6 أسئلة حول «كوفيد ـ 19» بلا إجابات حاسمة

فيروس كورونا لا يزال يملك الكثير من الأسرار في جعبته (رويترز)
فيروس كورونا لا يزال يملك الكثير من الأسرار في جعبته (رويترز)
TT

6 أسئلة حول «كوفيد ـ 19» بلا إجابات حاسمة

فيروس كورونا لا يزال يملك الكثير من الأسرار في جعبته (رويترز)
فيروس كورونا لا يزال يملك الكثير من الأسرار في جعبته (رويترز)

كعدو هائل يملك الكثير من الأسرار في جعبته، يثير فيروس كورونا المستجد كثيراً من الأسئلة التي تنتظر إجابات حتى الآن، على رغم ما حققه العلماء خلال عامين من إنجازات متمثلة في إنتاج لقاحات وأدوية.
وأول الأسئلة التي يثيرها الفيروس، هي تلك المتعلقة بكيفية تطوره، فعندما ظهر متغير «دلتا» كان بمثابة موزع فعال لدرجة أن البعض تكهّن بأن الفيروس كان يقترب من الحد الأقصى من قابلية الانتقال، ثم ظهر «أوميكرون»، وهو أحد أكثر فيروسات الجهاز التنفسي المعدية التي رأيناها على الإطلاق، من حيث قابلية الانتقال.
وجاء بديل «أوميكرون» مختلفاً عن بديلي «ألفا» و«دلتا»، اللذين هيمنا على العالم، وهو ما خالف توقعات الخبراء الذين ظنوا أن أي بديل مثير للقلق سيكون سليلاً لهما، ولكن من مكان ما متجذر في شجرة العائلة التطورية، جاء الوافد الجديد مختلفا تماماً.
ويقول برونوين ماكينيس، مدير مراقبة الجينوم الممرضة في معهد برود بأميركا في تقرير نشره موقع «ذا ستيت» المعني بالأخبار الطبية في 19 أبريل (نيسان) «بينما نراقب جميعاً (أوميكرون) والمتحور الفرعي منه (BA.2)، يمكن أن يكون هناك تطور آخر يأتي إلينا، ولا نعرفه حتى الآن».
ومن هذا السؤال المتعلق بكيفية تطور الفيروس، إلى سؤال آخر أثاره التقرير، يتعلق بـ«ما هو شكل موجات العدوى المستقبلية»، فما رأيناه حتى الآن يشير إلى أنه مع اكتساب الناس المزيد من المناعة ضد الفيروس، من خلال التطعيم أو العدوى أو كليهما، أصبحنا أقل عرضة للإصابة بالفيروس، وإذا حدثت إصابة فلن تكون خطيرة أو تؤدي إلى الوفاة. ودعا ذلك العلماء إلى توقع موجات هادئة من الفيروس، لكنهم أكدوا في الوقت نفسه أنه لم يتحول إلى فيروس مستوطن مثل الإنفلونزا، بحيث يكون ظهوره موسمياً، وأنه لا تزال المفاجآت وارده.
ومن الأسئلة الأخرى التي تبحث عن إجابة، هي تلك المتعلقة بـ«ما هو مدى القلق الذي يجب أن تشعر به، إذا لم تصب سابقا بالفيروس؟»، فقد أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس، ثم حصلوا على اللقاح تتولد لديهم مناعة جيدة، تتمثل في توليد مستويات أعلى من السيتوكين المناعي المسمى «إنترلوكين 10»، وليس من الواضح إذا كان التأثير نفسه يحدث في الأشخاص الذين تم تطعيمهم أم لا، ثم أصيبوا بعدوى خارقة (الإصابة بالفيروس رغم التطعيم). أما السؤال الرابع، والذي أعلنت جامعة فرجينيا للتقنية في مارس (آذار) الماضي عن مشروع بقيمة 8 ملايين دولار للحصول على إجابة دقيقة عليه، هو «كيف ينتقل الفيروس بالضبط من شخص إلى آخر؟». فالدراسات أثبتت، أن الأسطح الملوثة نادراً ما تكون هي المسؤولة عن انتقال