الرذاذ المتلاشي... الجندي المجهول في عالم كرة القدم الحديثة

وضع حداً للفوضى التي تحدث عند أخذ الركلات الحرة وضبط الحائط البشري

الرذاذ المتلاشي أنهى إضاعة اللاعبين للوقت أثناء تنفيذ الركلات الحرة (غيتي)
الرذاذ المتلاشي أنهى إضاعة اللاعبين للوقت أثناء تنفيذ الركلات الحرة (غيتي)
TT

الرذاذ المتلاشي... الجندي المجهول في عالم كرة القدم الحديثة

الرذاذ المتلاشي أنهى إضاعة اللاعبين للوقت أثناء تنفيذ الركلات الحرة (غيتي)
الرذاذ المتلاشي أنهى إضاعة اللاعبين للوقت أثناء تنفيذ الركلات الحرة (غيتي)

دفع الدوري الإنجليزي الممتاز 12.26 مليون جنيه إسترليني لتطبيق تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار) في موسم 2019 - 2020. ومهما كان رأيك بشأن هذه التقنية، فلا يمكن لأحد أن يزعم أنها قضت على القرارات التحكيمية المثيرة للجدل. وعلى النقيض من ذلك، يتوافر الرذاذ المتلاشي عبر الإنترنت مقابل 6.99 جنيه إسترليني لكل علبة، ولم يعد هناك أي نزاع حول مكان وضع الكرة أو الحائط البشري في الركلات الحرة في كرة القدم على المستوى الاحترافي.
لكن هناك شيئاً غامضاً حول قوة هذا الرذاذ المتلاشي وتأثيره، حيث لا يمكنني أن أتذكر رؤية أي فريق يحاول الاعتراض على مكان وضع هذا الرذاذ. فبمجرد أن يضعه حكم اللقاء في مكانه المحدد، يلتزم جميع اللاعبين بذلك ويتراجعون للوقوف في الأماكن المخصصة لهم في الحائط البشري. ونادراً ما نرى أي محاولات للدخول في جدال حول المكان الذي يجب أن يقف به الحائط البشري أو حول مكان وضع الكرة على الخط الذي رسمه الحكم، كما يحدث بشكل روتيني مع منفذي الركلات الركنية الذين يحاولون وضع الكرة على أبعد نقطة من الخط الأبيض بجوار الراية الركنية.
هناك من يرى أن تقنية حكم الفيديو المساعد قد زادت من متعة كرة القدم بسبب حالة الجدل المثارة حولها، كما أن تقنية خط المرمى - التي تحدد ما إذا كانت الكرة قد تجاوزت خط المرمى أم لا - قد حققت نجاحاً مثالياً تقريباً، لكنها حرمتنا أيضاً من المتعة التي قد نشعر بها عندما لم يتم احتساب هدف صحيح للفريق المنافس رغم أن الكرة تجاوزت خط مرمى فريقنا! علاوة على ذلك، لا يمكن تطبيق هذه التقنية في الدوريات الأدنى من دوري الدرجة الأولى في إنجلترا؛ لأنها مكلفة للغاية، حيث تصل تكلفة إنشائها في الملعب الواحد إلى 200 ألف جنيه إسترليني، بالإضافة إلى 3000 جنيه إسترليني لكل مباراة بعد ذلك.
وفي المقابل، من المهم للغاية أن يكون الرذاذ المتلاشي متوفراً بسعر معقول. لقد اختفى جزء كبير من المساواة في قوانين اللعبة بمجرد أن بدأ تطبيق تقنية خط المرمى في الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2013 - 2014 من دون أن يتم تطبيقه في الدوريات الأدنى. وزادت تكاليف تطبيق تقنية «الفار» بشكل كبير، لكن الرذاذ المتلاشي - مزيج من الماء والبيوتان والزيوت النباتية - لا يتكلف سوى 6.99 جنيه إسترليني للعلبة الواحدة، كما يمكنك شراء حافظة السراويل القصيرة التي يمكن حمله عليها مقابل جنيه إسترليني واحد إضافي!
وقبل الاعتماد على هذا الرذاذ المتلاشي، كان من الممكن أن يتحرك الجدار البشري المكون من أربعة لاعبين بضع ياردات بمجرد أن يستدير الحكم. لقد ولّت تلك الأيام بلا رجعة، بالإضافة إلى أن تطبيق هذا الأمر لا يستغرق سوى ثوان معدودة ولا يؤدي إلى توقف المباراة مثل التقنيات الأخرى. ولن تجد أحد يتحدث باعتزاز عن الأيام التي كان يرفض فيها اللاعبون التراجع لمسافة 10 ياردات أثناء تنفيذ الركلات الحرة، وهو الأمر الذي كان يتطلب إشهار البطاقات الصفراء في وجه اللاعبين بشكل تلقائي، بينما كان بعض الحكام يتعاملون مع اللاعبين الذين لا يلتزمون بذلك بشكل من أشكال التراخي، كما يحدث مع حراس المرمى الذين يمسكون الكرة لأكثر من ست ثوان.
ومن المناسب أن هذا الرذاذ المتلاشي قد تم اختراعه من قِبل مشجع سئم من إضاعة اللاعبين للوقت أثناء تنفيذ الركلات الحرة. فبعد مشاهدة منتخب بلاده وهو يفوز بهدفين مقابل هدف وحيد على الأرجنتين عبر شاشة التلفزيون في بطولة كوبا أميركا عام 1999، طرأت هذه الفكرة إلى ذهن رجل الأعمال البرازيلي هاين أليماغن عند سماعه المعلق وهو يقول «هل سيجد أي شخص طريقة ما لإبقاء الحائط البشري في مكانه؟» وعلى الرغم من أن أليماغن لم يخترع أي شيء من قبل، فقد استعان بمصنع لمستحضرات التجميل للمساعدة في إتقان تركيبة هذا الرذاذ. وفي غضون عام واحد، تم استخدامه في كرة القدم البرازيلية للهواة. وبحلول الوقت الذي استضافت فيه البرازيل كأس العالم 2014، كان الرذاذ المتلاشي جاهزاً للاستخدام في جميع أنحاء العالم.
ومع دخول الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) الآن في الأمر، أصبحت الحكاية غامضة تماماً. فقبل أسابيع من تأكيد استخدام الرذاذ المتلاشي في كأس العالم، عرض «الفيفا» على أليماغن مبلغ 500 ألف دولار (380 ألف جنيه إسترليني)، لكن رجل الأعمال البرازيلي رفض العرض. وبعد مرور ثماني سنوات وقضايا مختلفة أمام ساحات القضاء بعد ذلك، لم يدفع «الفيفا» أي مقابل مادي لأليماغن حتى الآن. في الحقيقة، هذا أمر مثير للغضب بالنسبة لشخص ساهم اختراعه في تحسين كرة القدم بطريقة هادئة وغير مزعجة على الإطلاق. وباستثناء مزاح من جانب الحكم استفان كوفاكس الذي قام برش لاعب عن طريق الخطأ على وجهه في نصف نهائي كأس رومانيا عام 2018، يصعب العثور على أشياء مثيرة للجدل بشأن هذا الرذاذ المتلاشي.
في الواقع، يُستخدم هذا الرذاذ في كل مكان، ولم يستقر أحد على العلامة التجارية التي يجب استخدامها، فهناك ثلاث علامات تجارية على الأقل معروضة للبيع، لعل أشهرها هو «فورزا». لقد أطلق عليه أليماغن اسم «9.15 فير بلاي»، وهو الاسم الذي أصاب البريطانيين بالارتباك على الفور، لأنهم لم يدركوا أن 9.15 متر تساوي 10 ياردات. وإذا كانت هناك أسماء لا تعد ولا تحصى لجهاز التحكم عن بعد في التلفزيون (الريموت)، فإن الأمر نفسه ينطبق أيضاً على الرذاذ المتلاشي، الذي لم يستقر أحد على تسميته، فمنهم من يسميه «الرذاذ المتلاشي» ومنهم من يسميه «رذاذ الحكام»، ومنهم من يسميه «رذاذ الضربات الحرة». ربما يعرف الجميع اسم تقنية «الفار»، لكن هذا الرذاذ هو الجندي المجهول الآن في عالم كرة القدم الحديثة!


