مدن الحوض المنجمي بتونس تشن إضرابًا عامًا احتجاجًا على تفشي البطالة

تزامن مع تنفيذ 50 ألف موظف بقطاع الصحة لإضراب مدته 3 أيام

مدن الحوض المنجمي بتونس تشن إضرابًا عامًا احتجاجًا على تفشي البطالة
TT

مدن الحوض المنجمي بتونس تشن إضرابًا عامًا احتجاجًا على تفشي البطالة

مدن الحوض المنجمي بتونس تشن إضرابًا عامًا احتجاجًا على تفشي البطالة

نفذ أمس سكان مدن الحوض المنجمي بولاية (محافظة) قفصة، الواقعة جنوب غربي تونس، إضرابا عاما، تسبب في حدوث شلل تام داخل هذه المدن، بعد أن توقف العمل بمختلف الإدارات الحكومية، والبنوك، وسائر الأنشطة التجارية والخدمات، في ظل تحفظ الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى النقابات العمالية)، وانتقاده اتخاذ قرار الإضراب دون الرجوع إلى المركزية النقابية، فيما عللت الهياكل النقابية اتخاذ قرار الإضراب العام بغياب مطلب التشغيل ضمن القرارات الحكومية المتخذة، والتي لا تحقق طموحات أهل الجهة.
وعمت الإضرابات أربع مدن في ولاية قفصة، هي المتلوي، والرديف، وأم العرائس، والمظيلة، وهي المدن المركزية المنتجة لمادة الفوسفات في تونس، إلا أن باقي مدن قفصة كالقصر وسيدي يعيش والسند، ستدخل بدورها في إضرابات مساندة، بهدف المطالبة بالتنمية والتشغيل.
ولم تفلح محاولات الحكومة في إنهاء احتجاجات سكان الحوض المنجمي، وبدا أن تخصصيها لنحو 500 مليون دينار تونسي (نحو 250 مليون دولار) لتمويل عدة مشاريع عاجلة لم يكن مقنعا بالنسبة لسكان تلك المدن، أو لإرساء هدنة اجتماعية في المنطقة، رغم أنها وعدت أيضا بوضع استثمارات هامة في مجال التجهيز والطرق، والفلاحة والصناعة والصحة، والبيئة والنقل، بالإضافة إلى عدد من المشاريع الآجلة التي ستدرج ضمن المخطط التنموي المقبل (2016 – 2020). كما أقرت الحكومة ضمن مجموعة المشاريع العاجلة، تحويل صندوق تأهيل المناطق المنجمية وتنميتها إلى مؤسسة مالية جهوية، تساهم في تمويلها شركة فوسفات قفصة، وتتكفل بمهمة البحث عن بدائل تنموية خارج قطاع إنتاج الفوسفات.
ونفذت النقابات الأساسية بمدينة المتلوي، أمس، مسيرة سلمية للمطالبة بتفعيل إحداث ولاية (محافظة) منجمية مقرها مدينة المتلوي، استجابة لمطلب سكان الجهة، كحل جذري لأزمة التنمية والتشغيل، فيما تمسك المكتب المحلي للشغل بأم العرائس بتفعيل محاضر الجلسات المبرمة بين سلط الإشراف وشركة فوسفات قفصة، وإيجاد حلول جدية وعاجلة للشباب المعتصم والمقصي من مناظرة شركة فوسفات قفصة لسنة 2011 - 2012، ومطالبته بالرفع في عدد المنتدبين بشركة البيئة والغراسة الموجهة للعاطلين عن العمل.
وبخصوص إقدام الاتحادات المحلية للشغل على تنفيذ الإضراب أمس بعيدا عن سلطة النقابة المركزية، قال محمد الصغير الميراوي، رئيس الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة، إن هذه الدعوة الجديدة إلى الإضراب «تقف وراءها أطراف بعيدة كل البعد عن العمل النقابي، وهي بذلك لا تجد دعما من قبل نقابة العمال، وهي أقرب إلى الفوضى التي تنمي النعرات الجهوية والتفرقة بين أبناء الجهة الواحدة»، مضيفًا أن الإضراب سينفذ دون تأطير نقابي على المستوى الوطني وعلى مستوى جهة قفصة.
وفي مقابل موقف نقابة العمال الرافض لدعم الإضراب، دافع عمار عمروسية، النائب البرلماني عن تحالف الجبهة الشعبية (توجه يساري) عن قرار الإضراب، بقوله إنه «لا يقف ضد إرادة السكان في خوض تحركات سلمية ومشروعة». لكنه نبه في المقابل إلى مخاطر تواصل تعطل إنتاج مادة الفوسفات، لأن هذا الأمر قد يدفع نحو تفويت شركة الفوسفات إلى القطاع الخاص، على حد تعبيره.
واعتبرت النقابات العمالية في مدن الحوض المنجمي أن قرارات المجلس الوزاري الذي ترأسه الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، مجرد «ذر للرماد على العيون ومسكنات وحلول ترقيعية لا تعكس سوى عدم مبالاة الحكومة تجاه سكان الحوض المنجمي».
في السياق ذاته، نفذ أمس نحو 50 ألف موظف من موظفي قطاع الصحة إضرابا عن العمل لمدة ثلاثة أيام، وذلك بعد فشل المفاوضات بين الهياكل النقابية الممثلة لأطر الصحة والوزارة الوصية. وبشأن هذا الإضراب الجديد، قال عثمان الجلولي رئيس الجامعة العامة لموظفي الصحة إن مطالبهم تتلخص في تطبيق مجمل الاتفاقيات المتفق بشأنها مع الحكومة، ومن بينها التماس بإقرار مهنة موظف الصحة كمهنة شاقة ومرهقة، وإعادة توظيف الأطر وفق شهاداتهم العلمية، والنظر في التأجير المتعلق بأيام الآحاد والأيام الوطنية، بالإضافة إلى تمكين موظفي الصحة من ترقيات مهنية.