الفيروس، حيث إنه ينتقل بشكل أساسي من خلال تيارات مصدرها جزيئات الجهاز التنفسي غير المرئية التي تنبعث من كل شخص أثناء التحدث والغناء والعطس والسعال والتنفس، ويمكن أن يعيش الفيروس حتى في أصغر الجزيئات، التي تسمى الهباء الجوي، والتي يمكن أن تبقى في الهواء الداخلي لساعات ويتم استنشاقها في أعمق فترات الاستراحة في رئتي الفرد، ولكن بالضبط ما هو مقدار «كوفيد - 19» في الهباء الجوي الذي يمكن أن يسبب العدوى، يظل هذا السؤال بلا إجابة حتى الآن.
وفي دراسة نُشرت في يناير (كانون الثاني)، أثبت فينسينت مونستر، رئيس قسم بيئة الفيروس في المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية بأميركا وفريقه البحثي لأول مرة، أن أصغر الهباء، تلك التي يقل حجمها عن 5 ميكرون، والمنبعثه من الهأمستر، تحتوي على ما يكفي من الفيروسات لإصابة الهأمستر الأخرى على مسافات تصل إلى 6 أقدام بعد ساعة واحدة فقط، ولكن البشر ليسوا هامستر، ولا يزال هذا السؤال في حاجة إلى إجابة.
ومع ظهور متغيرات جديدة من الفيروس، يثار سؤال خامس حول «هل سنحصل على جيل جديد أفضل من اللقاحات؟»، ولا تزال هناك رسائل مطمئنة حول فاعلية اللقاحات الحالية على الأقل في الحماية من المرض الشديد، ولكن الواقع يشير إلى ضرورة العمل على لقاحات من شأنها أن تمنح مناعة أوسع بكثير ضد سلالات «كوفيد - 19» الجديدة. وتتعقب «منظمة الصحة العالمية” أكثر من 150 لقاحاً مختلفاً لـ«كوفيد - 19» في مراحل مختلفة من الاختبار، لكن طريقهم إلى السوق قد لا تكون سريعة أو سهلة ما لم نصل إلى اقتناع بأهمية هذا التوجه.
أما السؤال السادس والأخير، فهو المتعلق بـ«ما هي أسباب ما يعرف بـ(كوفيد - 19 الطويل)»، فلا يزال كل شيء تقريباً عن لغز أعراض «كوفيد الطويل» مبهماً، لكن العلماء وصلوا أخيراً إلى ما يمكن تسميته «فتات الخبز» على الطريق نحو السبب الجذري لهذه الأعراض.
ويعالج علماء من العديد من التخصصات مجموعة الأعراض التي تستمر فيما يصل إلى ثلث الأشخاص بعد الإصابة، ويحول علماء الفيروسات خبراتهم في مجال فيروس نقص المناعة البشرية إلى هذا الفيروس التاجي، ويحاول أطباء الأعصاب شرح الاضطرابات المعرفية والجسدية التي يرونها في عيادات إعادة التأهيل، ويستكشف علماء المناعة الاستجابات الالتهابية والمناعة الذاتية.
ووضع العلماء ثلاث احتمالات قد تكون مسؤولة عن «كوفيد - 19» الطويل، ولم يحسموا بعد أمرهم بخصوص الاحتمال الصحيح لوصف ما يحدث، فأحد الاحتمالات تلك التي تتعلق بما يعرف بـ«المناعة الذاتية»، حيث يبدأ الجسم في مهاجمة نفسه بعد الإصابة، أما الاحتمال الثاني فهو «الالتهاب المزمن» ويعني ذلك وجود استجابة مستمرة ومتفوقة للعدوى، وأخيراً هناك احتمال يتعلق بـ«استمرار الفيروس»، حيث لا يزال الفيروس، وفق هذا الاحتمال، يتربص في خزانات خفية بعد أن قاوم الجسم العدوى الحادة، وفي عدد قليل من مرضى الإيبولا، على سبيل المثال، تم العثور على جزيئات فيروسية بعد سنوات في الجهاز العصبي المركزي أو الخصية أو العين.


