إيران تتحدث عن تقديمها «مبادرات خاصة» إلى المنسق الأوروبي وتنتظر رداً أميركياً

قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، أمس، إن الجهود الدبلوماسية الرامية لإحياء الاتفاق النووي «تقدمت خطوات» عما كانت عليه قبل زيارة المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا، إنريكي مورا، لكنه ألقى الكرة في ملعب الولايات المتحدة، قائلاً إن طهران تنتظر رداً أميركياً على «المبادرات الخاصة» التي طرحتها على الوسيط الأوروبي، بشأن خروج المسار الدبلوماسي من المأزق الحالي، وإبرام صفقة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
ونقلت مواقع رسمية إيرانية عن خطيب زاده قوله أمس، في المؤتمر الأسبوعي، إن بلاده أجرت مفاوضات «جادة» في عدة جولات جمعت مورا وكبير المفاوضين الإيرانيين على مدى 48 ساعة الأسبوع الماضي. وقال إن «الزيارة ركزت على النتائج، وبمبادرات خاصة من إيران». وأضاف: «فيما يتعلق ببعض الحلول المقترحة، إذا استجاب الجانب الأميركي، فقد نكون في موقف يعود فيه جميع الأطراف إلى فيينا للتوصل إلى اتفاق».
وقال خطيب زاده: «إذا اتخذت الولايات المتحدة قرارها السياسي اليوم وأعلنته، فيمكننا اتخاذ خطوة مهمة نحو تقدم المفاوضات»، منوهاً أن اللقاءات التي جمعت المنسق الأوروبي والمفاوض الإيراني وصلت إلى «طريق صحيح للتقدم» وأضاف: «المبادرات المعلنة من إيران قابلة للتطبيق، وعلى ما يبدو، يمكن تنفيذها من الجانب الأوروبي، ننتظر قرار واشنطن، نحن الآن في موقع أفضل مما كنا عليه قبل زيارة مورا إلى طهران».
وتم الاتفاق في مارس (آذار) بشكل أساسي على الخطوط العريضة للاتفاق الذي يهدف إلى إحياء اتفاق 2015 الذي يقيد البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران. ومع ذلك، تعثرت المفاوضات بعد مطالب روسية في اللحظة الأخيرة، بالإضافة إلى طلب إيران رفع «الحرس الثوري» من قائمة المنظمات الإرهابية، وذلك بعدما استبعدت طهران فتح باب التفاوض على برنامج الصواريخ الباليستية، والأنشطة الإقليمية، رغم تعهد الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن في بادئ الأمر توسيع نطاق الاتفاق.
وكان بوريل قد أبلغ صحيفة «فاينانشال تايمز» أنه يدرس تصوراً يجري من خلاله رفع اسم «الحرس الثوري» من قائمة المنظمات الإرهابية، على أن تظل كيانات تابعة له في القائمة. وكانت أوساط مؤيدة للاتفاق النووي في الولايات المتحدة، بما في ذلك جماعات ضغط وشخصيات إيرانية، قد دعت إلى حل وسط يرفع «الحرس الثوري» من قائمة الإرهاب، مقابل إبقاء ذراعه الخارجية «فيلق القدس» على اللائحة.
وأعلن قائد البحرية في «الحرس الثوري» علي رضا تنكسيري في 21 أبريل (نيسان) عن رفض «تنازلات وعروض» برفع «الحرس الثوري» مقابل أن تتخلى عن خططها للثأر من الولايات المتحدة لمقتل قاسم سليماني مسؤول العلميات الخارجية في «الحرس الثوري».
وأشار خطيب زاده أمس مجدداً إلى أن زيارة المسؤول الأوروبي جاءت بعد الاتصال الهاتفي بين مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، حسبما أوردت وكالة «مهر» الحكومية.
وجاءت زيارة مورا بعد مضي أسبوعين على تحذير بوريل لعبد اللهيان من تبعات إطالة فترة توقف المحادثات، مطالباً لقاء حضورياً بين مورا وباقري كني. وبعد ساعات قليلة على عودة مورا من طهران، أعرب بوريل عن اعتقاده أن «التقدم» الذي حققه مبعوثه إلى طهران «إيجابي بدرجة كافية» لإعادة إطلاق المفاوضات النووية.
