راغان لـ«الشرق الأوسط»: اليمن يحتاج ملياري دولار سنوياً لتأمين الغذاء

ممثل «الأغذية العالمي» قال إن مصاريف البرنامج التشغيلية لا تتجاوز 10 %

ممثل برنامج الأغذية العالمي في اليمن (تصوير: علي الظاهري)
ممثل برنامج الأغذية العالمي في اليمن (تصوير: علي الظاهري)
TT
20

راغان لـ«الشرق الأوسط»: اليمن يحتاج ملياري دولار سنوياً لتأمين الغذاء

ممثل برنامج الأغذية العالمي في اليمن (تصوير: علي الظاهري)
ممثل برنامج الأغذية العالمي في اليمن (تصوير: علي الظاهري)

أكد ريتشارد راغان، ممثل برنامج الأغذية العالمي في اليمن، أن الهدنة الأممية الأخيرة جلبت الأمل لليمنيين، وسهّلت تحرك المنظمات وتوزيع المساعدات، آملاً في تثبيتها بشكل دائم.
ووصف راغان، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، الوضع الغذائي في اليمن بـ«الكارثي»، خاصة مع تداعيات الأزمة الأوكرانية التي توقع أن ترفع أسعار الأغذية بنحو 30 في المائة.
وقال ممثل برنامج الأغذية إنه تم استيراد 4 ملايين طن من الغذاء منذ العام 2017، وتم رفض وإرجاع 48 ألف طن فقط من قبل السلطات، لأنها غير صالحة، وهو ما يمثل واحداً في المائة فقط. على حد تعبيره.
وأفاد راغان أن الوضع في ظل الهدنة التي أعلنت عنها الأمم المتحدة بدأ في التحسن وساعد البرنامج في تسهيل تحركاته في كثير من المناطق، مبيناً أن هذه الهدنة أعطت الأمل للناس.
وأضاف: «الناس متعبون بعد سنوات من النزاع، هدنة الشهرين أعطتهم الأمل. السؤال اليوم؛ ماذا سيحصل مع نهاية مايو (أيار)؟! الشهر المقبل سيكون صعباً لتثبيت الهدنة. سفن المشتقات النفطية دخلت الميناء، ويبدو أن هنالك تقدماً في تسيير الرحلات من مطار صنعاء، وهناك محادثات حول فتح المعابر في تعز».
وتتوزع أعمال برنامج الأغذية العالمي في 333 مديرية يمنية، باستثناء شمال محافظة حجة، وفق ممثل البرنامج الذي أرجع ذلك إلى «المواجهات العسكرية الدائرة في تلك المنطقة»، وتابع قائلاً: «نؤمّن الغذاء لنحو 16 مليون يمني، منهم 3 ملايين في المدارس، إلى جانب الأمهات الحوامل اللاتي يحتجن تغذية أكبر، ولدينا برامج لمساعدة أولئك على الذين يعملون، ونؤمن لهم الغذاء».
ولفت المسؤول إلى أن «13 مليوناً يعانون من الجوع وسوء التغذية، ونؤمن لهم الدقيق والحبوب والزيوت والسكر والملح، لكننا لم نعد نستطيع تغطية كل هذا العدد بسبب شحّ الأموال».
وبحسب ممثل برنامج الأغذية، فإن «5 ملايين شخص في أعلى درجات سوء التغذية وعلى بعد خطوة من المجاعة».
وأكد راغان أن البرنامج يحتاج إلى ملياري دولار سنوياً لتأمين الغذاء لليمنيين، مبيناً أنه «حتى الآن استطعنا تأمين 500 مليون دولار فقط، وهو أقل من 25 في المائة، ونحن الآن في منتصف السنة تقريباً».
وأضاف: «الوضع يزداد سوءاً، العام الماضي كنا قلقين بشأن 5 مديريات في 3 محافظات، هذا العام هناك 23 مديرية في 10 محافظات تشكل قلقاً بالنسبة لنا، الأرقام ارتفعت من 50 ألف شخص بحاجة إلى مساعدة في العام الماضي إلى 177 ألف شخص».
