مصريون يتدربون على حياة المكفوفين

«حوار في الظلام» ينشر الوعي بقضايا فاقدي البصر وحقوقهم

زوار يستعدون لدخول القاعات المظلمة
زوار يستعدون لدخول القاعات المظلمة
TT

مصريون يتدربون على حياة المكفوفين

زوار يستعدون لدخول القاعات المظلمة
زوار يستعدون لدخول القاعات المظلمة

ساعة كاملة قضاها الشاب الثلاثيني، أحمد عبد القوي، متجولاً بين غرف مظلمة، لم يرها من قبل، ولا يعرف تفاصيل محتوياتها، بينما يقوده شخص «كفيف» يعرف الغرف جيداً ضمن تدريب تنظمه «مؤسسة النور والأمل»، للأشخاص المبصرين تحت عنوان «حوار في الظلام»؛ بهدف معايشة حياة المكفوفين واقعياً، والتعرف على طرق تعاملهم مع تفاصيل الحياة اليومية، خصوصاً في الأماكن التي يدخلونها للمرة الأولى، وكيف يستخدم الكفيف عصاه وحواسه الأخرى لمعرفة أماكن كل شيء وقياس الأبعاد ليتمكن من الحركة دون اصطدام.
يهدف برنامج «حوار في الظلام» الذي تنظمه مؤسسة «النور والأمل لرعاية المكفوفين»، بحي مدينة نصر (شرق القاهرة) إلى نشر الوعي بقضايا المكفوفين وحقوقهم، وكيفية التعامل معهم، وتفاصيل حياتهم اليومية، وكيف يتعاملون مع تحديات عدم الإبصار، وفق كريم عبيد، مدير المشروعات بمؤسسة النور والأمل لرعاية المكفوفين، والذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «البرنامج يستهدف أهالي المكفوفين والمتعاملين معهم، سواء مدرسين أو موظفي الجمعيات الأهلية وتلاميذ المدارس، لكي ينشأ الجيل الجديد على الوعي بقضايا وحياة المكفوفين».
مشيراً إلى أنه «يجب ألا يقل عمر المشارك في البرنامج عن 10 سنوات؛ نظراً لخطورة اختبار عدم الإبصار للأطفال الأصغر سناً، وتستمر جولة البرنامج لمدة ساعة، يمكن للزائر أن يكررها أكثر من مرة في أيام أخرى».
وخلال التدريب، يدخل الأصحاء إلى بيئة مظلمة، عبارة عن 4 قاعات، تحاكي أماكن محددة، فبينما تحاكي القاعة الأولى ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة، فإن الثانية تحاكي نموذجاً لشارع خان الخليلي الشهير، والقاعة الثالثة حديقة الأزهر، ليصل المشاركون في نهاية الجولة إلى القاعة الرابعة، وهي عبارة عن مقهى مظلم أيضاً، حيث يقومون بإعداد المشروبات وإدارة حوار في الظلام حول قضايا المكفوفين وطرق التعامل معهم، ويعتمد البرنامج على تبادل الأدوار يقوم فيها شخص «كفيف» بقيادة الزائر خلال القاعات الأربع دون أن يعرف أن من يقوده خلال الجولة «كفيف».
عندما دخل أحمد عبد القوي (34 سنة)، ويعمل مدير جودة بإحدى الشركات، إلى أولى قاعات «حوار في الظلام» أصابه الخوف والارتباك، فقد كان قبل دقائق شخصاً مبصراً، يرى كل شيء بشكل طبيعي، الآن هو في غرف مظلمة تماماً، ولا يعرف إلى أين يتجه، أو كيف يتحرك.
يقول عبد القوي لـ«الشرق الأوسط»، إن «التجربة كانت مليئة بالإثارة والغموض، أعطوني عصا بيضاء (مخصصة للمكفوفين) وعندما خطوت أولى خطواتي بالقاعة الأولى، وجدتني لا أبصر شيئاً على الإطلاق للمرة الأولى في حياتي، وهو ما أصابني بالخوف والرهبة، وبدأ شخص ما ممسكا بعصا أيضاً يقودني، وهو يتحدث إلي، ويمدني بتعليمات لتحريك العصا يميناً ويساراً، ومحاولة التعرف على الشيء الذي لمسته بالعصا، والتركيز مع الأصوات في محيط المكان، وبدا خوفي يقل تدريجياً، إلى أن تلاشى؛ إذ وجدتني بعد قليل أندمج في التجربة».
ويضيف عبد القوي «ما دفعني لخوض التجربة هو الفضول والرغبة في معرفة كيف يستطيع الشخص الكفيف السير وحده في الشارع والتعامل مع تفاصيل الحياة اليومية، خصوصاً أنه يوجد بجانب منزلي جمعية لرعاية المكفوفين، وأرى روادها يخرجون ويسيرون في الشارع، وخلال الجولة كنت مأخوذاً بتفاصيل المحاكاة في القاعات الأربع، فمثلاً في قاعة ميدان طلعت حرب يوجد الميدان والتمثال والسيارات، ويجب أن نعبر الشارع دون اصطدام، لكن أكثر ما أثار دهشتي أنني عرفت في نهاية الجولة أن الشخص الذي كان يقودني كفيف، وقد كررت التجربة ثلاث مرات على أيام منفصلة».
تجدر الإشارة إلى أنه يطلق على الشخص الكفيف الذي يقود الجولة اسم «مرشد»، ويوجد بالمؤسسة 22 مرشداً تلقوا تدريباً مكثفاً لمدة أسبوعين، تضمن برنامج نظري للتعامل مع الأشخاص المبصرين خلال الجولات، وأيضاً تدريباً عملياً في القاعات الأربع للتعرف على محتوياتها والتمكن من قيادة الجولات.
محمد عارف «كفيف» عمره 27 عاماً، يعمل مرشداً خلال جولات «حوار في الظلام» يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «التدريب الذي تلقيناه لمدة أسبوعين تضمن وسائل التعامل مع الشخص المبصر وكيفية قيادته وهو لا يرى شيئاً، وإمداد الزوار بالمعلومات الأساسية للتعامل مع المكفوفين بطريقة صحيحة، وتعليمهم استخدام العصا للتعرف على الأشياء كما تجولنا بالقاعات الأربع لتخيل شكلها ومعرفة محتوياتها ومكان كل شيء، وخلال الجولات كان بعض المشاركين يصابون بالخوف، وكنا نتعامل مع الوضع وفق ما تعلمناه خلال التدريب، وقد اندهش معظم الزوار عندما عرفوا أن الشخص الذي يقودهم كفيف».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.