هل يغيّر غوارديولا خطة لعبه أم يبدّل هالاند أسلوب أدائه؟

مانشستر سيتي يعتمد على أسلوب «الاستحواذ على الكرة» الذي لا يجيده المهاجم النرويجي

هالاند ودورتموند وكأس ألمانيا الموسم الماضي (أ.ب)
هالاند ودورتموند وكأس ألمانيا الموسم الماضي (أ.ب)
TT

هل يغيّر غوارديولا خطة لعبه أم يبدّل هالاند أسلوب أدائه؟

هالاند ودورتموند وكأس ألمانيا الموسم الماضي (أ.ب)
هالاند ودورتموند وكأس ألمانيا الموسم الماضي (أ.ب)

من الوهلة الأولى يبدو المهاجم النرويجي الشاب إيرلينغ هالاند، وكأنه القطعة المفقودة التي كان يحتاج إليها مانشستر سيتي المدجج بالنجوم في جميع الخطوط، الذي كان بحاجة فقط إلى مهاجم صريح قادر على استغلال الفرص الهائلة التي يصنعها الفريق ويحولها إلى أهداف. ويرى كثيرون أن خطوة التعاقد مع هالاند مضمونة بنسبة 100 في المائة، ولا تحمل أي قدر من المخاطرة، نظراً لأن هذا اللاعب الشاب يمتلك قدرات وإمكانات هائلة ولديه القدرة على استغلال أنصاف الفرص. فعندما يخرج مانشستر سيتي - الذي يبني نفسه بقوة وبشكل دقيق للغاية منذ ست سنوات - من الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا رغم تسديد 31 تسديدة على المرمى، فمن المؤكد أن هالاند هو الحل المثالي لهذه المشكلة.
ومن المؤكد أن هالاند لديه قدرة خارقة على هز الشباك، وإنهاء المباريات الحاسمة بالضربة القاضية، ومن المؤكد أن مانشستر سيتي بحاجة ماسة إلى هداف قدير مثله لترجمة الاستحواذ الكبير على الكرة إلى أهداف في مرمى الفرق المنافسة، فهل حقاً هذه الصفقة مضمونة؟ وما الذي يمكن أن يحدث بشكل خاطئ؟ في البداية، يجب التأكيد على أن هذه اللعبة معقدة بشكل مذهل وبها العديد من التشابكات والحسابات المختلفة التي لا نهاية لها. وبالتالي، فلكي يكون نجاح هالاند مع مانشستر سيتي مضموناً، فقد يتعين على غوارديولا تغيير الطريقة التي يلعب بها الفريق، أو قد يتطلب الأمر من هالاند نفسه تغيير الطريقة التي يلعب بها، أو على الأقل قدراً من الذكاء من كلا الطرفين من أجل مساعدة اللاعب النرويجي الشاب على النجاح في ملعب الاتحاد.
لقد أصبح هالاند لاعباً أكثر اكتمالاً ونضجاً خلال الموسمين الماضيين، لكن تظل الحقيقة تتمثل في أن اللاعب الذي كان من الممكن أن يذهب إلى أي نادٍ آخر قد انتقل للعمل تحت قيادة مدير فني سيبدأ على الفور في محاولة تغييره. لقد تعاقد مانشستر سيتي مع الهداف الوحيد على مستوى العالم الذي لا يمكن لأي شخص أن يشكك في إمكاناته أو قدرته على إحداث الفارق، نظراً لأنه لاعب صغير في السن، ويمتلك فنيات هائلة، وأثبت في كل تجاربه السابقة أنه مهاجم من العيار الثقيل. أنا لا أعني بكل هذا أن هذه الصفقة ستكون فاشلة، لأن من يقول ذلك يبدو مجنوناً في حقيقة الأمر. كما أن غوارديولا مدير فني رائع وسيعمل جاهداً على أن يساعد هالاند على التكيف والتأقلم مع الطريقة التي يلعب بها الفريق. وعلاوة على ذلك، فإن هالاند يمتلك موهبة كبيرة ويمتاز بصغر سنه، وبالتالي يمكنه اللعب والتألق لسنوات طويلة، كما أنه يمتلك مواصفات لاعب كرة القدم الحديث ونشأ في أكاديمية عريقة للناشئين، وهو الأمر الذي ساهم في صقل موهبته، وبالتالي فهو قادر على حل معظم المشكلات التي تواجه الفريق.

