الحوثيون ينقلون مركز قيادتهم من صعدة إلى ذمار.. ورئيس الأركان يباشر مهامه من مأرب

اتهامات حوثية لواشنطن بالسعي لإجهاض مهمة المبعوث الأممي الجديد.. الطيران يستأنف قصف صنعاء

أطفال يمنيون من أبناء الحوثيين يحملون السلاح ويرتدون ملابس عسكرية في تعز أمس (أ.ف.ب)
أطفال يمنيون من أبناء الحوثيين يحملون السلاح ويرتدون ملابس عسكرية في تعز أمس (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون ينقلون مركز قيادتهم من صعدة إلى ذمار.. ورئيس الأركان يباشر مهامه من مأرب

أطفال يمنيون من أبناء الحوثيين يحملون السلاح ويرتدون ملابس عسكرية في تعز أمس (أ.ف.ب)
أطفال يمنيون من أبناء الحوثيين يحملون السلاح ويرتدون ملابس عسكرية في تعز أمس (أ.ف.ب)

واصل طيران التحالف العربي، أمس، قصفه لعدد من مواقع الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، حيث قصف طيران التحالف مواقع عسكرية في جبل نقم بشرق العاصمة اليمنية صنعاء، واستهدف القصف، أيضا، منطقة جبل فج عطان وقريبة بيت الأحمر في جنوب العاصمة صنعاء، وهي مسقط رأس الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وقد سمع دوي انفجارات عنيفة في أنحاء متفرقة من العاصمة كما سمعت سيارات الإسعاف وهي تهرع إلى مكان الانفجارات، وشمل القصف أيضا اللواء 25 ميكا في محافظة حجة ومعسكر الدفاع الساحلي في محافظة الحديدة وبعض مديريات محافظة صعدة، إضافة إلى مواقع وتجمعات للميليشيات في منطقة الجند بمحافظة تعز، كما شن الطيران سلسلة من الغارات الجوية على مواقع للمسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح في أطراف مدينة عدن والمطار، إضافة إلى قصف طال مواقع تجمعات المسلحين الحوثيين ومعسكرات تتبع لصالح في محافظة الضالع الجنوبية، التي قتل فيها نحو 14 مسلحا حوثيا خلال الساعات الماضية في مواجهات مع القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، وطال القصف محافظة إب في وسط البلاد، حيث قصفت تجمعات للمسلحين الحوثيين في منطقة بني مسلم بمديرية القفر، وفي السياق ذاته، قتل وجرح العشرات من الحوثيين في قصف نقيل سمارة الذي يربط بين تعز وإب، وكانت إب شهدت أمس، اعتصامات للمطالب بالإفراج عن المختطفين لدى الميليشيات الحوثية.
في سياق متصل، قالت مصادر محلية في محافظتي صعدة وذمار لـ«الشرق الأوسط» إن «الحوثيين شرعوا في نقل مركز قيادتهم من صعدة إلى ذمار»، وتحدثت مصادر محلية عن نشر الميليشيات لعدد من منصات الصواريخ في جبال متعددة تحيط بالمدينة التي تبعد عن صنعاء نحو 100 كيلومتر جهة الجنوب، وتشير مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن نشاط رئيس الأركان اليمني يأتي في إطار إعادة ترتيب قوات الجيش اليمني المؤيدة للشرعية والتي تنتشر في مناطق جغرافية متباعدة، وتوجد في مأرب منطقة عسكرية، يعتقد أنها ستكون منطلقا لإعادة بناء الجيش اليمني هي والمنطقتين العسكريتين الموجودتين في محافظة حضرموت بشرق البلاد.
وكانت قوات التحالف قد كثفت، في الآونة الأخيرة، قصفها لمحافظة صعدة التي تعد المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي والتي انطلقت منها ميليشياتها للسيطرة على بقية المحافظات اليمنية، في هذه الأثناء، ذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس هيئة الأركان العامة الذي عينه الرئيس اليمني مؤخرا، اللواء الركن محمد علي المقدشي، باشر مهامه بزيارة لمحافظة مأرب بشرق البلاد برفقة عدد من القيادات العسكرية، وتخوض القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في مأرب مواجهات ضد المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق صالح، وجاءت زيارة رئيس الأركان إلى مأرب بعد يوم واحد على تفجير المسلحين الحوثيين لمنزله ومنزل والده في مدينة ذمار في جنوب صنعاء، لعدة مرات وسووا المنزلين بالأرض في تفجيرات هزت مدينة ذمار.
على صعيد آخر، انتقد الحوثيون تصريحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري بشأن تحريك الميليشيات لمنصات صواريخ إبان الهدنة الإنسانية، وقال محمد علي الحوثي، رئيس ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» إن «التصريحات الصادرة عن وزير الخارجية الأميركي تأتي لمنح ضوء أخضر لشن المزيد من الغارات»، واستغرب الحوثي ما وصفها بـ«الاتهامات الباطلة التي يسوقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري»، واتهم الحوثي الولايات المتحدة بالسعي لإجهاض مهمة المبعوث الأممي الجديد، وأضاف أن «الولايات المتحدة الأميركية تسوق هذه المبررات لعدوان جديد يستهدف الشعب اليمني ويدخل الشعب في مجاعة كبرى هدفها الأساسي إفشال مهمة المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ مثلما فعلوا من قبل وأفشلوا مهمة المبعوث الأممي السابق جمال بنعمر».
إلى ذلك، تواصلت الثلاثاء عمليات وصول طائرات الإغاثة إلى مطار صنعاء الدولي، وقالت مصادر محلية إن «عددا من الطائرات التابعة للصليب الأحمر الدولي هبطت في المطار وهي تحمل كميات من المواد الإغاثية والإيوائية»، وجاء استمرار وصول طائرات الإغاثة إلى صنعاء في ظل استمرار الجدل حول أسباب وصولها إلى العاصمة، وعدم ذهابها إلى المحافظات والمناطق المتضررة وبالأخص عدن وتعز والضالع، وفي ظل ما يطرح بأن الحوثيين يستولون على هذه المساعدات، وفي موضوع آخر، تسلم الصليب الأحمر الدولي، مساء أول من أمس، جثمان الطيار المغربي الذي سقطت طائرته في محافظة صعدة أثناء مهمة حربية، مؤخرا، وقال الحوثيون إن «جثمان الطيار المغربي ياسين بحتي سيسلم إلى حكومة المملكة المغربية عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي»، وكانت قيادات حوثية تحدثت، في صنعاء، عن أن تسليم الجثمان تم بعد وساطة قام بها المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، جمال بنعمر، وهو مغربي الجنسية، وحسب ما تداولته بعض الأوساط في الساحة اليمنية، فإن بنعمر يرتبط بعلاقات طيبة مع جماعة الحوثي التي وافقت على وساطته، وكانت قوات التحالف قد فقدت طائرة مغربية ضمن الطائرات المشاركة في التحالف العربي لإعادة الشرعية إلى اليمن، في 10 من مايو (أيار) الحالي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم