جدل علمي حول اتباع الأطفال نظاماً نباتياً

إيجابيات واعدة لتخفيف الوزن

جدل علمي حول اتباع الأطفال نظاماً نباتياً
TT

جدل علمي حول اتباع الأطفال نظاماً نباتياً

جدل علمي حول اتباع الأطفال نظاماً نباتياً

رغم ازدياد شعبية النظم الغذائية النباتية بين الآباء الذين يسعون إلى توفير حياة غذائية صحية لأطفالهم، فإن الاعتماد على النظام الغذائي النباتي (plant - based diet) على أنه أفضل الطرق لتغذية الأطفال، لا يزال محل جدل كبير بين أطباء الأطفال؛ لأن الغذاء من دون منتجات الألبان أو اللحوم لا يوفر ما يكفي من الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الأطفال للنمو، خصوصاً في المراحل المبكرة من حياتهم.
بينما يرى فريق آخر أن هذه الفيتامينات والمعادن يمكن توفيرها بشكل صحي من خلال النظام النباتي، وهو ما أشارت إليه أحدث دراسة مؤيدة لهذا النظام ونُشرت في مطلع شهر مايو (أيار) من العام الحالي.
- دراسة جديدة
الدراسة التي نشرت في «مجلة طب الأطفال (the journal Pediatrics)» وقام بها باحثون من جامعة تورونتو في كندا، قامت بتتبع بيانات نحو 9000 من الأطفال الكنديين بداية من عام 2008 وحتى عام 2019، وكانت أعمارهم بين 6 أشهر و8 سنوات، وكان متوسط الأعمار نحو عامين، وتم عمل استبيان للنظام الغذائي الخاص بهم من والديهم؛ سواء النباتيون وممن يتناولون اللحوم.
وخلال فترة الدراسة كان يتم دائماً قياس مؤشر كتلة الجسم body - mass index بجانب الطول والوزن والدهون ومستويات المعادن والأملاح في الجسم، وكذلك الفيتامينات المختلفة مثل فيتامين «دي»، وأيضاً مستوى الحديد في الجسم.
وفي كل هذه القياسات كان الأطفال النباتيون في نفس وزن وطول أقرانهم من الذين يتناولون اللحوم، وهوما يشير إلى إمكانية اتباع نظام غذائي خال من اللحوم والأسماك وأيضاً منتجات الألبان من دون تأثير على النمو. وكانت أهم نقطة لافتة للنظر هي أن الأطفال النباتيين كانوا أكثر عرضة للإصابة بالنحافة من الآخرين.
أوضح الباحثون أن النظام الغذائي النباتي إذا تم تطبيقه بشكل صحيح؛ فإنه يعدّ من أفضل الأنظمة بالنسبة إلى الأطفال؛ لأنه غني بالخضراوات والفواكه وكذلك الحبوب الغنية بالألياف والفاصوليا، وفي بعض الأنظمة التي ليست شديدة النباتية (vegan) يمكن أن يحتوي هذا النظام على منتجات الألبان وكذلك البيض في كثير من الأحيان، والجانب الأهم في النظام النباتي أن الأطفال يتجنبون الأطعمة المصنعة الضارة؛ سواء التي تحتوي على كثير من الأملاح والدهون، مثل اللحوم المختلفة كاللانشون والبرغر، والتي تحتوي على نسبة عالية من السكريات المضافة، مثل الحلويات والكعك، وجميع هذه المنتجات تعدّ منخفضة القيمة الغذائية.
- خفض الوزن
كما أوضح الباحثون أن الانخفاض في الوزن لدى الأطفال الذين يتبعون النظام النباتي ربما يكون راجعاً إلى أن الأطعمة التي تحتوي على الألياف رغم قيمتها الغذائية الكبيرة، فإنها لا تحتوي على قدر كبير من السعرات، خصوصاً مع بداية الامتناع عن تناول اللحوم وحدوث خلل في الحصول على بعض العناصر الغذائية المهمة بالكميات المناسبة؛ بما في ذلك الزنك وفيتامين «بي12» والبروتين والكالسيوم. ولكن بعد فترة من النظام النباتي والمتابعة الغذائية يتم تدارك الأمر ويعود وزن الطفل إلى مستواه الطبيعي مقارنة بالأقران، وهو ما أشارت إليه الدراسة؛ حيث كان نحو 94 في المائة في الوزن نفسه مع تعويض نقص هذه المواد من خلال تناول المكسرات والألبان غير الحيوانية مثل لبن الصويا ولبن اللوز، وبذلك يكون النظام النباتي صالحاً لأي عمر.