أغويرو تأقلم سريعاً مع أسلوب لعب غوارديولا (غيتي)

لكن تعد هذه التجربة هي الأولى من نوعها على مستويات مختلفة، فهذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها مانشستر سيتي ويتعاقد ببساطة مع لاعب قريب من أن يصبح أفضل لاعب في العالم. كما تعد هذه صفقة ممتازة من الناحية التجارية، ومن المؤكد أن وجود شرط جزائي في عقد اللاعب مع بوروسيا دورتموند قد ساهم في إبرام هذه الصفقة بهذا المقابل المادي، لكن لا يجب أن ننسى أن هناك العديد من الرسوم والمبالغ المالية التي دُفعت لأطراف أخرى، وبالتالي يمكن القول إن هذه الصفقة باهظة الثمن لمن لا يستطيع تحملها، لكنها جيدة للغاية لمن يستطيع تحملها.
وبعيداً عن الأمور المالية، فإن المغامرة الحقيقية تتمثل في النواحي الخططية والتكتيكية داخل الملعب، نظراً لأن غوارديولا لم يتعاقد مع مهاجم فحسب، لكنه تعاقد مع هداف خالص بنسبة 100 في المائة، في الوقت الذي عودنا فيه المدير الفني الإسباني على أنه لا يعتمد كثيراً على رأس الحربة التقليدي. وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة «لو باريزيان» الفرنسية يقول: «نافذة انتقال مجنونة للهدافين»، في إشارة إلى تحرك الأندية الكبرى بقوة للتعاقد مع مهاجمين من أمثال هالاند وكيليان مبابي وروبرت ليفاندوفسكي. لكن من بين هؤلاء، فإن مبابي هو اللاعب الوحيد الهداف الذي يجيد اللعب خارج الصندوق وعلى أطراف الملعب.
في النهاية، تعاقد مانشستر سيتي، الذي تعتمد طريقة لعبه الأساسية على الاستحواذ على الكرة، مع لاعب رائع تكمن نقطة ضعفه الوحيدة في عدم قدرته على الاستحواذ على الكرة! إن المدير الفني الذي غيّر كرة القدم الحديثة وجعلها تعتمد على التمريرات القصيرة والدقيقة تعاقد مع لاعب يمثل التمرير بالنسبة له الجزء الأقل تطوراً في طريقة لعبه! وغالباً ما يتم اتهام غوارديولا بأنه يتشبث بطريقة لعبه ولا يغيرها مهما كانت الظروف، فهل سيغيرها هذه المرة من أجل هالاند، أم أن المهاجم النرويجي الشاب هو الذي يتعين عليه أن يتغير ليناسب طريقة لعب الفريق؟
هذا لا يعني أن هالاند مهووس بإحراز الأهداف فقط ولا يقوم بأي شيء آخر، حيث أشار أحد المواقع المتخصصة في شؤون الكرة الأوروبية (Whoscored.com) في قائمته التي تضم أفضل عشرة هدافين في أوروبا في الوقت الحالي إلى أن المهاجم النرويجي يأتي في المركز الخامس من حيث صناعة الأهداف، كما أشار إلى أنه يخسر الكرة أقل من ليفاندوفسكي ومحمد صلاح ومبابي. كما تشير الأرقام والإحصائيات إلى أن هالاند سجل معظم أهدافه (15 هدفاً من 21 هدفاً في الدوري) بقدمه اليسرى، لكن إحرازه للأهداف من لمسة واحدة وطريقة ركضه الأنيقة تشيران إلى أن تحركاته قد تتناسب مع الطريقة التي يلعب بها مانشستر سيتي في النواحي الهجومية.
