مخرجات «إعلان الرياض» لاجتماع «إنقاذ اليمن» والبيان الختامي

المجتمعون شددوا على بناء الدولة

مشهد ختام مؤتمر الرياض.. مشاركة واسعة من الأحزاب اليمنية وحضور الدول الداعمة (واس)
مشهد ختام مؤتمر الرياض.. مشاركة واسعة من الأحزاب اليمنية وحضور الدول الداعمة (واس)
TT

مخرجات «إعلان الرياض» لاجتماع «إنقاذ اليمن» والبيان الختامي

مشهد ختام مؤتمر الرياض.. مشاركة واسعة من الأحزاب اليمنية وحضور الدول الداعمة (واس)
مشهد ختام مؤتمر الرياض.. مشاركة واسعة من الأحزاب اليمنية وحضور الدول الداعمة (واس)

أكدت بنود إعلان الرياض أنها تمثل خيارًا وطنيًا في دعم الشرعية ومبدأ الشراكة الوطنية لأبناء اليمن شماله وجنوبه التي قامت عليها العملية الانتقالية وأساسا لمشروع بناء الدولة ورفضًا قاطعًا لحكم الميليشيات ومشروع الفوضى الذي تنهار فيه مؤسسات الدولة ويتأجج فيه الصراع المذهبي والمناطقي وتضيع فيه كرامة الإنسان وتنتهك فيه حقوقه وتهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي. وفيما يلي نص الإعلان:
لقد أدى فساد رأس نظام الحكم في اليمن منذ أكثر من 30 عامًا إلى إدخال اليمن في صراعات وحروب منذ العام 1994م، طالت الجنوب والشمال، كما أدى سوء إدارة الحكم إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وتفاقم الأزمة السياسية، إلى قيام الحراك الجنوبي السلمي في الجنوب 2007م، والثورة الشبابية الشعبية السلمية في عام 2011م، وحقنا للدماء جاءت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لتحقيق عملية التغيير السلمي وبموجبها حددت فترة انتقالية كان من أبرز منجزاتها انتخاب الأخ عبد ربه منصور هادي رئيسًا توافقيًا للجمهورية وإيقاف التدهور الأمني الاقتصادي ونجاح مؤتمر الحوار الوطني والاعتراف بالقضية الجنوبية باعتبارها قضية سياسية عادلة، وإيجاد المعالجات لها وإقرار وثيقة الحوار الوطني الشامل في 25 يناير (كانون الثاني) 2014م، وإنجاز مسودة الدستور في ديسمبر (كانون الأول) 2014م، ومثل ذلك كله رغبة حقيقية للشعب شمالاً وجنوبًا في طي صفحة الماضي والشروع قدمًا في وضع اللبنات الأساسية لبناء الدولة المدنية الاتحادية من خلال التوافق بين مكونات الشعب في الشمال والجنوب، ومواصلة السير في تنفيذ ما تبقى من مهام الفترة الانتقالية المنصوص عليها، في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ووثيقة الحوار الوطني الشامل.
مع إصرار الشعب اليمني وقواه السياسية والمدنية الخيرة في استكمال مشروعه في بناء الدولة المدنية الحديثة، سارعت الميليشيات الحوثية المتحالفة مع علي عبد الله صالح في الانقلاب على الشرعية الدستورية رغبة منها في تقويض العملية الانتقالية السلمية بالقوة والزج بالبلاد إلى مرحلة الصراع المسلح، وقامت بإسقاط المناطق تباعًا ووصولاً إلى احتلال العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) 2014م، واختطاف مؤسسات الدولة والاستيلاء على القوات المسلحة ووضع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة تحت الإقامة الجبرية واستخدام آلتها العسكرية في التوسع والتدمير الممنهج للمدن اليمنية وخصوصًا مدينتي عدن وتعز.
