تعاقد مانشستر سيتي مع هالاند... خطوة صائبة أم مجازفة؟

المهاجم النرويجي أمام تحدي عدم تكرار تجربة إبراهيموفيتش الفاشلة مع غوارديولا في برشلونة

هالاند قد يكون المهاجم المثالي الذي يبحث عنه غوارديولا (أ.ف.ب)
هالاند قد يكون المهاجم المثالي الذي يبحث عنه غوارديولا (أ.ف.ب)
TT

تعاقد مانشستر سيتي مع هالاند... خطوة صائبة أم مجازفة؟

هالاند قد يكون المهاجم المثالي الذي يبحث عنه غوارديولا (أ.ف.ب)
هالاند قد يكون المهاجم المثالي الذي يبحث عنه غوارديولا (أ.ف.ب)

ذات مرة، ومنذ سنوات عديدة، كان هناك محاربان اسمهما ألف وروي، كانا يقاتلان مع قبيلتين متنافستين. اتهم ألف روي بالتظاهر بالإصابة بعد أن أصيب بتمزق في أربطة الركبة، وعلى مدى السنوات الأربع التالية، وكلما التقيا في ساحة المعركة، كان القتال بينهما يصبح شرساً للغاية. لكن بعد ذلك انضم ألف إلى مجموعة محلية منافسة للمجموعة التي يقاتل فيها روي. وخلال المواجهة بين المجموعتين، ضرب روي ألف على ركبته بقوة، وقرر ألف الانتقام بشدة لما حدث له.
كان لألف ابن صغير عمره أقل من عام، وقام بتربيته ليكون محارباً عظيماً. وكان ابنه يمتلك قوة بدنية غير عادية، فقد كان طويلاً وقوياً وسريعاً، وماهراً للغاية. وكان الملوك والملكات من جميع أنحاء العالم يريدون أن ينضم ابن ألف إلى جيوشهم. لكن ابن ألف كان أمامه هدف واحد فقط يسعى لتحقيقه وهو الانضمام إلى المجموعة المنافسة للمجموعة التي يقاتل بها روي. كانت مجموعة روي تعاني بالفعل بعد تقاعد قائدها العظيم. وكانت مجموعة ألف القديمة، وبمساعدة ثروة عائلة كبيرة من الخارج، هي المسيطرة على الساحة بالفعل. والآن أصبح لديها المحارب الشاب الجبار الذي يعتقد الكثيرون أنه قد يصبح أعظم محارب في العالم. لقد استغرق الأمر 21 عاماً، لكن ألف كان مستعداً لتحقيق الانتصار.
تشبه هذه القصة إلى حد كبير ما حدث مع إرلينغ هالاند، الذي وضع نصب عينيه الانضمام إلى مانشستر سيتي لمواصلة مسيرة والده مع «السيتيزنز». يبدو الأمر وكأن هالاند قد جاء إلى الحياة في برج في منتصف الليل أثناء عاصفة شديدة، فهل يمكن أن يكون هذا هو السحر الأسود الذي سيجعل مانشستر سيتي، أخيراً، يفوز بلقب دوري أبطال أوروبا؟ يتميز هالاند بأنه رائع في جميع النواحي، وأرقامه مذهلة للغاية، فقد سجل 78 هدفاً في 70 مباراة لعبها كأساسي بالدوري خلال المواسم الأربعة الماضية، كما سجل 23 هدفاً في 19 مباراة بدوري أبطال أوروبا. وهناك أوقات يجعل فيها المباريات تبدو سهلة للغاية، حيث يستلم الكرة ويركض بها ويضعها في الشباك من دون أي صعوبة. وعلاوة على ذلك، فإنه طويل القامة ويمتلك قوة بدنية هائلة، وهو الأمر الذي يساعده على التفوق على المنافسين، لكن ليست هذه هي ميزته الوحيدة.
يشير المديرون الفنيون الذين تولوا تدريبه وهو صغير إلى أن نموه جاء متأخراً نسبياً، وبالتالي فقبل أن يتمكن من استخدام قوته البدنية فقد تعلم أولاً كيفية استخدام ذكائه وتحركاته. وعندما كان هالاند صغيراً لم يكن مثله الأعلى لاعباً ضخم البنية من أصحاب القوة البدنية الهائلة، لكنه كان معجباً للغاية بلاعبين من أمثال روبن فان بيرسي وجيمي فاردي وميشو. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن هالاند يأتي ضمن أفضل ثلاثة في المائة من اللاعبين في البطولات الخمس الكبرى في أوروبا من حيث الأهداف والتمريرات الحاسمة.

