«ذاكرة عرضية»... معرض يسرد تاريخ الفن بين جدة وباريس

ما بين جدة وباريس الكثير من التقاطعات الفنية والذكريات المصورة التي يسترجع تاريخها معرض «ذاكرة عرضية»، الذي افتتح هذا الأسبوع بمدينة جدة، ليلتقط زائره الكثير من الحكايات عن العلاقة الفنية ما بين المدينتين، عبر امتداد زمني يفوق الـ100 عام، سارداً أبرز الفنانين الذين شكلوا مراحل مهمة من هذه العلاقة الفنية الفريدة من نوعها.
توضح القيم الفني نوران رضا لـ«الشرق الأوسط»، أن معرض «ذاكرة عرضية» يحتفي بالرابطة والأبعاد التاريخية الثقافية والحضارية لدولتي السعودية وفرنسا بشكل عام، مضيفة: «يأخذنا المعرض في رحلة زمنية تعود بنا إلى الماضي، تبدأ في مدينة جدة، عام 1917، بمجموعة مُختارة من الصور النادرة والتاريخية، التي تم التقاطها من قِبل المصورين الفرنسيين: أندريه الإسكندر ورافاييل سافينياك، وتروى بها ذكريات الأحداث في ذاك الزمان والمكان».
ويثير عنوان المعرض الكثير من الأسئلة، التي تجيب عليها رضا بالقول «الذاكرة العرضية هي ذاكرة الأحداث، بمعنى أنها ذاكرة الأوقات والأماكن، والعواطف المرتبطة بها. كما أنها تعد ذاكرة شخصية لمجموعة من التجارب الشخصية السابقة التي وقعت في وقت معين ومكان معين، وهي ما يُطلق على قدرتنا على تذكر الأحداث والوقائع التي نختبرها بشكل شخصي».
تتابع القيم الفني ذلك قائلة «إن الأعمال الفنية المشاركة تستعرض شريط ذكريات، بما يحتويه من مواقف وموضوعات وأشخاص، وأحلام وتصورات وأفكار، بدءاً من الصور التاريخية لمدينة جدة، والأعمال المُختارة لفناني أتيليه المنصورية خلال فترة إقامتهم الفنية في فرنسا على مر السنين، إلى صور مباني مدينة باريس في فرنسا».
- حوار ثقافي
يأتي العمل الفني «جدة عروس البحر الأحمر» للمصورة السعودية تسنيم السلطان والمصور الفرنسي تييري بويه، توثيقاً للعلاقة ما بين البلدين، تشير رضا لذلك بالقول: «يستعرض فيه الفنانون ذاكرتهم الشخصية لأنحاء مدينة جدة». وتعزيزاً لأهمية الحوار الثقافي، يأخذ المصور الفرنسي تييري بويه، زوار المعرض، في جولة لمبانٍ تحمل جميعها الرقم 1، حيث قام بجرد تاريخي مصور للشوارع والمباني شمل أكثر من 700 مبنى، إضافة إلى الصور التاريخية التي يعود تاريخها إلى عام 1917، ويصل عددها إلى أكثر من 50 صورة فوتوغرافية يُعرض مجموعة مختارة منها لأول مرة، قام بتوثيقها المصور الفرنسي آندريه ألكسندر، حيث كان أحد أعضاء البعثة العسكرية ذاك الوقت، وعالم الآثار والرحالة الفرنسي رافييل سافينياك.
وعن مشاركة القنصلية الفرنسية بجدة، تقول رضا «تعود علاقة الصداقة المتميزة ما بين السعودية وفرنسا إلى عقود من الزمن، ولطالما كان هذا التعاون بين البلدين في الكثير من المجالات، خصوصاً المجالات الثقافية المتعددة، حيث يأتي المعرض تأكيداً على التعاون السعودي الفرنسي في القطاعات الثقافية التي من أبرزها الفنون البصرية، وذلك بالعمل على تعزيز التعاون بين الفنانين والمؤسسات الثقافية، وزيادة مشاركة الفنانين السعوديين والفرنسيين في برامج الإقامة في كلا البلدين».
- الفنانون المشاركون
بالسؤال عن الفنانين المشاركين في «ذاكرة عرضية»، توضح رضا أنه شارك 13 فناناً وفنانة من السعودية والدول العربية من قبل مؤسسة «المنصورية للثقافة والإبداع»، عبر الأعمال الفنية التي عملوا عليها خلال فترة إقامتهم في برنامج الإقامة الفنية بأتيليه المنصورية في مدينة باريس بفرنسا.
بداية بالفنان مهدي الجريبي، وهو أول فنان سعودي شارك في برنامج الإقامة في عام 2001، حيث أُقيم معرض لأعماله في باريس. ومن ثم مجموعة مختارة من الفنانين: عبد العزيز عاشور، أيمن يسري، إبراهيم أبو مسمار، بدر علي، تغريد البقشي، زمان جاسم، فيصل السمرة، حازم حرب، محمد عمر خليل، رافع الناصري، ميسلون فرج، عبد الرحمن كتناني.
- مؤسسة المنصورية
المعرض الذي يستمر إلى 30 يونيو (حزيران) المقبل، افتتحته الأميرة جواهر بنت ماجد بن عبد العزيز، رئيسة مؤسسة المنصورية للثقافة والإبداع، والقنصل الفرنسي بمدينة جدة مصطفى مهراج وحرمه، ومؤسس حافظ جاليري قسورة حافظ. و«ذاكرة عرضية» يلقي الضوء كذلك على دور مؤسسة المنصورية للثقافة والإبداع، وعملها على تعزيز التبادل الفني والحوار الثقافي ودعم الإبداع في السعودية وخارجها إلى جانب مد الجسور بين أشكال الثقافة وجمهورها بمختلف المجالات.
يشار إلى أن القيم الفني نوران رضا هي حاصلة على الماجستير في الفنون من جامعة ويسترن ميشيغان في أميركا. عملت في عدد من المؤسسات التعليمية وبالقطاع غير الربحي في الولايات المتحدة. وعام 2017، قامت بالعمل في مؤسسة «البنيان»، ثم تابعت بشغف مسيرتها المهنية في الفنون وعملت في مؤسسة «سحابة» الفنية، حيث تولت إدارة وتنظيم العديد من البرامج والمعارض الفنية، وإجراء البحوث، والكتابة الفنية، والترجمة. كما شاركت في عدد من المشاريع الفنية منها: معرض «أبعاد خاصة»، و«جيران» في «حافظ جاليري» (2020)، جدة، و«منور» في نسخته الرابعة في مركز «المدينة» للفنون (2019)، وهي تقيم في جدة وتعمل حالياً في «حافظ جاليري».