قام الباحثون بتتبع الأطفال لمدة 3 سنوات، وفي البداية كان عدد الأطفال الذين يتبعون النظام النباتي هو 248 طفلاً فقط؛ وبشكل عام كان الأطفال النباتيون متشابهين مع أقرانهم من حيث النمو والوزن ومستويات المعادن والفيتامينات في الدم وأيضاً مستويات الكولسترول. وكان الاختلاف الوحيد هو خطر نقص الوزن في هذه المرحلة العمرية؛ نحو 6 في المائة من الأطفال النباتيين يعانون من نقص الوزن؛ في مقابل نحو 3 في المائة لدى أقرانهم الذين يتناولون اللحوم، وكانوا جميعاً من أصول آسيوية.
والأطفال المشاركون كانوا على «النظام النباتي الطبيعي (vegetarian)»، وهناك 25 طفلاً فقط منهم على «النظام النباتي شديد الحدة (vegan)» (النظام الطبيعي يمكن فيه تناول البيض ومنتجات الألبان المختلفة، وفي المتوسط تناول الأطفال مقدار كوب واحد يومياً من لبن البقر).
ذكرت الدراسة أن معظم الأطفال الأصحاء في مرحلة ما قبل الدراسة في الأغلب لا يتناولون أكثر من 3 أو 4 أطعمة، وأن عدداً كبيراً منهم لا يتناول اللحوم ولا يحب طعمها ويجد صعوبة في مضغها ولا يعانون من نقص أي من العناصر الغذائية بجانب أنهم لا يشكون من أعراض نقص الفيتامينات. وعلى ذلك؛ يمكن اعتبار أن الأطفال يميلون بشكل جزئي إلى النظام النباتي، وهو الأمر الذي يفسر إمكانية التحول إليه بشكل كامل من دون مشكلات صحية، خصوصاً إذا كان جميع أفراد الأسرة نباتيين.
نصحت الدراسة الآباء بضرورة المتابعة الطبية الغذائية بانتظام (Regular dietary monitoring) خصوصاً أن الأطفال لا يزالون في مرحلة النمو، للتأكد من حصولهم على كميات كافية من فيتامين «بي12» وفيتامين «دي» لصحة العظام، ويمكن أيضا الاستعانة بالمكملات الصحية مثل الحديد والكالسيوم و«أوميغا3» والزنك لضمان صحة جيدة للأطفال، مع الحرص على تناول الألبان الحيوانية حتى مرحلة البلوغ، وفي النهاية ينصح الأطباء باتباع نظام غذائي متوازن ومعتدل؛ سواء أكان نباتياً، أم يمكن تناول اللحوم فيه بحيث لا يتعرض الطفل لخطر السمنة أو النحافة، وكلاهما مؤشر على سوء التغذية وسوء الحالة الصحية بشكل ما، ويمكن حتى في النظام الحيواني الطبيعي اختيار أفضل طرق الطهي للحد من الدهون والسكريات الضارة بالصحة.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

علاج فعّال يساعد الأطفال على التخلص من الكوابيس

العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
TT

علاج فعّال يساعد الأطفال على التخلص من الكوابيس

العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)

كشفت دراسة أميركية أن علاجاً مبتكراً للأطفال الذين يعانون من الكوابيس المزمنة أسهم في تقليل عدد الكوابيس وشدّة التوتر الناتج عنها بشكل كبير، وزاد من عدد الليالي التي ينام فيها الأطفال دون استيقاظ.

