حمود أمام المحكمة الدولية: لقاء الحريري مع الأسد كان كالمحاكمة

مستشار رئيس الحكومة السابق المغتال قال إن الحريري عاد «مكسورًا» من دمشق

حمود أمام المحكمة الدولية:  لقاء الحريري مع الأسد كان كالمحاكمة
TT

حمود أمام المحكمة الدولية: لقاء الحريري مع الأسد كان كالمحاكمة

حمود أمام المحكمة الدولية:  لقاء الحريري مع الأسد كان كالمحاكمة

بدأت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي تحقق في قضية اغتيال الرئيس الأسبق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري ورفاقه، الاستماع إلى شهادة مستشاره الإعلامي هاني حمود الذي نقل تفاصيل لقاء جمع الحريري بالرئيس السوري بشار الأسد، واصفا إياه بأنّه كان أشبه بـ«المحاكمة». وأشار حمود إلى أن الحريري «عاد مكسورًا بعد لقائه في عام 2003 بالرئيس السوري والضباط الثلاثة غازي كنعان ورستم وغزالة وأحمد خلّوف»، ونقل عنه قوله إن اللقاء «كان كارثة، فقد تعرّض للكثير من الاتهامات التي تتعلّق بتلفزيون (المستقبل) وجريدة (النهار) وحملته المزعومة على (رئيس الجمهورية السابق) إميل لحود، لافتا إلى أنه (فكّر مرارًا بمغادرة القاعة والقول للأسد: أنت تُخاطب رئيس حكومة لبنان)».
وأوضح حمود أن الرئيس السوري قال للحريري خلال الاجتماع: «أنت لم تفهم أنني أنا إميل لحود، وإميل لحود هو أنا، وأن قراري هو التمديد للحود وأنت لا أحد بهذا الموضوع»، مشيرًا إلى أن «الأسد هدد بتكسير البلد على رأس الحريري حين قال، إذا كان صديقك (الرئيس الفرنسي آنذاك) جاك شيراك، يفكر بأن يكسر إرادتي في لبنان، فأنا سأكسّر البلد على رأسك».
وأشار حمود إلى أن الحريري طلب منه «عدم نشر أي كلام سلبي ضدّ النظام السوري ولحود في جريدة (المستقبل) وقناة (المستقبل)، كما طلب منه التخلي عن أسهمه في جريدة (النهار)».
وأوضح حمود أن الحريري لم يتخذ موقفا علنيا بتأييد أو رفض القرار 1559 الذي دعا لعدم تمديد ولاية لحود، ولخروج القوات السورية من لبنان فورًا ونزع سلاح حزب الله، وأشار إلى أنّه «كان يأمل في الوصول إلى تنفيذ بند حل الميليشيات الوارد في القرار عبر الحوار».
من جهة أخرى، أشار حمود إلى أنه أعلن استقالته من منصبه كمستشار إعلامي لرئيس الوزراء في السراي الحكومي.. «لأن الرئيس الحريري أراد أن يُخفّف من المواجهة مع النظام السوري عبر القول إنه تمت إقالتي من منصبي في السراي»، إلا أن الحريري «طلب مني مواصلة مهامي وتولي منصب رئيس تحرير جريدة (المستقبل). وكنا نجتمع في منزل الرئيس الحريري عند الصباح والمساء». وقال إنه في عام 2002 أوقف بث قناة «الجديد» الفضائية «لأنها كانت ستتسبب بمشكلة، ومن ثم أعيد بثها بعد توقيعها تعهدًا عند القوى الأمنية اللبنانية بأنها لن تبث حلقة عن السعودية، وذلك بطلب من رئيس الجمهورية آنذاك إميل لحود». وأضاف أنه في عام 2002 أقفلت قناة «إم تي في» بقرار قضائي لبناني، و«منعت من البث بضغط واضح من النظام السوري ومن لحود»، لافتًا الانتباه إلى أن الحريري كان يقوم بالمستحيل لمنع الإقفال.
وأشار حمود إلى أنه أصدر بيانًا حينها طالب فيه بإعادة بث قناة «إم تي في» أسوة بما حدث مع قناة «الجديد»، وهو الأمر الذي اعتبره «النظام السوري ولحود تحديًا مباشرًا لإرادتهم السياسية، فما كان من النظام السوري إلا أن طلب في عام 2003 عن طريق رستم غزالة من الرئيس الحريري إقالتي من منصبي كمستشار إعلامي له».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.