واستجابة لدعوة رئيس الجمهورية، فقد تم عقد مؤتمر الرياض وشاركت فيه كل القوى السياسية والاجتماعية الوطنية، وإدراكًا منها لحجم المأساة والانهيار الذي وصلت إليه البلاد، ورغبة منها في الاصطفاف معًا لمواجهة الانقلاب على الشرعية والتصدي للمشروع التآمري التدميري على اليمن المدعوم من إيران الذي انخرطت فيه تلك الميليشيات وحليفها لزعزعة أمن واستقرار اليمن والمنطقة.
وانطلاقًا من إيمانها والتزامها الحقيقي بالدفاع عن الوطن باعتباره واجبا ملحا على كل أبنائه، أقرت جميع المكونات والشخصيات المشاركة في المؤتمر أن هناك أولوية قصوى تنتصب أمامها حاليًا لبلورة مشروع ينخرط فيه الجميع دون استثناء وفق رؤية جادة لاستعادة الدولة والانتصار بشرعيتها، وبسط سلطتها على كامل التراب الوطني في ظل الصمود والبطولات والمآثر الرائعة للمقاومة الشعبية على الأرض في مدينة عدن الباسلة وفي الضالع وتعز ولحج وأبين ومأرب وشبوه والبيضاء وغيرها من مدن وقرى اليمن جنوبه وشماله.
وإدراكًا من هذه القوى والتنظيمات السياسة لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، ورغبة في بلورة تطلعات الشعب لبناء دولة حديثة، وفق أسس ومخرجات الحوار الوطني الشامل ومن خلال التوافق بين مكونات الشعب في الشمال والجنوب، سعيًا منها لتحقيق غدٍ أفضل، أقرت جميع المكونات والشخصيات الاجتماعية المشاركة في المؤتمر البنود التي تمت مناقشتها والتي شكلت في مجملها خريطة الطريق الواردة في هذا الإعلان الذي يسمى - إعلان الرياض - تحت شعار «إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية».
وبناء على ما تقدم فقد تبنى إعلان الرياض رؤية وطنية عملية جادة لاستعادة الدولة وإعادة ترتيب علاقتها الإقليمية والدولية على النحو الذي يلبي طموح أبناء الشعب اليمني في بناء دولة اتحادية ديمقراطية حديثة تنشد العدالة وتقوم على المواطنة المتساوية بكل أبناء الشعب، وتعزز من دور اليمن في محيطه الخليجي والعربي، وتحقيق الأمن الإقليمي وتفاعله الإيجابي مع بقية أعضاء الأسرة الدولية.
وانطلاقًا من قرار مجلس الأمن رقم 2216، الذي رحب بعقد مؤتمر الرياض، ودعمًا للمفاوضات التي تجرى برعاية الأمم المتحدة فإن المؤتمر يتطلع إلى أن تحقق تلك المفاوضات تطلعات الشعب اليمني وفقًا لما ورد في هذا الإعلان.
لذا فإن هذا الإعلان بكافة بنوده يمثل خيارًا وطنيًا في دعم الشرعية ومبدأ الشراكة الوطنية لكل أبناء اليمن شماله وجنوبه، والتي قامت عليها العملية الانتقالية ويعد أساسًا لمشروع بناء الدولة ورفضًا قاطعًا لحكم الميليشيات ومشروع الفوضى الذي تنهار فيه مؤسسات الدولة كافة، ويتأجج فيه الصراع المذهبي والمناطقي وتضيع فيه كرامة الإنسان وتنتهك فيه حقوقه، وتهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