علاوة على ذلك، هناك بعض الأرقام المهمة للغاية في هذا الصدد، من بينها على سبيل المثال أن هالاند يأتي في مرتبة متأخرة للغاية من حيث عدد التمريرات خلال المباراة الواحدة في المتوسط بالمقارنة بأفضل الهدافين في أوروبا، حيث تشير الإحصائيات إلى أن كريم بنزيمة يمرر 41 تمريرة كل 90 دقيقة في المتوسط، مقابل 38.9 لمبابي، و35 لصلاح، و32.4 لكريستيانو رونالدو، في حين لا يمرر هالاند سوى 22 تمريرة فقط في المباراة، ليأتي في المركز 129 من أصل 193 مهاجماً في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا الذين لعبوا أكثر من 18 مباراة.
لكن النقطة المهمة هنا تتمثل ببساطة في أن أحد طرفي هذه المعادلة يجب أن يتغير، فإما أن يتغير هالاند ليتكيف مع الطريقة التي يلعب بها مانشستر سيتي، ولا يوجد سبب لافتراض أنه لا يستطيع القيام بذلك (أو في الواقع، لا يوجد سبب حتى الآن يشير إلى أنه يستطيع القيام بذلك أيضاً)، وإما يغير مانشستر سيتي الطريقة التي يلعب بها، والتي تعتمد بشكل كبير على التمريرات الكثيرة من لاعبي خط الوسط، بعدما أصبح لديه مهاجم صريح قادر على هز الشباك. تجب الإشارة إلى أن غوارديولا لم يتعاقد مع مهاجم صريح منذ التعاقد مع جيسوس في عام 2016، وقبل ذلك، كانت القائمة الكاملة للمهاجمين الذين عملوا تحت قيادة المدير الفني الإسباني على مدار 16 عاماً تضم كلاً من: ليفاندوفسكي، وديفيد فيا، وزلاتان إبراهيموفيتش. لكن سجله في العمل مع الهداف الصريح استثنائي أيضاً.
لقد سجل ليونيل ميسي 30 هدفاً في الدوري في موسمين ونصف الموسم قبل اللعب تحت قيادة غوارديولا، لكنه سجل 88 هدفاً في ثلاثة مواسم تالية تحت قيادة غوارديولا، ليتحول النجم الأرجنتيني إلى لاعب مثالي في مركز المهاجم الوهمي. كما أن عدد الأهداف التي سجلها سيرجيو أغويرو تحت قيادة غوارديولا كان أكثر من عدد الأهداف التي سجلها قبل غوارديولا. ورغم أن أغويرو كان يبدو غير مناسب تماماً للطريقة التي يلعب بها غوارديولا في البداية، إلا أنه قدم أفضل مستوياته على الإطلاق تحت قيادة المدير الفني الإسباني، نظراً لأنه كان يلعب أمام خط وسط قوي للغاية يصنع له العديد من الفرص للتهديف.
في الحقيقة، يبدو أن هذا الأمر يتعلق بالإرادة والشخصية أكثر من أي شيء آخر. لقد أشار المهاجم الفرنسي السابق تييري هنري، إلى أن كل شيء في هذه الطريقة يعتمد على اللعب الجماعي، وإنكار الذات، والتحرك من أجل مساعدة زملائك في الفريق على استغلال المساحات الخالية، والقبول بأنه يمكن الفوز بالمباريات من خلال اللعب بهذه الطريقة وليس بطريقتك الخاصة. لقد دخل غوارديولا في صدامات مع إبراهيموفيتش وصامويل إيتو وسط حديث عن عدم تعامله معهما بالاحترام اللازم وأشياء أخرى من هذا القبيل، لكن الشيء المؤكد هو أن غوارديولا قد رفض الانصياع لاحتياجات اللاعبين الكبار، ولم ير أي شيء آخر سوى حماسته في بناء الفريق.
سيعرف هالاند كل هذا بالطبع، وسيبذل مانشستر سيتي وغوارديولا قصارى جهدهما من أجل مساعدة المهاجم الشاب على التكيف سريعاً. علاوة على ذلك، يعرف غوارديولا أكثر من أي شخص آخر أن الفرق تتطور، وأن هالاند بقدراته وإمكاناته الهائلة وحماسه الكبير يمكن أن يكون إضافة قوية للغاية لهذا الفريق. ولحسن الحظ، يمتلك الطرفان فرصة جيدة ونادرة خلال هذا الصيف للعمل على كل هذه الأمور.


