الصدر يتهم القضاء العراقي بمسايرة «الإطار التنسيقي» ويرفض التحالف مع «الثلث المعطل»

ضاحية الكرادة في بغداد كما بدت أمس في ظل عاصفة ترابية جديدة تضرب العراق (أ.ف.ب)
ضاحية الكرادة في بغداد كما بدت أمس في ظل عاصفة ترابية جديدة تضرب العراق (أ.ف.ب)
TT

الصدر يتهم القضاء العراقي بمسايرة «الإطار التنسيقي» ويرفض التحالف مع «الثلث المعطل»

ضاحية الكرادة في بغداد كما بدت أمس في ظل عاصفة ترابية جديدة تضرب العراق (أ.ف.ب)
ضاحية الكرادة في بغداد كما بدت أمس في ظل عاصفة ترابية جديدة تضرب العراق (أ.ف.ب)

بعد يوم من إعلانه التوجه إلى المعارضة لمدة 30 يوماً، تاركاً المجال لخصومه في قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي مهمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، شن زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر هجوماً عنيفاً، أمس (الاثنين)، على القضاء العراقي، معلناً في الوقت نفسه أنه لن يتحالف مع ما سمَّاه «الثلث المعطل». وقال الصدر إن «الشعب يعاني من الفقر، فلا حكومة أغلبية جديدة قد تنفعه، ولا حكومة حالية تستطيع خدمته ونفعه»، متسائلاً: «هل وصلت الوقاحة إلى درجة تعطيل القوانين التي تنفع الشعب (عينك عينك)؟»، في إشارة إلى قرار القضاء إلغاء قانون الأمن الغذائي.
وأضاف الصدر: «إنهم يستهدفون الشعب ويريدون تركيعه، والأعجب من ذلك مسايرة القضاء لأفعال الثلث المعطل المشينة، من حيث يعلم أو لا يعلم»؛ مشيراً إلى أن «السلطة أعمت أعينهم عما يعانيه الشعب من ثقل وخوف ونقص في الأموال والأنفس، وتسلط الميليشيات، والتبعية، ومخاوف التطبيع والأوبئة». وتابع: «لم أستغرب قيد أنملة من الثلث المعطل وتعطيله تشكيل حكومة الأغلبية»، ملوّحاً في الوقت نفسه لخصومه بورقة الشارع قائلاً: «للمظلوم زأرة لن تكونوا في مأمن منها».
إلى ذلك، أفاد مصدر مقرب من «الإطار التنسيقي»، بأن قوى «الإطار» سترد على خطاب الصدر، بعد اجتماع يفترض أن يكون قد انعقد مساء أمس الاثنين، وحضرته قيادات «الإطار التنسيقي» بهدف «وضع النقاط على الحروف»، لا سيما لجهة الاتهامات التي وجّهت لها بـ«تعطيل مصالح الشعب، بدءاً من قضية تشكيل الحكومة إلى قرار المحكمة الاتحادية بشأن قانون الأمن الغذائي». وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومات سواء كانت من خلال الأغلبية (النيابية) أم التوافقية، لا تتشكل بالقوة، ومن وجهة نظر جهة واحدة؛ لأنها تملك أغلبية بسيطة. هناك نوع من المغالطة في فهم موضوع الأغلبية؛ لأننا محكومون بالدستور وبتفسير المحكمة الاتحادية بشأن انتخاب رئيس الجمهورية الذي يتطلب أغلبية ثلثي أعضاء البرلمان، وهو أمر غير متوفر لدى التحالف الثلاثي» الذي يضم «التيار الصدري» و«تحالف السيادة» السنّي، والحزب «الديمقراطي الكردستاني». وتساءل المصدر قائلاً: «هل الديمقراطية هي أن نحضر للتصويت على مرشحهم لرئاسة الجمهورية، ثم نذهب إلى المعارضة ليشكلوا هم حكومة أغلبية؟». وأشار إلى أن «(الإطار التنسيقي) يتصرف وفق قواعد اللعبة الديمقراطية، بما في ذلك ما نسميه نحن (الثلث الضامن)، ويُطلق عليه خصومنا (الثلث المعطل)».
وفي هذا السياق، يقول أستاذ الإعلام الدولي في الجامعة العراقية، الدكتور فاضل البدراني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «لجوء الصدر للمعارضة جاء في ضوء رفض المحكمة الاتحادية لمشروع قانون الأمن الغذائي، الذي كان من متبنيات التيار الصدري وشركائه، فضلاً عن اقتناعه بعدم تمكن تحالفه من تشكيل الحكومة». وأضاف أن «خيار المعارضة التي حددها (الصدر) بشهر، كانت رسالة منه للرأي العام بأننا تركنا للطرف المعارض مهمة تشكيل الحكومة، مع قناعته بعدم تمكن أي طرف من تشكيلها». وتابع البدراني قائلاً: «فيما يتعلق بموقف حلفاء الصدر («تحالف السيادة» والحزب «الديمقراطي») من قرار المعارضة الذي اختاره، فأتوقع أنه سيؤثر على مستقبل الشراكة بينهم، ومن المؤكد أنهم يرفضون فرض خيار المعارضة عليهم، وربما نرى لبارزاني (مسعود بارزاني، زعيم الحزب «الديمقراطي الكردستاني») مبادرة مع (الاتحاد الوطني الكردستاني) بالتنازل للطرف الأخير من خلال إعادة اختيار الرئيس برهم صالح لولاية ثانية في رئاسة الجمهورية، مقابل قضايا ترمم العلاقة بين الحزبين التقليديين». وأوضح أن «القوى السياسية أمام منعطف جديد، وقد نشهد تحالفات جديدة يكون محورها المستقلون، في تحريك المياه الراكدة بدفع مخفي من القوى التقليدية لحفظ ماء وجهها. أما الإبقاء على الوضع الحالي فإنه لن يطول، والقوى السياسية أدركت الآن أنها ضعفت كثيراً. ففي أي لحظة يمكن أن يتفق بعضها مع بعض -خصوصاً القوى الشيعية- على شخصية لتولي رئاسة الحكومة، وتنتهي الأزمة التي مضى عليها 7 شهور».
من جهته، يرى رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، الدكتور إحسان الشمري، لـ«الشرق الأوسط»، أن «انتقال الصدر إلى المعارضة المؤقتة يعني أنه يريد النأي بنفسه عن الانغلاق السياسي، وكذلك عدم تحميل كتلته في البرلمان مسؤولية ما يجري من إخفاقات على مستوى الأداء السياسي». ويضيف أن «الجانب الآخر في هذه القضية، أن الصدر يدفع (الإطار التنسيقي) نحو زاوية الحرج الحاد؛ خصوصاً أن (الإطار) هو من يعمل على التعطيل، بالإضافة إلى أنه (الصدر) يريد أن يقول إن المستقلين فشلوا في عملية تشكيل الحكومة؛ حيث إنه يدرك أن هناك محاولات للالتفاف على خيار المستقلين من قبل (الإطار التنسيقي) وقوى سياسية أخرى، بشكل يعطل مشروعه الذي هو حكومة أغلبية وطنية، وهذا ما يشكل إحراجاً للمستقلين».
وأوضح الشمري أن «هذه هي المرة الثانية التي يدفع الصدر فيها شركاءه من (تحالف السيادة) والحزب (الديمقراطي الكردستاني) نحو حرية التحرك بعيداً عنه، إذا أرادوا هم ذلك»، مبيناً أن «من الواضح أن هناك نيات للصدر للذهاب إلى المعارضة، وبالتالي هي رسالة أن (تحالف إنقاذ وطن)، (أي التحالف الثلاثي الذي يضم الصدر مع شركائه السنة والأكراد) قد لا يستطيع البقاء، وهو ما يعني بقاء شركاء الصدر في حالة من الحرج، ما قد يدفعهم إلى أن يكونوا في وضع يجعلهم يحاولون إيجاد حل سريع باتجاه خيارات أخرى».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