* الأهداف
* يهدف هذا الإعلان إلى تحقيق الآتي:
1- المحافظة على أمن واستقرار اليمن في إطار التمسك بالشرعية.
2- رفض الانقلاب وإنهاء ما ترتب عليه.
3- استعادة الأسلحة والمعدات المنهوبة وتسليمها إلى الدولة.
4- بسط سلطة الدولة على كل الأراضي اليمنية.
5- إيقاف عدوان قوى التمرد حقنًا للدماء والوصول باليمن إلى بر الأمان.
6- استئناف العملية السياسية وبناء الدولة الاتحادية وفقًا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل.
7- تجنيب اليمن أن تكون مقرًا لجماعات العنف والتنظيمات الإرهابية ومرتعًا لها وضمان ألا يكون اليمن مصدرًا لتهديد أمن الدول المجاورة واستقرارها واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة لتحقيق ذلك.

* المبادئ
* يقوم هذا الإعلان على المبادئ الآتية:
1- الالتزام بالشرعية الدستورية.
2- الالتزام بإقامة الدولة المدنية الاتحادية والحفاظ على أمن واستقرار اليمن.
3- الالتزام بمبادئ الشراكة والتوافق وفقًا لما جاء في ضمانات مخرجات الحوار الوطني واتفاق معالجة القضية الجنوبية خلال المرحلة الانتقالية.
4- الالتزام بإعلان الرياض والقرار الدولي (2216) واعتبارهما السقف الذي لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات قادمة يمكن أن تتم برعاية الأمم المتحدة.
5- الالتزام بمبادئ المساءلة والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

* المرجعيات
* يستند هذا الإعلان إلى المرجعيات الآتية:
1- المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها
2- مخرجات الحوار الوطني الشامل.
3- قرار مجلس الأمن بشأن اليمن رقم (2216) والقرارات ذات الصلة.
4- قرار مجلس الجامعة العربية بشأن اليمن الصادر عن مؤتمر القمة المنعقد في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية عام 2015م.
5- بيانات مجلس التعاون لدول الخليج العربية ذات الصلة.
6- رسالتا رئيس الجمهورية لقادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية المؤرخة في 7 / 3 / 2015 م و24 / 3 / 2015م ورسالتاه لجامعة الدول العربية ومجلس الأمن الدولي المؤرختان في 24 / 3 / 2015م.

* مقررات إعلان الرياض
* أولاً: إنقاذ اليمن واستعادة مؤسسات الدولة: إن الغاية الأساسية من هذا الإعلان تتمثل بإنقاذ اليمن ومؤسسات الدولة وبسط سلطتها في كل أرجاء البلاد من خلال ما يلي
1- إنهاء عدوان قوى التمرد وإسقاط الانقلاب ومحاسبة الضالعين فيه واستعادة الأسلحة وإخراج الميليشيات من العاصمة صنعاء ومدينة عدن ومحافظات صعدة وكل المدن والمحافظات وضمان عدم عودة منظومة الفساد والتخلف والاستبداد مجددا.
2- دعم وتنظيم المقاومة الرسمية والشعبية تحت القيادة الشرعية في كل المناطق التي توجد فيها ميليشيات الانقلاب والتمرد.
3- حشد الدعم والتأييد الإقليمي والدولي لأعمال الإغاثة والعمل الإنساني وتوسيع نطاقها ورفع مستواها وتوفير الخدمات الأساسية والغذاء والدواء ومستلزمات الإغاثة اللازمة لهم وبما يضمن وصول هذه الإغاثة لمستحقيها وإقامة مناطق خاصة للنازحين داخل اليمن وإيجاد حلول عاجلة لمشكلة العالقين في الخارج.
4- عودة مؤسسات الدولة الشرعية لممارسة مهامها من داخل الأراضي اليمنية.
5- الحفاظ على النسيج الاجتماعي والحيلولة دون تفكيك المجتمع اليمني وانزلاقه إلى صراعات وانقسامات اجتماعية على أسس مذهبية ومناطقية وجهوية.
6- مساءلة القيادات العسكرية والأمنية والسياسية الضالعة في الانقلاب على الشرعية المسؤولين عن إشعال الحرب والفتنة الداخلية وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مختلف المدن اليمنية وبالذات مدينتي عدن وتعز وإحالتهم لمحاكمة عادلة ومنصفة.
7- وضع استراتيجية وطنية بمشاركة كل الأطراف السياسية والمجتمعية لمحاربة العنف والإرهاب ومناهضة التعصب (الطائفي والمناطقي والمذهبي والسلالي) والعمل على نشر القيم الوطنية والقومية والإسلامية وثقافة التسامح والقبول بالآخر.
8- الإسراع بإعادة المهجرين وتصحيح أوضاعهم وتعويض المتضررين من جرائم الميليشيات في عموم مناطق اليمن وبالأخص محافظة صعدة وحرف سفيان تعويضًا عادلاً والتعجيل بعودة الأمور في محافظة صعدة إلى ما كانت عليه قبل الحرب 2004م.
9- الاهتمام بالفضية التهامية ودعم قوى الحراك التهامي ضد ميليشيات التمرد.

* ثانيًا: بناء الدولة المدنية الاتحادية الحديثة: استكمال تنفيذ ما تبقى من مهام العملية الانتقالية وبناء الدولة المدنية الاتحادية من خلال الآتي:
1- الإسراع في دعوة الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني لمناقشة مسودة الدستور وطرحها للنقاش العام والاستفتاء.
2- استكمال تنفيذ النقاط العشرين والإحدى عشرة وكل المقررات المتعلقة بالقضية الجنوبية وفقًا لمقررات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ووفق جدول زمني محدد.
3- الشروع في بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية ومهنية على أن يتم التمثيل في هذه المؤسسات في المرحلة التأسيسية بواقع خمسين في المائة للجنوب وخمسين في المائة للشمال على مستوى المراتب القيادية العليا وفقًا لمخرجات الحوار الوطني وإعلان الرياض.
4- إصدار قانون العدالة الانتقالية والقوانين ذات الصلة بمتطلبات ما تبقى من المرحلة الانتقالية وإطلاق مصالحة وطنية شاملة وفقًا لمخرجات الحوار الوطني.
5- إصدار التشريعات المتعلقة بالانتقال للدولة الاتحادية وبناء المؤسسات وفقًا لمخرجات الحوار الوطني الشامل.
6- الشروع في إعداد وتوفير الشروط اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة على طريق بناء الدولة الاتحادية المدنية الحديثة وفقًا للدستور الجديد.
7- التأكيد على ضرورة جدولة معالجة كل القضايا اليمنية وخصوصا معالجات القضية الجنوبية بصفتها القضية المحورية والجوهرية في الحالة اليمنية وحق الشعب في تقرير مكانته السياسية وفق ما ينص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وبما يتوافق مع الحلول والضمانات للقضية الجنوبية ومخرجات الحوار الوطني الشامل.

* ثالثًا: إعادة الإعمار والتأهيل: تعمل الدولة على توفير كل الوسائل والإمكانات اللازمة لإعادة الإعمار وفقًا للآتي:
1- إعادة الإعمار بحشد الموارد اللازمة وبدعم من الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمجتمع الدولي، ومباشرة تنفيذ مشاريع الإعمار في كل المناطق خصوصًا تلك التي تعرضت لأعمال التخريب والدمار وهدم البنى التحتية وفي المقدمة منها عدن.
2- العمل على إنجاز استراتيجية وطنية لمعالجة الأوضاع الاقتصادية، لوقف حالة التردي الاقتصادي ومكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة.
3- بناء اقتصاد مستدام وإيجاد بيئة استثمارية في اليمن، تحقق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطلعات الشعب اليمني، وتوفر آليات الشفافية والمساءلة وتسهم في عملية اندماج الاقتصاد اليمني مع اقتصادات دول مجلس التعاون.
4- العمل مع الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تحسين أوضاع المغتربين اليمنيين في الخليج وفتح المجال أمامهم للحصول على فرص عمل في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفق استراتيجية تخدم تأهيل اليمن اقتصاديًا واجتماعيًا.

* رابعًا: الآليات والإجراءات:
1- الشروع في بناء قوات أمنية وطنية من جميع المحافظات والأقاليم لحفظ الأمن والاستقرار وفقًا لمخرجات الحوار الوطني.
2- استخدام كل الأدوات العسكرية والسياسية لإنهاء التمرد واستعادة مؤسسات الدولة والأسلحة المنهوبة.
3- مطالبة مجلس الأمن بتنفيذ القرار (2216) وكل القرارات ذات الصلة وفقًا للآليات المتبعة بهذا الخصوص.
4- سرعة إيجاد منطقة آمنة داخل الأراضي اليمنية تكون مقرًا لاستئناف نشاط مؤسسات الدولة الشرعية من داخل اليمن.
5- مخاطبة المؤسسات المالية الدولية بوقف التعامل المالي والدبلوماسي مع ميليشيات الانقلاب في العاصمة صنعاء ومراقبة التحويلات المالية لليمن وتجميد أموال قادة الميليشيات وشركائهم، وفقًا لقرار مجلس الأمن 2216 لسنة 2015م، والقرارات ذات الصلة.
6- سرعة إجراء تعديل في تشكيل الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل وفقًا لما تم الاتفاق عليه في ضمانات مؤتمر الحوار الوطني وإشراك الحراك الجنوبي السلمي المؤيد للشرعية غير الممثل في مؤتمر الحوار الوطني الشامل. وتباشر الهيئة الوطنية للرقابة مهامها على الفور في مناقشة وإقرار مسودة الدستور التي يتم التوافق عليها.
7- تتولى الهيئة الوطنية متابعة تنفيذ مقررات إعلان الرياض.