علاقة إبراهيموفيتش مع غوارديولا في برشلونة لم تكن مثالية (غيتي)

ويسجل هالاند عدداً قليلاً نسبياً من الأهداف بالرأس بالنسبة للاعب بهذا الحجم، حيث لم يسجل سوى سبعة أهداف بالرأس من بين أهدافه الـ86 مع بوروسيا دورتموند في جميع المسابقات. وخلال هذا الموسم، فاز هالاند بنسبة 57.6 في المائة من الصراعات الهوائية، وهي زيادة ملحوظة للغاية بالمقارنة بالموسمين السابقين. قد لا يبدو هذا رائعاً، لكنه مرتفع بالنسبة للاعب يلعب في مركز المهاجم الصريح (معظم الصراعات الهوائية يفوز بها المدافعون). وعلاوة على ذلك، فإن هالاند ينجح بتحركاته الذكية في إبعاد المدافع طويل القامة الذي يراقبه عن مناطق الخطورة الهجومية، وهو الأمر الذي يخلق مساحات لزملائه في الفريق - لدى مانشستر سيتي بالفعل فارق هدف يصل إلى +17 من الكرات الثابتة هذا الموسم، والذي سيكون رقماً قياسياً في الدوري الإنجليزي الممتاز، إذا استمر بهذا المعدل حتى نهاية الموسم.
يبدو الأمر للوهلة الأولى وكأن هالاند هو المهاجم المثالي الذي يحتاج إليه مانشستر سيتي ليكون فريقاً أكثر تدميراً مما هو عليه بالفعل - حتى لو بدت هذه القوة البدنية الهائلة غير مناسبة للأنماط الدقيقة والآليات المعقدة التي يعتمد عليها الفريق تحت قيادة المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا. لكن قد تكون هذه هي نقطة قوته الرئيسية، أي أنه يقدم شيئاً لا يمكن لأحد أن يتوقعه، ولديه القدرة على تغيير نتيجة اللقاء كما كان يفعل ليونيل ميسي مع برشلونة، وإن كان بشكل مختلف بكل تأكيد.
من الغريب للغاية أن النادي الأكثر تسجيلاً للأهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم يبدو غير فعال بشكل خاص أمام المرمى. لقد كان مانشستر سيتي هو الأفضل في كل مباراة من مباريات الدوري هذا الموسم من حيث إحصائية الأهداف المتوقعة، لكنه خسر ثلاث مباريات وفقد 19 نقطة. والأهم من ذلك أن مانشستر سيتي سيطر على مقاليد الأمور تماماً أمام ريال مدريد في مباراة الذهاب بدوري أبطال أوروبا، لكن المباراة انتهت بالفوز بأربعة أهداف مقابل ثلاثة فقط، ثم لم يستطع النادي سوى إحراز هدف وحيد من تسع تسديدات على المرمى في مباراة العودة على ملعب «سانتياغو برنابيو» في الوقت الذي سجل فيه ريال مدريد هدفين من أول تسديدتين له على المرمى.
يأخذنا كل هذا مرة أخرى إلى صفقة انضمام هالاند إلى مانشستر سيتي؛ نظراً لأنه لاعب قادر على إحراز الأهداف من أنصاف الفرص. إنه ليس أحد «تلاميذ المدارس الصغار المطيعين» الذين سخر المهاجم السويدي العملاق زلاتان إبراهيموفيتش منهم في فريق برشلونة تحت قيادة غوارديولا، والدليل على ذلك أن هالاند قد ذكر أكثر من مرة بأن إبراهيموفيتش يعد مصدر إلهام بالنسبة له، كما وقّع للعمل مع نفس وكيل أعماله. لقد تعاقد برشلونة مع إبراهيموفيتش في عام 2009 حتى يكون لديه خيار هجومي قوي من الناحية البدنية، وحتى لا يعتمد بشكل كامل على اللاعبين الموهوبين الصاعدين من أكاديمية الناشئين بالنادي. لكن اتضح أن طريقة لعب إبراهيموفيتش لا تناسب الطريقة التي يلعب بها الفريق، حيث رفض المهاجم السويدي القوي أن يضحي بنفسه من أجل التكيف مع الطريقة التي يلعب بها الفريق ودخل في خلافات مع الجميع.
ويعد هالاند أيضاً خياراً مختلفاً. لقد سبق وأن عمل غوارديولا بنجاح مع المهاجمين - ديفيد فيا، وروبرت ليفاندوفسكي، وسيرجيو أغويرو – لكن كل هؤلاء المهاجمين كانوا يشعرون بالراحة عندما يتحركون على الأطراف ويتراجعون للعمق. لكن هالاند لاعب مختلف، حيث يفضل اللعب على المرمى بشكل مباشر وتقليدي. وعلى الرغم من أنه يسجل بانتظام من أمام المرمى، وبالشكل نفسه الذي تأتي منه معظم أهداف مانشستر سيتي، فإن فرص تسجيله للأهداف من خلال الانطلاق من الخلف للأمام من عمق الملعب ستكون نادرة للغاية؛ نظراً لأن مانشستر سيتي يمارس الضغط العالي على الفرق المنافسة، وبالتالي تكون مساحات الانطلاق محدودة. لكن ربما لا يهم ذلك؛ نظراً لأن هالاند سيزيد من قوة وشراسة مانشستر سيتي في المباريات التي سيلعبها أمام الفرق الأقوى، وهي الفرق التي تضغط أيضاً على مانشستر سيتي وتهاجمه، وبالتالي تكون المساحات أكبر داخل الملعب.
لكن معدل التمريرات الناجحة لهالاند هذا الموسم يصل إلى 71.3 في المائة، وهو معدل منخفض للغاية، بالنظر إلى أن معدل التمريرات الناجحة لكل لاعبي خط هجوم مانشستر سيتي في الوقت الحالي - غابرييل جيسوس، وفيل فودين، ورحيم سترلينغ، وجاك غريليش، وبرناردو سيلفا – لا يقل في المتوسط عن 85 في المائة. وحتى لو كان السبب وراء هذا المعدل المنخفض لهالاند يعود إلى الطريقة التي كان يلعب بها بوروسيا دورتموند، فمن المؤكد أن المهاجم النرويجي الشاب في حاجة إلى التحسن في هذا الأمر.
وعلاوة على ذلك، فإن هالاند أصغر من إبراهيموفيتش بست سنوات عندما انتقل المهاجم السويدي إلى برشلونة، وبالتالي فهناك إمكانية أكبر لإعادة تشكيل هالاند وتغيير طريقة لعبه بما يتناسب مع الفريق. كما أنه أكثر تحفظاً وأقل تمرداً من إبراهيموفيتش، وبالتالي فمن غير المرجح أن يحدث معه ما حدث مع إبراهيموفيتش تحت قيادة غوارديولا. لكن هذا لا يعني أن التعاقد مع هالاند ليس مجازفة. في النهاية، يحتاج مانشستر سيتي إلى أن يكون أكثر فاعلية من خلال التعاقد مع مهاجم قادر على استغلال الفرص الهائلة التي يصنعها الفريق في كل مباراة، لكن من المهم للغاية خلق حالة من التوازن، خاصة بالنسبة للفريق الذي يعتمد بشكل كبير على الاستحواذ المستمر على الكرة.