غارات في الحديدة مع نهاية الأسبوع الأول من حملة ترمب ضد الحوثيين

دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

غارات في الحديدة مع نهاية الأسبوع الأول من حملة ترمب ضد الحوثيين

دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

فيما حذّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني من خطورة تنامي الدعم الإيراني للجماعة الحوثية، مع تدفق موالين لطهران إلى صنعاء، واصل الجيش الأميركي، الجمعة، حملته التي أمر بها ترمب ضد الجماعة مستهدفاً في ختام الأسبوع الأول من الحملة مواقع في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر.

ومع توعد الجيش الأميركي باستمرار الحملة دون سقف زمني، لم تتحدث الجماعة الحوثية عن طبيعة الأهداف المقصوفة بـ6 غارات في منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا، إلا أن تكهنات تشير إلى استهداف مخابئ للصواريخ والمسيّرات ومراكز للقيادة.

وجاءت الضربات غداة غارات كانت استهدفت، مساء الخميس، منطقة الكثيب في مدينة الحديدة، وأخرى ضربت موقعاً في مديرية زبيد في المحافظة نفسها، إلى جانب غارات استهدفت مديرية الصفراء في محافظة صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويوم الخميس، كانت الجماعة قد تبنّت إطلاق صاروخين باليستيين باتجاه إسرائيل، وأعلنت الأخيرة اعتراضهما دون أضرار، وذلك بعد صاروخ ثالث كانت الجماعة أطلقته الثلاثاء الماضي، منذ عودتها للتصعيد عقب عودة العمليات الإسرائيلية في غزة، وتعثر تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمر جيش بلاده بشنّ حملة ضد الحوثيين وتوعدهم بـ«القوة المميتة»، قبل أن يعزز تلك التصريحات بالتهديد بـ«القضاء عليهم تماماً»، في سياق سعي إدارته لتأمين الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

وخلال أول يوم من الضربات التي استهدفت صنعاء، و6 محافظات أخرى، السبت الماضي، أقرّت الجماعة الحوثية باستقبال أكثر من 40 غارة، وادّعت سقوط العشرات من المدنيين بين قتيل وجريح، في حين قال مسؤولون أميركيون إن الضربات شملت قادة أساسيين في الجماعة المدعومة من إيران.