- تأثير أزمة أوكرانيا
الأخبار السيئة كما يقول ريتشارد راغان هي أن كل الأرقام المذكورة في الأعلى قبل نشوب الأزمة الأوكرانية، فيما الوضع سيكون أكثر صعوبة الآن، وفسّر ذلك بقوله: «الوضع أصبح صعباً بالنسبة لنا، وأكثر صعوبة للقطاع الخاص، لأننا نؤمن الغذاء لعدد معين من الناس، فيما القطاع الخاص يؤمن الغذاء للآخرين، وكما تعلمون الاقتصاد يمر بأوضاع صعبة، ونتوقع أن ترتفع أسعار الأغذية نحو 30 في المائة بسبب الأزمة الأوكرانية».
وتابع: «القطاع الخاص خائف من الوضع المقبل. الاقتصاد سيتعرض لضربة كبيرة، وبالنسبة لنا فإن الحصول على الأموال سيكون أكثر صعوبة، ببساطة لأن هذه الأزمة ليست في أوروبا، ترون حجم الأموال التي تذهب لأوروبا بسبب الأزمة هناك، الاهتمام الدولي تحول، الأمر اليوم أصبح بأيدي اليمنيين، وعليهم حل مشكلتهم، وربما هذا ما يحتاجونه».
استغرب ممثل برنامج الأغذية العالمي في اليمن حديث البعض عن أن المنظمات تصرف نحو 60 في المائة من موازنتها على المصاريف التشغيلية، وأكد عدم صحة ذلك تماماً، وقال: «بكل تأكيد غير صحيح، موازنتنا معلنة، المصاريف التشغيلية بحدود 10 في المائة فقط، نحن نعمل في أصعب بيئة على وجه الأرض، والأقاويل أننا نصرف نحو 60 – 70 في المائة غير صحيحة تماماً».
- قيود التحرك
على الرغم من القيود التي قال إن الأطراف تفرضها على تحركات برنامج الأغذية داخل اليمن، فإن راغان يصف الأمر بالأفضل من كوريا الشمالية التي عمل فيها سابقاً، مشيراً إلى أن كل الأطراف يدركون أهمية تأمين الغذاء للسكان. وأضاف: «نضطر للتفاوض بشكل مستمر مع الجميع، قد لا ننجح دائماً، لكن بشكل عام هناك تعاون، لدينا 150 شاحنة تنقل الغذاء داخل اليمن، وما بين سفينتين إلى 3 سفن شهرياً، كما نؤمن بعض الرحلات للمنظمات الإنسانية».
وكشف ريتشارد راغان عن تسجيل البرنامج نحو 2.2 مليون شخص بنظام البصمة في المناطق المحررة.
وفي مناطق الحوثيين، تحدث راغان عن تسجيل نحو مليون عائلة في نظام البصمة إلكترونياً، وهو ما يشكل 6 – 7 ملايين شخص، وهناك جهود لإكمال العملية مع الجهة المنسقة للمساعدات في تلك المناطق.
ووفقاً للسيد راغان، فإن البرنامج استورد نحو 4 ملايين طن من الأغذية منذ العام 2017، وتم إرجاع 48 ألف طن من قبل السلطات، وقال: «أي شحنات كبيرة من الغذاء دائماً تجد فيها مشكلات، واحد في المائة فقط فيه مشكلة من 4 ملايين طن، وأحد التحديات التي نواجهها، خاصة في الشمال، أنهم لا يدركون المعايير الدولية لجودة الغذاء التي نتبعها».
وتابع: «عندما نستورد كميات كبيرة من الحبوب في البواخر يكون هناك بعض الحشرات نقوم بتبخيرها عبر مواد خاصة، وهو إجراء طبيعي. الأمر ليس كما يصور أن شحناتنا فاسدة، أعتقد أنه يتم تسييس الأمر، نسمع ذلك في الشمال والجنوب، ومن السهل إطلاق مثل هذه التصريحات».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.