مقالات ذات صلة

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا هانس كلوغه (أرشيفية - رويترز)

«الصحة العالمية»: جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد»

قال المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا، هانس كلوغه، اليوم (الثلاثاء)، إن جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم ممرضة تحضر جرعات من لقاح «كورونا» في دار للمسنين بإسبانيا (إ.ب.أ)

بريطانيا: الآلاف يطالبون بتعويضات بعد إصابتهم بمشكلات خطيرة بسبب لقاحات «كورونا»

تقدم ما يقرب من 14 ألف شخص في بريطانيا بطلبات للحصول على تعويضات من الحكومة عن الأضرار المزعومة الناجمة عن تلقيهم لقاحات «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب اعتباراً من ديسمبر بعد فرض ضوابط صارمة منذ عام 2020 بسبب جائحة «كورونا» (أ.ف.ب)

كوريا الشمالية تستأنف استقبال الزوار الأجانب في ديسمبر

قالت شركات سياحة، اليوم (الأربعاء)، إن كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب في مدينة سامجيون بشمال شرقي البلاد في ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (سول)

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
TT

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)

تأمل مجموعة من النساء من السكان الأصليين في وقف أعمال البناء في موقع مستشفى سابق في مونتريال بكندا، يعتقدن أنه قد يكشف حقيقة ما جرى لأبنائهن المفقودين عقب تجارب لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قبل نصف قرن.

وتسعى تلك النسوة منذ عامين لتأخير مشروع البناء الذي تقوم به جامعة ماكغيل وحكومة كيبيك، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتعتمد الناشطات على محفوظات وشهادات تشير إلى أن الموقع يحتوي على قبور مجهولة لأطفال كانوا في مستشفى رويال فيكتوريا ومعهد آلان ميموريال، مستشفى الأمراض النفسية المجاور له.

في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وخلف جدران المعهد القديم الباهتة، قامت الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بتمويل برنامج أطلق عليه الاسم الرمزي «إم كي ألترا».

خلال الحرب الباردة كان البرنامج يهدف إلى تطوير الإجراءات والعقاقير لغسل أدمغة الناس بطريقة فعالة.

أُجريت التجارب في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة على أشخاص، من بينهم أطفال من السكان الأصليين في مونتريال، أُخضعوا لصدمات كهرباء وعقاقير هلوسة وحرمان من الأحاسيس.

ورأت كاهنتينثا الناشطة البالغة 85 عاماً من سكان موهوك بكاناواكي جنوب غربي مونتريال، وهي شخصية رائدة في حركة حقوق السكان الأصليين سافرت إلى بريطانيا والولايات المتحدة للتنديد بالاستعمار، أن هذه الحرب «أهم شيء في حياتها».

وقالت: «نريد أن نعرف لماذا فعلوا ذلك ومن سيتحمل المسؤولية».

أعمال أثرية

في خريف 2022، حصلت الناشطات على أمر قضائي بتعليق أعمال بناء حرم جامعي جديد ومركز أبحاث في الموقع، مشروع تبلغ كلفته 870 مليون دولار كندي (643 مليون دولار أميركي).

وقالت الناشطة كويتييو (52 عاماً) إن نساء المجموعة يصررن على أن يرافعن في القضية بأنفسهن من دون محامين؛ «لأن بحسب طرقنا، لا أحد يتحدث نيابة عنا».

في الصيف الماضي، أُحضرت كلاب مدربة ومجسّات للبحث في المباني المتداعية في العقار الشاسع. وتمكنت الفرق من تحديد ثلاثة مواقع جديرة بإجراء عمليات حفر فيها.

لكن بحسب ماكغيل ومؤسسة كيبيك للبنى التحتية التابعة للحكومة، «لم يتم العثور على بقايا بشرية».

وتتهم الأمهات من شعب الموهوك الجامعة ووكالة البنى التحتية الحكومية بانتهاك اتفاقية من خلال اختيار علماء آثار قاموا بعملية البحث قبل إنهاء مهمتهم في وقت مبكر جداً.

وقال فيليب بلوان، وهو عالم أنثروبولوجيا يتعاون مع الأمهات: «أعطوا أنفسهم سلطة قيادة التحقيق في جرائم يحتمل أن يكون قد ارتكبها موظفوهم في الماضي».

ورغم رفض الاستئناف الذي قدمته الأمهات، في وقت سابق هذا الشهر، تعهدن بمواصلة الكفاح.

وقالت كويتييو: «على الناس أن يعرفوا التاريخ؛ كي لا يعيد نفسه».

تنبهت كندا في السنوات القليلة الماضية لفظائع سابقة.

فقد أُرسل أجيال من أطفال السكان الأصليين إلى مدارس داخلية حيث جُرّدوا من لغتهم وثقافتهم وهويتهم، في إطار ما عدّه تقرير الحقيقة والمصالحة في 2015 «إبادة ثقافية».

بين 1831 و1996 أُخذ 150.000 من أطفال السكان الأصليين من منازلهم ووُضعوا في 139 من تلك المدارس. وأُعيد بضعة آلاف منهم إلى مجتمعاتهم.