مقالات ذات صلة

ولفرهامبتون المهدد بالهبوط يقيل مدربه أونيل

رياضة عالمية غاري أونيل (رويترز)

ولفرهامبتون المهدد بالهبوط يقيل مدربه أونيل

ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن ولفرهامبتون واندرارز أقال مدربه، غاري أونيل، اليوم (الأحد)، بعد سلسلة نتائج بلا انتصارات مما جعل الفريق يقبع في منطقة الهبوط.

رياضة عالمية أوناي إيمري (إ.ب.أ)

إيمري: فورست منافس حقيقي في السباق على المراكز الأولى

قليلون هم الذين كانوا يتوقعون منافسة نوتنغهام فورست على المراكز الأربعة الأولى، في بداية موسم الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غاري أونيل (رويترز)

مدرب ولفرهامبتون: فرص خسارة وظيفتي تزيد مع كل «نتيجة سيئة»

قال غاري أونيل مدرب ولفرهامبتون واندرارز إنه غير مكترث بالتكهنات بشأن مستقبله بعد هزيمة فريقه الرابعة على التوالي في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية خرج سيتي بالفعل من كأس الاتحاد الإنجليزي ويحتل المركز 22 في جدول دوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوارديولا: لن أرحل في هذه الظروف... لست نادماً على تمديد عقدي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه لا يشعر بأي ندم بعد تمديد عقده لمدة عامين رغم معاناة الفريق الحالية.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إيساك لاعب نيوكاسل يحتفل بهدفه في ليستر سيتي (رويترز)

هدف جوتا ينقذ ليفربول من فخ فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

أحرز ديوغو جوتا لاعب ليفربول هدف التعادل في اللحظات الأخيرة لينقذ فريقه، الذي أنهى المباراة بعشرة لاعبين، بالتعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.