تصعيد مستمر

رداً على الحملة الأميركية وانهيار وقف النار بين إسرائيل وحركة «حماس»، توعد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بالتصعيد إلى «أعلى المستويات» باتجاه إسرائيل، وزعمت جماعته أنها هاجمت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها 5 مرات خلال أسبوع بالصواريخ والمسيرات، دون أن يعلن الجيش الأميركي عن أي آثار لهذه الهجمات.

ومع استئناف الجماعة الحوثية هجماتها باتجاه إسرائيل، على الرغم من عدم فاعليتها على مستوى التأثير القتالي، يتخوف اليمنيون من عودة تل أبيب إلى ضرباتها الانتقامية ضد المنشآت الحيوية الخاضعة للجماعة، كما حدث خلال 5 موجات سابقة ابتداء من يونيو (حزيران) الماضي.

صواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويزعم الحوثيون أن تصعيدهم البحري والإقليمي هو من أجْل مناصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تبنوا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 حتى هدنة غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» مهاجمة 211 سفينة.

وأطلقت الجماعة خلال 14 شهراً نحو 200 صاروخ وطائرة مُسيَّرة باتجاه إسرائيل، دون أن تكون لها نتائج عسكرية مؤثرة، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

وشنّت إسرائيل 5 موجات من ضرباتها الجوية، ابتداء من 20 يونيو الماضي رداً على الهجمات الحوثية، مستهدفة بنية تحتية، بما فيها ميناءا الحديدة ورأس عيسى على البحر الأحمر، وخزانات للوقود ومطار صنعاء، وكان آخر هذه الغارات في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وأدّت هجمات الحوثيين البحرية إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل 4 بحارة، في حين استقبلوا نحو ألف غارة أميركية وبريطانية منذ 12 يناير 2024 حتى سريان الهدنة في غزة، دون أن يؤدي ذلك إلى وقف هجماتهم التي تقول واشنطن إنها مدعومة من إيران.

تحذير يمني

على وقع هذه التطورات، حذّر معمر الإرياني، وهو وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، مما وصفه بـ«تصعيد إيراني خطير» على خلفية وصول قيادات من «الحشد الشعبي» العراقي، و«حزب الله» اللبناني، وخبراء إيرانيين إلى العاصمة المختطفة صنعاء، تحت غطاء «المؤتمر الثالث لفلسطين» بهدف تعزيز التنسيق بين قيادات ما يسمى «محور المقاومة».

وقال الإرياني إن هذا التصعيد «يكشف بوضوح نوايا إيران في تصعيد الأوضاع في اليمن، وتحويل الأراضي اليمنية إلى منصة لتصفية الحسابات الإقليمية وتهديد المصالح الدولية، في تحدٍّ سافر للقرارات الدولية، واستمرار لمشروعها التخريبي في المنطقة والعالم»، وفق تعبيره.

مقاتلة أميركية تنطلق من على متن الحاملة «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (رويترز)

واتهم الوزير اليمني إيران بأنها تدفع بمزيد من الأسلحة والخبراء العسكريين إلى صنعاء، مستفيدة من مطار صنعاء والمنافذ البحرية التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية لتغذية الحرب.

وجدّد الوزير التحذير من تنامي الدعم المباشر من إيران والميليشيات التابعة لها لتعزيز العمليات العسكرية للحوثيين، وتحويل اليمن إلى ساحة صراع إقليمية وخط إمداد جديد لما يُعرف بـ«محور المقاومة».

وأضاف الإرياني، في تصريح رسمي، الجمعة، القول إن «التوسع العسكري الإيراني في اليمن لا يهدد أمن البلد فحسب، بل يشكل خطراً مباشراً على أمن المنطقة والملاحة الدولية، فالحوثيون ليسوا سوى أداة إيرانية لضرب استقرار المنطقة وفرض أجندة طهران في البحر الأحمر وباب المندب».

ودعا الوزير اليمني إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمنع تحول اليمن إلى نقطة ارتكاز عسكرية لإيران وحلفائها، وذلك عبر منع سفر قادة الحوثيين وحظر دخول عناصر «الحشد الشعبي» والخبراء الإيرانيين واللبنانيين إلى بلاده، وتشديد الرقابة على الرحلات الجوية والمنافذ البحرية، وفرض رقابة دولية على مطار صنعاء، لمنع استغلاله كمعبر عسكري بدلاً من منفذ إنساني.