* نص البيان الختامي لمؤتمر الرياض «من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية»
* في خضم الانتصارات والمآثر العظيمة للمقاومة الشعبية الصامدة في عدن الباسلة وفي الضالع ولحج وتعز وشبوة ومأرب وأبين والبيضاء والحديدة وغيرها من مدن وقرى اليمن جنوبه وشماله، وبرعاية كريمة مشكورة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وإخوانه قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واستجابة لدعوة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية انعقد مؤتمر الرياض بمشاركة واسعة من كل القوى والمكونات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة وذلك خلال الفترة من 17-19 مايو (أيار) 2015م برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية، حيث افتتح المؤتمر أعماله في 17 مايو بجلسة افتتاحية برئاسة رئيس الجمهورية ونائبه وبحضور الدكتور عبد اللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدكتور أحمد بن حلي مساعد أمين عام جامعة الدول العربية وإسماعيل ولد شيخ أحمد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن والدكتور صالح القنيعير مبعوث الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وسفراء الدول الراعية والداعمة للمرحلة الانتقالية.
وقد تخلل برنامج المؤتمر جلسات مغلقة تم خلالها قراءة مسودة إعلان مؤتمر الرياض ومناقشته من قبل أعضاء المؤتمر وتشكيل لجنة استيعاب الملاحظات وصياغة البيان الختامي.
انعقد مؤتمر الرياض في ظروف بالغة التعقيد جراء الانقلاب على الشرعية من قبل ميليشيات الحوثي وعلي عبد الله صالح وإسقاط العاصمة صنعاء وإخضاع الرئيس والحكومة للإقامة الجبرية واتساع حربهم في بقية المحافظات وصولاً إلى محافظة عدن وهو ما شكل تهديدًا لأمن اليمن وسيادته وأمن الخليج والأمن والسلم الدوليين تنفيذًا لأجندة خارجية تهدد الأمن القومي العربي وتجعل اليمن ساحة لنفوذ تلك القوى في المنطقة، وإزاء كل ذلك تقدم الرئيس عبد ربه منصور هادي برسالة بتاريخ 24 مارس 2015م إلى قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية داعيًا للوقوف إلى جانب الشعب اليمني وحمايته وتقديم المساندة الفورية بكل الوسائل والتدابير اللازمة لحماية اليمن وشعبه من عدوان تحالف الحوثي وعلي عبد الله صالح المستمر وردع العدوان على مدينة عدن وكل المناطق في اليمن جنوبه وشماله.
وقد حظيت رسالة الرئيس بالاستجابة من الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية بوقوف التحالف إلى جانب الشرعية والتأييد الدولي لذلك بالقرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لسنة 2015م.
لقد جاء انعقاد هذا المؤتمر في سياق الخطوات التنفيذية لما ورد في هذا القرار حيث تم تشكيل الهيئة الاستشارية للإعداد لمؤتمر الرياض وبتمثيل من مختلف القوى والمكونات المشاركة، وتم تشكيل الفرق الأساسية المنظمة لأعمال المؤتمر (المكتب التنسيقي والدعم الفني) كما تم إعداد مشاريع الوثائق الأساسية التي خضعت للمناقشة طيلة فترة المؤتمر وانتهت بهذا البيان وإعلان الرياض.
وانطلاقًا من كل ذلك واستشعارًا منا نحن المشاركين بالمسؤولية الوطنية وبما تمليه التحديات الراهنة، نؤكد على ما يلي:
1- تأييدنا المطلق للشرعية الدستورية ممثلة برئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي والعمل بكل الوسائل على رفض الانقلاب وكل ما ترتب عليه، وتأمين عودة مؤسسات الدولة الشرعية إلى اليمن لممارسة كافة مهامها وصلاحياتها.
2- تأييدنا الكامل لجهود الأمم المتحدة والأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية وإخوانه قادة دول المجلس وقادة الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة المشاركة في التحالف الذين سارعوا للاستجابة لدعوة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي في التدخل لدعم الشرعية الدستورية ورفض الانقلاب والوقوف إلى جانب الشعب اليمني بما يمليه عليهم الضمير الإنساني وحق الجوار والأخوة.
3- يؤكد المجتمعون على تسريع وتكثيف عملية الدعم للمقاومة الشعبية في مدينة عدن وتعز الباسلتين وفي كل أنحاء اليمن جنوبه وشماله وإمدادها بالسلاح والدعم اللوجيستي والمساعدة في تنظيمها وتنسيق جهودها.
4- مطالبة مجلس الأمن بالتنفيذ الكامل للقرار الدولي 2216 والقرارات الدولية ذات الصلة لما يمثله ذلك من أساس للحل السياسي السلمي في اليمن.
5- دعوة الأمم المتحدة ومجلس الجامعة العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة لتأمين المدن الرئيسية والإشراف على تنفيذ قرارات مجلس الأمن وضمان الانسحاب الكامل لقوى التمرد من كل المدن وتسليم الأسلحة والمؤسسات.
6- يؤكد المجتمعون على أن تباشر الحكومة فورًا العمل على توفير الشروط الملائمة لرعاية أسر الشهداء والمصابين والنازحين وجميع متضرري وضحايا الحروب.
7- يؤكد المؤتمر على الأهمية القصوى للإسراع في تنسيق وتحقيق برنامج إغاثي إنساني عاجل يستوعب ويلبي كل الاحتياجات الإنسانية للمدنيين الذين يتعرضون لأبشع هجمة عدوانية من قبل الحوثي وعلي عبد الله صالح وخصوصا في مدينة عدن.
8- يوصي المؤتمر الحكومة لمتابعة إعلان الرياض واتخاذ ما يلزم لانتقال الحكومة إلى أرض الوطن في أقرب وقت ممكن.
9- يؤكد المؤتمرون أن موقف التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية كان مبعث أمل ومحل ترحيب شعبي وسياسي يمني لرفع سطوة ميليشيات الانقلاب وممارساتها الظالمة ضد كل اليمنيين وإعادة الشرعية وقد دل هذا الموقف الخليجي والعربي على وحدة اليمن وأمنه واستقراره ووحدة المصير العربي المشترك.
10- يؤكد المؤتمرون أنهم دعاة للسلام الذي لن يتحقق إلا بالانسحاب الكامل لميليشيات الحوثي وعلي عبد الله صالح من العاصمة صنعاء وكل المدن اليمنية جنوبًا وشمالاً وإيقاف الحرب وكل الأعمال العدوانية ضد الشعب اليمني، وكذا عودة السلطة الشرعية لممارسة صلاحياتها الدستورية والقانونية وبسط سيطرة الدولة على كل التراب الوطني لتنفيذ ما تبقى من مهام الفترة الانتقالية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
11- مطالبة الحكومة بإعادة تشكيل اللجنة العليا للإغاثة وتفعيل دورها بما يضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها والحل العاجل لمشكلة العالقين في الخارج وإنشاء مخيمات للنازحين وإيجاد الرعاية اللازمة لهم.
وأخيرا فإن مؤتمر الرياض يتقدم بالشكر الجزيل للأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والهيئة الاستشارية ومكتب التنسيق على الجهود التي بذلوها في التحضير لهذا المؤتمر وإنجاح فعالياته.



المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.


مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.


«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
TT

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

استبقت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة نتائج الحوار الأممي المهيكل بالتأكيد على «أولوية الاستفتاء على الدستور»، معلنة إجراء تعديلات وزارية قريبة، تزامناً مع تأكيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دعم فرنسا للانتخابات.

وقالت حكومة الوحدة المؤقتة، التي رحبت بانطلاق الحوار المهيكل، إنها ستُعلن خلال الأيام القريبة المقبلة عن تعديلات حكومية إصلاحية، تشمل سدّ الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وتوسيع دائرة التوافق بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكدت «الوحدة» في بيان لها، مساء الثلاثاء، أن جوهر المرحلة لا يرتبط بتعدد المسارات أو تسمياتها، بقدر ما ينصرف إلى تحقيق الهدف الوطني، المتمثل في إجراء الانتخابات، بوصفها الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون لتجديد الشرعية، ووضع حد لحالة عدم اليقين السياسي، مشدّدةً على أن توجهها الأساسي يتمثل في الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً، ومؤكدة أنها تتعاطى بإيجابية مع الاختراق، الذي طرأ على حالة الجمود السابقة، وعبّر عن ذلك شخصيات فاعلة، الأمر الذي يفضي إلى الذهاب المباشر نحو الانتخابات التي أصبحت اليوم محل إقرار من مختلف الأطراف، بعد أن ظلت لفترة موضع نقاش، بما يعكس تحولاً واضحاً في مقاربة الحل السياسي.

وعدّت «الوحدة» أن استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، إن لم يُحسم، فإنه يكرّس الحاجة إلى الاحتكام إلى أسس دستورية واضحة، تُبنى عليها العملية الانتخابية، وتضمن قابليتها للتطبيق، وهو ما أكدت عليه المفوضية العليا للانتخابات بإعلان جاهزيتها متى توفرت هذه الأطر القانونية السليمة.