وأوضح الباحثون من جامعتي أوكلاهوما وتولسا، أن دراستهما تُعد أول تجربة سريرية تختبر فاعلية علاج مخصصٍ للكوابيس لدى الأطفال، ما يمثل خطوة نحو التعامل مع الكوابيس كاضطراب مستقل، وليس مجرد عَرَضٍ لمشكلات نفسية أخرى، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Frontiers in Sleep».

وتُعد الكوابيس عند الأطفال أحلاماً مزعجة تحمل مشاهد مخيفة أو مؤلمة توقظ الطفل من نومه. ورغم أنها مشكلة شائعة، فإنها تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والجسدية للأطفال، إذ تُسبب خوفاً من النوم، والأرق، والاستيقاظ المتكرر، وهذه الاضطرابات تنعكس سلباً على المزاج، والسلوك، والأداء الدراسي، وتزيد من مستويات القلق والتوتر.

ورغم أن الكوابيس قد تكون مرتبطة باضطرابات نفسية أو تجارب مؤلمة، مثل اضطراب ما بعد الصدمة، فإنها لا تختفي بالضرورة مع علاج تلك المشكلات، ما يتطلب علاجات موجهة خصيصاً للتعامل مع الكوابيس كاضطراب مستقل.

ويعتمد العلاج الجديد على تعديل تقنيات العلاج المعرفي السلوكي واستراتيجيات الاسترخاء وإدارة التوتر، المستخدمة لدى الكبار الذين يعانون من الأحلام المزعجة، لتناسب الأطفال.

ويتضمّن البرنامج 5 جلسات أسبوعية تفاعلية مصمّمة لتعزيز فهم الأطفال لأهمية النوم الصحي وتأثيره الإيجابي على الصحة النفسية والجسدية، إلى جانب تطوير عادات نوم جيدة.

ويشمل العلاج أيضاً تدريب الأطفال على «إعادة كتابة» كوابيسهم وتحويلها إلى قصص إيجابية، ما يقلّل من الخوف ويعزز شعورهم بالسيطرة على أحلامهم.

ويستعين البرنامج بأدوات تعليمية مبتكرة، لتوضيح تأثير قلّة النوم على الأداء العقلي، وأغطية وسائد، وأقلام تُستخدم لكتابة أفكار إيجابية قبل النوم.

وأُجريت التجربة على 46 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عاماً في ولاية أوكلاهوما الأميركية، يعانون من كوابيس مستمرة لمدة لا تقل عن 6 أشهر.

وأظهرت النتائج انخفاضاً ملحوظاً في عدد الكوابيس ومستوى التوتر الناتج عنها لدى الأطفال الذين تلقوا العلاج مقارنة بالمجموعة الضابطة. كما أُبلغ عن انخفاض الأفكار الانتحارية المتعلقة بالكوابيس، حيث انخفض عدد الأطفال الذين أظهروا هذه الأفكار بشكل كبير في المجموعة العلاجية.

ووفق الباحثين، فإن «الكوابيس قد تُحاصر الأطفال في دائرة مغلقة من القلق والإرهاق، ما يؤثر سلباً على حياتهم اليومية»، مشيرين إلى أن العلاج الجديد يمكن أن يُحدث تحولاً كبيراً في تحسين جودة حياة الأطفال.

ويأمل الباحثون في إجراء تجارب موسعة تشمل أطفالاً من ثقافات مختلفة، مع دراسة إدراج فحص الكوابيس بوصفها جزءاً من الرعاية الأولية للأطفال، ما يمثل خطوة جديدة في تحسين صحة الأطفال النفسية والجسدية.