة، وهدفها إنهاء الصراع سلماً من خلال انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، وعودتها إلى معسكراتها خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية.

وفي هذا السياق، صرّح مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، أُطلع، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، على مجمل الأوضاع في محافظة حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية التي وصفها بـ«العدائية» التي نفذها المجلس الانتقالي خلال الساعات الأخيرة، وما رافقتها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.

العليمي طلب تدخلاً عسكرياً من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت (سبأ)

واعتبر المصدر أن هذا التصعيد، المستمر منذ مطلع الشهر الحالي، يمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن كونه تقويضاً مباشراً لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، بهدف خفض التصعيد وانسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة.

وبناءً على هذه التطورات، تقدم العليمي - وفق المصدر الحكومي - بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، لاتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة، وحماية جهود الوساطة السعودية - الإماراتية، مجدداً دعوته لقيادة المجلس الانتقالي إلى تغليب المصلحة العامة ووحدة الصف، والامتناع عن مزيد من التصعيد غير المبرر.

المجلس الانتقالي الجنوبي اتخذ إجراءات عسكرية أحادية في حضرموت والمهرة (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، قالت المصادر الرسمية اليمنية إن العليمي رأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، بحضور 3 من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ورئيس الحكومة، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت، لمناقشة تداعيات الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي، وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الوطني والإقليمي.

واطلع الاجتماع - بحسب الإعلام الرسمي - على تقارير ميدانية بشأن الانتهاكات التي طالت المدنيين في حضرموت والمهرة، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة في وادي نحب، التي عدّها المجلس «مخالفة صريحة» لجهود التهدئة، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأكّد مجلس الدفاع الوطني دعمه الكامل للوساطة التي تقودها السعودية، مشدداً على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

تحذير من العواقب

على وقع هذه التطورات، كانت السعودية أعادت رسم خطوط التهدئة شرق اليمن، عبر بيان واضح صادر عن وزارة الخارجية، شدّد على رفض التحركات العسكرية الأحادية، والمطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموقف تُرجم ميدانياً بتوجيه ضربة جوية تحذيرية في حضرموت، حملت رسالة مباشرة بعدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة.

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت في إطار الردع الوقائي، محذرة من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أكثر صرامة، في مؤشر على انتقال الرياض من سياسة الاحتواء السياسي إلى ضبط ميداني حاسم لحماية الاستقرار.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي بياناً حاول فيه تبرير تحركاته، معتبراً أنها جاءت استجابة لـ«دعوات شعبية»، ومعلناً انفتاحه على التنسيق مع السعودية، رغم وصفه الضربة الجوية بأنها «مستغربة».

ويرى مراقبون أن أي تنسيق محتمل لن يكون مقبولاً إقليمياً ما لم يبدأ بإنهاء التصعيد، وخروج القوات، وتسليم المعسكرات، والعودة إلى طاولة الحوار، دون فرض الأمر الواقع بالقوة.

منطق الوهم

يحذر سياسيون يمنيون من أن تعنت المجلس الانتقالي وإصراره على عسكرة حضرموت، رغم الجهود الصادقة التي تبذلها السعودية والإمارات، يلحق ضرراً فادحاً بالقضية الجنوبية العادلة نفسها، عبر اختزالها في المدرعات والنقاط العسكرية، بدل تحويلها إلى مشروع سياسي قابل للحياة.

ويستدعي هذا السلوك مقارنات إقليمية مؤلمة، أبرزها تجربة حميدتي وميليشيات الجنجويد في السودان، التي اعتمدت السلاح والإرهاب لتنفيذ أجندات خارجية، وكانت النتيجة خراب المدن وانهيار الدولة. كما يستحضر نموذج جنوب السودان، الذي وُلد من رحم الصراع المسلح، لينتهي إلى دولة منهارة وصراعات داخلية مفتوحة.

رغم إقرار اليمنيين بعدالة القضية الجنوبية فإن المجلس الانتقالي يحاول أن يستغلها للتصعيد شرقاً (أ.ب)

ويؤكد خبراء أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالدول والمؤسسات، لا بالميليشيات، وأن تجربة «أرض الصومال» مثال واضح على عزلة المشاريع التي تُفرض بالقوة، مهما طال أمدها. كما أن فشل محاولات انفصال كتالونيا عن إسبانيا يبرهن أن العالم لا يشرعن الانفصال الأحادي خارج الدولة والدستور.

ويجمع محللون على أن حضرموت أكبر من أن تكون غنيمة لميليشيا مناطقية (إشارة إلى هيمنة مناطق بعينها على قرار المجلس الانتقالي)، وأعمق من أن تُدار بالعنف والسلاح، وأن أي محاولة لجرّها إلى الفوضى تمثل جريمة بحق مكاسب الجنوب وفرصه السياسية.

ويرى مراقبون أن عسكرة حضرموت خطوة غير عقلانية، تعكس إصراراً على فرض الأمر الواقع بأدوات الترهيب ذاتها، التي يدّعي المجلس الانتقالي محاربتها، في تحدٍّ صريح لرغبات المجتمع الدولي الداعية إلى ضبط النفس، والحفاظ على استقرار الجنوب واليمن عموماً.

وكان البيان السعودي شدّد على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تكون عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، بما يحفظ وحدة اليمن ومركزه القانوني، ويمنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.