في التصوير: نابليون بونابرت حسب ريدلي سكوت

باشر المخرج ريدلي سكوت في الخامس عشر من شهر مارس (آذار) الماضي تصوير المشاهد الأولى من فيلمه الجديد «نابليون»، بطولة واكيم فينكس في دور القائد الفرنسي الأشهر.
المشروع ليس وليد اللحظة وكان المخرج تحدّث إلينا حوله قبل أربعة أعوام في قاعة «نقابة المخرجين الأميركية». قال حين سؤاله حول أي من مشاريع الغد يفكّر به أكثر من سواه:
«حالياً عندي مشروعان يستوليان على رغبتي. هذا من بين أفلام عديدة قليل منها ما سأقوم بإخراجه. معظم الأفلام الأخرى سأقوم بإنتاجها».
أضاف: «الأول هو (منزل آل غوتشي) الذي أحضّر له وهو يشبه بعض الشيء (كل ذلك المال في العالم). هذا لأن أحداثه أوروبية منسوجة من الواقع. الثاني هو (نابليون). هذا بالتأكيد سيتطلب تحضيراً أطول لكني أفكّر فيه كثيراً. وأعتقد أنه سيختلف عن أي نابليون آخر شاهدته».
حين سألته عن السبب في اختياره هذه الشخصية العسكرية من بين العديد من الشخصيات العالمية الأخرى قال: «إنها الشخصية التي أُعجبت بها أكثر من سواها. لو تابعت مسيرة حياته لوجدته شخصاً جاء من لا مكان، وأحدث انقلاباً في أوروبا كلها. أعتقد أن جزءاً من سعيه لهزيمة الجيوش الأخرى كانت رغبته في تأكيد ذاته أمام زوجته وحين تأكد أنها لا تبالي به أخذ يخسر حروبه تباعاً».
«كل ذلك المال في العالم» لم يتقدّم بمهنة سكوت كثيراً و«منزل آل غوتشي» تصدّع تجارياً على نحو سريع. لكن «نابليون» ينتمي إلى أفلام سكوت التاريخية وهي دائماً ما تحظى باهتمام الجمهور على نحو أكبر. هي وأفلام الخيال العلمي التي يقوم بتحقيقها كل حين وآخر.
ما قد يكون مختلفاً عن أفلام نابليون الأخرى، تلك التي أُنجزت من قبل (أولها فيلم آبل غانس الفرنسي سنة 1935) هو أن محور اهتمام سكوت ليس الحروب فقط، بل دور المرأة في حياته. ليس على نحو عام أو إجمالي، بل تحديداً بالمرأة التي أحبّها وتزوّجها جوزفين والتي تؤديها في هذا الفيلم فنيسا كوربي.
سيتابع الفيلم مراقبة نابليون للوضع السياسي في فرنسا عام 1799 وانقلابه العسكري الذي أوصله للسلطة قبل نهاية تلك السنة. سنجد نابليون في أوج انتصاراته ثم في قاع هزائمه العاطفية والسياسية والعسكرية. ومع أن علاقة ذلك بحبه لزوجته تبدو، حالياً على الأقل، نوعاً من الترميز، إلا أن حقيقة أن الفيلم مأخوذ عن مراجع وردت في كتب مختلفة حول تلك العلاقة المتقلّبة بين الرجل وزوجته، تعزز توجه سكوت وفيلمه.
ينضم هذا الفيلم بجدارة إلى أفلام سكوت التاريخية. هذه بدأت باكراً في مشواره كمخرج عندما قام بتحقيق «المتبارزان» سنة 1977. بعده أنجز «1942: غزو الجنة» (حول حرب الاستقلال الأميركية، 1992) و«غلادياتور» (2000) و«مملكة الجنّة» (2005) و«روبين هود» (2010).
هذا هو اللقاء الثاني بين ريدلي سكوت والممثل يواكيم فينكس الذي كان أدّى الدور الثاني أمام راسل كراو وكان الفيلم الأخير للممثل الراحل أوليفر ريد.
لذلك كان آخر سؤال في ذلك اللقاء غير المبرمج سنة 2018 عن سبب حبه الواضح للسينما التاريخية. قطب المخرج جبينه كما يفعل عادة كلما فكّر بجواب عن سؤال ستشغل الإجابة عليه حيّزاً من اهتمامه:
«اهتمامي بالتاريخ طبيعي، لأني لا أتصور أن هناك من يستطيع تجاهل التاريخ أو ينفيه. طبعاً هناك من لا يهتم والسينما مليئة بالمخرجين الذين لا يفكرون كثيراً في إعادة رسم التاريخ على الشاشة. لكني أفعل لأن التاريخ