الأسواق تتراجع بعد يوم دامٍ في «وول ستريت»

تحت وطأة مخاوف التضخم

متعاملون في سوق الأسهم الأميركية بولاية نيويورك في الولايات المتحدة (أ.ب)
متعاملون في سوق الأسهم الأميركية بولاية نيويورك في الولايات المتحدة (أ.ب)
TT

الأسواق تتراجع بعد يوم دامٍ في «وول ستريت»

متعاملون في سوق الأسهم الأميركية بولاية نيويورك في الولايات المتحدة (أ.ب)
متعاملون في سوق الأسهم الأميركية بولاية نيويورك في الولايات المتحدة (أ.ب)

تراجعت أغلب الأسواق العالمية الكبرى، أمس، بعد عمليات بيع مكثفة في «وول ستريت»؛ إذ ألقت النتائج الضعيفة لشركات مبيعات التجزئة الضوء على أثر ارتفاع التضخم على أكبر اقتصاد في العالم. وتراجعت مؤشرات الأسهم الأميركية، أول من أمس (الأربعاء)، بعد أن انعكس، إثر ضغوط ارتفاع الأسعار على أرباح شركة «تارغت لتجارة التجزئة»، ففقد سهمها ربع قيمته، مما عمَّق المخاوف إثر التضخم على الاقتصاد الأميركي. وسجل المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» القياسي أسوأ خسارة ليوم واحد منذ يونيو (حزيران) 2020.
وواصلت أسهم شركات النمو الكبرى الحساسة لأسعار الفائدة مسلسل الخسائر، ودفعت المؤشرين «ستاندرد آند بورز 500»، و«ناسداك» للهبوط. وبحسب بيانات أولية، أنهى «ستاندرد آند بورز 500» جلسة التداول، أول من أمس (الأربعاء)، منخفضاً 163.59 نقطة، أو 4.00 في المائة، إلى 3925.18 نقطة. في حين هوى المؤشر «ناسداك» المجمع 561.50 نقطة، أو 4.69 في المائة، ليغلق عند 11423.03 نقطة.
وأغلق المؤشر «داو جونز» الصناعي منخفضاً 1148.11 نقطة، أو 3.52 في المائة، إلى 31506.48 نقطة.
وهبطت الأسهم الأوروبية 1.7 في المائة، أمس (الخميس)، وتراجعت أسهم شركات البيع بالتجزئة الأوروبية، متبعة خطى نظيراتها الأميركية، بنسبة 2.4 في المائة، وكانت أكبر خاسر على مؤشر «ستوكس 600 الأوروبي». وواصل المؤشر تراجعه، بعد انخفاضه بنسبة واحد في المائة، أول من أمس (الأربعاء). وكان تراجع الأسهم واسع النطاق، فهبطت أغلب المؤشرات الفرعية.
وحذرت شركات أوروبية للبيع بالتجزئة، مثل «تيسكو» و«سينسبري»، الشهر الماضي، من تضرر أرباحها في العام بكامله من ارتفاع الأسعار. ونزلت أسهم «نستله» و«تيسكو» و«يونيليفر» بين 2.7 و4.5 في المائة، أمس (الخميس).
وهبط «المؤشر ستوكس 600» بنحو 12 في المائة، منذ بداية العام، بعدما زادت إجراءات الإغلاق بسبب فيروس «كورونا» في الصين من المخاوف من ركود اقتصادي عالمي.
كما أوقف المؤشر «نيكي» الياباني موجة ارتفاع استمرت أربع جلسات بعد تراجع الأسهم الأميركية الليلة السابقة، وسط مخاوف من أن يؤدي التضخم المتصاعد إلى تقليص أرباح الشركات وتباطؤ الاقتصاد.
وأغلق المؤشر «نيكي» على انخفاض بنسبة 1.89 في المائة عند 26402.84 نقطة مسجلاً أكبر انخفاض منذ التاسع من مايو (أيار). ونزل المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً، بنسبة 1.31 في المائة إلى 1860.08 نقطة.
وتراجع سهم «فاست ريتيلينغ» مالكة سلسلة «متاجر يونيكلو»، 3.12 في المائة، وهبط سهم «طوكيو إلكترون» 3.42 في المائة، ونزل سهم «مجموعة سوفت بنك» 1.6 في المائة.
وتراجع المؤشر الفرعي لقطاع السيارات وقطع الغيار 1.81 في المائة مع هبوط سهم «تويوتا موتورز» 1.91 في المائة، و«دينسو» التابعة لها، 2.22 في المائة.
وانتعشت أسعار الذهب، مرة أخرى، أمس (الخميس)، إذ أدى تراجع الدولار وانخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية تزامناً مع انخفاض الأصول الخطرة إلى إعادة إحياء الطلب على المعجن النفيس، الذي يُعتبر ملاذاً آمناً للقيمة وسط مخاوف بشأن النمو العالمي.
وقفز سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.8 في المائة إلى 1829.20 دولار للأوقية بحلول الساعة 10:08 بتوقيت غرينتش، بينما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.7 في المائة إلى 1827.70 دولار.
وانخفض الدولار 0.3 في المائة، بينما تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى أدنى مستوياتها في أسبوع، مما جعل الذهب أرخص للمستثمرين الأجانب.
وتراجعت أسعار الذهب إلى أدنى مستوى لها في أربعة أشهر في وقت سابق من هذا الأسبوع، وارتفعت بنحو اثنين في المائة منذ تراجع الدولار عن أعلى مستوياته في 20 عاماً.
ومن بين المعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت أسعار الفضة في المعاملات الفورية 0.7 في المائة لتصل إلى 21.53 دولار للأوقية، وارتفع البلاتين 0.1 في المائة عند 935.93 دولار، بينما انخفض البلاديوم 1.8 في المائة إلى 1979.38 دولار.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

وضعت الاضطرابات الهائلة في سوق السندات بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب للغاية، حيث يواجه خيارين حاسمين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

يستنكر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الرسوم المتزايدة التي فرضتها بنما على استخدام الممر المائي الذي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

عائدات سندات الخزانة الأميركية تسجل أعلى مستوى منذ أبريل

سجلت عائدات سندات الخزانة قفزة كبيرة يوم الأربعاء، حيث سجلت عائدات السندات القياسية لمدة عشر سنوات أعلى مستوى لها منذ أبريل (نيسان) الماضي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام على الرغم من ارتفاع التضخم واحتمال فرض تعريفات جمركية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)

انخفاض غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع في الأسبوع الماضي مما يشير إلى استقرار سوق العمل بداية العام

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.