أجواء حزينة تخيم على «الكاثوليكي السينمائي» لرحيل سمير صبري

أجواء حزينة تخيم على «الكاثوليكي السينمائي» لرحيل سمير صبري
TT

أجواء حزينة تخيم على «الكاثوليكي السينمائي» لرحيل سمير صبري

أجواء حزينة تخيم على «الكاثوليكي السينمائي» لرحيل سمير صبري

خيّم الحزن، على حفل افتتاح الدورة الـ70 من مهرجان المركز الكاثوليكي المصري للسينما، والذي أقيم في قاعة النيل للآباء الفرنسيسكان بالمركز الكاثوليكي (وسط القاهرة) أول من أمس الجمعة، بسبب وفاة الفنان المصري الكبير سمير صبري، والذي رحل عن عالمنا قبيل انطلاق الدورة الـ70 التي حملت شعار «سبعون عاماً من العطاء» بساعات قليلة، واستهل الحفل فعاليته بالوقوف دقيقة حداد على روح الفنان الراحل.
ويتنافس بالمهرجان 5 أفلام اختارتها لجنة التحكيم من أصل 28 فيلماً وهما (ريتسا، قابل للكسر، للإيجار، المحكمة، برا المنهج). وتستمر فعاليات المهرجان حتى يوم الجمعة 27 مايو (أيار) 2022.
«لمسة وفاء» كان عنوان الجائزة الأهم والأبرز التي منحها المركز لاسم الفنانين الراحلين سمير غانم ودلال عبد العزيز وتسلمت التكريم ابنتهما الفنانة دنيا سمير غانم ورافقها بالحضور حسام غانم، شقيق الراحل سمير غانم وصادف التكريم الذكرى الأولى لوفاة الفنان سمير غانم الذي وافته المنية 20 مايو 2021. وهو نفس تاريخ وفاة سمير صبري لكن في العام الحالي، وهي المصادفة التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نشر كثيرون صورة للفنانين الراحلين بنفس التاريخ في عامين متتالين.
وحصد المخرج مجدي أحمد علي جائزة «فريد المزاوي» عن مجمل أعماله التي كان آخرها «2طلعت حرب»، الذي يعد آخر الأعمال السينمائية التي شارك بها الراحل سمير صبري، وتم عرضه بالدورة الأخيرة من «مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية» والذي اقتنص منه صبري جائزة أفضل ممثل بالمهرجان عن دوره بالفيلم.
ومنحت اللجنة العليا للمهرجان عدة جوائز جاء في مقدمتها «جائزة الريادة السينمائية» للفنانة القديرة سميرة أحمد، التي اعتذرت عن عدم الحضور لظروف خاصة لم يتم التنويه عنها بالحفل.
ومنح المهرجان «جائزة لجنة المركز الخاصة» للفنانة إلهام شاهين التي شاركت في لجنة تحكيم دورة هذا العام، والتي قالت في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إنها تحرص على حضور فعاليات المهرجان كل عام لأن المركز من الأماكن التي تقدر الفن وقيمته وتأثيره الإيجابي على المجتمع وأضافت إلهام شاهين: «سعيدة بتكريمي اليوم بشكل شخصي رغم الحزن الشديد الذي يسيطر علي منذ معرفتي لخبر وفاة الفنان والصديق سمير صبري».

في السياق ذاته، نالت جائزة «الريادة الإعلامية» وزيرة الإعلام السابقة الدكتورة درية شرف الدين، التي قالت في كلمتها: «وجودي للتكريم في المركز الكاثوليكي هو امتداد لعلاقة قوية جمعتني بهذا المكان، خصوصاً أنني خريجة مدارس الفرنسيسكان، وبيننا صلة روحية كبيرة».
أما جائزة «الإبداع الدرامي» فذهبت للفنان القدير أحمد عبد العزيز الذي قال في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إنه يعتز بشكل شخصي بجائزة المركز وإن تكريمه في الدورة التي تحمل شعار (سبعون عاماً من العطاء) يعني له الكثير، مشيراً إلى أن الفن له دور كبير في طرح القضايا المجتمعية المهمة.
ومنح المهرجان جائزة «الأب يوسف مظلوم» للفنان المصري محمد صبحي، كما نال جائزة «الإبداع الفني» الفنان المصري هاني شاكر، وحصدت منى زكي جائزة «أحسن ممثلة درامية» عن مسلسل «لعبة نيوتن» وأمينة خليل عن مسلسل «خلي بالك من زيزي» واللذان تم عرضهما في شهر رمضان 2021...كما تم تكريم الفنان محمد ممدوح بجائزة «أحسن ممثل درامي» عن دوره في مسلسل «خلي بالك من زيزي» واعتذر عن عدم تسلم جائزته إثر تعرضه لحادث أليم حسب مقدمة الحفل الإعلامية لميس سلامة.
وقدمت المطربة المصرية غادة رجب فقرتها الفنية التي بدأتها بأغنية «ناويالك» من كلمات أيمن بهجت قمر وألحان عمرو مصطفى واختتمتها بأحدث أغنياتها والتي قدمتها إهداء للدورة 70 من المهرجان بعنوان «في حياتنا» كلمات زوجها الشاعر عبد الله حسن وتوزيع الموسيقار شريف حمدان.
وشارك عدد كبير من نجوم الوسط الفني المصري، أمس السبت، في جنازة الفنان الراحل سمير صبري، على غرار يسرا، وفيفي عبده، وليلى علوي، وإلهام شاهين، وأشرف زكي، نقيب الممثلين، وميرفت أمين، ونادية الجندي، وعمرو محمود ياسين، وأحمد السقا، ولقاء سويدان، ونهال عنبر، ومنير مكرم، وخالد جلال، والإعلامي محمود سعد، ودنيا سمير غانم، وزوجها الإعلامي رامي رضوان، والفنانة دينا، وهنادي مهنا وزوجها الفنان أحمد خالد صالح، وإيهاب فهمي، وغادة إبراهيم، ومنال سلامة وزوجها المخرج عادل أديب، والفنانة القديرة سميرة أحمد، قبل دفن جثمان الراحل في مسقط رأسه بمحافظة الإسكندرية.



موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».