وقال بوريل للصحافيين، في اجتماع لوزراء خارجية مجموعة السبع، في شمال ألمانيا: «هذه الأمور لا يمكن حلّها بين عشية وضحاها... دعونا نقول إن المفاوضات توقفت ثم تحلحل الموقف» في وجود بادرة «للتوصل إلى اتفاق نهائي». وقال: «مضى الأمر بأفضل من المتوقع، توقفت المحادثات، والآن أعيد فتحها».
وقبل أن ينهي مورا زيارته، قال مصدر دبلوماسي فرنسي، الخميس، إن هناك فرصة ضئيلة أمام موافقة الولايات المتحدة قريباً على رفع «الحرس الثوري» من القائمة. كذلك، يتضارب تفاؤل بوريل مع ما نسبته وكالة «رويترز» إلى مصادر مطلعة تقول إن المسؤولين الغربيين يفقدون الأمل بشكل كبير في إمكانية إحياء اتفاق 2015. الأمر الذي اضطرهم للتفكير في كيفية تقييد التقدم النووي الإيراني حتى في الوقت الذي تسبب فيه الغزو الروسي لأوكرانيا في إثارة الانقسام بين الدول الكبرى.
أما خطيب زاده فقد حرص على اعتبار ما قاله بوريل من منطلق «إيجابيته»، وقال تحديداً في هذا الصدد: «أعتقد يجب أن ننظر لتصريحات السيد بوريل من جانبها الإيجابي... أن تكون لدينا خلافات حول نقطة أو نقطتين في المفاوضات ليس أمراً غير طبيعي... تبادل الرسائل لم يتوقف عند نقطة ما». وأعرب خطيب زاده عن قلقه من الضغوط التي تمارسها إسرائيل لمنع رفع «الحرس الثوري» من قائمة الإرهاب. وتطرق إلى إسرائيل، بينما سئل عن النتائج التي تتطلع إليها طهران من زيارة مورا، قائلاً إنه «في أي وقت تكون هناك مبادرة وحركة في مجال الدبلوماسية، تقوم إسرائيل بتحركات ضد هذه المبادرات، وهذا ليس بجديد».
بدورها، تبنت واشنطن نبرة أقل تفاؤلاً، إذ قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، الجمعة: «في هذه المرحلة، ما زال الاتفاق غير مؤكد» مضيفاً: «الأمر متروك لإيران، لتقرر ما إذا كانت تريد إبرام اتفاق بسرعة» أم لا. وقال برايس، في بيان، أمس، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن التقى نظيرتيه، الألمانية أنالينا بربوك، والبريطانية ليز تراس، إضافة إلى المدير العام الفرنسي للشؤون السياسية والأمنية فيليب إيريرا.
وناقش بلينكن المفاوضات الجارية مع إيران والجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن العودة المتبادلة إلى تنفيذ الاتفاق النووي.
وتساور المخاوف الدبلوماسيين الغربيين من أنه كلما استمرت إيران في تطوير برنامجها النووي بالوتيرة الحالية، كلما قلّت الفائدة المرجوة من العودة إلى الاتفاق.
وإضافة إلى ملف «الحرس الثوري» تطالب طهران بضمانات أميركية، وكذلك إغلاق تحقيق دولي بشأن العثور على اليورانيوم في مواقع غير معلنة.
ومن المقرر أن يقدم مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الشهر المقبل نتائج التحقيق بشأن 3 مواقع إيرانية غير معلنة في محادثات الاتفاق النووي عام 2015. وذلك بعدما توصلت الوكالة الدولية وطهران في مارس الماضي إلى خريطة طريق، تردّ بموجبها إيران على أسئلة غروسي ومفتشي الوكالة الدولية.
وقال غروسي، الأسبوع الماضي، إن إيران تتقاعس عن تقديم المعلومات المتعلقة بجزيئات اليورانيوم في المواقع الثلاثة، ما يثير احتمال حدوث صدام في الاجتماع الفصلي للوكالة الدولية، الشهر المقبل.