مبعوث أوروبي يتوجه إلى سوريا للتباحث مع القيادة الجديدة

أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
TT

مبعوث أوروبي يتوجه إلى سوريا للتباحث مع القيادة الجديدة

أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)

قالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، اليوم الاثنين، إن مبعوث الكتلة إلى سوريا سيزور دمشق، للتحدث مع القيادة الجديدة للبلاد، في حين تكثف القوى الغربية انخراطها، بعد الإطاحة ببشار الأسد.

وأضافت كالاس، في مؤتمر صحافي، قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: «سيذهب ممثّلنا في سوريا إلى دمشق، اليوم»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشارت كالاس إلى أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون في بروكسل «طريقة التعامل مع القيادة الجديدة في سوريا وإلى أي مستوى ستصل علاقتنا معها». وأكدت «بالنسبة إلينا، لا يتعلق الأمر بالأقوال فقط بل بالأفعال التي تسير في الاتجاه الصحيح».

وعقب سقوط بشار الأسد، أعربت الجهات الدولية الفاعلة عن تفاؤل حذر مع تعهد الإدارة الجديدة في سوريا حماية الأقليات وتشكيل حكومة تشمل جميع الأطراف.
في سياق متصل، بحث المبعوث الأممي لسوريا، جير بيدرسون، وقائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع أمس، ضرورة إعادة النظر في القرار الأممي 2254 بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، في الثامن من الشهر الحالي.

وأفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» بأنه «خلال لقاء قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع مع المبعوث الأممي لسوريا جير بيدرسون، جرى بحث ومناقشة ضرورة إعادة النظر في القرار 2254 نظراً للتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي، مما يجعل من الضروري تحديث القرار ليتلاءم مع الواقع الجديد».

وأكد الشرع «أهمية التعاون السريع والفعال لمعالجة قضايا السوريين، وضرورة التركيز على وحدة أراضي سوريا، وإعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية».

وأضاف: «تحدّث عن ضرورة التعامل بحذر ودقة في مراحل الانتقال، وإعادة تأهيل المؤسسات لبناء نظام قوي وفعال، بالإضافة إلى ذلك جرى تأكيد أهمية توفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين، وتقديم الدعم الاقتصادي والسياسي لذلك».

وأشار الشرع إلى «ضرورة تنفيذ هذه الخطوات بحرص شديد ودقة عالية، دون عجلة، وبإشراف فِرق متخصصة؛ حتى تتحقق بأفضل شكل ممكن».

ووصل بيدرسون إلى دمشق، أمس الأحد، في أول زيارة له بعد إسقاط نظام الأسد، مُعرباً عن أمله في رؤية «نهاية سريعة للعقوبات». بينما قالت كالاس إن اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين، المقرر عقده في بروكسل، اليوم الاثنين، الذي يتضمن سوريا على جدول أعماله، لن يتناول مسألة زيادة الدعم المالي المقدم لدمشق، بخلاف ما قدَّمه الاتحاد الأوروبي بالفعل عبر وكالات الأمم المتحدة.