مقالات ذات صلة

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

رياضة عالمية صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري

ديفيد سيغال (لندن)
رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد عقده لعامين مقبلين (أ.ف.ب)

ماذا يعني بقاء بيب غوارديولا لمانشستر سيتي؟

في وقت تسود فيه حالة كبيرة من عدم اليقين حول مانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز، فإن العقد الجديد لبيب غوارديولا يمثل دفعة كبيرة للنادي.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد تعاقده مع سيتي معلنا التحدي بإعادة الفريق للقمة سريعا (رويترز)

غوارديولا أكد قدرته على التحدي بقرار تمديد عقده مع مانشستر سيتي

يُظهر توقيع جوسيب غوارديولا على عقد جديد لمدة عام واحد مع مانشستر سيتي أن المدير الفني الإسباني لديه رغبة كبيرة في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه فريقه

جيمي جاكسون (لندن)

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
TT

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة

تسببت صاعقة برق خلال مباراة كرة قدم محلية في وسط بيرو بمقتل لاعب وإصابة 4 آخرين يوم الأحد، بحسب شبكة «سي إن إن».

وأظهرت لقطات من المباراة اللاعبين وهم يغادرون الملعب في ملعب كوتو كوتو ببلدة تشيلكا، على بعد نحو 70 كيلومتراً جنوب شرقي ليما، بعد توقف المباراة بسبب عاصفة.

وفي مقطع فيديو، شوهد كثير من اللاعبين وهم يسقطون على وجوههم على الأرض في اللحظة نفسها عندما ضربت الصاعقة الملعب.

وحسبما ظهر على محطة التلفزيون المحلية «أوندا ديبورتيفا هوانكافيليك»، لوحظت شرارة قصيرة وسحابة صغيرة من الدخان بالقرب من أحد اللاعبين. بعد ثوانٍ، بدا أن بعض اللاعبين يكافحون من أجل العودة إلى الوقوف.

وقالت السلطات ووسائل الإعلام الحكومية إن المتوفى هو المدافع هوجو دي لا كروز (39 عاماً).

وقالت البلدية المحلية في بيان: «نقدم تعازينا الصادقة لعائلة الشاب هوجو دي لا كروز، الذي فقد حياته للأسف بعد أن ضربته صاعقة أثناء نقله إلى المستشفى، نعرب أيضاً عن دعمنا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للاعبين الأربعة الآخرين المصابين في هذا الحادث المأساوي».

وحتى مساء الاثنين، خرج لاعبان من المستشفى، بينما لا يزال اثنان تحت المراقبة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية «أندينا». وأضافت أن حارس المرمى الذي أصيب في الحادث كان في حالة حرجة، لكنه أظهر تحسناً.

ويمكن أن تسبب ضربات البرق إصابات خطيرة للإنسان، وفي حالات نادرة، يمكن أن تكون قاتلة. وفرصة التعرض لها أقل من واحد في المليون، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC).

ووفقاً لـ«سي دي سي»، ينجو ما يقرب من 90 في المائة من جميع ضحايا ضربات البرق، ولكن الآثار يمكن أن تكون خطيرة وطويلة الأمد. «لقد عانى الناجون من إصابات وحروق وأعراض خطيرة بما في ذلك النوبات وفقدان الذاكرة».