كما جدّدت الحكومة التزامها بدعم كل ما من شأنه الدفع نحو الانتخابات ضمن مسار وطني مسؤول، يحفظ وحدة الدولة، ويعكس الإرادة الشعبية، ويجنب البلاد الدخول في مراحل انتقالية إضافية.

في سياق ذلك، أوضح وزير الدولة للاتصال بحكومة الوحدة، وليد اللافي، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستركز على اختيار وزراء أكفاء، وتراعي المناطق الجغرافية دون استثناء، مشيراً إلى أنها ستشمل وزارات سيادية وخدمية، وتمثيلاً أكبر للشباب.

في غضون ذلك، أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وطبقاً للتقرير، الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، حول نتائج المشاورات العامة للحوار المهيكل، فقد أكد 86 في المائة ممن شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت جاهزيتهم للتصويت فوراً، فيما أكد أكثر من 70في المائة أن مشاركتهم تؤثر فعلياً.

ووصف التقرير الأزمة الجوهرية في ليبيا، بأنها أزمة سياسية ناجمة، عما وصفه بانقسام مؤسسي وجهوي عميق، وسلطات متنافسة، وغياب سلطة تنفيذية واحدة ذات شرعية وطنية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأمن والحوكمة.

وعدّ انتشار السلاح عقبة أساسية أمام الانتخابات والسلام الدائم، وحدّد الأولويات الأساسية في القطاع الأمني بنزع سلاح التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها، وإنشاء جيش ومؤسسات أمنية موحدة، مع تأكيد السيطرة المدنية، وتحقيق أمن مرتكز على الحقوق وفي خدمة المواطن.

كما تحدث التقرير عن «سلطة سياسية شرعية واحدة، تسيطر فعلياً على الجيش والأمن»، بالإضافة إلى «أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة تُطبق بعدالة، وحوافز مالية وضوابط مشفوعة بعقوبات لتشجيع الاندماج والالتزام».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت وثيقة «الإطار المرجعي» الرسمي للحوار، الذي يحدد منصة شاملة تضم 120 إلى 124 مشاركاً ليبياً، يمثلون تنوعاً جغرافياً واجتماعياً، مع نسبة لا تقل عن 35 في المائة للنساء، بالإضافة إلى مشاركة الشباب وذوي الإعاقة.

ويركز الحوار على أربعة مسارات رئيسية هي: الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، مع دمج حقوق المرأة بوصفه موضوعاً مشتركاً.

ويعتمد على مبادئ الملكية الليبية، والشمول، والشفافية، وبناء التوافق، ويستمر لمدة 4 إلى 6 أشهر، بهدف إصدار توصيات توافقية ملموسة لمعالجة جذور النزاع، وتهيئة الانتخابات.

اجتماع صالح ورئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)

وتعهد أعضاء الحوار المهيكل، وفقاً لمدونة قواعد السلوك، التي أصدرتها البعثة الأممية أيضاً بوضع المصلحة الوطنية أولاً، والنزاهة، ورفض الضغوط أو المزايا المادية، واحترام الآراء، وتجنب التمييز أو المضايقة، والحفاظ على سرية المداولات.

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي بدأ زيارة مفاجئة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يسبق الإعلان عنها، في لقائه، مساء الثلاثاء، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل بيفيه، أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية لمساعدة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وحذّر من أن قيام البعثة الأممية بفتح مسارات إضافية «سيعقد هذا المسار، ولن يكون لها أثر فعلي إيجابي على ملف التسوية السياسية».

ونقل صالح عن يائيل التزام فرنسا بدعم ومساندة الشعب الليبي في تحقيق رغبته في بناء دولة ديمقراطية مستقرة.

وكان صالح نقل عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاروشيه، في اجتماعهما تأييده لمقترحاته بشأن حل الأزمة الليبية من خلال الوقوف مع الشعب الليبي، وحقه في اختيار رئيسه وبرلمانه عن طريق الانتخابات المباشرة، لافتاً إلى قيام مجلس النواب بواجباته كاملة في إصدار قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، وتقديم لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس الدولة، نتائج أعمالها، التي قال وفقاً لعبد الله بليحق، الناطق باسم صالح، إنها نالت رضا مختلف الأطراف، ودعم مجلس الأمن الدولي.

كما أكد صالح، خلال لقائه مع بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، دعم فرنسا لمجلس النواب الليبي ومساعيه لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مشيداً بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها خطوة توافقية مهمة بشأن القوانين الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة استمرار اللجنة في مهامها.