مقالات ذات صلة

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد عقده لعامين مقبلين (أ.ف.ب)

ماذا يعني بقاء بيب غوارديولا لمانشستر سيتي؟

في وقت تسود فيه حالة كبيرة من عدم اليقين حول مانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز، فإن العقد الجديد لبيب غوارديولا يمثل دفعة كبيرة للنادي.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد تعاقده مع سيتي معلنا التحدي بإعادة الفريق للقمة سريعا (رويترز)

غوارديولا أكد قدرته على التحدي بقرار تمديد عقده مع مانشستر سيتي

يُظهر توقيع جوسيب غوارديولا على عقد جديد لمدة عام واحد مع مانشستر سيتي أن المدير الفني الإسباني لديه رغبة كبيرة في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه فريقه

جيمي جاكسون (لندن)
رياضة عالمية رودريغو بينتانكور خلال مشاركته مع منتخب الأوروغواي في مواجهة البرازيل الأخيرة بالتصفيات (د.ب.أ)

بوستيكوغلو: سندعم بينتانكور بالطرق الصحيحة للمضي قُدماً

وصف أنجي بوستيكوغلو، مدرب فريق توتنهام هوتسبير، لاعب خط وسط الفريق، رودريغو بينتانكور بأنه «شخص استثنائي»، بعد معاقبة الأوروغواياني؛ لاستخدامه لغة عنصرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.